الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة الى الادوية من كوة النفس

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2023 / 5 / 29
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


الادوية باختلاف أنواعها وخصائصها تتداخل مع خوارزمية عمل الأعضاء وترابطها مع بعضها الاخر. لست مختصا في علم الادوية والطب، لكنني اجزم بان اغلب الأطباء والعاملين في مجال أبحاث وتصنيع الادوية لا يدركون بدقة ما يجري في النفس البشرية وخوارزمية عمل الأعضاء كما ينبغي. عند تصنيع دواء بعد اجتياز الاختبارات سواء على الحيوانات اللبونة او على قطاعات من البشر يعتبرونهم متطوعين (طوعا او قسرا)، تأتي غالبا بعوارض جانبية يحذرون من اثارها عند الاستعمال، دلالة على عدم المعرفة الدقيقة لعمل الأعضاء البشرية وترابطها مع عمل بعضها الاخر، والمستخدم يتلقى علاجا لمعاناته رغم تلك الاثار الجانبية التي تتركها والتي تتفاقم في المستقبل لتظهر فيه علة أخرى بحاجة الى معالجة! فهم دوال الأعضاء مهمة ولكنها ليست كافية لوصف علاج تجاري متوفر لحالات اختلالها (مع تطبيل الإعلانات في مواقع التواصل والدوريات الطبية لكذا علاج)، فقد يكون سبب اعتلال العضو ناجم عن تلكؤ عمل الغدد الصماء على سبيل المثال او قصور في عمل عضو اخر في السلسلة الخوارزمية لميكانيكية الالة البشرية التي تستقي البيانات من أعضاء أخرى خلال شبكة العصاب والتي تترابط مع الحالات النفسية أيضا، ومخزون الذاكرة سواء ذاكرة العقل او ذاكرة خلايا النسيج المكون للعضو المعتل وما تعتريها من مشاكل التغييرات الفيزيائية. ذاكرة الخلايا ثابتة وتأبى التغيير، أي لا يمكن تغيير طبيعة خلايا النسيج العضوي في البشر فهي مصممه حسب الذاكرة التي تحويها وتعاكس بشدة وتقاوم التغيير، فصبغة البشرة التي تحوي نمشا، هي متوارثة، عند محاولة ازالتها فان الخلايا تقاوم ذلك التغيير بضراوة، وتتوحش وتلتهم بعضها الاخر لتنتحر في النهاية.. اللذين يستخدمون العقار والمراهم انما يفرضون على الطبيعة حكما جديدا ستكون عواقبها وخيمة عليهم.. العقار الذي يغير تكييف الخلية او الذي لا ينسجم وطبيعة ذاكرة خلايا النسيج العضوي ودالتها وخوارزمية عملها ضمن التسلسل المنطقي لأداء جميع الأعضاء مترابطا، لن يجدي نفعا، بل تعطي اثارا سلبية في المنظور البعيد، والشيء عينه بخصوص الادوية والحقن التي تجدد الخلايا وتطيل الاعمار. ان زيادة متوسط الاعمار البشرية ليست مؤشرا إيجابيا للتحضر، يفترض أولا فهم اثار زيادة متوسط الاعمار في البشر على الطبيعة وعلى ركود الحياة نتيجة الملل والحاجة للتحديث والتطور، تطرقت الى فلسفة قصر الحياة وانهاءها بالموت في مقال سابق..
الحيوان لا يخطأ في اختيار نوعية وجبة الاكل التي تناسبه بمجرد شمها أي باستعماله حاسة الشم او التذوق، وهي متوافرة في جميع الحيوانات (بضمنهم البشر). فمن البشر من لا يستسيغ رائحة او طعم النبيذ، لكنه يتناوله جريا وراء العادات الاجتماعية او بحثا عن نتيجة الاحتساء في الانشراح وعزله عن حالته النفسية الكئيبة وعلاجا لأحزانه.. وكذا بالنسبة للوجبات الدسمة، فالكثير من البشر يمتعض من شم رائحة الزفر لكنه يتفنن في جعل الوجبة مستساغة خلال إضافة التوابل والمخللات لها لتطويعها الى مديات التحسس المستساغ لديه، ويجري خلف تناوله! كما ان الانسان يتناول الفاكهة من الطبيعة بحسب برمجته وفق الخوارزمية المتوارثة، فمنهم من لا يستسيغ نوعا معينا من الفاكهة، ولكنه يُجبَر على تناوله بتأثير الدعاية او الارشاد (الطبي) او الاسري، والامثلة كثيرة.. نحن لا ندع طبيعتنا ان تتحكم بنا، بل نتأقلم لما هو ضار ليتوافق مع طبيعتنا! وتوارثنا في مأكلنا عادات وتقاليد غير مجربة علميا باستفاضة، وغريبة عن تراكيب معطيات التصميم الأساسي للإنسان. على سبيل المثال، فان ماكينة السيارات تعمل على البنزين وتعطي اقصى قدرة وأداء عند اقصى درجة اوكتين تحويها وقود البنزين، وتعمل بأداء سيء بل تتعرض للإعطاب عند استخدام النفط كوقود بدلا عن البنزين، وتعمل بكفاءة اقل في البنزين ذات الاوكتين المتدني.
ان فهم التصميم الأساسي وخوارزمية أداء الأعضاء يفضي الى الاختيار الصائب لنوع المعيشة الصحيحة والأغذية المناسبة. السبيل لهذا الفهم هو ايقاظ الحواس ونفض غبار التوارث الكارثي للعادات الغذائية عنها والبحث في النفس عن الاصالة. حين يعجز الانسان عن هذا الفهم، سيلجأ حتما الى مستودعات الادوية التي ستتقاذف به وسط أمواج الحياة العاتية، وتكسب شركات الادوية والوسطاء أرباحا فاحشة.
قدرة الانسان فطري منذ الصغر حيث يتمكن من تمييز الظلام والنور والحلو والمر والخطر والامان. فعقلك يكره كل شيء خطر، ويحب كل شيء حسن. انه يحب من يسالمه ويكره من يعاديه لأن الاخير يهدد بقاءه. هناك صانع داخلك، حين تتناول الطعام، ينظم نموك بحسب مقاييس اجدادك اي بتوارث صفاتهم البيولوجية لديمومة تواجدهم الفيزيائي في زمن جديد. كل خلية فيها ذاكرة أكبر من ذاكرة العقل البشري بتريليونات المرات تحتفظ بالصفات الموروثة من الأجداد. الصانع مشغول بحاجات الاعضاء للنمو وفق التصميم الأساسي المحفوظ في تلك الذاكرة، لحين استقراره في حجمه وشكله النهائي ثم يتوقف، ولا يستمر أكثر من ذلك ولو استمر لأصبحت مخلوقا عملاقا تختلف عن اقرانك بحسب حجم الطعام الذي تتناوله! لكن الامر ليس كذلك، يتوقف نموك بحسب التصميم الاساسي وخوارزمية الصانع وهو داخلك وليس خارجك.
الانسان حين يأكل من الطبيعة، والصانع في داخلك يعمل ليحول الاكل الى الجسم ثم تنمو وثم تحول الفائض الى طاقة اي ان ذاكرة الصانع داخلك، وليس خارجك، فان وجدت مدخلا اليه لتعرفت على كل الاسرار، لأنه الوحيد الذي يعرف كيف تنمو وتتكون وتتكامل اعضاؤك، فاذا اردت معالجة نفسك من الخارج لن تكون مجدية كما تعالجها من الداخل بعد ان تجد ذلك المدخل الى نفسك، آنذاك سيعود صحتك طبيعيا دون معالجة خارجية. المغزى هو ان البرمجة هي في داخلك تنظم كل فعالياتك البيولوجية والسيكولوجية، فان وجدت طريقا للبرنامج ستكون لك قدرة خارقيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين