الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 2

حسام علي

2023 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إن تاريخ تطلعات فرنسا نحو الشرق الاسلامي ترجع بجذورها البعيدة الى بداية ظهور الاسلام في شمال افريقيا ( 670 – 676م) و حملة عقبة بن نافع، ثم بعد ذلك في اسبانيا (711 0 714م) مع حملة موسى بن نصير وطارق بن زياد، وإسقاط الدولة البيزنطية والاستيلاء على ممتلكاتها في افريقيا، والشرق وفتح بين المقدس، والى بدايات الصراع الصليبي والحملات الصليبية ضد المسلمين.
لقد استيقظت فرنسا وأوروبا بشكل عام على صوت الاسلام والدعوة الاسلامية المباركة، وكانت حينئذ غارقة في وحشية القرون الوسطى والحروب القبلية والصراعات بين الامراء والنبلاء والملوك، وخرافات الكنيسة والسلطات الاستثنائية للإقطاعيين والكهنة.
لقد كان الاسلام حافزا ومنبهاً عظيما لإيقاظ الفرنسيين بالذات، لأن دولة الاسلام أصبحت قريبة ومجاورة للجسد الاوروبي في اسبانيا والبحر الابيض المتوسط وجنوبه، وهي تحمل فكرا جديدا وعقيدة ساطعة، إلا أن أوروبا قابلت ذلك بعنف شديد، وابتدأت المعارك بعد ذلك، معركة بلاط الشهداء الحدودية عام 732م. والحروب الصليبية المتواصلة الى أن دخل "غوفري دي بويون" القدس عام 1099م، وهي واحدة من البوادر الخطيرة التي قادها الفرنسيون ضد المسلمين، ولقد تأكدت خلال تلك الفترة علاقة الحرب والعداء بين المسلمين والفرنج.
فقاد الفرنسيون لوحدهم خمس حملات صليبية كان آخرها الحملة الصليبية الثامنة في عام 1270م والتي قادها لويس التاسع وكانت على تونس، وقد فشلت... ونلاحظ من خلال ذلك دورا بارزا وعنيفا يتميز به الفرنسيون ضد الاسلام والمسلمين، وامتد هذا الى الحياة الأدبية والثقافية حيث قام العديد من الكتاب والادباء الفرنسيين بتشويه كبير متعمد لصورة الاسلام وشخصية النبي الأكرم محمد (ص)، ومن أمثال هؤلاء الكتاب، مولير وجان جاك روسو وغيرهم كثيرون.
إن وجود دولة الاسلام، وعلماء المسلمين وتأثيراتهم العلمية والسياسية والعسكرية بجوار أوروبا وفرنسا تحديدا، قد أدى الى اكتساب هؤلاء معارف واسعة، اعترف بها كل الباحثين الموضوعيين لحضارة الاسلام. إلا أن الحروب الصليبية وتأثيرات التحريض الكنسي – العنصري، ثم بعد ذلك التطلعات الاستكبارية، وانهيار الدولة الاسلامية لأسباب كثيرة، كانت أشدها تلك الهجمات الوحشية التي قادتها أوروبا وخصوصا فرنسا، ما أدى الى تعميق الجراح، وظهور الاستكبار الفرنسي بصورته القبيحة المعروفة وبمواقفه العدائية الاستكبارية تجاه العالم الاسلامي وبشكل دائم، وهو ما لاحظناه في لبنان وسوريا وفلسطين والجزائر وأفريقيا الاسلامية وكأنها مواقف لا تقبل التبديل والمناقشة.
أما عن أول علاقات سياسية فرنسية إسلامية، فيرقى عهدها الى شارلمان ملك فرنسا، وهارون الرشيد( 786 0 809م) في تلك الحكاية التي تتحدث عن تبادل الهدايا والرسائل بينهما، وما أضفى عليها من تصورات وخيالات أدبية خالصة. لكن الحقيقة أن مجمل العلاقات التاريخية كانت دائما تتصف بطابع العدوان، سواء على بلاد المسلمين أو على تراثهم الروحي والحضاري، وإذا كانت الحروب الصليبية قد أعطت ثمارها الايجابية لأوروبا وفرنسا، فإنها قد أجرت على المسلمين النكبات والمآسي والإبادة في بعض الاحيان، إضافة الى أنها قد نقلت الصراع الى قلب العالم الاسلامي، في فلسطين ثم الى بقية أجزائه، القلب الذي ما يزال يعيش المحنة بكل جوانبها وأبعادها الانسانية والروحية والاقتصادية، بل هي اليوم أشد وأخطر، وما تزال آثارها السلبية واضحة للعيان وبأشكال متعددة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد مصرع رئيسي.. هذه تحديات كبرى تواجه إيران ! | الأخبار


.. سر من أسرار محمود وبيسان.. كيف تطورت علاقتهم؟ ????




.. انتخابات مبكرة وإدارة انتقال مضطرب.. امتحان عسير ينتظر إيران


.. جنوب لبنان.. حزب الله ينعى 4 من عناصره ويهاجم مواقع إسرائيلي




.. إعصار الجنائية الدولية يعصف في إسرائيل | #التاسعة