الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تجاهلت الدول العربية الذكرى 75 لنكبة فلسطين؟

عبد الحميد فجر سلوم
كاتب ووزير مفوض دبلوماسي سابق/ نُشِرَ لي سابقا ما يقرب من ألف مقال في صحف عديدة

(Abdul-hamid Fajr Salloum)

2023 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


باستثناء سورية، والشعب الفلسطيني وقياداته، لم نشهد أي اهتمام رسمي، ولا حتى شعبي، على امتداد الساحة العربية، بالذكرى 75 لنكبة فلسطين..

وإن كان هناك من بعض الدول العربية قد أتت على ذكرى النكبة فإنما عبرَ تصريح مُقتَضب لمسؤول، كما تصريح العاهل الأردني، بأن بلاده مُلزمة بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني..

أو عبْرَ خبرٍ لإحدى وكالات الأنباء..

لم ترقى الاهتمامات العربية إلى واحد بالمائة من أهمية هذا الحدث التاريخي والمفصلي في تاريخ المنطقة، وتاريخ الأمة العربية، لِما جرَّهُ من ويلات وكوارث وتهجير ونزوح وقتل وحروب، على المنطقة..

ورغم أن ذلك ترافق مع الأعمال التحضيرية لمؤتمر القمة العربي الـ 32 في جدّة بالسعودية، إلا أننا لم نسمع عن الوقوف ولو دقيقة صمت من طرف الوفود العربية المُشارِكة في الأعمال التحضيرية للقمة.. وهذا كان واجبا وطنيا وقوميا وعروبيا..

رغم أن جامعة الدول العربية كانت قد أحيَت ذكرى يوم النكبة الـ 75 ، بإقامة ندوة في مقر الجامعة العربية، بالقاهرة، على مستوى المندوبين الدائمين.. ولكن للأسف حتى كلمة الأمين العام للجامعة السيد أحمد أبو الغيط، قد ألقاها نيابة عنهُ، أحد مساعديه، ولم يُلقِها بنفسهِ، وكأن القضايا الأخرى التي تُشغِل السيد الأمين العام هي أهم من قضية فلسطين، ومن هذه الذكرى الأليمة في تاريخ العرب..

**

الأمم المتحدة ولأول مرة في تاريخها تُحيي ذكرى النكبة، في مقرها بنيويورك، بحضور الرئيس محمود عباس، الذي أكد أن هناك أكثر من ألف قرار يتعلق بقضية فلسطين منذ عام 1947 وحتى اليوم، ولكن إسرائيل لم تنفِّذ ولا قرارا منها.. مُشيرا إلى قرار التقسيم 181 ، وقرار حق العودة 194 .. اللذَين التزمت إسرائيل بتنفيذهما كي تُقبَل عضويتها في الأمم المتحدة.

**

وتجدر الإشارة، أنهُ كان يُقام بالماضي إجتماع لإحياء ذكرى النكبة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، ولكن ليس بشكل رسمي وبتفويض من الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، وإنما بِمبادرةٍ من ممثلية فلسطين، ومن لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقهِ غير القابلة للتصرف..

إلا أنهُ في تشرين ثاني / نوفمبر، 2022 تمّ اتخاذ قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بإحياء ذكرى النكبة، وبأغلبية 90 صوتا، مقابل 30، وامتناع 47 دولة عن التصويت..

وقد طلبَ القرار من قسم حقوق حقوق الفلسطينيين بالأمانة العامة للأمم المتحدة، بتكريس أنشطتها عام 2023 لإحياء الذكرى 75 للنكبة، بما في ذلك إقامة حدَث رفيع على المستوى الرسمي في قاعة الجمعية العامة صباح يوم 15 أيار / مايو ..

**

ومن المُحزِن أن هذه الذكرى الأليمة، زادتها حكومة إسرائيل الحالية الأكثر تطرُّفا في تاريخ إسرائيل، زادتها ألما وحُزنا بالعدوان السافر على غزة واغتيال بعض القادة المُقاومين، غدرا وهُم نائمون في بيوتهم مع أولادهم، وزوجاتهم..

بل من المُحزن أكثر أن نسمع ونشاهد فيديوهات عن مشاركة كبار الشخصيات في بعض البُلدان العربية، في الاحتفالات التي أقامتها سفارة إسرائيل، وقنصليتها، في بعض العواصم العربية، فيما يُطلِقون عليه يوم (الاستقلال) وليس يوم النكبة والاغتصاب..

بل في أحد العواصم وقف مُطرِب عربي إلى جانب مُطرِبة إسرائيلية، يرددون الأغاني والنشيد الوطني الإسرائيلي العنصري(هتيكفا، أو الأمل) الذي يدعو لإراقة دم الأعداء وقطع رؤوسهم..

فثقافة قطع الرؤوس ليست محصورة بداعش، أو ببعض الدول التي تُطبِّق الشريعة، وإنما هي ثقافة إسرائيلية أيضا، ونصّ عليها نشيدهم الوطني:

ليرتعد من هو عدوٌ لنا..

ليرتعد سكان بابل..

ليُخيِّم على سمائهم الرُعب والذعر منا..

ونرى دمائهم تُراق..

ورؤوسهم مقطوعة..

وعندئذٍ نكون شعب الله المُختار حيث اراد الله
**

فهل من عنصرية وإرهاب أكثر من ذلك.. داعشية يهودية..


للأسف تأتي الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، والعرب في غالبيتهم العُظمى قد خذلوا فلسطين، وقضية شعب فلسطين.. وإن ما استثنينا سورية والجزائر، فالجميع طبّع مع إسرائيل أو في طريقهِ للتطبيع، أو غير مكترث بكل القضية، وليست من اهتماماته، وحتى من لم يتبادل معها السفارات، فإنما يتبادل معها العلاقات المتنوعة، ويفتح أجوائه لطائراتها المدنية.

بينما تُقام أكبر مُظاهرة في هذه المناسبة في وسط العاصمة لندن، بحضور أكثر من عشرة آلاف مُشارِك.. وهذا لم نُشاهدهُ ولا في عاصمة عربية أو إسلامية..

ولذلك أي حديث عربي في القمم العربية عن قضية فلسطين، إنما هو لذرِّ الرماد في العيون، والتغطية على التخاذل العربي أمام الشعوب العربية.. ولا أملا يُرجى من العرب لمواجهة إسرائيل ومخططاتها، وكلهم باستثناء سورية والجزائر، أحبابا واصحابا مع إسرائيل..

الأمل في شعب فلسطين وإرادتهِ الصلبة، وتضحياتهِ، والشعوب العربية عموما التي تساند قضية فلسطين.. والشعوب الإسلامية..

وقضية فلسطين لن تموت مهما طال الزمن، وسوف تبقى حيّة ومُشتعلة في قلوب كل العرب والمسلمين وأحرار العالم وقِواه التقدمية.. وسوف ينال الشعب الفلسطيني حقَهُ، طال الزمان أم قصُر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميليشيات عراقية موالية لطهران تعلن استعدادها للقتال بجانب حز


.. رهانات إسرائيل وحزب الله في المواجهة الشاملة.. أذرع إيران وا




.. صور متداولة لإطلاق نار في بلدة سرغوكالا بداغستان


.. بسبب وثائق من داخل -ميتا-.. ورطة يواجهها زوكربيرغ أمام القضا




.. العالم الليلة | هجمات في روسيا.. وترمب: المناظرة حياة أو موت