الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في اوكرانيا مفترق طرق ( 2 )

آدم الحسن

2023 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


قد تكون الأسئلة و البحث عن اجوبة لها تتوافق مع مجريات الأحداث و الجذور التاريخية لأصل المشكلة هو مدخل مناسب يوضح اسباب نشوب الحرب الروسية الأوكرانية .
. هل كان أمام روسيا فرصة لتجنب الحرب في اوكرانيا , هذه الحرب التي لا يعرف لها نهاية لحد الان ... ؟
- هل إن دخول روسيا الحرب في اوكرانيا كان احد الخيارات الصعبة و السيئة بالنسبة لها , فاختارت روسيا خيار الحرب باعتباره أقل الخيارات سوءا ...؟
- هل خططت روسيا لدخول الحرب في اوكرانيا أم إن امريكا هي مَنْ خططت لإجبار روسيا على خوض هذه الحرب ... ؟
للإجابة على هذه الأسئلة لابد من معرفة شيء اساسي في استراتيجية الحزبين الأمريكيين , الديمقراطي و الجمهوري لمواجهة روسيا و الصين .
اولا : في استراتيجية الحزب الديمقراطي , تُعْتَبرْ روسيا هي العدو الذي يحتلْ المرتبة الأولى في قائمة أعداء امريكا أما الصين فهي في المرتبة الثانية في هذه القائمة , بعكس الحزب الجمهوري الذي يَعتَبر الصين هي العدو بالمرتبة الأولى تليها روسيا من ناحية الخطورة و الأهمية , لذلك فأن مواجهة و اضعاف روسيا و انهاكها لدرجة الانهيار من خلال حرب استنزاف اقتصادية و بشرية طويلة الأجل هي اولوية قصوى في استراتيجية الحزب الديمقراطي الأمريكي .
ثانيا : يَعتَبر الحزب الجمهوري أنه لا يمكن أضعاف روسيا الاتحادية و تفكيكها كما تم تفكيك الاتحاد السوفيتي دون انهاكها اقتصاديا و إن انهاك روسيا اقتصاديا مع وجود العملاق الاقتصادي الصيني هو امر مستحيل , لذا فأن استراتيجية هذا الحزب تَعتمد على أن تكون البداية بالصين من خلال فرض حصار مشدد عليها في النواحي العلمية و التكنولوجية و اضعافها اقتصاديا من خلال غلق الأسواق الغربية بوجه السلع الصينية و البدء بشكل متوازي بمخطط تفكيكها الى عدة دول , دولة تايوان ... دولة هونكونك ... دولة للمسلمين الأيغور ... دولة التبت ... دولة منغولية الداخلية ... و غيرها من الدول و الدويلات , و بعد هذا التفكك يسهل الانقضاض اقتصاديا و سياسيا على المتبقي من الصين و اخضاعها للهيمنة الأمريكية عندها تكون مواجهة روسيا امرا اقل صعوبة بكثير , لكن الحزب الديمقراطي يرى إن امكانية تفكيك الصين دول و دويلات اصبح مستحيلا و من الماضي الذي لا يعود , ربما فقط تأجيل سيطرة الصين على جزيرة تايوان و اعادتها الى الوطن الأم الصين لفترة أطول هو امر ممكن .
ثالثا : الاختلاف الجوهري بين استراتيجية الحزب الديمقراطي و استراتيجية الحزب الجمهوري يتمحور مع أي مِن العدوين الأساسيين لأمريكا روسيا أم الصين تبدأ المواجهة , اذ لا احد من الحزبين يفكر في مواجهتهما في نفس الوقت , و عليه يمكن القول :
لو أن الرئيس الأمريكي ترامب كان هو الفائز في الانتخابات الأمريكية الأخيرة لكان مركز التوتر في العالم الان يتركز في بحر الصين الجنوبي و ليس في اوكرانيا .
رابعا : و لأن استراتيجية الحزب الديمقراطي تَعتَمد على البدء بروسيا اولا فقد عملت إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بأكثر من اتجاه لتحقيق هدفها في مواجهة روسيا , و كانت الخطوة الأولى لهذا التحرك الاستراتيجي الخطير هي تشجيع و دفع حكومة زيلينسكي في اوكرانيا بقصف المناطق السكنية في اقليم الدونباس لتهديد و استفزاز سكان هذا الإقليم و اجبارهم على النزوح عن اراضيهم و اللجوء الى روسيا .
لقد نجحت ادارة بايدن في وضع روسيا و الرئيس الروسي بوتين بين خيارين لا ثالث لهما :
الخيار الأول : التراجع و السكوت على طرد سكان اقليم الدونباس , و هم من القومية الروسية , ثم يمتد هذا الزحف الأوكراني بدعم من حلف الناتو لاستعادة جزيرة القرم فتكون روسيا مجبرة ايضا على التخلي عن جزيرة القرم التي تعتبرها ارضا روسية , و بعد أن تنجز الحكومة الأوكرانية هذه المهمة العسكرية يتم قبولها عضوا في حلف الناتو و بذلك تقترب الترسانة النووية لأمريكا من الحدود الروسية اكثر و يكون خطرها الوجودي على روسيا اكبر .
الخيار الثاني : القبول بالمواجهة العسكرية و الدخول عسكريا في اوكرانيا لمواجهة الجيش الأوكراني المدعوم من قبل حلف الناتو و كتائب النازيين الجدد في اوكرانيا منها كتيبة اوزوف و كتيبة القاطع الأيمن .
و كان قرار الرئيس الروسي بوتين هو اختيار المواجهة العسكرية , و دخول الأراضي الأوكرانية بهدف محدد هو استعادة كامل اقليم الدونباس و تصفية كتائب النازيين الجدد وفرض الشرط الروسي الأساسي و هو حيادية اوكرانيا و عدم انضمامها لحلف الناتو .
هذا القبول بخيار الحرب كان بالنسبة للرئيس الروسي بوتبن خيارا لابد منه و هو ليس خيارا بين خيارات متعددة بل هو الخيار الوحيد الممكن لأن بدونه ستتحقق هزيمة شنيعة لروسيا لا يمكن لروسيا الاتحادية تحملها و البقاء موحدة حيث من المؤكد أن التخاذل و الهروب امام الهجمة الناتوية ستكون هزيمة تؤدي حتما الى انهيار مادي و معنوي يقود الى تفكك روسيا الاتحادية .
لا شك أن الرئيس الأمريكي بايدن يعرف جيدا أن الرئيس الروسي بوتين سيختار خيار الحرب مجبرا و هذا ما كان يريده بايدن .
لذا فإن خطة إدارة الرئيس بايدن كانت واضحة و اللعب كان على المكشوف , فروسيا لا يمكن لها السكوت على تهجير الملايين من الروس و هم السكان الأصليين لإقليم الدونباس من أراضيهم و لن تسمح على تحول اوكرانيا الى دولة يحكمها النازيون الجدد و لا تقبل بانضمامها الى حلف الناتو لذا كانت الحرب الروسية في اوكرانيا امرا حتميا و خيارا لابد منه ... !

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و