الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(ما يضمره السرد ويعلنه)(*) للأستاذ ياسين شامل - إشارات قارئ –

محمد عبد حسن

2023 / 5 / 16
الادب والفن


يختار القاص والروائي ياسين شامل عنوان إحدى مقالاته ثريًا لكتابه. وهو بتقديمه (المضمر) على (المعلن) ينحاز، ضمنًا، إلى إعطاء دور للقارئ، رغم تعدد صفاته ومسمّياته.. كما سيأتي، للوصول إلى (المضمر) و(غير المعلن) في العمل السردي عمومًا والروائي تحديدًا. فـ"عماد الرواية المعرفي يجب أن يكون التلميح والإشارة لا التصريح والمباشرة"(ص6) نقلًا عن (علي كاظم داود) في كتابه (عصر السرد)(ص19).
ومادام "لمتلقي النص الأدبي.......... استجابة مختلفة بما تنطوي عليه نفسه من عوامل غير مستقرة"(ص31).. وأنّ "كلّ قارئ يتبع مشربه وأصوله الثقافية"(ص79).. فنحن أمام أكثر من قراءة للنص الواحد، قراءات قد تبتعد، بقدر ما، أو تقترب ممّا أراده المؤلف.
لا تعدو قراءتي هذه عن كونها (وجهة نظر).. وهي "متاحة للجميع بعد النشر"ص7.. تحدوني الرغبة، كما المؤلف، في "أن أكون قارئًا......... قدر المستطاع"(ص3).
في كتابه هذا، الذي جاء نتيجة لما تبلور في ذهن مؤلفه من أفكار وكلام جرّاء قراءاته المتواصلة (ص4)، يحدّثنا الأستاذ ياسين شامل، وهذا يُحسب له، "دون تعقيد، بعيدًا عن ثقل (المصطلحات النقدية)"(ص3).. محاولًا تقديم تجربته ورؤاه، للسرد وفيه، "قارئًا وكاتبًا قدر المستطاع وليس ناقدًا"(ص3)، وهذا من حقه بعد تجربة في السرد أثمرت أكثر من (11) كتابًا، مؤلفًا ومشاركًا، إضافة إلى العديد من الدراسات والقراءات النقدية.
قارئ السرد :
بتجاوز مَنْ وصفهم المؤلف بـ"الكتّاب القابعين في أبراجهم،................، الذين يعدّون رواياتهم بقياسات وتقنيات تتطلبها المسابقات"(ص83)، وكون الكاتب هو القارئ الأول لنصّه.. نتساءل: متى يحضر القارئ في ذهن الكاتب؟
قد تختلف الآراء في ذلك. إلا أنّه من المفروغ منه أنّ افتراض قارئ ما للنص مستقبلًا، ناهيك عن حضوره لحظة الإبداع، يحوّله إلى رقيب يمارس سلطته عبر حضوره الافتراضي في ذهن المؤلف وإنْ لم يتحقق حضوره الفعلي بعد.
يقول المؤلف: " إن قراءة الرواية بمثابة صفقة تضامنية افتراضية، ما بين "الراوي" والمتلقي "المروي له" وتعد القصة "الروي" هي عقد الصفقة ما بين الطرفين على أن لا يخل أحدهما بشروطها"(ص20). ثم يحدد لنا المؤلف أنماطًا من القرّاء تتفاوت في مدى تفاعلها أو تعاملها مع النص السردي. فنحن مرة أمام قارئ حسّاس أو قارئ إيجابي(ص20)، وهناك قارئ نموذجي(ص36).. و"قارئ واعٍ يعيش أزمة وجوده"(ص32)، وحيث "أنّ على الملف أنْ يكون واعيًا لهذه الاشتراطات...." - ويعني اشتراطات السرد الروائي – "....واعيًا لهذه الاشتراطات من أجل أنْ يمتع المتلقي كي يدرك فكرته التي يسعى حثيثًا بها كي تصل لأبسط قارئ"(ص20).. ترى أي قارئ من هؤلاء سيحضر في ذهن المؤلف ليكون طرفًا ثانٍ في صفقته الافتراضية؟ ألا يعدّ ذلك بمثابة وضع عصًا في عجلة المؤلف وهو يحاول كتابة نصًّ عليه أن يحوز على رضا مدى واسع من القراء يمتدّ بين (أبسط قارئ) وَ(قارئ نموذجي)؟!
أدرك أنّ الأستاذ ياسين شامل لا يتبنّى هذا الرأي، أو فهمي له. يبدو ذلك واضحًا في ما أنتجه من أعمال سردية، أو عبر ما يرد في كتابه عن روايات مثل (لعبة الكريات الزجاجية) وَ(يوليسيس) وغيرها.. وكذلك عبر ما يورده من آراء وهو يتناول الفن الروائي معتبرًا "أنّ الرواية هي نوع أدبي متجدد مهيمن على الأنواع الأخرى في جنس السرد، وتمتاز بشدة تنوعها وانفتاحها اللامتناهي، خاضعة للتجريب، وتتبنّى أشكالًا متطورة"(ص67).
الرواية العراقية الجديدة :
يرى المؤلف "أنّ توصيف (الرواية العراقية الجديدة) جاء بعد أن اتخذت الرواية العراقية أبعادًا متعددة بسبب التغيرات التي حصلت في المجتمع، ولكني لا أعتقد أنّ هذا التوصيف مناسب لأنّ الرواية العراقية مازالت تسير وفق تقنية وأسلوب الرواية ما قبل 2003، فالمتتبع يجد أنّ كل التقانات مستهلكة والأجدر أنْ نطلق عليها (رواية ما بعد التغيير) حسب رأي المبدع محمد خضير"(ص11-12). و(الأبعاد المتعددة) التي قصدها المؤلف تتمثل في المسكوت عنه في الواقع العراقي وما أفرزه الحكم الشمولي من آثار سلبية على الفرد والمجمع منذ عام 1980 ولغاية 2003.. كما حدد ذلك في أكثر من موضع في الكتاب.
ومع أن المؤلف يميل إلى مصطلح (رواية ما بعد التغيير) واسمًا به الفصل الخامس من كتابه: (قراءات في الرواية العراقية بعد 2003) ص111، حيث توقفتْ قراءتي، مع ذلك فإن مصطلح (الرواية العراقية الجديدة) يتكرر في الصفحات (71-77) دون أي تحديد لمواصفات هذه الرواية، كما يراها هو، أو الإشارة إلى نماذج منها.. علمًا بأنّ هناك من المهتمين بالرواية العراقية مَنْ أطلق عليها، إضافة إلى ذلك، (الرواية العراقية الحديثة).. مع أنّ مصطلح (روايات ما بعد التغيير) هو الأكثر رسوخًا وتداولًا.
ويبدو أنّ المؤلف، ضمن مشغله السردي: قراءة وتأليفًا، بصدد وضع خطوط أولية عامة، وربما يكون قد وضعها فعلًا، لما يجب أنْ تتميّز به (الرواية العراقية الجديدة): "ونأمل في روايات ما بعد 2003، أنْ تكون (رواية جديدة) بفكرتها التي تحقق وجودها في (السياق الفني والإبداع)، وسنحاول بقدر جهدنا أن نستقصي مثل هذه الروايات، ..............، إنْ أسعفنا الوقت والعمر، كي تكون قاعدة تأسيسية للبحث والدراسة"(ص82).. وهذا ما نرجوه معه.
(ما يضمره السرد ويعلنه) جولة في عالم السرد الروائي، أمتعنا بها القاص والروائي ياسين شامل وهو يحاول إيصال أفكاره إلينا، نحن القرّاء العزّل، بعيدا عن تعقيدات النظريات وتشعّب مصطلحاتها.
----------------------------------------------------------------------------------------------------
(*): ما يضمره السرد ويعلنه / ياسين شامل – مؤسسة رمزي عقراوي للترجمة والطباعة والنشر –
العراق – كوردستان – محافظة دهوك / دون تاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا