الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ينتظر العالم مولوداً جديداً بعد الحرب الروسية الاوكرانية؟

يوسف نمير علي

2023 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


انها حقبة مهمة جدا من تاريخنا الحالي، فلقد افرز القرن الماضي قوى سياسية غير متوقعة في العالم انذاك، وهما (الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتي)، ولقد كانا يمثلان قطبين من اقطاب العالم الحديث. إن التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين له تأثير عميق على مستقبل النظام السياسي في العالم. إن أمل الغرب في نظام دولي قائم على الديمقراطية وسيادة القانون والتعاون متعدد الأطراف، بدا الان و كأنه قد فقد معقوليته تماما.
حتى حوالي عام 2008 ، كان شعار الخطاب الغربي حول السياسة الدولية نظامًا عالميًا ليبراليًا قائمًا على القواعد يرتكز على اقتصاديات السوق والديمقراطية والدبلوماسية المتعددة الأطراف. اعتبرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نفسيهما المروجين الرئيسيين لمثل هذا النظام ، الذي كانا يأملان أن يشمل في نهاية المطاف معظم العالم. منذ ذلك الحين ، تضاءل الإيمان بهذه الرؤية بشكل كبير.
تضاءلت شهية الولايات المتحدة للقيادة العالمية ، لأسباب سياسية داخلية جزئيًا، واسباب خارجية بسبب الحربين في أفغانستان والعراق. في غضون ذلك ، واصلت الصين صعودها الاقتصادي والسياسي وأصبحت قوة تكنولوجية وتجارية رائدة. لقد أثبتت التوقعات بأن ازدهار الصين المتزايد سيؤدي إلى تحرير سياسي كانت خاطئة تماما. على العكس من ذلك ، أصبحت القيادة الصينية أكثر استبدادًا ، وغير متسامحة مع المعارضة ، وهاجس الهيمنة المطلقة للحزب الشيوعي. إن السياسة الخارجية الحازمة ، التي تغذيها الدعاية القومية والحشد العسكري المستمر ، تؤكد الآن على طموح الصين لأن تصبح القوة المهيمنة في القارة الآسيوية.
أدى تراجع المشاركة الدولية لواشنطن إلى توسيع مساحة المناورة للدول الأقوى، من بينها (مصر والهند وإيران وباكستان والمملكة العربية السعودية وتركيا)، والتي أصبحت لاعبًا حازمًا بشكل متزايد في السياسة الدولية. فلقد شكلوا تحالفات جديدة ، وعززوا نفوذهم السياسي والاقتصادي ، و أيضا عززوا من نفوذهم العسكري. أدى ذلك في بعض الأحيان إلى نشوب صراعات إقليمية من أجل الهيمنة ، مما أجبر الدول الأضعف على فعل ما كانت تفعله دائمًا: البحث عن الأمن إما بالتحالف مع قوى أكبر أو الموازنة بينها.

ومع ذلك ، فإن الجغرافيا السياسية ليست هي من تمثل التحدي الوحيد لعالم منظم، لذلك يشعر معظم العالم اليوم، و خصوصا دول العالم الثالث، بأنهم على أعتاب نظام عالمي جديد بقيادة روسيا و الصين، أما أمريكا فبدت و كأنها هي الرجل المريض الآن. و من المؤكد فإن تراجع مسؤولية الولايات المتحدة عن سياستها تجاه دول العالم الثالث وخصوصا دول الشرق الأوسط له جوانب عرضية كما رأينا. فنتيجة السقوط السياسي في سوريا على سبيل المثال(اي سقوط الوضع السياسي)، قائم على العلاقة الجادة والقوية للنظام السوري مع إيران و روسيا، وذلك بعد ان تخلت الولايات المتحدة بشكل كامل عن المنطقة.
ما أصبح واضحًا الآن ، وخلق حالة من عدم اليقين إلى حد كبير للاتحاد الأوروبي وحلفائه ، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، هو أن كلا من روسيا والصين، يريدان أن يكونا أحرارا في مسارهما السياسي، لمتابعة طريقهما المستقبلي على النحو الذي يراه كل منهما مناسبا. و بناءا على ذلك يمكن القول اننا بالفعل قد بدأنا طريقنا للتو في بناء نظام عالمي جديد، سيتم تحديد ملامحه قريبا جدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمات سودانية: مشروع من أجل تعزيز الصحافة المحلّية في السودا


.. فراس العشّي: كاتب مهاجر من الجيل المطرود




.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن