الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سينجح الرئيس البرازيلي في تقليص النفوذ الأمريكي في دول أمريكا اللاتينية؟

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2023 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لطالما اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية أن أمريكا اللاتينية هي حديقتها الخلفية ذي الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية، وعملت وتدخلت في شؤونها الداخلية لبقاء نفوذها في دول القارة المجاورة ولم تسمح لأحد بالاقتراب منها دون موافقتها، ولعبت دورا حاسما في تدبير الانقلابات العسكرية ضد الحكومات اليسارية في البرازيل عام 1964، تشيلي 1970، بوليفيا 1971، والأرجنتين 1975، وحاصرت كوبا، ونيكاراغوا، وفنزويلا اقتصاديا وسياسيا، لكن دول أمريكا اللاتينية لم تعد تقيم اعتبارا لتحفظات واشنطن، وليست مستعدة للمساومة بمصالحها إرضاء لها بعد ان تغير الوضع السياسي خلال السنوات القليلة الماضية بوصول قوى اليسار المعارض للتدخلات والهيمنة الأمريكية للحكم في كل من تشيلي، ونيكاراغوا، المكسيك، الأرجنتين، بوليفيا، البيرو، هندوراس، كولومبيا، والبرازيل.
الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الذي عاد إلى السلطة مجددا بعد ان حكم البرازيل، أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، بين عامي 2003- 2001 معروف بتوجهاته اليسارية المعارضة لمحاولات الولايات المتحدة الأمريكية الهيمنة على دول القارة والتحكم بمقدراتها؛ فالرجل يعمل على وضع بلاده في قلب الأحداث السياسية العالمية والقيام بدور مهم ومتواز في تعامله مع دول العالم خلال ولايته الجديدة.
فمنذ توليه الرئاسة زار الأرجنتين، والصين، أكبر شريك تجاري للبرازيل ووقع معها اتفاقيات ب 15 مليار دولار؛ والجدير بالذكر هو ان حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 150 مليار دولار عام 2022، مع فائض لصالح البرازيل قدره 29 مليار دولار إضافة إلى الاستثمارات الصينية في البرازيل البالغ حجمها 70 مليار دولار. وزار أيضا البرتغال، واسبانيا، والإمارات العربية المتحدة، وأكد خلال هذه الزيارات ان بلاده عادت للساحة الدولية، وتعمل على توثيق علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول العالم، وترغب في لعب دور مهم في حل النزاعات التي تهدد السلم العالمي، وتزيد من معاناة الشعوب.
وعلى الرغم من أن دا سيلفا زار الولايات المتحدة وأجرى محادثات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلا ان الإدارة الأمريكية تشعر بالقلق وبعدم الارتياح لوجوده في قمة السلطة لأن نهج إدارته السياسي المحلي، وتجاه دول أمريكا اللاتينية الأخرى، ودول العالم يتعارض مع محاولات أمريكا للاستمرار في الهيمنة على الاقتصاد العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة، والبقاء كقطب عالمي أوحد. فالرجل يعمل على تعزيز علاقات بلاده مع دول أمريكا اللاتينية ومن ضمنها تلك التي تحكمها أنظمة يسارية معادية للولايات المتحدة، خاصة ككوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، ويدعم القضية الفلسطينية بقوة، ودعا الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لوقف تشجيع ودعم الحرب في أوكرانيا والبدء في التحدث عن السلام، ويرفض فرض عقوبات على روسيا استجابة للرغبة الأمريكية الأوروبية.
إضافة لما سبق، فإنه يطالب بإقامة نظام دولي متعدد الأقطاب، وبتفعيل دور المنظمات الدولية والسماح لبلاده بشغل مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وبتجنب الانحياز إلى أي من القوى الكبرى، واحترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والتركيز على حلول سلمية للنزاعات المحلية والإقليمية والدولية.
وكان من مؤسسي تجمع " بريكس "، تكتل الأسواق الناشئة الذي يضم الآن 19 دولة من أهمها الدول المؤسسة: الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، ويستهدف حماية مصالح الدول النامية. وقال " لماذا على جميع البلدان استخدام الدولار في تعاملاتها التجارية " ودعا إلى استخدام عملات بديلة، واتفق مع الأرجنتين على إطلاق عملة لاتينية موحدة ستؤدي إلى تهميش التعامل بالد ولار الأمريكي، وتعزيز التكتل الاقتصادي لدول أمريكا اللاتينية.
فلا غرابة إذا في ان الولايات المتحدة تشعر بالقلق من وجود دا سيلفا في قمة السلطة لأنها تدرك أنه يتمتع بشعبية كبيرة في البرازيل ودول أمريكا اللاتينية الأخرى، وإن إدارته ستدعم الأنظمة اليسارية اللاتينية الرافضة للهيمنة الأمريكية، وتعمل على تقوية الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية بين دول وشعوب القارة جميعا، وتشكل تهديدا حقيقا لنفوذ الولايات المتحدة الأمريكية فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح