الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقنية الشعر

حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)

2023 / 5 / 22
الادب والفن


قرأت تحليلاً متقناً حول الإنسان والرياضة. كان السؤال البحثي هو : هل حقاً تطوّر النوع الإنساني ليصبح نوعاً خارقاً؟ ويضرب الكاتب أمثلة من عوالم ألعاب القوى، فقد صار العداؤون أكثر سرعة وتحمّلٍ ، ولم يعد ممكناً مقارنة إنجازاتهم بالإنجازات ما قبل عشر سنوات أو عشرين سنة. قطع أحد العدائين 100 م في عام 1988 بزمن 10.63 ثا وفي 2009 بزمن 9.63 ثا.
هناك فرق زمني هائل رغم ضآلته. وتصبح الصورة أوضح إذا استخدمت للمقارنة مسافة ميل يقطعها العداؤون.
يجيب كاتب البحث بصورة قطعية، إن الإنسان المعاصر لم يصبح سوبرماناً بعد! ويرد هذه الطفرات الرياضية إلى أسبابها الحقيقية، وهي في حالة سباق الجري، تغير الأرضية التي يجري السباق عليها. الأرضية القديمة كانت خشنة نسبياً وتسلتزم قوى احتكاك أكثر يبذلها العدّاء للتغلب على خشونتها. ثم يشير الباحث بشكل عام إلى تطور التكنولوجيا المرافقة للرياضة. صارت الأحذية الرياضية مصمَّمة بشكل علمي يسمح باستغلال قوة العداء القصوى.
بعد قراءتي للبحث ، انصرف تفكيري إلى سؤال هو .
هو : إذا كان رأي الباحث صحيحاً في الرياضة الجسدية ، فلم لا يكون صحيحاً في رياضة النفس . وأقصد في المجال الإبداعي الأدبي!
وهل ربما تعود الفروقات بين الشعراء مثلاً إلى فروقات تقنية في صناعة القصيدة واستخدام الشكل المناسب، اختيار الصورة الشعرية المناسبة، صناعة الصورة الشعرية، انتقاء المفردات في دلالتها القريبة والبحث عن انزياحها، طول السطر الشعري، علاقته بالقافية أو الإيقاع، الإيقاع العروضي والإيقاع الصوتي، الرمز-التناص، والاستفادة من كافة الأشكال الأدبية الأخرى كالسرد والحوار .مع التذكير أن الشكل كمنجز نهائي هو وحدة عضوية للعناصر المذكورة .
هل يمكن القول إن التقنية التي استخدمها السياب هي ما جعلته مميزاً ومختلفاً عن كثير من الشعراء؟
هل إدارة شؤون القصيدة لدى نزار قباني جعلته مميزاً أيضاً؟
وهل رؤيا خليل حاوي العميقة أم تقنيته الذهبية ما جعتله شاعراً مهماً؟
وهل جوزيف حرب سوى شاعر يطرز القصيدة بالسنونو ويتماهى بذلك مع إحساسه الكوني؟
وهل قدم درويش رؤيا مختلفة لم يقدمها غيره من شعراء؟
ومن هو ذلك الشاعر العربي الذي قدم رؤيا مختلفة لم يعبر عنها شاعر قديم كالمعري أو شاعر حديث مثل س ع على الفيسبوك أو بودلير أو شيمبورسكا أو المتنبي؟
هذا الخلط بين الأزمنة الشعرية مقصود طبعاً، لأن الأدب إنتاج نوعي فردي وليس تراكمي كما العلم. وليس من الضروري أن يكون يورخيس الرائع قد اطلع على كل التراث الأدبي العالمي، ولا محمد الماغوط على أعمال بول أوستر !
لكن من المؤكد أن كل شاعر تفعيلة معاصر قد اطلع على قصائد شعر التفعيلة وتعلم منهم كيفية اتقان الشكل. كذلك الحال مع شعراء قصيدة النثر ،فقد اطلعوا بشكل واف على نماذجها المتاحة لإتقان الصنعة.
هذا هو مجرد رأي ، وارثو الشعر هم وارثو شكله وتقنيته وإدارة هذه الشؤون وتطويرها هي معيار التميز. الرؤيا لا تصنع شعراء مميزين إلا إذا جاءوا بالخروق!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا