الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن والمقاومة الفلسطينية

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2023 / 5 / 16
القضية الفلسطينية


يصطف بعض ممن ينسبون أنفسهم الى التيار الليبرالي والعلماني في العالم العربي الى جانب أسرائيل، في الموقف من حركة المقاومة الفلسطينية، مبررين ذلك بأمرين الأول هو نجاح المتأسلمين بصبغ القضية الفلسطينية بصبغة دينية إسلامية، والثاني هو ما يروج عن فساد، بعضه حقيقي وبعضه الآخر مختلق أو مضخم، في أوساط السلطة الفلسطينية وبعض فصائل المقاومة.

ويتملص الشطر المعني من الليبراليين والعلمانيين العرب من إدانة جرائم إسرائيل، عبر التركيز على الموقع المركزي الذي تحتله في المقاومة الفلسطينية حاليا، منظمتان من منظمات الإسلام السياسي، هما حماس والجهاد الإسلامي، في تجاهل عفوي أو متعمد لحقيقة أن حركة المقاومة تضم كل أطياف الشعب الفلسطيني بمختلف مرجعياتها الدينية والفكرية والسياسية. فإلى جانب حماس والجهاد، هناك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية وهما منظمتان يساريتان علمانيتان وغيرهما من الفصائل غير الأسلامية، وهناك أيضا حركة فتح العلمانية التي تصدرت حركة المقاومة لعقود عديدة، لكن الأنعطافة التي حملتها على توقيع إتفاق أوسلو، الذي لم تلتزم به إسرائيل، جعل دورها العسكري ينحسر، كما أنقطعت عنها المساعادات التي كانت تحصل عليها من بعض الأنظمة العربية والأتحاد السوفييتي ومعسكره السابق، في المقابل ورغم التباين المذهبي بين حماس والجهاد من جهة، وأيران من جهة أخرى تدفقت عليهما المعونات العسكرية والأقتصادية الإيرانية. وتمكنتا بفضلها من أكتساب قوة أقتصادية وعسكرية رفعت من موقعهما في حركة المقاومة.

فهل على الليبراليين والعلمانيين دعم حركة المقاومة الفلسطينية، فقط حين تتصدرها قوى ليبرالية وعلمانية قريبة منهم، والأمتناع عن دعمها، لا بل مهاجمتها والتشهير بها حين يتراجع دور العلمانيين فيها، دون الأهتمام بالعوامل التي أفضت الى هذا الوضع، ولا بجوهر الموضوع، وهو أن هذه الحركة تمثل قضية عادلة؟

المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي تحدث عن حق الفلسطينيين في المقاومة قائلا بلسان مواطن فلسطين:
(( تأخذون مياهي، وتحرقون أشجار زيتوني، وتهدمون بيتي، وتأخذون وظيفتي، وتسرقون أرضي، وتسجنون أبي، وتقتلون أمي، وتقصفون بلدي، وتجوعوننا جميعا، وتهينوننا جميعا، لكن أنا المُلام: لقد أطلقت صاروخا كرد)).

حق الشعب الفلسطيني، في أن يكون له وطن حر مستقل ذو سيادة، وحق الأنسان الفلسطيني في الحرية والكرامة، وحق ملايين اللاجئين الفلسطنيين في العودة إلى أرض الآباء والأجداد، حقوق ثابته لا تتأثر بمن يقود نضال الشعب الفلسطيني من أجل أستحصالها، في هذه المرحلة أو تلك. ومن يصادر تلك الحقوق هو إسرائيل، الكيان العنصري التوسعي، الذي لا يرفض فقط حقوق الفلسطينيين في وطنهم، بل يرفض كذلك وضع حدود لدولته. والذي أحتل وضم إراض من خارج فلسطين، ولولا المقاومة اللبنانية الباسلة لواصل إحتلال الجنوب اللبناني، وضمه الى خريطته المفتوحة دائما لابتلاع ما يمكن من أراضي الغير، كما ضم الجولان السوري وحصل على موافقة أمريكا على ذلك بالضد من كل القوانين الدولية، وبالضد من تلك القوانين، ضم أيضاً القدس الشرقية العربية، وزرع كامل أرجاء الضفة الفلسطينية المحتلة بمستوطنات لجماعات إرهابية يهودية، محطما بذلك أية إمكانية لتحقيق حل الدولتين، وهو في نفس الوقت برفض حل الدولة الواحدة لشعبين.

وبعد إعلان إسرائيل نفسها دولة للشعب اليهودي وليس دولة لكل مواطنيها، تهاوت كل المزاعم التي طالما تشدقت بها عن كونها دولة ديمقراطية وسط محيط من الدكتاتوريات.


إلى جانب موضوع الصبغة الأسلامية للقضية الفلسطينية، يلوك الشطر المعني من الليبراليين العلمانيين العرب موضوع الفساد في الذي توصم به السلطة الفلسطينية، وفصائل المقاومة،.كذريعة للتملص من إدانة الجرائم الأسرائيلية. وفي هذا يمكن القول أن الفاسدين ينشطون في كل المجتمعات، في كل الأنظمة، وهم أكثر نشاطا في مجتمعات التخلف. ويعشعشون في حركات التحرر، والمجتمع الفلسطيني، وحركته التحررية ليسا استثناءا.

المتاجرون بالقضايا الكبرى موجودون في كل مكان وزمان، ولا أكبر من القضية الفلسطينية، ولاقضية أكثر منها تأثيرا في الوجدان، حين يكون الضمير يقظا، والوعي متقدا. وهذ يجعل منها أكثر جاذبية للأستغلال من كل القوى والأنظمة الإنتهازية. وحالات الفساد موجودة في كل المجتمعات، بما فيها المجتمع الأسرائيلي، فنتنياهو ليس أقل الفساد المفترض في سلطة محمود عباس، وأيهود أولمرت ليس أقل فسادا من بعض بطانة عرفات، ومقابل حماس والجهاد، هناك يهود متشددون يؤمنون بإسرائيل الكبرى، كما تؤمن حماس بفلسطين من النهر الى البحر.

فهل ذنب الفلسطينيين أن ينشط، الأرهابيون والفاسدون والأنتهازيون، ويتصارعون للفوز بحصة من أرباح القضية الحقيقية أو المفترضة؟

هل على الفلسطيني أن يتخلى، بسبب ذلك، عن حقه في وطن خاص به أو مشترك مع جيرانة اليهود يعيش فيه الجميع على قدم المساواة دون تمييز على خلفية المنحدر الأثني أو المعتقد الديني؟

إنكار حق الشعب الفلسطيني في العيش سيدا مستقلا على أرضه، وسعيه لتحرير تلك الأرض، من احتلال يرفض كل الحلول السلمية، ويتحدى القرارات الدولية التي تلزمه بالأنسحاب منها، وأحتقاره لمبادرة قمة بيروت العربية لإنهاء الصراع على قاعدة الأرض مقابل السلام، وإصراره على معادلة السلام مقابل السلام، التي تعني رفض كل حل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني على أرض وطنه، يضع على عاتق كل الشرفاء في العالم دعم المقاومة الفلسطينية ، والتعامل معها كحركة تحرر وطني، ضد قوة أحتلال عنصري. ويمكن بعد التحرير مناقشة طبيعة السلطة على الوطن المحرر، ودعم الإتجاهات العلمانية والديمقراطية في حركة الشعب الفلسطيني، أما قبل التحرير فيبقى دعم حركة المقاومة الفلسطينية بغض النظرعن طبيعة الفصائل التي تتصدى لقيادتها في هذه المرحلة أو تلك، وجبا في أعناق كل أحرار العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة