الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاة هادئة

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2023 / 5 / 23
الادب والفن


بالأمس وعلى حين غرة، توفى الاخ ط ص ، هو محامى وزميل، طويل القامة اسمر اللون جدا ، اتذكر اننى رأيته مرة فى بدايات عملنا ، داخل الى المحكمة بصحبة قاضى شاب جديد ، سالت صديق لى، له تخريجات غريبة ، عن سبب ذلك .

قال ، ان القاضى غريب ، اول يوم يجى المحكمة ، وانه لما جه للمحكمة لم يكن يعرف اين يذهب تحديدا فتقابل فى مدخل المحكمة مع ط ص وظنه احد السعاة ،لانه اسمر اللون جدا .

تصادقتا لفترة قصيرة حتى اننى ذهبت اليه فى فرحه فى قريته وحتى زرته لاحقا فى شقته مع عروسه ، ولكن لم تستمر علاقتنا او تتوثق على الاطلاق ، كنا نلتقى مصادفة فى المحكمة بسلام وتحيات .

ربما تمر سنه ولا يتصادف ان نلتقى وخصوصا بعد ان غادرت بلدتى الصغيرة وانتقلت للعيش فى القاهرة .

اتذكر ان ط ص فى الفترة الأخيرة كان دائما يشير الى ان لديه ابنة جميلة تخرجت من كلية الطب، فى تقديرى انه كان يلمح الى رغبته فى تزويجها من ابنى .

كان المسكين يعتقد انه لدينا القدرة على اتخاذ القرارات فى هذه الامور ، عوضا عن ابنائنا ،

موقف اخر غريب وربما كان اخر موقف لى معه ، قابلنى عندما كنت اقود سيارتى وبجوارى صديق اخر فى بلدتنا الصغيرة ، قال لى ط ص ، ازيك ياد خالد ، لم تعجبنى الكلمة على الاطلاق ،

وعاتبته فيها وقلت له ان القضاة يبجلون بعضهم ، فلان بك ، زعربان بك ، معالى الوزير ، القاب ، وانه يجب ان نكون كذلك نحن المحامين فلسنا اقل منهم ى وخصوصا فى وجود الاغراب ، وللحقيقة فقد استجاب وابدى اسفه على تصرفه .

ولكنى لم المس ندمه فى الواقع هذا فقد غيبه الموت بعد مرضه القصير رحمه الله .

طالعت خبر وفاته فى الفيس بوك لم اكن رأيته منذ اكثر من ثلاثة شهور تقريبا ، كان الخبر صاعقا ، هو ليس كبير فى السن مواليد الستينات اى عمرة تقريبا ثلاثة وستون عاما تقريبا ،

الاغرب اننى فوجئت بان الفيس بوك يعرض على فى طلبات الصداقة ، طلب صداقه قديمه منه ، لم اقم بتفعيلها ، لقد فوجئت بها ، ربما لم انتبه لها ، امر غريب ؟ العم مارك ده مش عارف انه مات .

لكن لماذا فى هذا اليوم بالذات يفعل العم مارك طلبات الصداقة ، ومن بينها طلب ط ص؟ لماذا فى هذا اليوم تحديد ؟

وفاة ط ص أوضحت أمرا هاما ، وهو ان الوفاة اقرب كثيرا مما نتصور ،

اننا ننسى فى الغالب انه كأس لابد من شربه ، لكن تلهينا الحياة ونعتقد ان الموت جائز على الاخرين وليس علينا ، ان ما حدث يرسل رسالة يومية انه لاداعى على الاطلاق للقلق على الغد ، انه امر لا يستاهل حتى التفكير فيه .

رحل ط ص فجاة ، بعد ان عاش حياته فى هدوء، ورحل فى هدوء ، فليرحمه الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا