الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين الأسود والأبيض همام طوباسي

رائد الحواري

2023 / 5 / 26
الادب والفن


قبل أكثر من عامين قدم "همام طوباسي" كتابه "ما بين الأسود والأبيض لمدير دار الفاروق محمد عبدالله البيتاوي ولم يتسنى له رعاية النصوص كما كان يفعل، فقد غادرنا واستعجله الرحيل، ولم يستطع رؤية هذا المولد.
لكن رفعت سماعنة جاء وأكمل رسالة دار الفاروق للثقافة والنشر، وأخرج ما كان يجب أن يكون، وكان هذا المنجز الأدبي بين أيدينا.
غالبا ما يأتي العمل الأول للكاتب متعدد المواضيع، فنجد فيه الحب، الحرب، الحياة، الموت، أنا ونحن، الخاص والعام، وما جاء في كتاب "ما بين الأسود والأبيض" يؤكد هذا الأمر، فالعنوان يخدم فكرة التنوع والتعدد وينسجم مع الأفكار/ المواضيع التي تناولها، وإذا ما توقفنا عند الإهداء لذي خصه الكاتب لوالدته نعلم حجم الوفاء والإخلاص الذي يكنه لها.
النص الأول جاء بعنوان: "أبحث عن مستقبلي بأروقة الماضي" وهذا الطرح يجذب المتلقي الذي يميل/ يحن إلى ماضيه، الجميل في هذا النص أنه يأخذنا إلى البدايات البريئة/ الهادئة :
"أبحث عن مستقبلي بألعاب الطفولة
وبين قصص الأطفال
أو بين فصول رواية قد قرأتها وحلمت أن أكون فيها أنا البطل.
أبحث عن مستقبلي بعيون غزالة شاردة أحببتها
وأبحث عن قمر يضيء لي عتمة الذاكرة" ص9، طريقة جمع/ مزج الماضي بالمستقبل مثيرة، فأوحت وكأن الكاتب يريد أن يمحو/ يزيل حقبة ما بعد الطفولة بل ما فيها ليبني المستقبل الذي يريده، وهذا يأخذنا إلى عدم انسجام الكاتب مع الزمن الذي هو فيه بعد أن عرفه حقيقته الواقع، فأراد استعادة ماضيه ليبني على أسسه قواعد صافية/ ناعمة كتلتك التي عاشها.
التخيل أجمل ما في الأدب، فهو يأخذنا إلى عوالم بعيدة لم نراها، في "وجهة نظر" يؤنسن الكاتب القصيدة ويحاورها بهذا الشكل:
"تجلس القصيدة
في ظلام الليل الدامس وحيدة
تحت المطر الناعم
تتمايل مثل أغصان الشجر
مرت عليها وهي تغزل كلماتها العابرة
وتسجل أحداث التاريخ على شجرة يابسة.
قلت لماذا تتوسد الحسرة قلبك
وأنت تتغنى بين ثناياك العروبة بإجلال
وبيوت شعرك كانت كسيف مسلول
أوقفتني قائلة
أصبحت بلا وزن
أكتب للمجهول دون عنوان ولا هدف سام" ص31و32.
بالتأكيد هناك رمزية حاضرة في الحوار، وهذا ما يعطي المقطع جمالية في طريقة تقديم الواقع البائس، وإذا علمنا أن القصيدة أنثى، نعلم أن هناك عامل آخر مثير يستحث القارئ على التفاعل والتوقف عن ما جاء في النص، ويجعله يتعاطف/ ينحاز للقصيدة/ للأنثى المتألمة والموجوعة، ومن ثم يتقدم لإنقاذها وإزالة الظلم/ الخطأ الذي وقع عليها.
وفي نص العنوان "ما بين الأسود والأبيض" يقول:
"ما بين نور السماء وعتمتها ما بين هذا وذلك
يراقب حركة الستائر الملونة بعد غياب
عاد إلى وطنه إلى شرفته الصغيرة إلى حبه الأولى
إلى ماضيه الذي سكنه واحدا وعشرين عاما
النافذة التي تطل على منزلها... يراقب الستائر
ويعلم أنه دونها ويحزن بغيابها" ص46.
في هذا المقطع يؤكد الكاتب حنينه لماضيه الذي كان، وما تحديده لعدد الأعوام إلا تأكيد لهذا الحنين، وبما أن الشرفة ذكرته بحبيبته فقد انعكس ذلك على الألفاظ المستخدمة: "السماء، الستائر (مكررة)، شرفته، النافذة" وهذا يأخذنا إلى الأنثى التي ينحاز لها، إلى المرأة/ التي كانت، فالكاتب قدم حنينا مزدوجا، حنين للماضي، ونحين للحبيبة، وما وجود الهاء في: "عتمتها، منزلها، دونها، بغيابها" إلى نتيجة الأثر الذي ما زال عالقا به.
الكتاب من منشورات دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، فلسطين الطبعة الأولى 2023.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان