الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يصنع السياسة في المغرب وهل التغيير ممكن في الوقت الراهن ؟

أحمد زوبدي

2023 / 5 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


من يصنع السياسة في المغرب وهل التغيير ممكن في الوقت الراهن ؟

في الدول الديمقراطية، السياسة تقوم بها كل الأحزاب، أكانت في الأغلبية أم في المعارضة فضلا عن الحركات الإجتماعية التي تجسد المجتمع المدني. اللعبة السياسية يشارك فيها الجميع و يكون التباري متوقفا على مجموعة من المؤهلات. المؤهل الأول هو عدد المنخرطين في الحزب والمتعاطفين معه أي القاعدة الشعبية. المؤهل الثاني هو البرنامج السياسي ومصداقيته وواقعيته. تم يليه البرنامج الإقتصادي كمؤهل ثالث. المؤهل الرابع هو الجانب الثقافي الذي يسوق له الحزب. معنى ذلك أن المنتوج السياسي يكون وليد معارك إيديولوجية وسياسية مريرة يظهر من خلالها الأداء في حلة طبيعية. يعرف الأداء إياه تعثرا ويصل حتى الأزمات السياسية لكن القوى السياسية الموجودة بما فيها المثقف الملتزم في حلبة الصراع تسارع لرد الاعتبار للعمل السياسي. السلطة تقابلها السلطة المضادة التي تقوم بشل الحركة الاقتصادية من خلال الاضرابات حين يكون هناك تعنت من قبل السلطة المكلفة بتسيير الشأن العام.
في الدول غير الديموقراطية كالمغرب، صناعة السياسة تتم بشكل مبتور أو قل لا صناعة للسياسة مثل ذلك مثل غياب الصناعة بمعناها الفيزيائي. في المغرب تصنع السياسة على الطريقة التي تخدم النظام السياسي القائم لأن الفرقاء السياسيون لا يتمتعون بالاستقلالية. مما ينتج عنه منتوج سياسي مشوه. الأداء السياسي يكون هو كذلك أداءا أعرجا لا يقوى على فرز مناخ سياسي مؤهل يجعل الفرقاء السياسيين يتبارون للمساهمة صحيا في اللعبة السياسية. هذه الأخيرة تكون عليها رقابة مسبقة ولهذا يتعذر أن يتطور المشهد السياسي. هذا الأخير تهيمن عليه دمى سياسية تعاني من الأمية السياسية ومن الثقافة السياسية و من الثقافة بشكل عام. السياسة في المغرب تصنع بشكل مبتذل. صنع السياسة وإنتاج المعرفة السياسية رهين بوجود قوى سياسية أنتجها التاريخ أي السلطة والسلطة المضادة. صحيح كانت هناك جبهة شعبية بعد الاستقلال انبتقت عن الحركة الوطنية وعن موجة الثوراث في العالم كالثورة الروسية والصينيه والكوبية و انتفاضة الطلاب في فرنسا وغيرها، لكن عرفت هذه الجبهة تفككا لأسباب داخلية منها خيانة القيادات و النخب وخارجية منها التدخل الهمجي للنظام الذي تمكن من زرع الفتنة داخل مكوناتها واختراقها بشكل فضيع، وهو ما جعلها تتبخر وتترك الساحة فارغة للأصولية الدينية ولأحزاب القصر.
الأحزاب والنقابات الإدارية المهيمنة في الساحة السياسية ومعها الأحزاب اليسارية التي جرها النظام إلى أحضانه ونقابات الفيترينا المحسوبة على اليسار تعرقل اليوم بناء سلطة مضادة. الحكم في المغرب يقوم بوضع حكومة وبرلمان بالمقاييس التي تخدم مصالحه وبالتالي فهو حكم ذي رأسين (pouvoir bicéphale) أي أنه يقوم يالسيطرة على الوضع من خلال حكومة الظل أي مستشاري الملك الذين يسطرون التوجه الذي ينبغي أن تتحرك وفقه أمور البلاد طبعا تحت سلطة الملك. الحكومة تصبح دون سلطة لتمرير البرنامج الذي على أساسه عينت. تصبح إذن حكومة واجهة ليس إلا.
صانع السياسة أولا هو المثقف العضوي الرسولي الذي يزود السياسي المحترف بأسطوانات ليست المدبلجة لكن الاسطوانات الفكرية لقراءة الواقع وبالتالي صنع السياسة لأجل التغيير والتقدم.
التغيير في المغرب ، هل ممكن ؟
التغيير في المغرب أضحى فيه صعوبات جمة أكثر من قبل لهذه الأسباب : خيانة النخب بكل مشاربها، رداءة الخطاب السياسي الذي يفتقر قبل شيء للثقافة، تشردم القوى الطامحة للتغيير.
المغرب يوجد اليوم في يد نظام سياسي يتقاسم الأدوار في ما بينه والاوليغارشيات المحلية والأجنبية التي تسيطر على ثروة البلاد. الدولة تم تفكيكها وأصبحت تتحكم فيها الطبقات المسيطرة في كل القطاعات كالمال والأبناك، الفلاحة، الصناعة، العقار، موظفو الإدارات الكبار والمؤسسات العمومية، جل المثقفين، الأحزاب والنقابات ( بإستثناء بعض الاحزاب اليسارية القليلة جدا)، الجمعيات ( ومراكز البحث الوهمية) التي يوظفها النظام السائد، إلخ، - في ارتباط عضوي مع الإمبريالية والصهيونية.
لانطلاقة جديدة وبعث الأمل أعتقد أن الكتابة الجريئة وقول الحقيقة والجهر بها هي الأداة الأولى لفضح سياسة البفتيك والاستهتار بمشاعر الأحرار. الكتابة من هذا القبيل هي شحنة تبعث الأمل في وعي الغاضبين والساخطين على الوضع. الحديث الساخر والسخرية شكل من أشكال التعبير السليم والمشروع عن السخط الذي يخلقه رعاة البقر الذين تحولوا إلى ساسة مارقين في فساد وإفساد السياسة لنهب ثروة البلاد. عالم الاجتماع الكبير الفرنسي بيير بورديو( Pierre Bourdieu) تحدث بإسهاب عن الرأسمال الرمزي(Capital symbolique ) الذي يسمح للشعوب بتوفير شروط التغيير منها الصمود والأمل، المتابرة في النضال ولو بالقليل، النقد الصارم والجريء ، الحكمة، الشجاعة، الصدق، الأخلاق، نبذ الانتهازية، القناعة، التواضع، التضامن، إلخ. كل هذه الصفات النبيلة وأخرى صنفها بورديو في رأسمال غير مرئي و غير فزيائي هو التراكم الرمزي الذي يخلق ثورة غير مرئية في المشاعر وفي النفوس وفي كل مناحي الحياة الاجتماعية تجعل البنيات البائدة تنهزم أمام موجة الكرامة والحرية والأخلاق والقيم والتحرر.
المغرب متجه نحو هذا الشكل من البناء الذي يفرضه التاريخ والتطور والتقدم، شريطة أن يقوم الأحرار في إطار جبهة وطنية شعبية تقوم بتغيير ميزان القوى لإسقاط نمط الحكم السائد وإقامة مجلس تأسيسي يتكلف بوضع دستور نابع من السيادة الشعبية لبناء الدولة الوطنية الديموقراطية المستقلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي


.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا




.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه