الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقطع قصير من الفصل الأول من الكتاب الثاني من ثلاثية -ورقات من دفاتر ناظم العربي- الذي صدر الكتاب الأول منها سنة 2022 وسيصدر الكتاب الثاني في بداية السنة الادارية الجديدة.

بشير الحامدي

2023 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


قال ناظم إن اسم المنوبي الطبي وصورته يذكرانه باسم لشخص إما يعرفه أو قرأ عنه ولكن ذاكرته لم تسعفه فهو لم يعد يذكر عنه إلا شتاتا من هنا وهناك كحلقات من سلسلة متقطعة. ولكن الراجح عنده أنه قد يكون قرأ عنه في كتاب ما ولكنه لا يذكر شيئا بالتفصيل.
كان يتساءل: من ترى هو هذا المنوبي الطبي؟ ألا يكون هذا الخلط الذي بي مرده ضعف ذاكرتي وربما تدرجها المتسارع نحو التلاشي.
تصوروا إنسانا بلا ذاكرة؟ لما يمكن أن يشبه؟ كيف سيتحمل حياته وهل تكون له حياة أصلا وهو لا يعرف من حوله من وراءه وما وراءه من أمامه وما أمامه أين يذهب ولماذا يذهب؟
قاده ذلك لتذكر تلك النكتة التي سمعها كثيرا حتى مجّها ولم يعد يتحمّل سماعها لما كان يتبارى هو وأخوه وهما صغيران في من يأتي بما يضحك بقية أفراد العائلة أكثر. تلك النكتة عن الابن الأعور الذي يذهب لأبيه الأعور هو أيضا يطلب منه نقودا والتي تنتهي بـقول الأب الأعور "خذ أخاك وأغرب عني قبّح الله وجهك"
إلاهي ألا يكون هذا الذي أراه الآن على شاشة التلفاز هو المنوبي الطبي الذي أعرفه. المنوبي إمام الجامع قبل سنوات. ذاك الذي صار معروفا أكثر بعد واقعة سنة 2011 واقعة "أقبل البدر علينا" والتي رفعته للسماء وصار من بين من بيدهم الحل والعثد في حكم البلاد.
لا شيء في الحقيقة كان يجعل ناظم متأكدا مما ذهب إليه. ملامح الرجل هي هي هيئته هي هي طريقة نطقه للحروف وتلعثمه هو هو فقط لم تعد له تلك الأسنان الصفراء المبعثرة في فمه والناتئ بعضها لقد إختفت تلك الأسنان وعوضها طاقم أسنان اصطناعي وهو ما جمّل وجه الرجل شيئا ما ولكن لم يحوله لكائن وسيم.
لقد ظلت هيئته كما يعرفها وظلت طريقة كلامه كما هي لم يغير في طريقة لبسه وحتى الكسوة وربطة العنق اللتان يظهر بهما فقد جعلا منه إنسانا أخرق أكثر من أن يحولاه لرجل أنيق. ولكن كل ذلك لا يمكن أن يجعل منه المنوبي الطبوي فهو يمكن أن يكون خنتوش المرعي فالرجلان يتشابهان كثيرا وفي كل شيء.
لم تبرح الصورة خياله حتى بعد انتهاء البرنامج وبقي هكذا دون يقين يريحه وهو ما رسخ لديه أكثر قول الطبيب له في أنه قد يشفي بنقص في الذاكرة سيلازمه طول حياته. لم يكن الطبيب متأكدا مما قاله ولكنه شدّد على أنه احتمال من بين احتمالات أخرى كثيرة قد تحصل لمن هو في مثل حالته.
ظل أسابيع وحتى بعد أن غادر الغرفة 42 من مستشفى الحبيب ثامر بالعاصمة يحاول أن يربط بين ما رآه على الشاشة وما يعرفه بالفعل فهو لا يجزم بأن ذلك الذي ظهر وتكلم هو المنوبي أم غيره ويخلط بين الشخصيتين شخصية منوبي الطبي وشخصية خنتوش المرعي التي تستعيدها ذاكرته بكل صفاء حسب ما يعتقد.
هو لا يذكر سوى أنه هو من أوجدهما وخلقهما وجعلهما بما هما عليه في الكتاب الأول وأسند لهما تلك الأدوار.
هل تداخلت الأمور إلى هذا الحد عنده حتى اختلط المتخيل بالواقع في ذاكرته ولم يعد يفرق بينهما؟
لماذا هو يلح على أن في الأمر متخيل وواقع؟
لماذا لا يكون ما يراه تداخلا هو الواقع الذي لا دخل للخيال فيه وأن ما يرى أنه خياله ليس الا الواقع ذاته.
الواقع بشع أحيانا كثيرة بشاعة هذا الخلط بين الشخصيتين التين يعتقد أنه هو من خلقهما فلماذا يصر على عكس ذلك.
ألا يكون كل ما فكّر ويفكذر فبه وما تصور أنه رآه ليس إلا خيالات وأنه لم يرى لا المنوبي الطبي ولا خنتوش المرعي بل رأى شخصية أخرى من هذه الشخصيات التي تتناوب منابر الكلام العابر كل مرة.
ألا تكون هلاوسه هي التي صورت له كل ذلك وأنه لم يخلق شخصيات هكذا من لا شيء ولم يسند لها أدوارا هكذا أيضا من لا شيء... ولم يكتب شيئا بل أن كل ما في الأمر أنه مريض وأن ذاكرته تتلاشى وتصور له خيالات وأن كل ما رآه هو مجرد خيالات تقبع فقط في دماغه وحده ولا صلة لها بالواقع؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة