الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-قران العراق- والثورة التشروعشرينيه الناطقة/4

عبدالامير الركابي

2023 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لن تحدث ثورة تحاكي الضروره في موضع او بلد لايعرف ذاته، بنيته متفوقة على طاقته العقلية الادراكية، مايجعل تاريخه حالة انفصام بين المعاش والوعي، الامر الذي ينطبق على ارض الرافدين/ العراق بالذات من دون غيره من مواضع المجتمعيات على امتداد المعمورة، ولاينبغي لمانذكره ان يوحي بتوقف الاليات، او جمود المجتمعات التي هي بصورة عامه غير مؤهلة لادراك ذاتيتها، مع فارق كون ادراكيتها مقاربة، او حتى متطابقه مع منطويات تكوينها، بعكس الحال الرافديني، حيث المنطوى البنيوي، والمضمر متفوق ومتعد نوعا للوعي.
ويمكن للثورة ان تصل في اوربا ضمن اشتراطات انقلابية بعينها، وبناء على متغير اساس وجوهري تاريخي مادي، مثل الانقلاب الالي واثره غير العادي على الاليات المجتمعية، بما يؤدي لمضاعفتها بمختلف مكوناتها، ومنها الطبقية بحسب المثال الاوربي الحديث، الامر الذي استحث بغمرة الاحتدام التصارعي، مستويات من الادراكية غير المسبوقة، والمواكبه كشرط ليس للمتغيرات الاجتماعية، مع انها بالاحرى تظل ضمن نمطيتها، محدودة بحدودها، بما يتوقف دون شمول الحالة الرافدينه، او مقاربتها وعيا.
ويعود النقص المذكور الى طبيعة نمطية المجتمعات الاوربية المزدوجة افقيا طبقيا ضمن نطاق الارضوية الاحادية، وتراكمات اليدوية الانتاجية، وماتكرسه من مفاهيم ومنظورات يعجز التكوين المجتمعي الاوربي برغم الاله، عن وعيها بذاتها، وبما تنطوي عليه من احتمالية وممكنات، فيظل ينظر للانقلاب الحاصل بعين ماسبقه، ولايراه الا كحالة تعاقب بين محطتين، يدوية، ثم آلية بلا تفارق نوعي.
وهنا تلعب الضرورة التحولية دورها في جعل الانتقالية الادراكية لزوما بنيويا وتفاعليا ترقويا، مكتوب على الظاهرة المجتمعية المرور به، ومع مايتراكم من تجربة الاله وسيرورتها الثلاثية، بين المصنعية، والتكنولوجية الانتاجية الحالية، وصولا الى التكنولوجيا العليا العقلية، فان اسبا ب الانتقالية الادراكية في موقعها الاصل التاريخي، تصير حتمية تحت طائلة الافنائية، حين يصير لزوما القول "ان تاريخ العراق ماهو الا تاريخ ازدواج اصطراعي لاارضوي ارضوي، محكوم لقانون الدورات والانقطاعات، وهو موضع متعد للكيانيه، امبراطوري / كوني، بنية" وان كل ماسوى ذلك هو قصورية عقلية، ونقص ادراكي فادح، معه يكون العراق لاعراق... حالة مفتعلة ومفبركة، لاتمت لما مقصود الدلالة عليه بصلة، مايوجب تغيير الشعار الابرز المرفوع من لدن ثوار تشرين: "نريد وطن" الى " نريد إحنا العراق ... هذا موعراق" اذا ماايقنا، كما هو الحال الحاصل، ان الثورة الراهنه هي عالم وحالة تشكل، ومسار بنائية على مستوى الكيانيه بصيغتها الكونية، راهنا واليوم، بعد دورتين عظميين سالفتين.
وكمثال يذكر فان الاوربي ماركس حين قال: " ان تاريخ المجتمعات ماهو الا تاريخ صراع طبقات"، فانه كان يفتتح ممهدا الطريق امام بدء الادراكية التحولية المؤجله بضوء لازدواج المجتمعي الاوسع والاعلى، الناظم لاجمالي الظاهرة المجتمعية بتدرجاتها وانماطها، لاكما توهم هو حين راح يعمم ماراه او اعتقدة بخصوص الازدواج الطبقي الاوربي، على العالم ومجتمعاته.
فالمجتمعات تبدا "لامجتمعية" في ارض سومر جنوب ارض الرافدين، وتظل في حالة اصطراع مع الارضوية النازله اليها من اعلى، حيث عراق الجزيرة الديمي بيئيا وكاشتراطات انتاجوية، والبدء السومري الذي يفوق قدرة العقل البشري على الادراكية كما هي متاحه في حينه، ليس مسالة عارضة، او من باب الصدفة، بل هو دلالة على الحقيقة الناشئة المتبلورة في حينه، فالظاهرة المجتمعية هي ظاهرة لاارضوية، سائره الى عبور الارضوية والمجتمعية الحاجاتية الجسدية، تمر بالفترة العابرة بعد مئات الاف السنين من الصيرورة الحية، كمعبر ضروري لازم لتطور العقل والممكنات التحولية المادية، بانتقال وسيلة الانتاج من اليدوية الابتدائية، الى العقلية.
وبعد طول غلبة وتسيد للرؤية والتصورات والاعقال الارضوي، المجافي، المسقط للحقيقة، والمنطوى الجوهر، تحل اليوم ساعة الانتفاض الاكبر لاجل اكتساب الذات، وكشف النقاب عنها، ومن ثم على اجمالي الحقيقة المجتمعية الكونية، بما يجعل من الثورة الراهنه ومستهدفاتها، تحريرا للعقل البشري، والانتقال به من وطاة الانسايوانيه، الى مشارف الانسانية المؤجلة والمغفلة عراقيا كابتداء، وعلى مستوى المعمورة، حين يتغير ساعتها كل ماهو متصل بعلاقة الكائن الحي بوجوده، وتدبرات حياته، في وقت لاتعود فيه المنظومة التفكرية الارضوية الغالبة حتى الان، صالحة للاستعمال، او قابلة للحياة.
ويتوافق مانشير له مع انبثاق العراق الرابع، عراق مابعد البرانية المستمرة من هولاكو الى اليوم، اولا برانيه تقابلها فوضى تعم ارض السواد وتستمر لثلاثة قرون، ثم برانية عثمانيه مقابلها بدء الانبعاثية الدوراتيه الراهنه الثالثة، وتبدا مع القرن السادس عشر، وتمر بمحطتين، قبلية، وانتظارية نجفية، تستمر كحالة اصطراع ازدواجي حتى القرن العشرين وعام 1917 مع سقوط العثمانيه، لتبدا حقبة العراق البرانيه الحديثة، المختلفة، والمتميزه عما سبقها بكونها حقبة هيمنه والغاء نموذجي، بحكم تغلب وسيادة النموذجية الغربية الكاسحة على مستوى المعمورة، ما يسيد الفبركة الكيانيه باسم "التقدم" والعصر، ويصادر العقل مستندا الى العلة القصورية التاريخية العقلية، ممثلة بالعجز عن ادراك الذات، ووقتها لايمكن تصور حضور اي منحى او رغبه للبحث عن الذاتيه، والارتكاز لها كموقف منطلقه رفض شكل الكيانية المفروضه المحلوية، لصالح اخرى كامنه، مافوق، ومتعدية للكيانيه، لاتعرفها ولم تقاربها خلال تارخها الغني الاطول بين التواريخ.
هذ الحقبقة الخطيرة القائمه على اسس افنائية، والاصطراعية القصوى، انتهت اليوم بالتدميرية الكلية، والازالة المقاربة للمحو االكياني، ويما يخص الشخصية والحضور باي حد او درجة دالة على الكينونه والموقع، ومنذ العقد الاخير من القرن الماضي، وبداياته، اضطلعت الامبراطورية المفقسة خارج رحم التاريخ، بعملية ازالة العراق من الوجود، تعبيرا عن العجز عن استيعاب او قبول حضور حتى الكيانيه المفبركة التي ارسى اسسها الغرب نفسه بين 1921/ 2003، ماكانت ظاهرة الريع النفطي، ومستوى الديناميات الذاتيه، قد جعلته خارج الحدود المقبوله او الممكن السماح لها بالاستمرار.
ومابين 2003 و 2019 ، لاحت في الافق اولى العلامات الهامة الفارقة بين زمنين وعراقين، الثالث المنقضي المنتهي الى التدميرية الامحائية، والرابع المرتكز الى وعي الذات والتعرف على الكينونة التاريخيه، وهو مايبدا اليوم بالحراك والنهوض التفارقي العملي، والشعار الابتدائي " نريد وطن"، الدال على المنطوى الاكبر الغائب الضائع، وضرورة والحاح "قران العراق" منهاج الرؤية التحولية الكونيه المضمر.
لاشك بان المعركة المفهومية ستكون من هنا فصاعدا هي الفاصلة، لانها اصلا معركة انقلابية على المستوى التاريخي، ظلت مؤجله ومنتظرة طالما وجدت الظاهرة المجتمعية، لابل والبشرية النوعيه الانتقالية المتعلقة بالكائن البشري، ومسيرة انتقاله بين الحيوانيه والانسان، الامر الذي يظل يحاكم باعتباطية تليق بالانسايوان الذي يستمر بالاعتقاد بانه "الانسان"، وبعد كل هذا، يمكننا ان نتصور حجم ونوع المجابهه التي شتنشأ بناء عليه وبحصيلته، ماان تنطلق اولى الشرارات، بالذات من جبل التراكمية الاحادية الملتحقة بالحداثية الغربية وتوهمياتها الصنميه، تلك التي لايمكن ان ترى ثمة حقيقة يمكن ان تكون خارجها، او تتاتى من غير منظورها ومنهجيتها، فضلا عن اسقاطها من احتسابات العقل والمنطق.
وهذه العقبة بالذات، تنهض اليوم وستظل تنهض بوجه الحقيقة التحولية واحتمالات نهوضها، بينما هي تمارس "تجربة المجرب" باصرار، بعدما ثبت بالملموس وبالتجربة انه مسار تدمير وخراب، ولا جدوى، وهاهي دعاوى "الديمقراطية" و "الدولةالمدنيه" و " الاصلاحوية" تستمر مستغلة غياب البديل، لتعيد عزف الحانها البالية الممله، في حين لم تبدر حتى الساعة بادرة توقف للنظر الشامل من اي نوع او مستوى، يتناسب مع درجة التردي والانهيار الشامل المتولد عن تاريخ "النهضة العربية " الزائفة.
يمكن ان نقول بان الامر يبدو في العراق مختلفا لاسباب تاريخيه وبنيويه، وقد رسم الحد الفاصل اليوم بالدم، فماعاد ماياتي من الايام ابدا مثلما هو ات وواجب ان يكون من هنا فصاعدا، فاذا حضر في الايام، او الشهور الاتيه "قران العراق"، فان زمنا اخر سوف يحل، لاعلى ارض مابين النهرين لوحدها، بل المنطقة والعالم، هو كما يمكن ان نطلق عليه "زمن العراق الرابع المنتظر".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران