الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرواية النسوية في الأردن

سليم النجار

2023 / 5 / 24
الادب والفن


رواية الخوف
اعترف أن طفولتي الفقيرة كانت تشبه الرواية أكثر ، كانت تشبه موزونة شبه مقفاة حكايات وغناء أمي حولي أحاطاني صوتها الذي ينشع من بئر الخوف ، أمي هدهدتني بأغنيات لم أعد اذكر كلماتها ، فيما كان والدي يغني أحيانا ، اقصد يغني مواويل حزينة ، ثم يقول لي نم هائنا ، أيامها كان والدي يروي القصص والحكايات ، وما أذكر منها قصة الشّاب الفقير من قريتنا ” صبارين ” قضاء حيفا انه التحق بثورة ١٩٣٦ ، وما هي ايام حتى جاء الشّاب مع مجموعة من الثّوار إلى بيت العائلة التي رفضت إعطاء ابنتهم لفقر حاله ، وبإسم الثورة والبنادق تشرع فواتها على راس رب العائلة ، الذي وافق على الطلب دون تردد ٠
هل أغاني أمي وحكايات والدي أدخلتني إلى روح الرواية ، هل أغنيات أمي ادخلتني إلى عالم الرواية التي تسردها المرأة ، مما لا شك فيه ان هذه الأحداث لعبت دورا ما ٠
طبعا هناك فكرة دائماً ما تطرح مفادها ، أن الكاتب غالباً – داخل أحداثه ما يكون موجها اخلاقيا وصانًعا للوجدان ومعبرًا عن الناس والحياة ، وواضعا يده على ما هو إنساني ومشترك بين البشر جميعا ، على الأقل هذا ما اتصوره عن دور الكاتب ٠
المرأة التي اتجهت إلى الرواية هي نمط من أنماط التمرد المختلفة عما تعودوده من الإختلافات التقليدية :
بطولة الشخصيات
بطولة المعاناة
بطولة البوح ٠
هذا الدور يحتاج إلى بعض التأمل ؟ إذ انني شعرت بهذه الصورة تحديدا وأنا أقرأ الرواية النسوية في الأردن ، نقداً وقلقاً وخوفاً ٠
لكن السؤال المهم الذي اود الإجابة عليه ، كيف كتبت الروائيات في الأردن ؟ في الرواية العربية نجد أن الرواية هي خلاصة الجماعة العربية ٠ وهي تكثيف الأعظم ما في هذه الجماعة من سجايا وسمات ، وهي معبرة عنها وصانعة لأحلامها وأشواقها ٠
أحاول كل مرّة ، أن اعيد رسم صورة هذا السؤال اتجاه الرواية النسوية ، فلا أزداد إلا حيرة ريبةٌ مما رسمْت ٠ أوَلَمْ يحنِ الوقتُ ، بعد ، لأعترفَ بأن الرسوم أثرٌ على الفقدان ؟ تلك الريبة ما أكبرها في زمن يسخُر من كسر المعتاد ٠
توصف الرواية النسوية في الأردن عادة بالغليان والوهج واللهيب والاشتغال وما شابه ، لكن أم توصف في ذات الوقت انها ليست رواية ، اليس هذا انفصام ؟ أو إذا اخضعنا هذه الفكرة لعقلية التساؤل لماذا هذا الإنفصام ؟ قد يجد البعض إجابة محددة ، جوهرها لابد خضوع الرواية لمقياس نقدية ، والبعض الأخر يعتقد ان الرواية فن صعب المراس وان المرأة في مجتمعنا مازالت في مرحلة التكوين الإبداعي ٠ وفي جميع الأحوال هناك جواب مغيب عن قصد وعمد ان التحولات الإجتماعية السريعة وفي معظم الحالات طارئة ومفاجئة لمعظم افراد المجتمع ، وتحديدا من ثمانينات القرن الماضي ! التي لعبت دورا معقول في فتح الطريق لكتابة الرواية النسوية ، على عكس ما حصل في التحولات والتبدلات التي حصلت في المجتمع الأردني عام ٤٨ ، التي كانت المرأة على هامش الحدث !
ومن خلال تامل وقائع التغييرات ، وخلال معايشة امتداداتها ومآلاتها وأشكال تقييمها تتوقف الرواية النسوية في الأردن ، عند مفهوم ثابت ، يشارف ” الاستخلاص ” على حق الكاتبة الأردنية كتابة الرواية ، على الرغم الخوف الذي يلقي ظلاله على فضاءها ٠
الخوف من لحظة ضمير بيقظة ضمير ٠ أو تساؤل ما هي قدراتهم الإبداعية التي تؤهلهم بهذه التسمية ؟!
اتساءل وانا اعتقد بانهم – أي الذين يرّوجون لهذا المفهوم لديهم إشكالية ما لا تسنطيع تحديدها لكن ما استطيع ذكره ان هنالك خلل ما ٠ لان هؤلاء نُشطاء في التدمير اللبق لكلّ ما تبّقَى من محاولات كتابة الرواية النسوية ٠
هل انا اروي عن رواية وهمية في الأردن ؟ عن روائيات لم يجدوا اصْلاً ؟ بهذا السؤال توجهت لقراءة اربعين رواية لروائيات ، لا نعرف أين هم على صعيدين النقد ولإعلام ، وغيابهم عن المشهد الثقافي ٠ والغياب فجيعة لم تُكتمل دورتها ، أننا سنقف لاحقا على ما هو ابشع مما نحن عليه ، لأن هناك وعي فاسد لنقاد لم تتوفر لهم المناعة الكافية ٠
من يوم ليوم ، أعيش هذه التأملات ، القراءات النقدية ، وقد قاومت الاستسلام في مجتمع ثقافي لم يِقَبلْ بعدُ الوعي النقدي ٠ يسْعد بنقد الأخرين ، لكنه ينفر من نقد الذات ،يجْهر بالتبرؤ يُواصل منع النقد إلا ضمن مسطرة محدّدة ، اعتاد عليها من مارس النقد في مجتمعنا ٠
في رصيد البوح ، والحالة الراهنة للثقافة في بلادنا دليل على ما يُزيل الوعي ويكرّس الوهم ، في هذيان مضاعف ، له أن يتوقف ذات يوم ربما ، محتملا ، يدعو الواقع واقعا ٠ والمسافة مسافة ٠ بواقعية مَنْ يشهد على فكرة من حق المرأة في الأردن كتابة الرواية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع