الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- هارب من الإعدام - / ذاكرة شيوعي بين الموصل وموسكو

فرات المحسن

2023 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


من ضمن إصدارات مكتبة النهضة العربية صدر في بغداد كتاب بعنوان " هارب من الإعدام " بالقطع الكبير وبعدد صفحات بلغت 437 وزعت على خمسة فصول ومجموعة من الصور التوثيقية. قدم للكتاب بمقدمة وشرح مسهب المرحوم الدكتور كاظم حبيب.
الكتاب بفصوله الخمسة، سفر مفعم بالحيوية والغنى المعرفي والمعلومة القيمة.
يحتوي الكتاب على سيرة ذاتية للدكتور خليل عبد العزيز، ومن خلال هذه السيرة، يوثق الدكتور خليل بذاكرته الحية اليقظة الكثير من الأحداث. حيث نشأ في الموصل وعاصر منذ طفولته الكثير من وقائع جرت على أديم أرض تلك المدينة المعطاء. وقادته مشاركاته في تلك الأحداث إلى حافة الإعدام بعد أن كان واحدا من قادة الحركة المضادة لمؤامرة العقيد الشواف،مما اضطر الحزب الشيوعي لاتخاذ قرار بتهريبه إلى موسكو ، لتبدأ برحلته تلك فصول مرحلة جديدة بالغة الأهمية مليئة بالأحداث والصراعات والتقاطعات، حيث ابتدأت بتوتر العلاقة مع حزبه بسبب عناده وعصاميته ورغبته بالدراسة في موقع غير ما اختاره الحزب له.
خلال وجوده في الاتحاد السوفيتي عاصر الدكتور خليل أغلب قيادات الحزب الشيوعي العراقي ورافقهم في الكثير من مراحل وجودهم هناك على عهد الشهيد سلام عادل ومن ثم الرفيق عزيز محمد وباقي قيادة وكوادر ح ش ع.
أكمل الدراسة في كلية الصحافة وعمل خلال تلك الفترة في الصحافة السوفيتية مثل صحيفة برافدا ووكالة أنباء نوفوستي وغيرهما. ومن ثم توجه إلى القاهرة للإعداد لشهادة الدكتوراه في أطروحة عن الصحافة المصرية. وخلال تلك الفترة أقام علاقات كثيرة سمحت له بالاطلاع على وقائع الأحداث والخلافات التي شابت علاقات القوى السياسية هناك ومن بعضها الضغوط التي تعرض لها الحزب الشيوعي المصري خلال فترة تشكيل الاتحاد الاشتراكي، ليعود بعدها إلى موسكو .
نيله الدكتوراه أهله ليكون موظفا في واحد من أهم مراكز البحث والقرار في موسكو. فقد نال إعجاب بابا جان غفوروف الرئيس التنفيذي لمعهد الاستشراق، الذي وجد في الدكتور عبد العزيز سمات جيدة وتفكير سليم إضافة للنشاط والجدية ،والتي تؤهله ليكون موظفا في المعهد. ويعد هذا المعهد على عهد السوفيتات أحد أهم مراكز الاستشارة والدراسات ذات التأثير الفاعل فيما تتخذه السلطة السوفيتية من قرارات . ومن خلال مركزه في معهد الاستشراق استطاع الدكتور عبد العزيز الحصول على كم هائل من المعلومة والاطلاع على أسرار وخفايا السياسة السوفيتية والعلاقات الدولية.فكان شاهدا حيا على الكثير من الوقائع والمباحثات وشارك بالعديد من النقاشات والبحوث التي كانت تعد أو تطرح في عموم المقابلات واللقاءات والدراسات داخل البعض من أروقة السلطة السوفيتية أو في اللقاءات بين الحزب الشيوعي السوفيتي وباقي الأحزاب العربية وغير العربية، ومنها الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث العراقي.
وبسبب قدراته واجتهاده وحيويته، اقترب كثيرا من شخصيات سياسية سوفيتية ودولية، وسنحت له الفرصة اللقاء بهم ومحاورتهم لغرض التحقيقات الصحفية أو لغرض إجراء حوارات شخصية .ورافق العديد منهم، وبات شاهدا على الكثير من الحوادث والأسرار الخاصة بتلك الشخصيات
وصل الدكتور خليل عبد العزيز إلى موسكو على عهد قيادة الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي نيكيتا خروتشوف وعاصر أيضا قيادة ليونيد برجنيف ومن ثم يوري أندروبوف وقسطنطين تشيرينتكو وأخيرا ميخائيل غرباتشوف. ولم تنقطع علاقته بموسكو حتى بعد خروجه منها وذهابه إلى اليمن الديمقراطي كمستشار للأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني عبد الفتاح إسماعيل، ثم خروجه من اليمن بعد الأحداث الكبيرة التي حدثت هناك وسفره إلى ألمانيا الديمقراطية ثم وصوله إلى السويد.
كان عهد السوفيتات عهدا له طابعه وسماته الخاصة. فكان ذلك الكيان القوي باشراقاته وجاذبيته يتمتع بمكانة كبيرة عند الملايين من البشر في جميع أنحاء الكون، وكان تأثيره شديدا لدرجة استحوذ على العقول والأفئدة، وصل في بعضها حد القدسية، وبات ينظر له كقوة ولدت لتكون المنقذ والمخلص للبشرية من لوثات لطخت وجه العالم جراء ما أحدثته حروب الرأسمالية من بشاعات. وبات الطريق الاشتراكي الذي سلكه الاتحاد السوفيتي يستهوي شعوبا بكاملها، وعممت صور باذخة عن حياة الرخاء والسعادة والطمأنينة التي تغمر حياة شعوبه ودوله، الممتدة على رقعة كانت تستحوذ على ما يقارب سدس المساحة الإجمالية للكرة الأرضية. وكانت رسالته إلى العالم تحث على تحولات عظيمة في الحياة الروحية والاجتماعية والاقتصادية لعموم البشرية، رسالة الاشتراكية بتطبيق النموذج اللينيني للماركسية . استمر هذا الكيان العظيم يرفد البشرية بالعديد من الابتكارات والأفكار والتقنيات، ويقدم الدعم والتأييد للكثير من الدول وحركات التحرر الوطني وقواها السياسية.
ولم يفت الدكتور خليل عبد العزيز أن يؤشر ويكشف في كتابه ( هارب من الإعدام ) العديد من الظواهر التي واجهها خلال وجوده هناك، فتطرق لطبيعة الدراسة في الجامعات وما حوت من وقائع بعضها كان يبدو سلبيا وغير منطقي. أيضا تحدث عن مجريات ودراسات وبحوث ووقائع عمل في معهد الاستشراق. وتناول أيضا الإعلام والصحافة السوفيتية ،كذلك سياسة ح ش سوفيتي وعلاقته بالأحزاب الشيوعية العربية ، ومآل شعار الصداقة بين الشعوب الذي طرحه لينين بداية الثورة البلشفية،وعن الإنتاج الصناعي والزراعي ومشاكله، والانهيار الذي تعرض له اقتصاد الاتحاد جراء التلاعب والسرقات والتمويه والبيروقراطية، وأبدى رأيه في أسباب سقوط الاتحاد السوفيتي وسلط الضوء على الكثير من الوقائع السياسية فاضحا اسبابها وأيضا من خلالها العديد من المواقف والسياسات الخاطئة التي كانت تنخر في عمق الاتحاد وتدفع به نحو الهاوية.
أشر الدكتور عبد العزيز في كتابه بصدق وقوة ما كان يعتري الاتحاد السوفيتي من علل ومشاكل منها البيروقراطية والفساد والانتهازية والصراع داخل القيادات على المناصب والاستحواذ على المال العام وغيرها من الخطايا والموبقات. ومثل هذه المساوئ جرفت بعيدا نحو الخلف القيم الخلاقة لروح الشيوعية والمبادئ التي سبق وتبناها الحزب الشيوعي ورسختها الدولة في بداية النشوء، ومن خلال دستور ومواثيق الاتحاد.
تلك التشوهات أدت في النهاية إلى سيطرة امن الدولة KGB على مقدرات الاتحاد وبات هذا الجهاز السياسي والأمني، الحاكم والقائد الفعلي لمفاصل الدولة، بل أصبح يتدخل بشكل سافر في أدق تفاصيل الحياة العامة والخاصة لأفراد الشعوب الاتحادية. ومع كل هذه التحولات أصبح نظام الحكم قمعيا كابحا للحريات. ووفق راية وشعار دكتاتورية البروليتاريا حسم أمر الحياة السياسية بغلق جميع المنافذ بوجه أي معارضة أو ترويج لأفكار. وأبعد وغيب الكثير من المعترضين أصحاب الأصوات التي كانت تفصح عن آرائها أو تطالب بالإصلاح وتنتقد بعض السياسات.
كل تلك العيوب والإخفاقات قادت في النهاية إلى الزلزال الذي هز العالم وليس فقط الاتحاد السوفيتي، حيث انهار البناء وانفرطت تلك الكتلة التي شيدت على أسس الفكر والروابط الاشتراكية الشيوعية .ومع انهياره تبدلت الكثير من قواعد وعقد السياسة في العلاقات الدولية .
كتاب هارب من الإعدام سجل حي لذاكرة الشيوعي المخضرم الدكتور خليل عبد العزيز، يمثل إضافة نوعية مهمة ورائدة للمكتبة العربية، و سفر مشوق يوثق واحدة من أهم مفاصل تاريخ ليس فقط الاتحاد السوفيتي والحركة الشيوعية وإنما يلج ويغربل البعض من العلاقات الدولية ومجرياتها بأبعادها الغريبة والحيوية والصادمة أيضا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكد مهم الموضوع-بس ولا احد يعلق-لانه لاكشف للحقائق
الدكتور صادق الكحلاوي- ( 2023 / 5 / 24 - 16:47 )
هل الدوله الشريره المجرمه قاتلة 87مليون روسي ومن ابناء المستعمرات السوفيتية الاسيويه والشرقاوربيه هي دولة اشتراكيه-هل كان اي علاقه بين الشيوعية وروسيا السوبر متخلفه حد التوحش عام 17 وحتى السقوط-هل غفوروف اكاديمي او رجل مخابرات متقدم ومؤسسته فرع من ابشع مخابرات بربريه عرفها التاريخ البشري-مخابرات لص البنوك ستالين-هل بطل الكتاب دارس جامعي-هل سمعت اكاديميا عراقيا-حتى بدرجة على الوردي-التقى بصدام والبكر وتكلم معهما ب-جديه-حد الصلافه- وخرج من القصر الجمهوري سلامات
انا اعرف ابو الكتاب جيدامن ال59 كان حقا يمكن التعامل مع الكتاب بايجابيه لولا ان الكاتب بدل ان يخدم المسيرة التقدميه للبشرية بفضح ابشع كذبه في تاريخنا البشري-دولة السوفيت الهمجية البربريه ولينينها العنصري الروسي الاعمى بصر وبصيره ومنذ بدء الجريمة الكبرى اجهاض ثورة شباط بعد اسقاط راعي الاقطاع والعبودية=القيصر وقطع الطريق على روسيا التخلف والتوحش لدخول اوربا مستفيدة من تجارب بريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها لتحويل روسيا ليس كارث لجرم الحرب بوتين وانما ليكون مقام روسيا التطور والتقدم محترما ولما جاع وتبهذل الروس من 17 وحتى اليوم


2 - إن لم تستحي فقل ماشئت
حميد فكري ( 2023 / 5 / 24 - 22:42 )
يقول صاحب التعليق1
(ومنذ بدء الجريمة الكبرى اجهاض ثورة شباط بعد اسقاط راعي الاقطاع والعبودية=القيصر وقطع الطريق على روسيا التخلف والتوحش لدخول اوربا مستفيدة من تجارب بريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها)
هاهي ذي تجاربها : من دفع الإتحاد السوفييتي الى هاوية الحرب الأهلية ،أليس الثورة المضادة ،وبتأييد من تلك الدول الإستعمارية المتحضرة ،التي قسمت العالم كما تقسم الأغنام بين الضباع والذئاب؟
أليست هذه الدول المتحضرة هي من أشعلت فتيل الحرب العالمية 1 وتسببت في مقتل أكثر من 22 مليون شخص ،وأكثر من 16 م مصاب ،ناهيك عن التدمير والخراب في العمران والإقتصاد.
أليست هي ذاتها من أشعل الحرب ع 2 وتسببت في مقتل مايقرب من 50م شخص ، ناهيك أيضا عن الخسائر المادية .
أليست هي من إستخدم السلاح الذري لأول مرة في التاريخ.
أليست هي ذاتها المسؤولة عن جرائم العبودية ،منذ أكثر من 4 قرون، بعدد يصل الى 18 م عبد.
من حق أي شخص أن ينتقد أي شيء ،والإتحاد السوفييتي ليس إستثناء ، ولكن المصداقية تقتضي أيضا عدم إخفاء نصف الحقيقة ، والتي تعني كشف حقيقة التاريخ الإستعماري والإجرامي لتلك الدول المتحضرة .
إن لم تستحي فقل ماشئت.


3 - الدول المتحضرة ،مثال كندا وجريمة قتل أطفال السكان
حميد فكري ( 2023 / 5 / 24 - 23:27 )
وبما أنك يادكتور الكحلاوي ،تقطن في كندا ، سنتحفك بهذه الحقيقة الساطعة .
في سنة 2021 تم العثور على مقابر جماعية لأطفال السكان الأصليين .قرب مدارس كانت تشرف عليها الكنيسة الكاثوليكية . حيث كانوا يجرون إليها قسرا ،منتزعين بالعنف من أسرهم ،.وقد توفي الألاف منهم ،جراء سوء التغذية والمعاملة القاسية ،وبسبب حرمانهم من التواصل مع أسرهم .
ومازال البحث جاريا لاكتشاف المزيد من المقابر.
الحقيقة أن تلك الدول المتحضرة ، يعود تحضرها في جزء منه الى ما اقترفته أياديها الملطخة بالدماء ، تجاه شعوب هي الأن تعيش في تخلفها الذي يعود بدوره في جزء منه الى استعمار تلك الدول.
تحضر وتقدم هذه الدول ،لن يمحي مطلقا تاريخها الأسود . فالمجرم مهما تأنق وتجمل ،بل ومهما ثاب ، فإن جرائمه ستبقى تلازمه مدى الدهر .



4 - الكذب لاينطلي إلا على الأموات
حميد فكري ( 2023 / 5 / 25 - 22:03 )
يدعي صاحبنا الكحلاوي أن الدولة السوفييتية قتلت 87 مليون روسي ومن ابناء المستعمرات السوفيتية الاسيويه والشرقاوربيه.
ونحن نقول له إذا كان الإحصاء العام للسكان في عام 1926 بجمهورية روسيا الفدرالية السوفيتية الاشتراكية، يقول إن عدد السكان قد بلغ 92,7 مليون نسمة .
وقبل بداية الحرب الوطنية العظمى (عام 1939) كان عدد السكان في الجمهورية السوفيتية 108 ملايين و379 ألف نسمة. أما الحرب الوطنية العظمى (1941-1945)، فأودت بحياة نحو 26 مليون شخص، ما أدى إلى انخفاض عدد السكان في روسيا بحلول عام 1946 إلى نحو 97.5 مليون نسمة.
ولم يستطع عدد السكان أن يعود إلى مؤشر 100 مليون نسمة إلا بحلول عام 1949.
إذن عدد السكان سنة 1949 هو 100-87= 13مليون نسمة .
هل من عاقل يقبل هذه النتيجة ؟
وهل يعقل أن دولة تقتل 87% من سكانها؟!!
وحده الأحمق من يصدق هذا الكذب.
صدق من قال الكذب لا ينطلي إلا على الأموات .


5 - كفيت ووفيت
حسين علوان حسين ( 2023 / 5 / 26 - 16:11 )
الأستاذ الفاضل السيد حميد فكري المحترم
تحية حارة
جزيل الشكر والمتنان لتعيقاتكم 2-4 التي وضعت الأمور في نصابها وفضحت التزوير الفج. هناك من يحرص على احترام شرف الكلمة، وهناك من لا يحرص على احترام شرف الكلمة لغرض في نفسه، وهناك من يمتهن حرفة عدم احترام شرف الكلمة لكي يقبض، وهناك من يشتم الذين يحرصون على احترام شرف الكلمة ويقبض لكي يغتني أولاً ويزيف الوقائع وهو مؤمن أنه يستطيع جعل كل المتكلمين يصادرون عقولهم فيصدقون أكاذييه أو يصطفون معه، خصوصاً في شرقنا الحزين.
عندما تطالع الصحف الغربية، تجد كل يوم آلاف التحقيقات الشريفة والشجاعة والمنصفة بصدد انتهاكات حقوق الانسان ومعايير النزاهة والسلوك القويم والصدق في كل مناحي الحياة ومؤسساتها في الغرب بالطول والعرض، ولا تجد -إلا ماندر جدا- من يسمح لنفسه تزوير وقائع التاريخ المشهودة والموثقة بالطريقة الفجة وبكل الصلافة التي نراها هنا، يبدو أن شرقنا الحزين متخلف في كل شيء بفضل الهيمنة الامبريالية على كل مقدراته، حتى في كار فبركة الأكاذيب وتزييف الوقائع؛ وهذا ما يؤكد صحة مقولة أن التخلف ينتشر فيه بخطوط متوازية تشمل كل شيء .
كل التقدير والحب والاعتزاز.

اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع