الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات التركية، دروس وعبر بعد فوات الأوان.

سربست مصطفى رشيد اميدي

2023 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


اجريت الانتخابات التركية في يوم 14/5 من هذا الشهر وكانت انتخابات البرلمان التركي، بالإضافة الى انتخاب رئيس الجمهورية التركية. وبعد متابعتنا لهذا الحدث منذ أكثر من شهرين وبعد اتمام العملية الانتخابية واعلان النتائج الاولية وما ظهرت من نتائج، فإننا نبرز ملاحظاتنا على الشكل التالي:
1- افتقار اللجنة العليا للانتخابات التركية الى الشفافية اللازمة، والى الالتزام بالتوقيتات التي اعلنتها في اعلان النتائج، وقد أشارت الى ذلك بشكل واضح عدد من الشبكات المراقبة الدولية، كشبكات المراقبة الاوربية مثل مراقبي منظمة الامن والتعاون في اوروبا وغيرها.
2- انحياز الاعلام الرسمي الحكومي بشكل واضح وصريح لحزب العدالة والتنمية، كما تبين ذلك في عرض النتائج التي لم تكن قد تم إعلانها او عرضها بشكل رسمي من اللجنة العليا للانتخابات. وانما كانت شبكة الأناضول التركية الرسمية هي التي تقوم بذلك، وبدأت بإعلان النتائج بحصول رئيس الجمهورية على نسبة ٦٥% ومن ثم نزلت الى ان وصلت الى ٤٩.٤%.
3- عدم تأثير الوضع الاقتصادي والتدهور المستمر لقيمة الليرة التركية هو التضخم المستمر وارتفاع الأسعار، واثار الزلزال سلبا على عملية التصويت لصالح مرشحي حزب العدالة والتنمية، والمرشح لرئاسة الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان.
4- ان اعلان حزب اليسار الاخضر الذي انضوى تحت لواءه مرشحو حزب الشعوب الديمقراطية، تأييده للتصويت لصالح زعيم المعارضة السيد (كمال كليجدار أوغلو) زعيم حزب الشعب الجمهوري. قد ادى ذلك الى التراص في صفوف القوميين المتطرفين، والذين يبدو انهم قد حسموا امرهم اساسا بالتصويت لصالح (سنان أوغلو) او رجب طيب اردوغان، كما انه من الواضح ان مؤيدي حزب (باش iyi) لم يصوت جميهم لصالح زعيم المعارضة.
5- ان التغريدة التي نشرها رئيس الجمهورية وزعيم (ائتلاف الجمهور) السيد رجب طيب اردوغان، ليلة الثالث عشر على الرابع عشر من أيار، أي ليلة يوم الاقتراع. (بأن صندوق الاقتراع هو الناموس) بمعنى ان صندوق الاقتراع يعتبر شرفهم، وخطابه العنيف طيلة الحملة الدعائية وقبلها، ادت الى بث الخوف في جمهوره ومؤيديه التي كان قسما كبيرا منهم لم يكونوا يصوتون في عملية الانتخاب سابقا، ضناً منهم بأن حزبهم ورئيسهم سيفوز بكل الأحوال. مما ادى ذلك الى مشاركة جمهوره بكثافة في عملية التصويت، وهذا ما كان سببا في زيادة نسبة التصويت التي وصلت الى نسبة ٨٨% من اصوات الناخبين الاتراك، مما اثرت كثيرا على النتائج التي كانت مفاجئة لقوى المعارضة والمراقبين المحليين الدوليين.
6- يبدو ان الاستبيانات العديدة التي اعلنت نتائجها سابقا وكانت اغلبها تشير الى فوز زعيم المعارضة لم تكن صحيحة ودقيقة، حيث انه لعدد العينات المأخوذة ونوعيتها اي الشرائح المستهدفة، والمناطق التي شملتها، والفئات العمرية المستطلعة آرائها، تؤثر كثيراً على صحة نتائج الاستبيان. بالإضافة الى ان أحزاب السلطة احيانا قد تلجأ الى نشر نتائج استبيان غير صحيحة، لبث الخوف لدى انصارها وحثهم على المشاركة الواسعة في الانتخابات.
7- ان انسحاب المرشح السيد محرم انجه من السباق الرئاسي، اثرت باعتقادنا سلباً تجاه حظوظ مرشح المعارضة السيد كليجدار أوغلو، فيبدو ان اصوات مؤيديه ذهبت اغلبها للسيد سنان أوغلو والذي لو بقي في السباق السياسي، نقصد السيد محرم انجه فأن مؤيديه كانوا سيصوتون لصالح كليجدار أوغلو على الاغلب في الجولة الثانية، نظراً لكونه كان مرشحاً سابقاً لحزب الشعب الجمهوري، وانه كان قد حصل على نسبة ٣٠% من اصوات الناخبين في حينه، وان حزبه (مملكت) تنادي بإحياء تراث اتاتورك والعلمانية في اسلوب الحكم في تركيا.
8- لم تكن هنالك تكافؤ في الفرص بين الامكانيات المتاحة لحزب العدالة والتنمية ورئيسها السيد رجب طيب أردوغان، وبين امكانيات التحالف المعارض (تحالف الشعب) حيث ان كل الإمكانيات المالية والسياسة والإعلامية والبشرية كانت في متناول الحزب الحاكم. على عكس احزاب المعارضة المتهمين دائما في وسائل الاعلام التركية المسيطر عليها بشكل كامل من قبل الحزب الحاكم، حيث انه في السنوات السابقة تم اغلاق أكثر من ٢٥ فضائية تركية، لأنها لم تكن تعمل وتبث برامجها وفق اهواء الحزب الحاكم، بالإضافة الى زج الكثير من قادة الاحزاب الحاكمة وخاصة حزب الشعوب الديمقراطية في السجون، والذين يزيد عدد معتقلين أعضاء هذا الحزب على عشرات الآلاف.
9-لو فرضنا جدلاً بأن حزب اليسار الاخضر وبالتنسيق مع حزب الشعوب الديمقراطية المهدد بالحل، كعادة السلطات التركية باستهداف الاحزاب ذات القاعدة الاجتماعية الكردية، لو فرضنا انهم قد تقدموا بمرشح رئاسي في هذه الانتخابات، وتم التحشيد له، وانه حسب الاصوات التي حصل عليها الحزب في هذه الانتخابات، فان نسبة التصويت كانت ستتعدى نسبة ١٠%. ولو ان ذلك لكانت على اساس تقليل نسبة أصوات مرشح المعارضة للرئاسة، لكن في الجولة الثانية كان من الممكن ان يشكل احتمالاً قوياً في فوز مرشح المعارضة، من خلال تصويتهم له في الجولة الثانية، وبعد ان كانت أصوات السيد سنان أوغلو ستشكل نسبة قليلة.
10-الملفت ان اصوات حزب الشعوب الديمقراطية قد انخفضت، وهذا الامر متعلق في النقطة السابقة، لأنه يبدوا ان بعض الناخبين من (تحالف الحرية والنضال) قد صوتوا لصالح مرشحي حزب الشعب الجمهوري ما دامو قد صوتوا لحزب لمرشح حزب العدالة في السباق الرئاسي. بالإضافة الى انه يبدو ان عدم تقديم الحزبين قائمة مرشحين موحدة وانما تقديم كل منهم قائمة حزبية خاصة بها قد ادى في النهاية الى عدم تجميع اصواتهم وبالتالي ذهبت اصواتهم سدى في عدد كبير من المحافظات نظراً لعدم حصولهم على نسبة ٧% الذي فرضها قانون الانتخابات التركية، بان يشترط على كل حزب حتى لو كان ممثلا في ائتلاف او تحالف للحصول عليه في دائرة انتخابية.
11- يبدو ان كل من السيد احمد داوود أوغلو والسيد علي بابا جان، وعلى الرغم من انشقاقهما من حزب العدالة والتنمية، وتشكيلهما لأحزاب سياسية لم يكن ذلك قد أثر على اصوات حزب العدالة، ولم يحققوا شيئا يذكر في الانتخابات البرلمانية. كذلك لم يؤثر ذلك كثيرا في زيادة حظوظ زعيم المعارضة للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، فمثلاً بقيت محافظة قونيه محافظة خالصة لحزب العدالة والتنمية على الرغم من ان هو مسقط رأس السيد احمد داوود أوغلو، والذي كان رئيسا لفترة ما لحزب العدالة والتنمية واحد مفكري هذا الحزب، وكان يدير ملف العلاقات الخارجية في تركيا لفترة من الزمن.
12- من الواضح ان احزاب الإسلام السياسي والاخوان المسلمون في العالم قد وقفوا بكل قوتهم السياسية والاعلامية والمالية الى جانب الرئيس رجب طيب أردوغان، واعلنت العديد من المنظمات الإسلامية هذا الدعم بشكل صريح في وسائل الاعلام، كجمعية العلماء المسلمين في العالم بزعامة الدكتور عي القرداغي. ووصل الامر ببعض الدعاة والاعلاميين الاسلاميين الى اعتبار فوز السيد رجب طيب أردوغان وحزب العدالة، بمثابة استمرار للرسالات السماوية، كما اعتبر اخرون ان فوز مرشح المعارضة وتحالف (الشعب) بمثابة فوز الارهاب والمثليين، وشمل هذا الدعم كل ماكناتها الاعلامية سواء كانت تركية او عربية او غيرها.
13- يبدو ان الجولة الثانية من انتخابات رئاسة الجمهورية ستكون حاسمة لفوز السيد طيب أردوغان حسب نسب الفوز المسجل له في السباق الأول، ولمجمل الاسباب اعلاه خاصة وأن النظام الانتخابي المطبق في هذه الجولة هي الاغلبية البسيطة، لان المرشح الذي يحصل على اصوات اعلى من المرشح الثاني سيفوز حتى لو كان ذلك بفارق صوت واحد، على عكس الجولة الاولى التي استوجبت في الفائز بمنصب رئيس الجمهورية الحصول على أكثر من نصف الاصوات الصحيحة للمقترعين، وهذا ما كان صعبا للمرشحين لرئاسة الجمهورية من الوصول اليه وتحقيقه.
من كل ما ذكرناه اعلاه يبدو ان احزاب المعارضة قد اخفقت في حساباتها وخططها، وان الوضع الاقتصادي والتدهور المستمر لقيمة الليرة التركية، والتضخم المستمر وارتفاع الأسعار، وتأثير الزلزال المدمر، كل ذلك لم يؤثر على حظوظ السيد رجب طيب أردوغان ولا في حظوظ حزب العدالة والتنمية، ولو ان نسبة اصوات هذا الحزب قد انخفضت، وانه مع الاحزاب المتحالفة معه كحزب الحركة القومية، وحزب هودابار الاسلامي الكردي وغيرهم، قد حصلوا جميعا على ٣٢١ مقعدا من مجموع ٦٠٠ مقعدا.
لذلك على الاحزاب المعارضة أن تأخذ هذه الدروس والعبر بنظر الاعتبار، ولكن للأسف بعد فوات الأوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اكلات تركية على أصولها من الشيف عمر لذيذة و سهلة جدا


.. الولايات المتحدة.. هدم فندق بطريقة لافتة • فرانس 24




.. عاجل | ميقاتي: مستعدون لتعزيز حضور الجيش اللبناني في الجنوب


.. شاهد | ميقاتي ينفعل بسبب سؤال يتعلق بحزب الله وربط جبهة لبنا




.. دُمّرت بفعل زلزال شباط 2023.. افتتاح مدرسة في مدينة جنديرس ش