الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بشأن السياسة التركية المائية تجاه العراق وخاصة بمرحلة الانتخابات؟

تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)

2023 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


أود التأكيد على أن المتابع يدرك حجم المعاناة العراقية تحديداً بقضية المياه وما أصاب نهري دجلة والفرات من تراجع و-أو انحسار خطير بمنسوب المياه في وديانها؛ حدّاً خلق ظاهرة التصحر والجفاف في بلاد كان يُطلق عليها أرض السواد يوما لخصوبتها وكثافة غاباتها وسيادة الخضرة فيها!
أما اليوم، فهي ليست إلا الأرض البور اليباب! بخلفية قطع كلي أو نسبي لأمواه الرافدين..

الكارثة أن قضية المياه المحجوبة عن مستحقيها من أبناء وادي الرافدين باتت تُتخذ القرارات بشأنها من دون عودة للعراق صاحب الحق المشروع على وفق القانون الدولي بخصوص الأنهر الدولية العابرة للحدود حيث حقوق بلدان المصب مثلما دول المنبع حيث يتم تقسيم الحصص المائية على وفق أطوال جريانها ونسبها بين تلك البلدان، لكن الواقع أكد مراراً تغافل الجارة تركيا لتلك الحقوق الواجبة المنصوص عليها وتجاهلها لعلاقات حسن الجوار و-أو احترام سيادة البلاد وحقوق العباد!

لقد وصل الأمر لمستويات بناء سدود بصورة خطيرة تجاوزت قضية حقوق تركيا والأنكى تجاوزها حدود تلبية مصالحها لتتحول أبعد من ذلك إلى فرض امتلاك المياه المخزّنة خلف سدودها وتحويلها لبضائع تبيعها للعراق او تبادله أموراً تشكل ابتزازا لمعاني العلاقات وأية فرصة لاحترام القوانين الضابطة لها..

إنّ تحويل مياه دجلة والفرات إلى (قضية نفعية) أو جعلها بضاعة للاتجار والضغط السياسي أوجد أرضية منحت القيادة التركية وأيضا هنا التنافس الانتخابي [بينها وبين معارضيها] ميزة الصراع؛ من يستغل تلك الفخاخ المضللة لمآربه الانتخابية؛ الأمر الذي فتح ثغرة في العملية الانتخابية نفسها، إن لم نقل أفسدها وصار كذلك، عامل إفساد للثقافة العامة بما أشاع خطابا شعبويا دعم لغة الابتزاز والضغط على العراق في ظروفه المعروفة…

وإذا كان التعامل مع قضية وجودية كقضية المياه أو ملفها، قد جاء بصورة تختزل تلك القضية بإحالتها إلى (ملف نفعي) بائس فإن السياسة التي نجابهها لا تنظر إلى معطيات قيمية للقانون الدولي وإلزامها للعلاقات ولتوزيع تلك المادة (مياه الأنهر الدولية العبرة للحدود) التي تتعامل معها دول متمدنة متحضرة كما تتعامل مع الهواء؛ أقول إذا كان ذلك هو ما يحدث بشأنها، فإن العراق لا يمكنه ان ينتظر الحل من طرف تركيا؛ ما يُلزِم حكومته بواجباتها تجاه شعب البلاد باتخاذ كل الإجراءات المناسبة لاسترداد الحقوق الأصيلة وبدل حدود كارثية من مياه لا تصل بأكثر من 200 م مكعب في الثانية عبر الفرات مثلا بعد مرور بسوريا لابد من عدم الاكتفاء بوعود لإطلاق 500 متر بالثانية كما تقول تركيا وتناور، كي تُفلت من المجابهة مع المجتمع الدولي وقوانينه بل لابد من معاودة منسوب الفرات ومثله دجلة إلى أوضاع تتناسب وأطوالهما الرئيسة الموجودة في الأرض العراقية…

ودعونا نشير إلى أن مفاوضات وزراء لم تنجح على الرغم من ادعاء منح الصلاحية للتفاوض الفني المخصوص حيث تمت إحالة الملف إلى زعامة تركيا (أردوغان) ولكن القضية التي تحولت من قراءة فنية رياضية محسومة إلى سياسية باتت بيد دكتاتور فرد أوقع أفدح المشكلات بتركيا وشعبها فماذا سيكون قراره السياسي تجاه الآخرين!؟

إنه كعهدنا بتلك السياسة (الأردوغانية) التي تمعن وتوغل بتدخلاتٍ سافرة تنتهك السيادة وتحتل الراضي وترتكب بهذا جرائم عدوان وجرائم حرب وأخرى من جرائم ضد الإنسانية وليس ملف المياه باستثناء من تلك الاستراتيجية التي اتبعها حاكم تركيا في ربع القرن الأخير..

أذكّر هنا بأن اختلاق ظواهر الشعبوية من جهة وظواهر الأخونة والعثمنة بتوجهات سياسة تركيا 2023 هي مقدمات لتكريس استراتيجية تتقاطع ومصالح الجوار المشتركة وتوزيع الحصص المائية بعيداً عن ادعاءات حصر المشكلة بالتغير المناخي وعميقا في أغوار ممارسة تلك السياسة ونهجها العدواني تجاه الاستحقاقات الواضحة الملزمة لكل الأطراف وما اختلقته تلك السياسة ونهجها من أشكال ابتزاز واعتداء على حقوق العراق وغيره من جوار تركيا..

أجدد الإشارة إلى ملف المياه سيستمر بكونه ملفا بارزا في اللعبة الانتخابية ومن ثم في تكريس استراتيجية عمل لا تحترم القانون الدولي ولا فروضه العليا السامية.

وأؤكد مجدداً ندائي ونداء الحملات النوعية لتوزيع عادل للحصص المائية قائلاً هنا بهذه المناسبة: فليتخذ الشعب العراقي من حملاته الوطنية والدولية ما يفرض به حقوقه على حكومته وعلى دفعها لحماية تلك الحقوق والدفاع عنها في المحافل الدولية، بمختلف الوسائل المتاحة في القوانين المعتمدة؛ وبما يملأ الثغرات وأشكال الخلل في التوازن الاستراتيجي بين العراق وتركيا في الظروف الراهنة… ولعل كثيرا من الموجبات السياسية يمكن توظيفها اليوم بعيدا عما يتم ترتيب جر العراق إليه، بخلاف توجهاته السلمية ومطامحه في الانشغال بعمليات التنمية والبناء والتقدم وليتم استثمار المواقف الأممية ومنها على سبيل المثال الإحاطة الأخيرة للسيدة بلاسخارت لمجلس الأمن التي اشارت إلى أن العراق بهذي السياسة لن يستطيع توفير أكثر من 15% من حاجته في سقف أعوام قليلة قادمة!! وعليه فإن النداء هذا هو مفردة في حملة وجودية وليس مجرد خلاف سياسي محدود او عابر فهلا تنبهنا وتفكرنا وتدبرنا؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل