الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرسائل الملهمة

حسن مدن

2023 / 5 / 17
الادب والفن


حدث أن سيدة اشترت صندوقاً لحفظ الأدوات والوثائق من محل لبيع الأشياء المستعملة، ولكنها دهشت حين وجدت داخل الصندوق رزمة من الرسائل مربوطة بشريطٍ واحد، وموجهة كلها إلى امرأة بعينها، فحارت ماذا تفعل بشأن هذه الرسائل، وهاتفت أصدقاءها تسألهم النصيحة. لم يكن ممكناً الأخذ بنصيحة إعادتها إلى أصحابها، فصاحب محل الخردة نفسه لا يعرف لمن يعود هذا الصندوق، فيما قالت لها صديقة أخرى: «ماذا يمكن أن تفعلي غير حرقها، احرقيها»، لكن صديقاً آخر مغرماً بجمع الكتب نصح السيدة: «اقرئيها.. بالطبع اقرئيها».

وهذا ما فعلته السيدة بالضبط. قضت يوماً بكامله في قراءة ثلاثمئة وسبع رسائل، هي مجموع ما في الرزمة من أوراق، لتفاجأ بذلك الدفق الهائل من العواطف والمشاعر والتفاصيل بين امرأة ورجل جمع بينهما الحب.

هذه الرسائل موضوع قصة قصيرة للكاتبة الجنوب إفريقية نادين غوريمر، الحائزة على نوبل للآداب عام 1991، واستعدتُ محتوى هذه القصة حين قرأتُ قصة قصيرة، موضوعها الرسائل أيضاً، لإدواردو غاليانو، واردة في مؤلفه «كتاب المعانقات»، تتحدث عن عجوز وحيد يقضي معظم أوقاته على السرير، أشيع عنه أنه كان يخفي كنزاً في منزله. وذات يوم اقتحمت مجموعة من اللصوص المنزل، وبحثوا في كل زواياه حتى وجدوا صندوقاً في القبو، حملوه معهم وحين فتحوه وجدوه مملوءاً بالرسائل.

كانت بدورها، رسائل حب كتلك التي قرأتها المرأة في قصة غوريمر، لكنها من نساء مختلفات عرفهن الرجل في مراحل عمره المختلفة، وكما نصحت صديقة السيدة في قصة غوريمر بحرق الرسائل، فإن اللصوص في قصة غاليانو فكروا أيضاً في حرق الرسائل التي وجدوها في الصندوق الذي سرقوه، لكن بعد التشاور فيما بينهم قرروا إعادتها إلى صاحبها، واحدة تلو الأخرى بمعدل رسالة واحدة كل أسبوع، فبات العجوز ينتظر قدوم ساعي البريد كل اثنين، حيث اعتاد اللصوص إرسال الرسائل فيه، فيهرع نحو الباب لاستلام الرسالة التي يعرف كل ما فيها، حتى كان بالوسع سماع ضربات القلب المجنون لذلك العجوز فرحاً باستلام رسائل من احبّهن وأحببنه من نساء.

الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي قالت إنها معجبة جداً بقصة غاليانو هذه، حسب ما ورد في شهادة لها منشورة في كتاب «شهرزاد أمريكا اللاتينية» الذي أعدّه وترجمه إلى العربية عبدالله الزماي، لأنها، أي الليندي، رأت فيها نموذجاً لتداخل المتخيل مع الواقعي، مشبهة الكتّاب باللصوص «الطيبين» الذين سرقوا صندوق العجوز، «يأخذون شيئاً واقعياً مثل الرسائل، وبحيلة سحرية يحوّلونه إلى شيء جديد تماماً».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها


.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف




.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب