الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهنية قناتي بي بي سي عربي (BBC Arabic ) وفرانس 24 عربي (FRANCE 24 Arabic)

محيي المسعودي

2023 / 5 / 25
الصحافة والاعلام


نظرا لعراقة القناتين, فهما تعدان انموذجا للاعلام الحر في اعتقاد المتلقي العربي , وذلك استنادا لديمقراطية نظام الحكم في البلدين – فرنسا وبريطانيا – فهل تمثل القناتان الاعلام الحر حقا !؟ خلال مراقبتي الطويلة للقناتين وعلى مدى سنين طويلة تبين لي انهما لا يختلفان كثيرا عن قناة الحرة الامريكية ( الحديثة العهد ) وحتى لا نبعد كثيرا سوف نلقي الضوء على احداث مهمة حدثت منذ فترة قصيرة من تدوين هذه السطور .
حرب اليمن في القناتين ( نموذج اول )
- صورة مباشرة بلا تسويق اعلامي -
في ذكرى المولد النبوي عام 2021 خرجت مظاهرات مليونية بهذه المناسبة وعبرت هذه المظاهرات عن دعمها لحكومة صنعاء , في الوقت نفسه اعلنت هذه الحكومة سيطرت قواتها على ثلاث مديريات في محافضة مأرب التي تعد معقل حكومة ما يسمى – بالشرعية – والمقيمة في العاصمة السعودية - الرياض – منذ بدء الحرب تقريبا , فكيف نشرت وعرضت القناتان هذه الاخبار خلال نشراتهما الاخبارية وعلى مدار ايام ؟
ظلت الـ بي بي سي وفرانس 24 تستقي اخبارها من حكومة هادي المقيمة في السعودية . وتُأكد وتردد ما تقوله هذه الحكومة واعلامها وما تقوله السعودية واعلامها دون ان تمر على اخبار حكومة صنعاء التي كانت تبث صورا للحرب من جبهات القتال وتظهر سيطرة قواتها على المديريات وتعرض غنائمها من الاسلحة والآليات وتبث صور القتلى . وفي هذي الحال فقدت القناتان شرطا اساسيا في صناعة الخبر وهو ( تقصّي الخبر ) اضف الى ذلك اخذهما برواية طرف واحد دون الاخر .
وهذه الحال الخبرية تجعل المتلقي لاخبار القناتين في واد والواقع اليمني في واد آخر . فهل هذا ضعف اعلامي , وعدم القدرة على الحصول على الخبر الحقيقي والمعلومات لدى القناتين ام هو امر متعمد !؟
اذا ما علمنا ان لدى القناتين مراسلون موجودون في صنعاء , ويزودونهما بكل بالاخبار , وقد ظهروا مرات عديدة هناك . عندها نتأكد انه امر متعمد , والحال هذي وبعد ان شرعتْ وسائل اعلام مختلفة تذكر وتعرض المظاهرات المليونية في صنعاء كانت غرفة الاخبار في فرانس 24 قد اظطرت – ربما من باب المنافسة – ان تتحدث عن المظاهرات التي حشدتها حكومة صنعاء , ولكنها لم تذكر حجمها ولم تظهر ولا مشهدا واحدا منها واكتفت بنشر صور لأليات قديمة وجنود, حتى انها لم تعرّف المتلقي لمن ينتمي هؤلاء الجنود , فكانت الصورة لا تتطابق مع الخبر المقروء المسموع , ما اظهر هزالة القناة وبعدها عن المهنية . ولا ادري لماذا يحدث مثل هذا مع انها قناة ذات امكانيات كبيرة وسمعة واسعة وهي تعلم ان هكذا حال يضر بسمعتها ويفقدها مصداقيتها ومهنيتها, على الاقل عند المتلقي العربي الواعي والمتزن والمحايد !؟ والحال هذه لم يختلف كثيرا في قناة الـ بي بي سي .
تعامل القناتين مع احداث الطيونة في بيروت تشرين اول 2021
( نموذج ثان )
- مشهد بلا تسويق اعلامي -
في النقل المباشر للمظاهرات امام وزاة العدل البنانية والتي نقلتها قنوات مختلفة الاتجاهات تساقط قتلى وجرحى من المتظاهرين برصاص قناصين يتخذون من عمارات واقعة ضمن سيطرة حزب القوات اللبنانية التي يتزعمها سمير جعجع . واكد الجيش اللبناني في بيانه الاول ان المتظاهرين تعرضوا لقنص من جهة اسموها, وكان اسمها يدل على الجهة السياسية التي تحكمها.
وبعد الحادثة بساعات , تخندقت بعض القنوات الاعلامية, وتغير الخطاب الاعلامي , وشرعت الـ - بي بي سي وفرانس 24 – في القول ان القتلى سقطقوا باشتباكات بين طرفيين مسلحين . وتناست او تجاوزت ان اربعة من القتلى على الاقل هم متظاهرون سلميون سقطوا قبل الاشتباكات, برصاص قناصين محترفيين , كانوا يريدون قتلهم بدلالة توجيه الرصاص الى الرؤوس , وهم من الجهة التي يحكمها حزب القوات , وصارت القناتان تتلقى الاخبار من سمير جعجع وحزبه , حتى الذين تستضيفهم كانوا من مؤيدي جعجع او من حزبه , وغابت رواية الجيش اللبناني الاولى وغابت صور البث المباشر الاولى , وظلت القناتان تركز على حزب الله وتحمله اوزار حرب اهلية قادمة – مع ان القتلى من حركة امل – وان حزب الله قال لن ينجر او يسمح بجر لبنان الى حرب اهلية , غيّبت القناتان كل جهود حزب الله في وئد الفتنة بين اللبنانيين , بل بالعكس خلقتا صورة توحي ان حزب الله على ابواب اشعال حرب اهلية وغابت الجريمة والمجرم عن اخبار القناتين . فهل تتوفر في هذه التغطية الاخبارية – على الاقل العناصرالاساسية في الخبر وهي الحياد والصدق والدقة والموضوعية , وتقصي للخبر , والمسؤلية المهنية والنزاهة !؟
ولو دققنا في المحتوى الاعلامي للقناتين لوجدنا ان اكثر من 70 % من المحتوى صار يبيّض صفحة القاتل ويبرر له الجريمة- بروباغندا - و 20% من المحتوى الاعلامي للقناتين كلها تجديف وقذف بحزب الله – اعلام موجه -
ونلاحظ انقلاب النسبة في هاتين القناتين بعد حديث امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله. اذ تركت القناتان كل حديث الامين العام الخاص بحرصه على مصلحة لبنان وامنه ومطالبته بالعدالة والمواطنة المتساوية لكل اللبنانيين والذي تجاوز الساعة من الوقت وركزت على رد الامين العام لحزب الله على رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي قال: ان حزب الله في اضعف حالاته وان لدى حزب القوات القوة الكافية لهزيمة هذا الحزب بالسلاح , وجاء في رد السيد حسن نصر الله على جعجع . ان حزب الله في اقوى مراحل وجوده ولا يتوهم البعض انه ضعيف وان لديه 100 الف مقاتل يعدهم للحرب ضد اسرائيل وليس ضد أي فريق لبناني . قلبت القناتان هذا المقطع القصير من الخطاب وجعلته تهديدا لامن لبنان واللبنانيين ولحزب القوات ورئيسه جعجع , مع ان قوة حزب الله لم تُستخدم يوما في حرب اهلية مع كل الاستفزازات والاعتداءت على الحزب وقتل بعض عناصره , بل قوته هي التي حررت لبنان من الاحتلال الاسرائيلي وهي التي تردع اسرائيل عن احتلال لبنان مرة اخرى .
واذا كان المحتوى الاعلامي المعني بالسياسة والاحداث اليومية بهذه الصورة التي تفتقد للحياد والمهنية والنزاهة فأن الاعلام الخاص بالمجتمع – العلاقات الاجتماعية والدينية – موجه بشكل تام نحو تدمير البنية الاجتماعية والاخلاقية والدينية للمجتمع العربي , تحت شعار الحريات , ما يجعل اعلام القناتين اعلاما هداما لا بناءا كما يشترط ان تكون وظيفة الاعلام .
ونلاحظ في محتوى البرامج االاجتماعية للقناتين بي بي سي و فرانس 24 لا تتعدى الحديث عن الجنس وضرورة السماح للاناث بممارسته بحرية , وتوجيه النقد اللاذع للتشريعات الدينية التي تنظم العلاقة بين الرجل والمرأة والتقاليد الاجتماعية التي تحمي المجتمع من التفسخ الاخلاقي والاسري , وتبدي برامج القناتين ازدراءً كبيرا من هذه القيم والتقاليد والتشريعات , وعلى مدار برامج تستضيف وتناقش – ميسلون نصار – في فرانس 24 العلاقات الجنسية وتؤكد على ضروروة حرية المرأة بتعاطي الجنس وعلى ضرورة تسمية الاعضاء الاتناسلية باسمائها , منتقدة الاستعارات , ثم تذهب بالحديث الى حق المرأة بعدم ارضاع طفلها او حتى انجابه , من اجل بقاء جسدها جميلا ونهديها كاعبين , وكأن خَلق المرأة وكينونتها لم تكن وظيفته الانجاب والرضاعة . وانها مكلفة بهذا خارج كينونتها , بينما كل الكائنات تنجب وتطعم وتربي . ولا تكتفي مقدمة البرنامج بهذا بل تذهب للحديث عن حقوق المثليين وكانهم قاعدة والاسوياء شواذ, وتطالب ميسلون في برنامجها على قناة فرانس 24 بحق الرجل والمرأة بمتابعة الافلام الاباحية وضرورة ان يكون بين ممثلي هذه الافلام رجال عرب ونساء عربيات متخذة من المجتعات الاوروبية انموذجا ووحدة قياس .
والحال هذه وكأنّ المجتمعات العربية تجاوزت تخلفها العلمي والثقافي والاقتصادي وحلّتْ مشاكلها السياسية ومنحت الحريات والحقوق ولم يبق غير الجنس واسماء الاعضاء التناسلية مشكلة يسعى الاعلام البريطاني والفرنسي لحالها . هذه الحال تشير بوضوح كامل الى ان الاعلام الغربي اعلام موجه, أي يُراد منه تحقيق هدف مرسوم من قبل جهات في دول غربية نعلم جميعا انها دول استعمارية تريد الهيمنة بكل معناها على الشعوب العربية , سواء كانت واعية وقاصدة تحقيق هذا الهدف ام انها تريد ان يلحق بالمجتمع العربي ما لحق مجتمعاتها من التفكك الاسري والاجتماعي وحتى الاخلاقي . ونستشف من هذه الحال ان اعلام القناتين ليس محايدا ولا نزيها ولا مهنيا بل اعلاما موجها , يخالف حتى "نظرية المسؤولية الاجتماعية" الاعلامية "The Social Responsibility Theory " ذات المنشأ الغربي .
وأخيرا في الحرب الروسية الأوكرانية شاهدنا الـ بي بي سي وفرانس 24 ترويان الاحداث وفق الرواية الأوروبية الأطلسية الأوكرانية فقط وتترك الرواية الروسية وتحشد من الاحداث المختلقة والكاذبة والمزيفة كي تُبعد الرواية الروسية عن التصديق وتدفع المتلقي الى تكذيبها اذا ما سمع بها من اية جهة إعلامية . وهذا التوجه غير المهني لا يستطيع أي مراقب واع ان يتجاوزه . وخلال هذه الحرب خصصت الحكومة البريطانية خصصت ما يزيد على الستة ملايين دولار لدعم الدعاية الإعلامية ضد روسيا .
ونجد القناتين يكرران في نشراتهما الإخبارية وعلى مدار اليوم احداثا لا تنسجم مع واقع الحرب, ففي يوم 24 – 3 – 2022 " مثلا" ظلت فرانس – كعادتها تكرر خبر مقتل شخص اثناء القصف الروسي - التي تصفه بالوحشي – على العاصمة الأوكرانية " كييف" ولا ادري كيف يكون وحشيا ولا يوقع الا قتيلا واحدا , ولا ادري اين كان الاعلام الفرنسي والبريطاني من احداث العراق ومقتل عشرات الاف المدنيين نذكرمنهم " مثلا " ضحايا ملجأ العامرية في بغداد الذي قصف أثناء حرب الخليج الثانية. بغارة امريكية يوم 13 شباط ، 1991 بطائرتين نوع أف-117 تحمل قنابل ذكية دمرت الملجأ وقتلت أكثر من 400 مدنيٍ عراقيٍ من نساء وأطفال. بينهم 261 امرأة، و52 طفلًا، أصغرهم لم يتجاوز عمره 7 أيام.
ولا ادري اين كان هذا الاعلام من مجزرة قانا التي ارتكبتها إسرائيل في لبنان يوم 18 نيسان عام 1996 اذ لجأ مئات اللبنانيين معظمهم نساء وأطفال هربا من جحيم القصف إلى مركز تابع لقوات الأمم المتحدة في قرية قانا ظنا منهم أنها ستحميهم، وأن إسرائيل ستمتنع عن ملاحقتهم وقتلهم في مركز أممي محمي بموجب القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، ولكن إسرائيل -وكعادتها- لا تمنعها قدسية المكان ولا حرمة الزمان - اخلاقيا أو قانونيا- من ارتكاب جرائمها ومجازرها بالطريقة التي تحلو لها. فبعد الثانية ظهرا بقليل من يوم 18 نيسان صوبت إسرائيل مدافعها نحو الكتيبة الفيجية التابعة للأمم المتحدة -حيث يحتمي مئات المدنيين- فقتلت منهم 106، وأصابت نحو 150 شخصا بجروح وعاهات وإصابات بدنية ونفسية. وكان إجمالي ضحايا هذا العدوان ـ وفق تقارير إعلاميةـ نحو 175 شهيدا وثلاثمئة جريح .
وتخصص قناة فرانس 24 الكثير من الوقت للحديث مقتل صحفي امريكي في حرب (روسيا أوكرانيا) وتدين هذا القتل وتصفه بجريمة حرب وتحرض العالم على معاقبة روسيا بينما كان الصحفي يغطي حربا وهو بين الجنود والمعدات العسكرية الأوكرانية المستهدفة من روسيا ما يضعه تحت الخطر الشديد وهو خياره ويعرف خطورة هذا الخيار . بالمقابل لم يتناول هذا الاعلام يومها الصحفيين الذين قتلهم الجيش الأمريكي في العراق والذين قالت عنهم منظمة صحفيون بلا حدود في تقرير لها : ان 66 صحفيا قتلوا في الحرب الامريكية على العراق مقارنة ب 63 قتلوا في حرب امريكا على فيتنام. وكان من بين الضحايا العراقيين وليد خالد وهو مهندس صوت يعمل مع وكالة رويترز للأنباء. وكانت القوات الأمريكية فتحت عليه النار في بغداد فاردته قتيلا , وأصيب بجراح في نفس الحادث المصور حيدر كاظم الذي اعتقلته القوات الأمريكية بعد ذلك. وقدمت منظمة "صحفيون بلا حدود" حينها صورة قاتمة عن وقوع الصحفيين والاعلاميين ضحايا في حرب امريكا على العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل