الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة الإخوانية

عادل صوما

2023 / 5 / 25
كتابات ساخرة


قررت محكمة "جنايات أمن الدولة طوارئ" في مصر إحالة ثمانية من قيادات جماعة الإخوان لمفتي الجمهورية لإبداء رأيه الشرعي في حكم إعدامهم، لإدانتهم في قضية "أحداث" المنصة التي تعود وقائعها لسنة 2013.
رأي المفتي غير ملزم، لأن العفو أو تخفيف الحكم في هذا النوع من القضايا يرجع إلى رئيس الجمهورية نفسه وفقاً للدستور. وحددت المحكمة جلسة عشرين سبتمبر/أيلول المقبل للنطق بشكل نهائي في القضية التي يُحاكم فيها سبعة وتسعين متهما من قيادات وعناصر جماعة الإخوان.
لائحة الشرف
المحالون للمفتي هم محمد بديع مرشد الإخوان، ومحمود عزت القائم بأعمال المرشد، ومحمد البلتاجي، وعمرو زكي، وأسامة ياسين، وصفوت حجازي، فضلا عن القيادي بالجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد، والداعية السلفي محمد عبد المقصود.
القيادات الثمانية قاموا بتدبير تجمهر آخر من اعتصام رابعة العدوية بطريق النصر، وصولا للنصب التذكاري بالمنصة (حيث اغتُيل ودُفن الرئيس أنور السادات) بغرض اتساع مساحة الاعتصام، وشل حركة المنطقة بالكامل، لمنع قوات الأمن من فض الاعتصام مستقبلا. فضلا عن أنهم أمدوا باقي المتهمين من المشاركين في التجمهر بالأسلحة النارية والذخائر والعبوات الحارقة، كما وضعوا خططاً لباقي المتهمين وحددوا دور كل منهم فيها.
الجريمة والعقاب
عنوان رواية مشهورة لدستويفسكي، انتهت بانتحار الجاني، لكن الجناة في هذه القضية لا ضمير أو أي وازع لديهم ولن ينتحروا.
القصاص أيضا معروف في الإسلام وورد في الأحاديث والقرآن، والمفترض أن يكون المرشد والأمراء والائمة والدعاة القادة أعلاه على علم به، وهو جناية حسب الشرع وتعريفها "هي كل فِعْلِ عُدوانٍ على نَفْس أَوْ مَال، لكنها في الْعُرْفِ مَخْصُوصَة بِمَا يَحْصُل فِيهِ التعَدِّي على الأبدان، وسَمَّوْا الْجنَايَات على الْأَمْوَال غَصْبا، ونَهْبا، وسَرِقَة، وخِيَانَة، وإتْلَاف".
ولايات في دول
واضح أن جماعة الاخوان المسلمين أسسوا ولايات داخل دول كثيرة، وإذا كانت الدول ذات الأغلبية السكانية الإسلامية في غفلة بسبب تخديرها بالدين وبث الرعب في النفوس من عذاب القبر والثعبان الأقرع ونار جهنم، فما عذر دول عَلمانية سمحت وشجعت وتجاهلت إنشاء مثل هذه الولايات فيها؟
أصدرت الولايات المتحدة الإخوانية كأي دولة عظمى ذات سفارات ومبعوثين بيانات تستعطف العالم وتطالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقف تنفيذ تلك الأحكام (لم يقولوا جائرة أو مُسيسة) وأصدرت ولاية لندن بقيادة صلاح عبد الحق بيانا طالبت فيه دولاً وحكومات وقوى وطنية وشعبية، بالتدخل لوقف تلك المحاكمات، وإطلاق سراح كل عناصرها من سجون مصر.
كما بدأت ولاية إسطنبول بقيادة محمود حسين تكثيف جهودها لدى المنظمات الدولية لشن حملة على مصر والضغط عليها لوقف أحكام الإعدام أو تنفيذها، ووجهت "المجلس الثوري المصري" وهو كيان تابع للجماعة، بالتواصل مع جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، والضغط لإجبار النظام على وقف تنفيذ تلك الأحكام، حتى قبل نطق الحكم المقرر في سبتمبر/أيلول المقبل، أو تأييدها بحكم غير قابل للنقض من محكمة النقض.
ولاية لندن، وهي احدى عواصم الولايات المتحدة الإخوانية المهمة، بدأت في تنفيذ خطة أُطلق عليها "تحركات لوزان لإنقاذ قيادات مكتب الإرشاد"، ليس من أحكام الإعدام وحسب، بل للحصول على عفو رئاسي.
ومن أجل هذا السبب النبيل وقع الاختيار على مجموعة من قيادات الإخوان في شمال إفريقيا ممن تولوا مناصب رفيعة المستوى في بلادهم وعلى صلة قوية بدوائر صنع القرار في عدد من الدول الأوربية، للتدخل والوساطة في محاولة لتخفيف العقوبة على قيادات الإخوان.
حتى الآن لم تصدر ولاية "كير الإخوانية" في الولايات المتحدة الأميركية أي بيان. ربما قريباً، وربما إلتزموا الصمت لأنهم ينكرون انهم اخوان.
الأحكام التي صدرت من المحكمة المصرية غير سياسية ولا تعسف فيها، لأنها صدرت بسبب قرائن وأدلة مادية يستحيل انكارها، وكل عواصم الولايات المتحدة الإخوانية لم تنكر ما حدث، لكنها تريد الضغط على رئيس مصر ليصدر عفو.
وقائع الحياة تقول أن القوانين صدرت للناس العاديين، فالطبقة العُليا محمية بحصانة أو بمنصب أو وجاهة وإلى ما هنالك، ويبدو أن أحكام الشرع الإلهية أيضا تقع تحت هذا المفهوم، لأن الدعاة يرفضون تطبيق الشرع وحكم الله عليهم حين يقترفوا الجنايات.
موت التفكير
قَلَبَ المنافقون الدنيا رأسا على عقب منذ أكثر من خمسين سنة لتطبيق شرع الله في الأرض، وعندما حان تطبيقه عليهم نافقوا وضغطوا وتناسوا كل ما دعوا إليه. لا أحد يدعي منهم لتطبيق شرع الله الآن.
هل سيفيق الناس في الدول ذات الأغلبية العددية الإسلامية؟ أو أن جرعة الشعوذة تسببت في وفاة التفكير وانعدام الرؤية؟
هل سيفيق الغرب العلماني؟ أم أن برغماتية تقبّل جرعات التمويل الخيري وتمويل الأحزاب السياسية أعمت العيون عن الخطر الذي يتربص بالأوطان؟
الدعاء والأعمال
دعاؤهم (الأخوان المسلمون) في الشدة علانية أمام المغيبين والمستغيبين:"اللهم نسألك باسمك الأعظم، الذي إذا دَعَوتَ به أجبت، أن تحفظنا. اللهم أحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن يميننا وعن شمالنا. اللهم إنا نسألك الخير كله عاجله وآجله ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله. اللهم احفظنا بما حفظت يونس في بطن الحوت وكما نجيت إبراهيم من النار. اللهم تب علينا وتقبلنا عندك بقبول حسن".
لكن بما أنهم يعلمون أن هذا مجرد كلام لن يتحقق، وأن مسألة الحوت وآتون النار أسطورتين مقتبستين من الديانات الآشورية، تجدهم على الأرض يحركون رجالهم في كل ولاية وبكل لسان، وقد يهددون بإثارة الفتن والقتل والتفجيرات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي