الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي جعل نشطاء الحركة الأمازيغية يصنعون راية أمازيغية ؟

مصطفى صامت

2023 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


إن الجواب على هذا السؤال يكون عبر طرح سؤال: ما الذي جعل نشطاء الحركة الوطنية يصنعون الراية الوطنية خلال الحقبة الاستعمارية ؟
نعرف من تاريخ الجزائر أن الراية الوطنية لم يرفعها رجال الثورات الشعبية من الحاج بن زعموم ، الأمير عبد القادر، الحاج باي، فاظمة نسومر ، أمود... لقد كانت لكل واحد منهم رايته الخاصة . وقبل ذلك، وخلال الإحتلال العثماني للبلد الذي قسم الشعب الى قبائل المخزن المتحالفة وقبائل الرعية، كانت هناك راية لكل قرية ودوار ترمز الى الزاوية والطريقة الصوفية التي يتبعونها ، فقد كان الإنتماء عند الفرد الجزائري حينها هو القرية او القبيلة (العرش) . وكان التحالف والخصام يجمع وينشب بين القبائل حسب المصالح المشتركة .

كان الأمير عبد القادر يسمى منطقته في رسائله ببلاد وهران، ونجد كذلك بلاد زواوة، بلاد الزّاب... بقي نفس التفكير في الوعي الشعبي الى اليوم، حيث نسمع عبارة بلاد قبايل، بلاد الشاوية ... إنه التفكير القبلي الذي صهرت الحركة الوطنية و الثورة التحريرية مفهموه في قالب الوطنية الجزائرية وبقيت له آثار جانبية في الذاكرة الجماعية .

خلال نضال الحركة الوطنية السياسي تولد هناك شعور عند المواطن الجزائري لصنع نقيض للهوية والوطنية الفرنسية المسيحية من أجل إثبات الأنا الجزائري المسلم . وهذا كردة فعل لمحاولة فرنسا تذويب الخصوصية الجزائرية في الهوية الفرنسية عبر قوانين التجنيس وربط الجزائر بفرنسا . فظهر الدفاع عن العربية نكاية في الفرنسية والإسلام نكاية وكبديل للمسيحية وكرمزية ليقول عبرها الجزائري أنا هنا موجود، لم أمت ولم أنصهر في الكينونة الفرنسية كما أراد لها الجلاد الفرنسي!

إخترع كذلك نشطاء الحركة الوطنية في حزب الشعب الراية الجزائرية التي أعادت زوجة مصالي خياطتها لنفس الغرض وهو التعبير عن الكينونة الجزائرية والاعتزاز بها .

غداة الاستقلال الذي جاء بعد قرن ونصف من الاحتلال ، ومع حماسة سبع سنوات من حرب التحرير الدامية، واصل الجزائري في التعبير عن كينونته التي جعلها بشكل لا إرادي، وكأنها عقدة نفسية، نقيض لكل ما هو فرنسي، فتم طرد ما تبقى من المدرسيين الفرنسيين وإستبدالهم بأساتذة عروبيين تم استقدامهم من دول المشرق قبل لهم أنهم في مهمة جهادية لإعادة بعث ما طمسه الاستعمار الغربي، وحاول الجزائري التشبث اكثر في دينه حتى تطرف فقط ليقول أنه مسلم وليس مسيحي، كما تبنى النظام الاشتراكي الشيوعي وان كان منظروه في روسيا ملاحدة ضد الدين، فقط نكاية في النظام الغربي الليبرالي الذي تنتمي اليه فرنسا، وتبنى الحكام الشمولية والدكتاتورية خوفا من الإنقسام الذي يمكن أن يجلبه الانفتاح والتعدد الذي كانوا يربطونه دائما في سعي فرنسا العودة الى الجزائر من خلاله ...

وفي خظم كل ذلك كانت هناك شريحة من الجزائريين تعاني التهميش والتهديد في هويتها و خصوصتها الثقافية التي لم تجد لها مكان في جزائر الاستقلال التي لم تكن مختلفة كثيرا عن الجزائر الفرنسية في مجال الحريات وكرامة الانسان ، فظهر عند هذه الشريحة نفس الرغبة في التعبير عن كينونتها الأمازيغية أمام سياسة التعريب والعروبة المعتمدة من الدولة .

وهكذا كانت الراية الأمازيغية إحدى هذه الاساليب الرمزية للتعبير عن الذات الأمازيغية تماما كما كانت الراية الوطنية خلال حقبة الاضطهاد الفرنسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج