الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفن المعاصر في الحالة الغازية

عبدالله احمد التميمي
فنان وباحث

(Abdallh Ahmad Altamimi)

2023 / 5 / 16
الادب والفن


بينما تنتصر الجماليات الرقمية على القيم الفنية التقليدية، ما زال الفن المعاصر في عالمنا العربي يطرح اعمال النمذجة و ثقافة النسخ للواقع ويبتعد عن المواكبة، نشاهد ذلك كل يوم على وسائل التواصل الاجتماعي، مع العلم اننا غير مجبرين على الخضوع لمتابعة تمارين إعادة الإنتاج من حيث المبدأ، ولكن قد يساهم ذلك في تنشيط التغذية البصرية ليس اكثر، على الرغم من امكانية الحصول قيم جمالية تضاهي العمل اليدوي التقليدي بكل يسر وسهولة، من خلال الاستعانة بالحالة الغازية للوسائط السيبرانية والذكاء الاصطناعي، والتي غالباً ما تحاكي أنماط الوجود الجمالي بحرفية عالية عن طريق ادخال بيانات رقمية الى جهاز الحاسوب المتصل بشبكة الانترنت، لتخرج علينا صور ولوحات تشكيلية بكل الأساليب والتقنيات القديمة والحديثة، وبالتالي ان التجربة الفنية التي تستند الى تمارين التوافق الحركي البصري، لم تعد تحيط بها هالة من القداسة، بل أصبحت تعكس حالة من الخواء الرمزي لعقلية المُنتج والمستهلك، وفي ضوء ذلك بات الفن المعاصر العربي يعيش عصر التناقضات ما بين الحالة الغازية في العالم الافتراضي الرقمي الذي لا يستند الى نمط او قاعدة محددة، الى حالة السرديات الحرفية والمهارة اليدوية في تنفيذ النمذجة الخالية من الحدس.
ومع انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي على الأجهزة الخلوية، أصبح الفن يتدفق رقمياً بحرية وفقاً للسياق البياني للمحاكاة الخوارزمية المحيطة برغباتنا وتفاعلاتنا، وبذلك يكون كل شيء قابل للتأويل والتعديل بحسب ما يطلبه الجمهور، كذلك يمكن للتصوير المعاصر ان يكون متنوعاً ومتعدد الاشكال، مما يتيح للفنان تجربة متجددة مثيرة للاهتمام، يتجلى ذلك بالاستعراض المشترك بين الفنان والمتلقي، حتى يتحول المُنتج الفني الى قيمة نفعية عن طريق التفاعل المباشر بين منتج ذلك المحتوى والمتلقي، مما يرفع من رصيد صانع المحتوى بعدد المشاهدات او المشاركات، ضمن اطار الوسائطية الرقمية.
ويمكن للفنان المعاصر في الحالة الغازية إقامة المعارض الفنية الافتراضية او اللعب التفاعلي مع الذكاء الاصطناعي، او توليد أفكار بنائية للعمل الفني، من خلال تزويد العالم السيبراني ببيانات عن الموضوع والرسالة التي ترغب بإيصالها للجمهور وأسلوب التنفيذ وشريحة المتلقين، كما يمكن ان ينطوي على ذلك الحرية التامة في التعبير عن الرؤى الفنية مع قدرة عالية بالوصول الى اكبر شريحة من المشاهدين، حتى يصل الى مرحلة يتجاوز المكان والزمان. وهناك ميزة أخرى تطرحها مواقع وتطبيقات العالم السيبراني، وهي إمكانية بيع التسلسل الرقمي للمُنتج الفني واستبدال ذلك بالعملة الرقمية، كما يمكن الدخول الى صالات المزادات العالمية افتراضياً، ويمكن للفنانين ايضاً التعبير عن منتجاتهم الفنية بصناعة محتوى تثقيفي تروجي للأعمال الفنية، مما يسمح للجمهور بقراءة مضمون المُنتج الفني، والانغماس بسعة خيال عالية في الفكرة مع تفعيل ميزة المزج مع الوسائط المتعددة الإضاءة والصوت، والحركة، واللعب التفاعلي مع المحتوى الرقمي، كل ذلك يمثل تحولاُ جديداً في عالم الفن المعاصر من مجرد مظهر جمالي الى سلوك رقمي يعتنق فيه الفنان والمتلقي الذكاء الاصطناعي بهدف تحليل موقفً معين، علاوة على ذلك تتيح الحالة الغازية الرقمية في العالم الافتراضي، القدرة على دفع الفن المعاصر نحو الوظائفية في الإنتاج وتسليع الفن، مما يشكل منعطف قد يكون مفيد للفنانين العرب اذا تم إعادة تأهيلهم رقمياُ ويساعد في اخراجهم من القمقم والعمل بالسخرة، الى عالم الادراك الرقمي وخلق الفرص التسويقية للمُنتج الفني لغاية إعادة التمويل الذاتي والعيش ببحبوحه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05