الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا نزداد عنصريين بل نصبح كذلك...

محمد هروان

2023 / 5 / 23
حقوق الانسان


السلوك العنصري هو عنف ضد الذات قبل ان يكون ضد الاخر، لأنه نتاج خوف أو سوء تربية او جهل او وقاحة، وهذه مظاهر تسئ كثيرا لصاحبها قبل غيره، لأنها اشكال تجعله متوجسا ولا يعرف الهدوء والطمأنينة.
اذا قلنا الخوف فانه يعني الاحساس بالتهديد، وهذا التهديد يجعل المرء غارقا في سيناريوهات فقط من نسج خياله، خوف من الاختلاف، فكيف يستوي الخوف من انسان مثلك؟ هل لأنه يحمل افكارا مختلفة عنك؟ هل لأن بشرته من لون مغاير؟ هل لأنه يرتدي ملابس مختلفة؟ العنصري لا يتحلى بالموضوعية لأنه يعتقد ان ما يختلف عنه يهدده، فهل يهدد هو احدا في اختلافه؟ اكيد لا، ولكن نعم يهدد استقرار البشرية بسلوكه العنصري.
اما اذا تحدثنا عن سوء التربية فهي نتيجة بيئة اجتماعية او ثقافية معادية للاختلاف، ولا تتصور ان الاختلاف شيء فطري في بني البشر، بل تريد ان تعزل نفسها عن الغير متصورة انها افضل او اقل، فالعنصرية اما احساس بالأفضلية او حتى بالدونية في العلاقة مع الغير. والتربية الضيقة الافق لا تستوعب ان الاختلاف مصدر غنى ورافعة قوية للإنسانية على شتى الاصعدة.
بخصوص الجهل، فهو اصل كل شر، ومحاربته عبر التربية والتثقيف هي مساهمة في الحد نوعا ما من العنصرية، لان الجهل يعزز الخوف ويباعد بين الناس ويجعل عقولهم متحجرة لا تقبل لا الحوار ولا النقاش العقلاني، والعمل على محاصرته ينبغي ان يبدأ من القاعدة، من الاطفال، في المدرسة، في البيت، في الاعلام وفي كل منبر متاح.
الوقاحة صفة كل هؤلاء الذين يحملون الحقد والافكار السلبية والمسيئة، والوقاحة هي جهل ايضا لان الاخير لا يعني غياب التعليم، فالعنصري قد تكون له شهادات عليا، لكنه لم يعمل عقله في تمثل الغير، الوقاحة اذن قد تكون احيانا كثيرة سلوكا متعمدا، ناتجا عن مآرب سياسوية او ما شابه. فذكاء الانسان قد يعمل ضد الانسانية احيانا.
وللحد من هذا العنف ينبغي العمل على زرع قيم الحب والعناية بها وهي صعبة جدا عكس الكراهية التي لا تحتاج لمجهود كبير، هو عمل من المنابت، فويل لامة فسدت منابت اطفالها كما قال نيتشه، هنا نقصد الامة الانسانية جمعاء، هي البشرية اذن ما يجمعها اكثر مما يفرقها، وحتى فيما يفرقها هناك ما يميل دوما الى توحيدها.
وبما ان هذه الظاهرة عنف والعنف ينبغي محاصرته بالزجر، دعت الضرورة الى سن قوانين تعاقب من يتلفظ بأي لفظ بغرض عنصري. وكذا العمل على ارساء نظم تربوية تعليمية تحمل مضامين واهداف تسعى الى العيش المشترك وزرع الاحترام في النفوس، كي تتمكن من استقبال الاخر والذهاب اليه في جو يسوده الاختلاف المحمود الذي ينتج ويثمر كل ما هو ايجابي. اما النزعتين الهادفتين اما الى السيطرة واما الى الرضوخ فهما زيغ وضلال.
من يسعى الى السيطرة والتحكم في مصائر الناس هو عنصري، بل اكبر حتى ممن يتلفظ فقط بالعبارات العنصرية، والاكيد انهما يدعمان تواجد بعضهما البعض، بيد ان الاول له قوة اكبر وبالتالي تأثير مضاعف. اما من يحس انه اقل من غيره فنقول له كما في الدارجة المغربية "اللي فيه يكفيه".
في الاخير نؤكد على اننا لا نزداد عنصريين لكن نصبح كذلك للأسباب المذكورة سلفا والمنطلق التربوي الذي وجب اخذه مأخذ الجد هو ان العرق البشري انما واحد يتجلى في تمظهرات مختلفة وهذه خاصية جميلة تشكل اسس كل سير نحو الامام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال العشرات في جامعات أمريكية على خلفية الاحتجاجات المؤيد


.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06




.. مداخلة إيناس حمدان القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في


.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس




.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على