الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة النواب الاخيرة كانت الى العراق

رزاق عبود

2023 / 5 / 26
الادب والفن


20 ايار2022 غادرنا الى الابد الشاعر الثائر، المناضل البطل، السجين السياسي الصامد، المفكر العميق، شاعر البسطاء والنخبة، شاعر العامية والفصحى، العازف والمغني الحزين، الانسان، الفيلسوف، والمثقف الموسوعي مظفر النواب. مثله مثل المتنبي ملأ الدنيا وشغل الناس. مثله مثل الجواهري سُمي بشاعر الشعب، مثله لم يزر بلدا عربيا دون دعوة رسمية. البلد الوحيد الذي تسلل اليه كثائر كان اريتريا. مثله مثل لوركا، وسعدي يوسف، وشمران الياسري لم يهادن حاكم، ولم يمدح او يصادق ديكتاتور. شتمهم جميعا وبحضورهم: "اولاد القحبة (لا استثني) منكم احدا"!
بعد وفاته تجرأ بعضهم، ممن يحسده على مكانته وشهرته وسمعته، وقدراته، على الاساءة اليه واتهموه بالزندقة والقرمطة وهي صفات لا ينكرها ولا يخاف منها، بل يفتخر بها. من بلده العراق توهم، ويتوهم البعض، للاسف، ان يصارع الجبل ويضرب رأسه بقدم العملاق. نحن نحترم من يبدل رأيه، او يغير فكره فهذه حريته الشخصية، لكن ان يتعدى ويتهجم على اسطورة الشعر والرمز الوطني والصومعة المقدسة ويتطاول على القامة الشمخاء، وايقونة الكفاح، فهذا لعمري منزلق خطير. نحن نعرف ونفهم ان اعداء الشعب، وخونة الوطن، وخدم الديكتاتورية هم من عادوا ويعادون مظفر النواب وتراثه. لكن ان تاتي الشتيمة من اشخاص كانوا معنا، ولكنهم "ليسوا منا" فهو امر يذكرنا بما قاله النواب في معلقة البراءة على لسان اخت وام من تبرأ من حزبه: "يا شعب هذا التشوفة موش ابنه"! التي زرعت التصميم في فكر وقلب كل مناضل عراقي وفي المنطقة كلها!
لقد كبرنا ووعينا وفهمنا ان ليس كلنا لدينا قدرة وقوة وامكانية سلام عادل في الثبات، والصمود، والتضحية، والفداء في مواجهة الفاشست وتحمل التعذيب الوحشي من اشباه البشر. هناك من لم يصمد، فطاقات الجسد محدودة، لكنه لم يكابر ولم يكذب ولم يُحمل الاخرين مسؤولية تراجعه او عدم تحمله. بعضهم انتحر ببطولة لأىه لم يتحمل انهياره بعد ان هدئت المشاعر وفهم انه حافظ على حياته، لكنه لم يحافظ على شرفه الثوري. كثير منهم عادوا الى درب النضال ورفقة الدرب وهم يحاولون دفع ضريبة الضعف الذي يمكن ان يراود كل بطل، كل مناضل، كل ثوري، كل مكافح وطني او اممي، لم يكابر ولم يدع ولم يتنازل عن افكاره رغم انهياره الجسدي. ظل يحترم ويقدس تاريخ نضاله ونضال الاخرين. هناك فرق بين ان تختلف وان تخون. تبتعد عن الطريق لظروفك الخاصة، وان تتعاون مع اعداء دربك وفكرك، وشعبك، ان تسكت على مضض كامر واقع، او تملأ الدنيا صريخا ونعيقا وشتائما لتبرر فعلتك، خيانك، انهيارك، تغيرك. فهذا امر لايمكن فهمه او التسامح معه، بل تجهض بنفسك الحق الذي منحته لنفسك بالاختلاف!
الشاعر الذي وزعت قصائده كمناشير ثورية، وهُربت تسجيلاته كثروة ثمينة، وانتشرت اخباره كنبي للثوار، لا يجوز الاساءة اليه باعتقادي حتى وان اختلفت معه. حافظوا على شرف نضالكم السابق، بدل ان ترفعوا الراية البيضاء في معركة انتهت بهزيمتكم، او انسحابكم، وليس بهزيمة الافكار التي ظلت تنتشر بطرق واشكال مختلفة. لا نريد ان نقول "القافلة تسير ولا يهمها نبح (الكلاب)" فلا يحق لنا شتم المختلفين معنا، ولكننا ندعوهم، بل نرجوهم، ان لا يتحولوا الى بنادق بيد اعدائهم، فمهما اختلفوا، مهما تغيروا، مهما انحرفوا عن الهدف، فان ماضيهم يجرهم بين الحين والاخر الى القافلة وليس الى من يعترض طريقها! فالانسان في طبيعته انسان وتبقى ذرات من الانسانية قابعة في دواخله فهو ان كره اعدائه، يحب اهله وابنائه واصدقائه!
فلا تنسوا، بل لا يحق لكم ان تنسوا او تتغافلوا انه اختار ان يدفن بجوار امه في ارض العراق الطاهرة، بلاد الرافدين وبابل وسومر واشور واكد. ان احترامنا وتقديرنا وافتخارنا بحضارات شعبنا وتاريخ بلدنا لا يعني ان نعبد الهتهم او نؤمن باساطيرهم، لكننا نعرف انهم خدموا العراق والعراقيين وخدموا العالم بانجازاتهم، ومظفر النواب وامثاله خدموا الثورة والثوار في الجبل والاهوار والغابات بشعره ونضاله كما فعل جيفارا بايحائه وتجربته والهامه وتضحيته. الراعي البوليفي الذي اوشى بالثائر العالمي يزور اليوم كوخ مقتله كقديس، فلا تكونوا اقل وفاءا من ذلك الراعي البسيط.
للمخلصين اقول انني اكتب لا لاجادلكم، او اتحداكم، او اسفه ارائكم بل لادافع عن حقكم في الاختلاف، ودفاعا عن تاريخكم النضالي الذي اتمنى ان يبقى ناصعا فلا تشوهوه باراء غاضبة ساخطة منفعلة لا تنتمي لانسانيتكم واحلامكم بعالم جميل. من حقكم ان تحلموا بارض الاحلام الرأسمالية وتبيدوا معهم سكان الارض الاصليين، او تلتحقوا بمظفر النواب، مع ثوار الاهوار، والجبال، والغابات والنضال من اجل العالم او المجتمع اللا طبقي حيث تسود العدالة الاجتماعيىة واحلام البشرية بالتساوي الحقيقي. الشاعر الثوري مثل المناضل يحلم بمجتمع افضل ومظفر عبدالمجيد النواب كان شاعر ومناضلا وحالما من الطراز الاول.
عذرا لتطفلي على نقاشاتكم، لكن الخبرة الاجتماعية والتجربة الحياتية تقول من يحبك يصارحك ومن لا يحبك ينتظر سقوطك لكي يتشمت بك! او كما يقول المثل العراقي البليغ: "من حبك لاشاك"! فارجو ان تعذروا قسوة وصراحة محب!! واسمحوا لي ان اعيد قول مظفر على لسان كل أُم: "يبني لا تثلم شرفنه، يبني تره البراءه تظل مدى الايام عفنه"!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من الافضل عدم الاكتفاء بالتنويه
صباح كنجي ( 2023 / 5 / 27 - 14:16 )
رائع.. ولكن كان من الافضل الإشارة لمن كتبوا.. وعدم الإكتفاء بالتنويه عنهم.. لمعرفة من يقصدهم المقال

اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا