الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيومن رايتس ووتش واسرائيل

مصطفى النجار

2006 / 10 / 28
حقوق الانسان


مارك غارلاسكو : تحقيق الجيش الاسرائيلى يؤكد ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل
سارة ليا ويتسن: يجب على إسرائيل تقليل الأضرار التي تكبدها لسكان غزة

ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش فى القدس، يوم 20يونيو/حزيران 2006، أن التحقيق الذي أجراه جيش الدفاع الإسرائيلي في الانفجار الذي وقع على شاطئ غزة فقتل ثمانية مدنيين وجرح العشرات يعاني نقصاً لأنه يستبعد أدلة مهمة. فقد اجتمع باحثوا هيومن رايتس ووتش يوم 19 يونيو 2006 بالعميد "مئير كاليفي" الذي ترأس تحقيق الجيش لمناقشة ما توصل إليه ذلك التحقيق. وبعد الاجتماع كررت هيومن رايتس ووتش دعوتها إلى إجراء تحقيق مستقل في مقتل أولئك الأشخاص.

وكشف اللقاء عن أن النتيجة التي توصل إليها الجيش الإسرائيلي من أنه غير مسؤول عن مقتل الأشخاص على شاطئ غزة اعتمدت حصرياً على المعلومات التي جمعها الجيش، واستبعدت جميع الأدلة التي حصلت عليها المصادر الأخرى. فقد تركز تحقيق الجيش حول نماذج رياضية يقول أنها تبين "الاستحالة الإحصائية" لأن تكون قذيفة أطلقتها المدفعية الإسرائيلية مسؤولةً عن مقتل المدنيين. ولا بد من قيام خبراء مستقلين بتقييم مدى موثوقية تلك النتيجة مع تمكنهم من الاطلاع على البيانات التي استندت إليها.

وقال مارك غارلاسكو ، المحلل العسكري في هيومن رايتس ووتش: "يصعب اعتبار التحقيق الذي يرفض النظر في الأدلة المتضاربة تحقيقاً موثوقاً"؛ وأضاف قائلاً: "إن التحقيق من جانب جهة مشايعة لجيش الدفاع الإسرائيلي يؤكد على ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل".

وقال كاليفي لهيومن رايتس ووتش أن الفلسطينيين "لا يتورعون عن الكذب"، وأن الجيش عمد في تحقيقه إلى إهمال أية معلومات وردت من مصادر المعلومات الفلسطينية. وكان الجيش قد طلب من مكتب الارتباط الأمني الفلسطيني في اليوم التالي على الحادث تقديم الأدلة المخبرية، لكنه عاد فاستبعد الأدلة المقدمة التي ضمت شظيتين من قذائف عيار 155 ملم (واحدة قديمة وأخرى جديدة) وبعض التراب من الشاطئ ومن حفرة الانفجار. وعندما عرضت الأدلة التي جمعها باحثو هيومن رايتس ووتش عقب الحادث على العميد شكك فيها أو رفض قبولها.

ورفض الجيش أيضاً أدلة "غير مهمة" جمعتها هيومن رايتس ووتش تشير إلى خلل في التحديد الزمني المحيط بالحادث الذي طرحه الجيش. علماً أن الجيش ادعى في الأصل بأن التوقيت هو أهم عامل في إعفائه من المسؤولية. وطبقاً لما يقوله الجيش الإسرائيلي، فقد قتل المدنيون الثمانية بعد أن توقف القصف الإسرائيلي في الساعة 4:50 بعد الظهر من يوم 9 يونيو/حزيران 2006.
لكن الأدلة التي جمعها باحثو هيومن رايتس ووتش وكثير من الصحفيين المستقلين ميدانياً في غزة تشير إلى مقتل المدنيين أثناء القصف الإسرائيلي. ومن بين تلك الأدلة السجلات الحاسوبية للمستشفى التي تشير إلى معالجة الأطفال المصابين على الشاطئ عند الساعة 5:12 بعد الظهر؛ وكذلك سجلات المستشفى الخطية التي تشير إلى قبولهم في الساعة 5:05 بعد الظهر. وبالنظر إلى الزمن الذي تستغرقه السيارة من الشاطئ إلى المستشفى، تشير هذه الأدلة إلى أن الانفجار الذي أودى بالأسرة وقع أثناء القصف الإسرائيلي.

وخلال اجتماع الأمس، أكد العميد كاليفي أن الجيش استخرج شظية واحدة من جسد أحد الفلسطينيين الثلاثة الذين نقلوا إلى إسرائيل وقام بفحصها مخبرياً. وقال أن نتائج الفحص المخبري تبين أن الشظية من معدن يستخدم في الأسلحة، لكنها ليست ناتجة عن قذيفة من عيار 155 ملم. وصرح العميد بأن الجيش الإسرائيلي لم يقم بإزالة الشظايا من أجساد الفلسطينيين المصابين الآخرين. لكن تقريراً إخبارياً إسرائيلياً صدر مساء الأمس جاء مناقضاً لهذه الرواية؛ إذ قال أن الجيش أستخرج شظيتين من جسد أحد المصابين الآخرين ووجد من المرجح أن يكون مصدرهما قذيفة من عيار 155 ملم. كما اعترف ناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي اليوم باستخراج واختبار شظية أخرى، لكنه ادعى أن نتائج الاختبار لم تظهر بعد.

وقلل كاليفي أيضاً من أهمية شظية من صاعق قذيفة مدفعية استخرجها طبيب فلسطيني من ذراع شاب يبلغ 19 عاماً أصيب في الانفجار، وقامت هيومن رايتس ووتش باختبارها. فقد شكك في مصداقية تسلسل التحفظ على الدليل قائلاً أن بوسع أيٍّ كان أن يأتي بشظية ويغمسها في دم المصاب. كما شكك في سلامة قرار الأطباء الفلسطينيين بإزالة الشظية من المصاب الذي نقل إلى إسرائيل لاحقاً، وقال أنه يظن بأن الهدف من ذلك ليس إلا "إخفاء أدلةٍ" يمكن أن تساعد الجيش الإسرائيلي.

وقال غارلاسكو: "إذا كان لنا أن نصدق الادعاء الإسرائيلي بأن هناك تلاعباً بالأدلة، فلا بد أن يكون كثير من الفلسطينيين مشاركين في مؤامرةٍ فورية واسعة لتزويرها". مضيفاً بأنه "لا بد أن يكون المتآمرون (الشهود والمصابون والعاملون الصحيون ووحدة تفكيك المتفجرات) قد زوروا شهاداتهم وغيروا السجلات الخطية والحاسوبية وغمسوا الشظية في دم المصاب. وليس من السهل أبداً أن يقتنع المرء بإمكانية ترتيب تلك المؤامرة الضخمة بهذه السرعة".

وخلال الاجتماع الذي استمر ساعتين ونصف مع العميد كاليفي أقر الجيش الإسرائيلي باحتمال أن تكون قذيفة غير منفجرة من عيار 155 ملم أطلقها الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من ذلك اليوم هي التي سببت إصابة الأسرة الفلسطينية. فقد أطلق الجيش أكثر من 80 قذيفة من عيار 155 ملم في منطقة الشاطئ صبيحة ذلك اليوم. ويزيد وجود الرمال على الشاطئ من إمكانية سوء عمل أحد الصواعق، مما قد يؤدي إلى عدم انفجار القنبلة وبقائها في الرمل تنتظر ما يفجرها. ويمكن أن يكون القصف الذي وقع بين الساعة 4:31 و4:50 بعد الظهر هو الذي سبب انفجار تلك القذيفة، بقدر ما يمكن أن تكون حركة الناس على الشاطئ هي التي سببت انفجارها.

لقد أطلق الجيش الإسرائيلي أكثر من 7700 قذيفة مدفعية على شمال غزة منذ الانسحاب الإسرائيلي في سبتمبر/أيلول 2005 مما خلق مشكلة القذائف غير المنفجرة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.

وعلى صعيدٍ أخر قالت منظمة هيومن رايتس ووتش يوم 29 يونيو/حزيران 2006 قالت منظمة هيومن إن قيام إسرائيل بتدمير محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة يمثل عقاباً لا موجب له للسكان المدنيين، كما أنه جعل بالإمكان وقوع أزمة إنسانية خطيرة. وأضافت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان أن الفصائل الفلسطينية المسلحة تقترف جريمة حرب باتخاذها الجندي الإسرائيلي الذي أسرته رهينة للمقايضة من أجل إطلاق سراح فلسطينيين مسجونين لدى إسرائيل.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش "إن المسلحين يتخذون العريف جيلعاد شاليت رهينة للمقايضة من أجل إطلاق سراح فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية؛ ولكن يجب على إسرائيل تقليل الأضرار التي يتكبدها السكان المدنيون في غزة أثناء أي عملية عسكرية لإنقاذ العريف إلى أدنى الحدود، وهذا يشمل عدم القيام بتدمير محطات الطاقة الحيوية".

وكان مسلحون فلسطينيون قد شنوا هجوماً على موقع عسكري إسرائيلي يوم الأحد الماضي، مما أسفر عن مقتل اثنين من جنود الجيش الإسرائيلي، وأسروا شاليت. وأعلنت ثلاثة فصائل فلسطينية مسلحة مسؤوليتها عن الهجوم والاختطاف يوم الاثنين، وهي كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحزب حماس الحاكم، ولجان المقاومة الشعبية، وفصيل مغمور يدعى "جيش الإسلام". وطالبت هذه الفصائل بإطلاق سراح جميع النساء والأطفال الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، في مقابل الإدلاء بمعلومات عن شاليت. كما أعلنت لجان المقاومة الشعبية مسؤوليتها عن قتل إلياهو أشيري، وهو مستوطن يهودي في الثامنة عشرة من العمر، اختطف في الضفة الغربية رداً على العملية العسكرية التي تقوم بها إسرائيل حالياً فيما يبدو.

وتعريف "الرهينة" هو أي شخص يحتجز تحت سلطة خصم أو عدو ابتغاء حمل الطرف الآخر في الصراع على القيام بأفعال محددة، من قبيل الإفراج عن سجناء؛ والقانون الدولي يحظر احتجاز الرهائن باعتباره من جرائم الحرب بموجب قوانين الحرب. كما أن الإعدام الفوري لأي أسير، مثل أشيري، يعد هو الآخر من جرائم الحرب. وتدعو هيومن رايتس ووتش السلطة الفلسطينية إلى ضمان معاملة شاليت، وأي إسرائيل آخر في الأسر، على نحو يتمشى مع قوانين الحرب، وتحث الفصائل الفلسطينية المسلحة على الكف عن استخدام الإسرائيليين كأداة للمساومة.

كما أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش عن قلقها بشأن دوي اختراق حاجز الصوت الذي تتعمد الطائرات الحربية الإسرائيلية إحداثه بكثرة في سماء غزة، مما أثار هلعاً شديداً في صفوف المدنيين، ولا سيما الأطفال؛ وتحظر المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة أي تدابير لتخويف المدنيين. وحيث أنه لا يوجد أي مبرر عسكري، فيما يبدو، لإحداث هذا الدوي الصوتي، عدا التخويف المحظور، فإن هيومن رايتس ووتش تحث إسرائيل على وضع حد لهذا الأسلوب فوراً.

وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أن إسرائيل على استعداد لاتخاذ "تدابير غاية في الشدة" لإنقاذ العريف؛ وفي 28 يونيو/حزيران، بدأت إسرائيل عمليات عسكرية هجومية في غزة؛ وكان من بين الأهداف الإسرائيلية الأولى محطة توليد الطاقة الكهربائية الوحيدة في قطاع غزة، التي أصيبت بعدة صواريخ، مما أدى إلى تدميرها حسبما ورد. وتزود هذه المحطة أغلبية أنحاء قطاع غزة باحتياجاتها من الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى محطات ضخ المياه وغيرها من المرافق اللازمة لبقاء السكان المدنيين في غزة على قيد الحياة. وتدمير محطة الطاقة من شأنه أن يفضي بسرعة إلى أزمة إنسانية في غزة، باعتبار أن الطاقة الكهربائية ضرورية لتشغيل مرافق المياه، ومعالجة المجاري، والخدمات الطبية.

وتحظر قوانين الحرب شن هجمات على "الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة"؛ ومن ثم فإن هجوم إسرائيل على محطة الطاقة الكهربائية الوحيدة في غزة يعد انتهاكاً لالتزامها بضمان حماية مثل هذه المنشآت من الهجمات. ورغم أن إسرائيل قد سحبت قواتها ومستوطناتها من غزة من جانب واحد عام 2005، فلا يزال يتعين عليها الوفاء بالتزاماتها باعتبارها قوة احتلال في غزة نظراً لسيطرتها شبه الكاملة على حدود قطاع غزة، وبحره، ومجاله الجوي، وعوائده الضريبية، ومرافقه، واقتصاده الداخلي. وعلى أقل تقدير، لا تزال إسرائيل مسئولة عن الرفاهة الأساسية للسكان الفلسطينيين في غزة، ولا سيما تلبية الاحتياجات الصحية والتعليمية والإنسانية للسكان بقدر تأثرهم بالقيود التي تفرضها إسرائيل على غزة. وورد أن أولمرت هدد بمنع دخول الوقود والمواد الغذائية إلى غزة ما لم يطلق سراح شاليت، وهو الأمر الذي يشكل انتهاكاً لتلك الالتزامات.

ومنظمة هيومن رايتس ووتش تحث إسرائيل على اتخاذ كافة الإحتياطات الممكنة للحد من آثار حملتها العسكرية في غزة على السكان المدنيين؛ وعلى وجه الخصوص، تلزم قوانين الحرب إسرائيل بأن تضمن ألا تكون لأفعالها العسكرية آثار مفرطة على السكان المدنيين مما لا يتناسب مع الأهداف العسكرية التي تسعى لتحقيقها، وألا تستهدف المنشآت والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية