الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحولات البنية الصناعة السورية في حقبة الجمهورية العربية المتحدة

محمد شعباني
باحث دكتوراه في الاقتصاد السياسي والعلاقات الاقتصادية الدولية

(Mohammad Shabani)

2023 / 5 / 17
الادارة و الاقتصاد


لم تمثل الوحدة المصرية- السورية في عام ١٩٥٨، وتشكل الجمهورية العربية المتحدة بحد ذاتها التحول الأبرز في بنية الصناعة السورية، بل جاء التحول الأهم خلال تلك الحقبة بفعل عمليات التأميم التي بدأت في عهد الوحدة واستمرت بوصول حزب البعث العربي الاشتراكي للسلطة الذي استكمال عمليات التأميم والتوسع في مشاريع القطاع العام الإنتاجي.
اتسمت السياسات الاقتصادية في عهد الوحدة أنَّها كانت تخدم البرجوازية الصغيرة الناشئة في مواجهة البرجوازيات الكبيرة خصوصاً الصناعية والمصرفية التي كانت قد أخذت على عاتقها قيادة عملية التنمية الاقتصادية منذ الأربعينيات، في تلك البلدان ومنها سورية ومصر على السواء، هذه السياسات استمرت بعد ذلك مع وصول حزب البعث العربي الاشتراكي للحكم في سورية عام 1963 واستكماله لعملية التأميم والتوسع في مشاريع القطاع العام الإنتاجي، لقيادة عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية في سورية حيث بلغت نسبة مساهمة القطاع الاقتصادي العام في إجمالي الناتج المحلي خلال عقد الستينيات بالمتوسط السنوي نحو 15.2% وأدخلت العديد من الفروع الإنتاجية لقطاع الصناعة، حيث يمكن القول: إن النتائج الثلاث الآتية هي من أهم انعكاسات حقبة سيادة القطاع الاقتصادي العام والاقتصاد الموجه:
1-تسبب التأميم بالقضاء على البرجوازيات الكبيرة، وبالتالي هروب رؤوس الأموال الضخمة مما أدى إلى إضعاف أي فرصة لنشوء مؤسسات صناعية كبيرة يملكها القطاع الخاص، وبعد أنَّ شمل التأميم المنشآت الصناعية الكبيرة والتي كانت تمثل الثقل الأكبر للقطاع الصناعي السوري وبذلك انتقلت النسبة الأكبر من القطاع الصناعي السوري، من القطاع الخاص إلى سيطرة الدولة وقد تشكل بنهاية عام 1969 ثلاثة اتحادات صناعية وهي الصناعات الغزل والنسيج والصناعات الغذائية والصناعات الهندسية والكيميائية إلى جانب التوسع في الصناعات الاستخراجية وصناعة الكهرباء والماء . بالمقابل توسعت وانتشرت بكثافة المنشآت الحرفية والصناعية الصغيرة الخاصة التي كانت بمأمن عن عمليات التأميم في الفروع المحدودة المسموح بالعمل فيها، حيث حظرت السياسات الاقتصادية المتبعة حينذاك على القطاع الخاص العمل في نحو 143 فرعاً صناعياً كانت حكراً على القطاع الاقتصادي العام بموجب القانون 29 لعام 1965 لاسيما مع تراجع أداء القطاع الاقتصادي العام في الثمانينات ودخول الاقتصاد السوري في أزمة ركود اقتصادية نتيجةً لضعف عملية التوظيف وتراجع القوى الشرائية للأجور والهجرة من الريف إلى المدن وهي الظروف التي أدت إلى اللجوء للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الخاصة، بالإضافة إلى عامل مهم وهو ضعف جاذبية القطاع الاقتصادي العام بالنسبة لأبناء المدن الكبرى لاسيما حلب حيث يسود النشاط الاقتصادي الخاص في الأعمال الحرفية والمنشآت الصناعية والتجارية والخدمة.
2-قام القطاع العام السوري على أساس المنشآت الصناعة الكبيرة المؤممة لذلك بقي تمركز القطاع الصناعي السوري في مدينتي حلب ودمشق إلى جانب كل من حماه وحمص واللاذقية، بالمقابل نشأت الصناعات الكيماوية والاستخراجية والتي ارتبط توطينها بأسباب جغرافية طبيعية، كمشروعات مصافي النفط في بانياس على الساحل السوري والتي تسهل من عملية تصدير النفط. ومشاريع الفوسفات والأسمدة المرتبطة بقربها من مواقع استخراج الفوسفات. ومشاريع استخراج النفط في البادية ودير الزور ومشاريع معاصر الزيتون في إدلب وعفرين مراكز زراعة الزيتون في سورية.
3-التغيير في بنية الإنتاج الصناعي من حيث الارتفاع النسبي للصناعة الاستخراجية ممثلة بالنفط والفوسفات إلى إجمالي مساهمة القطاع الصناعي الإنتاجي في إجمالي الناتج المحلي لاسيما خلال الفترة الممتدة من عام 1974 وحتى عام 1984 أي خلال فترة الطفرة في أسعار النفط والإنتاج الكثيف. بالإضافة إلى ازياد اهمية الصناعة الاستخراجية دخلت صناعات عديدة لم تكن من ضمن الهيكل الصناعي السوري، وأهمها الصناعات التعدينية وصناعة الأسمدة.
المراجع:
منير الحمش، تطور الاقتصاد السوري الحديث، دار البعث، دمشق ، ص 277-280.
منير الحمش، ص 288- 302








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في ضيافة الإيليزيه.. وسط توترات جيوسياسية واق


.. البنك المركزى: ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى لـ41 مليار دولار




.. سعر جرام الذهب الآن فى مصر يسجل 3100 جنيه لعيار 21


.. -ذا تليجراف-: قاعدة سرية في إيران لإنتاج المسيرات وتدريب عنا




.. -ذا تليجراف-: قاعدة سرية في إيران لإنتاج المسيرات وتدريب عنا