الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اصطفاف سياسي جديد لانهاء احتلال العراق

سامية ناصر خطيب

2006 / 10 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


العدوان على العراق
اصطفاف سياسي جديد لانهاء احتلال العراق

غالبية الناخبين الامريكيين تعتبر الحرب في العراق قضية محورية، ستؤثر على طريقة تصويتهم في الانتخابات القادمة. الحرب على العراق زادت خطر الارهاب العالمي، بعكس تقديرات بوش. القتل على الهوية، التهجير وعشرات التفجيرات اليومية هي سيد الموقف في العراق. وفي الخلفية، البرلمان العراقي يشرع قانون الاقاليم بضغوط مباشرة من ايران.

اسابيع قليلة تفصلنا عن 7/11، موعد الانتخابات للكونغرس الامريكي. ويتبين ان الموضوع العراقي هو القضية المركزية، التي تسيطر على هذه الانتخابات، خاصة على ضوء استمرار تدهور الاوضاع الامنية فيه. لقد تحول العراق، باعتراف جهات متنفذة في السياسة الامريكية والعالمية، الى اخطر مكان في العالم، حيث يدفع واحدٌ من كل اربعين مواطنا حياته ثمنا لهذه الحرب العبثية التي شُنّت على اساس من الكذب والتضليل.

استطلاعات الرأي العام في امريكا اظهرت ان غالبية الناخبين الامريكيين تعتبر الحرب في العراق قضية محورية ستؤثر على طريقة تصويتهم في هذه الانتخابات. ويأتي هذا مرافقا لارتفاع متواصل في نسبة الامريكيين المعارضين للحرب.

في هذه الاجواء جاءت التصريحات الاخيرة لرئيس هيئة اركان الجيش البريطاني، السير ريتشارد دانات، لتسدد ضربة اضافية لادارة الرئيس بوش. فقد صرّح دانات في مقابلة لصحيفة "ديلي ميل" ان على البريطانيين الخروج من العراق قريبا، وان "الوجود العسكري البريطاني في العراق يفاقم المشكلة الامنية".

وجرت تصريحات دانات جدلا واسعا في بريطانيا، وأثارت مخاوف الحكومة العراقية التي بعثت الناطق بلسان رئيسها للتصريح بان "اي انسحاب للقوة المتعددة الجنسيات من العراق في الوقت الحالي، سيكون اشبه بكارثة لان العراق بحاجة كبيرة الى وجود هذه القوات على الاقل في الوقت الراهن". (بي.بي.سي. باللغة العربية، 16/10)

وتوالت التصريحات وتبعاتها بعد ان صدر الكتاب الجديد للصحافي الشهير بوب وودوورد، من صحيفة "الواشنطن بوست"، بعنوان "حالة انكار". يصف الكتاب حكومة الرئيس الامريكي، جورج بوش، التي تضلل شعبها بانكارها الوضع الحقيقي في العراق. اثار الكتاب زوبعة سياسية واعلامية بسبب المعلومات التي تشير الى حالة الخلل وعدم التنسيق التي تطغى على الادارة الامريكية، وجنوحها المعتاد لاخفاء الحقائق وتصوير الوضع في العراق على انه في تقدم.

واضح ان المخططات الامريكية في العراق تتقدم من فشل الى مزيد من التدهور. واذا كانت "الحرب على الارهاب"، خاصة بعد احداث 11 ايلول، تمثل الادعاء الرئيسي في الحملات السابقة للرئيس بوش، فان المعلومات الصادرة مؤخرا عن وكالات الاستخبارات الامريكية، تثبت ان الحرب على العراق زادت الارهاب وخلقت ارهابيين جدد وليس العكس.

في كتابه يتهم وودوورد مسؤولي الامن القومي، وتحديدا كوندوليزا رايس التي شغلت منصب مستشارة الامن القومي آنذاك، بالفشل الاستخباراتي في منع هجمات 11 ايلول، وتجاهل التحذيرات الاستخباراتية التي أكدت ان شبكة القاعدة كانت عازمة على ضرب الولايات المتحدة داخل اراضيها.

الديمقراطيون يشهدون تقدما فريدا منذ خسارتهم الكونغرس عام 1994. فقد حققوا حسب استطلاعات الرأي قفزة نوعية، وتقدموا ب13 نقطة على الجمهوريين. وتعني اية خسارة للجمهوريين في الكونغرس عرقلة عمل بوش وادارته في السنتين القادمتين. واشارت الارقام الى ان معظم المقاعد التي يحتلها الديمقراطيون البالغة 201 مقعد غير مهددة، بعكس مقاعد الجمهوريين التي تبلغ 230 مقعدا.



ويستمر النزيف

صرّح منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية، يان ايغلاند، في 12/10، ان اعمال العنف في العراق توقع حوالى مئة قتيل يوميا وتدفع الفا آخرين الى النزوح عن مناطق سكنهم. في الشهر الماضي وحده سقط 3009 قتلى بيد الميليشيات الطائفية المختلفة. القتل على الهوية، التهجير، عشرات التفجيرات اليومية هي ما يحكم العراق اليوم. ظاهرة الجثث المجهولة الهوية التي تبث الرعب في ارجاء العراق باتت منظرا مألوفا. 250 جثة مجهولة الهوية كانت نتاج اسبوع واحد فقط.

يتعامل العراقيون مع حوادث القتل باعتبارها امرا محتوما، وتنحصر محاولاتهم في البحث عن وسائل للتقليل من آلام عائلاتهم في حين تعرضوا هم انفسهم للقتل. ويبتكر العراقيون الطرق التي تمكن عائلاتهم من التعرف على جثثهم في حال اختُطفوا وشوهوا. من بين هذه الطرق وشم تفاصيل هوياتهم على اجسادهم.

رائد عدنان من سكان حي الرحمانية ببغداد، محترف في الوشم، يصف اغرب حالة مرت عليه عندما طلب منه شاب في مقتبل العمر ان يشم ظهره برسالة تروي قصته، وتؤكد انه لم ينتم الى حزب سياسي، وانه غير محسوب على طائفة وان كل همه ان يعيش بسلام (صحيفة "الحياة"، 11/10). الشرطة العراقية التي كان المفروض ان تستبدل القوات الامريكية، هي نفسها متورطة في عمليات القتل.



مقتدى الصدر وايران

الجهة التي مكّنت نوري المالكي من تسلم رئاسة وزراء العراق، كانت كتلة مقتدى الصدر. الصحافة الامريكية ركزت في الاسابيع الاخيرة على ميليشيا المهدي، التابعة للصدر، ودورها الاجرامي في عمليات القتل وتصعيد الصراع الطائفي في العراق، ودعت المالكي للوقوف بحزم ضدها.

وتُعدّ حركة الصدر الشيعية من أقوى الحركات في العراق. فهي تضم عدة ميليشيات يشارك فيها آلاف المقاتلين، وتستند الى قاعدة سياسية مكونة من 32 مقعدا في البرلمان. وتواجه هذه المجموعة تهمة إدارة فرق الموت، ولكن امتلاكها القوة العسكرية والسياسية الكبيرة، جعلت رئيس الوزراء يلغي خطته لتفتيش مدينة الصدر، معقل مقتدى الصدر. الجنرال جون ابو زيد، قائد القوات الامريكية في العراق، قال امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الامريكي موجها كلامه الى المالكي: "إن أنت لم تفعل ذلك، انتهى بك الأمر إلى أن تجد دولة داخل الدولة كما في لبنان".

ويبدو ان صبر الادارة الامريكية قد نفذ من فشل المالكي في انهاء العنف الطائفي. وقد بلغت الامور درجة جعلت بعض المسؤولين في الادارة الامريكية يصرحون ان التهديد الطائفي بات اعظم من التمرد السني المستمر منذ ثلاث سنوات.

المعضلة ان اي هجوم على جيش المهدي سيسبّب ازمة على الفور لحكومة المالكي، المعتمدة على ائتلاف من الاحزاب الشيعية الاصولية. كما ان المالكي مَدين للصدريين على قيامهم بكبح غضب الشيعة الفقراء على إخفاق رئيس وزرائهم في إنهاء الاحتلال الامريكي وتحسين ظروف معيشته. من جهة اخرى، يخشى المالكي ان يؤدي الهجوم على مواقع الصدريين الى تفكيك القوات الحكومية الهشة اصلا. فالجنود الشيعة، وقد جاؤوا من الميليشيات، سوف يرفضون القتال ضد جيش المهدي.

ويعتقد الامريكان ان الصدر لم يعد مسيطرا على افراد ميليشياته. في ذلك قال احد القياديين لصحيفة "التايمز" عن مقاتلي المهدي: "ليس هؤلاء من قاتل الامريكان ودافعوا عن الدين والوطن. الذين قاتلوا الامريكان إما استشهدوا او تركوا التيار ولا علاقة لهم بما يحدث. ما يسمى اليوم ب"جيش المهدي"، عبارة عن عصابات ومجرمين".

وقد حرك هذا الوضع بعض الجمهوريين المتنفذين، بينهم احد اشد المتحمسين للحرب السناتور جون وورنر. ونادى هؤلاء بوضع خطة جديدة لمواجهة الاضطراب الحاصل في العراق. وقد ادت هذه الدعوات الى ارباك ادارة بوش التي تدعي ليل نهار ان كل شيء على ما يرام. وقد صرح السناتور وورنر قبل ايام: "انه من مسؤولية حكومتنا تحديد ما اذا كان تغيير توجهنا ضروري في العراق. علينا التفكير في كل الخيارات في هذه المرحلة".



السعي نحو التقسيم

في 11/10 شرّع البرلمان العراقي قانون تشكيل الاقاليم، الهادف الى تقسيم العراق الى فيدراليات لها استقلالية معينة ولكنها تابعة لسلطة مركزية. تم تمرير القرار بتصويت 175 نائبا من اصل 275، بدعم "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" الموالي لايران والاكراد.

يهدف القانون الى تكريس الوضع القائم على اساس مذهبي وعرقي. اذ ينص على تشكيل اقاليم فيدرالية في المحافظات الشيعية التسع، وسط وجنوب البلاد الغنية بالنفط، واقاليم اخرى للاكراد في كردستان شمال البلاد، واقاليم للسنة غرب بغداد وشمالها. ويعزز هذا القانون المخاوف من تقسيم البلاد، وقال برلمانيون انه قد تم تمرير القانون بضغوط مباشرة من ايران.

يصعب رؤية القانون امرا واقعا، خاصة على خلفية الاحداث الدموية النازفة. ويقوم بعض الاطراف بابتكار خطط مختلفة تهدف لوقف حمام الدم. من ذلك مبادرة منظمة المؤتمر الاسلامي ل"مؤتمر صلح مكة" برعاية السعودية، للمصالحة بين السنة والشيعة، والمتوقع عقده خلال يومي 19 و20 الشهر الجاري. حلول اخرى تبدو سحرية وغير واقعية، تقترح ان يتقاسم السنة والشيعة السيطرة على نقاط التفتيش باتفاق بين الاحزاب السياسية.

لكن المصيبة ان كل هذه الخطط تؤكد عدم الثقة والانقسام العميق بين الشيعة والسنة، خاصة ان من يتحكم بالعراق اليوم هم ارهابيون ولصوص سرقوا البلد وما زالوا ينهبونه. حتى بعض الساسة شكلوا ميليشيات خاصبة بهم مقابل الميليشيات الاخرى. ولم تعد الحرب شيعية سنية فقط، بل دخلت المعترك جهات عديدة ومختلفة كلها تتصارع على خيرات العراق.

قانون تشكيل الفيدرالية أثبت ان مصلحة العراق مغيّبة، واطراف اخرى، اهمها ايران، تسعى لجني الارباح من غياب العراق كدولة موحدة ذات ثقل عربي واقليمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظاهرة غريبة.. السماء تمطر أسماكا في #إيران #سوشال_سكاي


.. مع تصاعد الهجمات في البحر الأحمر.. تعرف على أبرز موانيه




.. جنود الاحتلال يحتجزون جثمان شهيد من المنزل المستهدف في طولكر


.. غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمنطقة الصفطاوي شمال غزة




.. قائمة طويلة من لاعبين بلا أندية مع اقتراب فترة الانتقالات ال