الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاريع في طريق التنفيذ

تقي الوزان

2006 / 10 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



لا أحد يشك برغبة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي في الوصول بالعراق الى بر الأمان , والمالكي بمواصفاته الشخصية , والتوجهات الجادة التي اظهرها رغم قصر فترة رئاسته تؤكد صدق رغبته . الا ان صدق الرغبة وحده لايكفي , ومثلما هو معروف فأن المالكي مرتبط بعدة حلقات داخل قائمة "الائتلاف" , وأي قرار يتخذه يمر ب" فلترات " هذه الحلقات . وبالذات القرارات التي لها علاقة بالوضع الأمني مثل حل المليشيات " الشيعية " , او التوجه الجاد لأنهاء الاختراقات في وحدات الشرطة والحرس الوطني وباقي المؤسسات الامنية .
من ناحية أخرى البعثيون وواجهاتهم " السنية " في مؤسسات رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان لم يبقوا على طريقة لم يستخدموها في اعاقة العملية السياسية , واعاقة تشكيل باقي مؤسسات الدولة . ومثلما يقال : ان فقدان الصديق لايترك فراغا مثل فقدان العدو , فقد تمكنت عصابات البعث من لملمة صفوفها رغم فقدان النظام الصدامي وشكلت تحالفا مع " القاعدة " و" السنة التكفيريين " ليخوضوا أقذر الحروب ضد الشعب العراقي وبكل مكوناته . هذه المكونات التي فقدت قدرتها بفقدان " النظام المقبور" ولم تتمكن من ايجاد مرجعية مؤسساتية تنظم عمل مشاريعها السياسية المختلفة . وتركت المجال واسعا لملئه بالمرجعيات الدينية التي أصرت على اجراء الأنتخابات وكتابة الدستور بالحدود التي تستطيع ان تحددها قبل ان تفلت لحظة الفراغ هذه وتستعيد الجماهير العراقية وحدة قياس مصالحها الحقيقية . وتكررت اسباب فشل انتفاضة عام 1991 المتمثلة بغياب فاعلية وحدة القيادات الوطنية , والخوف من انزلاق العراق تحت سيطرة طائفية النظام الايراني .
فبعد عقد ونصف أعيدت ذات الأخطاء , ومثلما ترك صدام ليفتك بالأنتفاضة والشعب العراقي في المرّة السابقة , تعود اميركا ومعها ايضاً أغلب الجوار العربي لأعادة تأهيل البعث مرة أخرى , والموجات الدموية الأخيرة التي تفتك بالعراقيين تعميد لهذه العودة , والتي بدونها لايمكن قبول معادلة " عودة الأمن مقابل عودة البعث " .
كان من المؤمل ان ينهض المشروع الوطني المتمثل بالقائمة " العراقية " كمشروع بديل عن فشل المشروع الطائفي والقومي , وما تبعه من تحاصص يكاد ان يفتك بالوجود العراقي برمته . الا ان ضعف تماسك القائمة " العراقية " والتشرذم الذي رافق بعض مكوناتها وأخذ يراهن على المشروع الامريكي الداعم للبعث أضعف هذا المشروع كثيرا , وأفسح المجال واسعا للصراع الاكثر دموية بين المشروعين الرئيسيين النووي الايراني والامريكي المعاكس .
حكومة المالكي تجاهد في سبيل الحفاظ على استمرار وجودها في ظروف بالغة الدقة . فمن جهة سلطات الاحتلال تسلبها قوة فرض سيادتها وجعلها المرجع الحقيقي والوحيد لتطبيق القانون , وظهر ذلك واضحا للعراقيين كيف منعت القوات الامريكية القوات الحكومية من اقتحام عدة مناطق تتواجد فيها عصابات البعث والسنة التكفيريين , وكيف سمحت لهذه العصابات بالاجتماع والتظاهر والمطالبة بإطلاق سراح صدام . ومن جهة اخرى تطلب سلطات الاحتلال من الحكومة حزم اكثر لتطبيق ما وعدت به من اجراءات تجريد المليشيات من سلاحها وفرض سلطة القانون .
تقول الاخبار ان الولايات المتحدة الامريكية تمارس الآن ضغوطا على الحكومة العراقية لأصدار عفو " شامل " و" مؤلم " عن المتمردين في البلاد . وفي نفس الوقت يجري تكثيف اللوم من الادارة الامريكية وتحميل اسباب فشل سياستها على الحكومة العراقية فقط , وتصوير الانهيار الحاصل كونه صراع بين زعماء الطوائف التي استلمت حكم العراق ولم تتمكن من ادارته . وان لم تتمكن حكومة المالكي من ضبط خطواتها مع التسريع الامريكي في وجهته الجديدة والقاضية بتعديل الدستور, وتعديل اجتثاث البعث واقتصاره على مجرمي الخط الاول فقط , وتنفيذ خطة القضاء على فرق الموت والمليشيات , وتوسيع قدرات القوات العراقية و" تنظيفها " من الاختراقات , والسيطرة على الجماعات المسلحة خاصة في بغداد . وبدون هذا ستشهد الفترة القريبة القادمة سحب البساط من تحت اقدام حكومة المالكي كما يتوقع الكثير من المراقبين , ويتم تشكيل حكومة " انقاذ وطني" بالمواصفات الامريكية الكاملة , والتي ستلغي مسيرة العملية السياسية منذ سقوط النظام ولحد الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا