الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزي العربي تنوع الثقافة بروح الأصالة

عبدالله رحيل

2023 / 5 / 22
الادب والفن


سواء أكانت الألبسة سترا أم جمالا، فإنها تعد ظاهرة عامة اجتماعية، يتخذها العوام لأهداف ضرورية، أوجدتها الحاجة الملحة لوجود الإنسان منذ الأزل، الذي يمكنه أن يتقي بها البرد، والأخطار المحدقة به، حينما كان في مجتمعه البدائي، فيتطلب منه آنئذ ستر الأجساد بأكملها، ثم بعد ردح طويل من الزمن؛ غدت الألبسة تابعة لعادات مجتمعية، متبعة للإبداع والتميز، والتقليد، ولها روابط متينة وموغلة في التاريخ، وتتبع التعاليم الدينية، والنظرة الاجتماعية، وتعكس ملامح الحياة بشكل عام، ويرجع تاريخ ستر الجسد من سوءته إلى زمن بدء الخليقة، ومنذ أن وجد الإنسان على وجه الأرض، وقد اتخذ الزي أشكالا عدة، من أوراق الشجر، وما شابهها، حتى تطور اللباس بتطور الأمم والشعوب، وتقسيم البشر حسب الأصول واللغة، فقُسِّم الزي وتنوع؛ ليدل في نهاية المطاف على أصل الشعوب، وانتمائها العرقي.
ومع التطور الطبيعي للأزياء، وإعطائها طابعا ثقافيا، تتباين في أنواعها وأنماط شكلها، وطريقة صناعتها، الدالة على الانتماء، واللغة، والفئة، والثقافة المجتمعية والدلالة الجنسية، وقد تأثرت الأزياء كثيرا بالغزو العسكري، والثقافي، لبعض المجمعات؛ ما أعطاها بعض التنوع، والتغيير، وإضافة أزياء جديدة، وتنوع في الشكل والألوان.
ولما كانت البداية في سكن الأرض، وإعمارها، كانت الشعوب مترحلة نحو مواطن الكلأ، والماء، وارتبط ذلك باقتناء زي خاص لهذا الترحل، فكانت المنطقة العربية تحت أنماط هذا الترحل، الذي فرض عليها نوعا خاصا من الأزياء، وأشكالها وألوانها؛ فنجد الرجال يلبسون اللباس الساتر للجسم كله، بما يوافق طبيعة المكان، ولما كانت الصحراء أكثر المواطن، التي قطنوها؛ فنرى الرجال يلبسون الثوب الطويل الفضفاض، الذي يمكن له أن يدخل الهواء إلى كامل الجسد، ما يمكن تلطيف حرارة الجسم، وفي المجمل يعتمد الرجال على الملابس البيضاء في البادية؛ لأنها تعكس أشعة الشمس المحرقة، إلى جانب لبس السترة القصيرة الواقية للظهر والكتفين، التي تقيه حر الشمس، كما أن الرجل العربي قد عرف لباس الرأس، الذي يغطيه كاملا، وقد اتخذه ذلك لأمرين في غاية الأهمية: أولهما، عنوان الوقار والمهابة عند العرب، فحاسر الرأس في المجالس يعده البدو مهانة للمجلس، الذي يجلس فيه، وثانيهما، حماية من حر الشمس، والرمال، أو يتخذه لثاما؛ إن اشتدت العواصف وسط الصحارى، وقد وصف هذا التنوع في الزي، الرحالة البريطاني ويلفريد ثيسيجر ،حينما سافر إلى الجزيرة العربية، والعراق؛ فكتب عنها عدة كتب أشهرها، كتاب "الرمال العربية" :" فهم يلفون أنوفهم بعباءاته، ويخفون وجوههم بملفحاتهم، حتى لم تعد تظهر منهم غير العيون، ويعتقد البدو أن كثرة الثياب تصد الحرارة عنهم، ولكن الواقع، أن ما يفعلون إنما هو منع العرق من التبخر، وهكذا فهم يوجدون طبقة باردة حول الجلد".
إلى جانب ذلك من زي الرجال يكون البشت، أو البردة، التي عادة ما يلبسهما شيخ القبيلة للوجاهة والتميز، بين أبناء العشيرة، وإلى جانب العباءة الرفيعة، التي تقتضيها ضرورة مجالس الشيوخ، أو استضافة أقوام أخرى، وعند تغطية الرأس بغطاء خاص مربع الشكل، يتخذ أسماء عديدة عند مجمل الشعوب العربية، فهو العصابة، أو الغترة، أو الشماغ، الذي قد شاع استخدامه منذ الألف الثالث قبل الميلاد بوصفه وتمييزه بعلامات صورية سومرية من نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، وهو في دلالته إلى العظمة والرفعة والسمو والشموخ وحتى يزيد الرجل مهابة أكثر وجد الشريط الأسود المفوف بدائرتين حول بعضهما، وقد سمي العقال الذي يدل على شدة عقل الرجل وبلوغه سن الحكمة، والتعقل، والرشد، إضافة إلى تثبيت الغترة، أو الشماخ حول رأس الرجل.
أما اللباس والزي الخاص للنساء؛ فيتخذ أشكالا عديدة، وأسماء كثيرة حسب المنطقة التي تقطنها النساء، حتى أصبح للزي النسوي أسماء معروفة بين القبائل والأفراد فمنها:
المنديل، أو المقرونة، أو الشنبر، أو الهبرية: وهو لباس المرأة على رأسها تلفه على رأسها بمنديل أسود، يطوى من وسطه، ويسمى المقرونة، وإذا كانت النساء من الثريات، وعلية القوم؛ فليلفن رؤوسهن بمنديل أطول، قد يزيد عن ثلاثة أمتار ويسمى شمبر، ثم تلبس المرأة المتزوجة منديلا آخر تحت ويسدل إلى أسفل صدرها ما يعطيها حشمة وسترا أكثر.
البرقع: وهو غطاء يخفي الوجه جزئياً، من قماش مُحاك باليد، مطرز بالحرير ومركب عليه عدة قطع نقدية، وينزل من منتصفه قطعة قماش قطنية ثقيلة مغطاة بشكل كامل بالقطع النقدية، وينزل إلى الوجه، وقد أطلق عليه في الجزيرة العربية اسم البطولة.
المحوثل: وهو قميص أزرق قاتم أو أسود، ذو أكمام عريضة، ويكون أطول من المرأة بمتر واحد، وقد تلبس المرأة الثرية من بعض القبائل معطفاً، ويسمى « جبة»، ويصنع من قماش الجوخ الماهود، وتلبس المرأة المزوية، وهي عباءة ترتديها المرأة فوق أزيائها ، لها أكمام ضيقة ، وتغطي الذراعين حتى المعصمين.
حزام الشويحي : وهو حزام عريض مزركش منسوج من القطن، أو الصوف تزمه المرأة حول حصرها على ثوبها لترفع أطراف ثوبها السفلية عن قدميها قليلا.
الزبون: وهو قطعة مفتوحة من الأمام تلبسه المرأة عامة فوق ثيابها الأصلية، عند المناسبات، أو في الأماكن العامة، وهو قليل الزخرفة، وتتخذه المرأة ستراً للجزء الخلفي منها، ويسمى الزبون أو الصاية.
المرودن : وهو لباس تقليدي للمرأة العربية إلى الوقت الحاضر، وهو ثوب طويل وعريض، وفضفاض يتصف بكمين طويلين، وتتدلى أطرافه حتى تلمس الأرض ويعقدان معا، ويرفعان خلف الظهر متدليا، ويسمى أبو الردنين.
العباءة: وتكون العباءة رمز المرأة الحسناء، ذات الرفعة العالية، والمنحدرة من علية القوم، وتسمى المزوية، وتلبسها المرأة فوق رأسها، وتنسدل أسفل القدمين، وتلبسها العروس، وتسمى مرشدة، وهي من الحرير الناعم مزركشة بألوان ذهبية، ويقدم هذا النوع من العباءات الثمينة للعروس مع مهرها.
ومهما اختلفت السنون والدهور يبقى اللباس زينة وحشمة وتوافق للبيئة التي يحياها الإنسان وعنوان حضارة رقي الشعوب، ومنطلق حاجة المرء العامة له في الجمال والرقي والتآلف والدلالة في المراتب السامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا