الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظاهر بيبرس بطلا مظفرا ومعمرا

صبري فوزي أبوحسين

2023 / 5 / 30
الادب والفن


شخصية الظاهر بيبرس شخصية تاريخية فذة حاضرة بقوة في الأحداث الفارقة في مصر منذ نهاية العصر الأيوبي وانطلاقة العصر المملوكي، ومرورًا بزمن سلطنته التي استمرت سبعة عشر عامًا، وانتهاءً بوفاته ورحيله خلال القرن السابع الهجري، بل إننا لنجد له حضورًا في كتابات المؤرخين في القرون التالية بالعصرين المملوكي والعثماني، وفي عصرنا الحديث، وقد تمثل هذا الحضور في التعريف بشخصيته نسبًا وميلادًا وحياة، ووقائع ، وأعمالاً، وقرارات وإنشاءات. وفَذْلَكَةُ ذلك ومُجمَلُه في الآتي:
هو بَيْبَرس(ضبطه الأستاذ خير الدين الزركلي، في كتابه الأعلام، بفتح الباء) العلائي البندقداري الصالحي، الملقب بركن الدين، والملك الظاهر، وصاحب الفتوحات والأخبار والآثار. عاش الظاهِر بَيْبَرْس في الفترة )٦٢٥ - ٦٧٦ هـ = ١٢٢٨ - ١٢٧٧م(، مولده بأرض القپچاق. وأُسِر فبِيع في سيواس، ثم نُقِل إلى حلب، ومنها إلى القاهرة، فاشتراه الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار، وبقي عنده، فلما قبض عليه الملك الصالح)نجم الدين أيوب( أخذ بَيْبَرس، فجعله في خاصة خدمه، ثم أعتقه. ولم تزل همته تصعد به حتى كان )أتابك) العساكر بمصر، في أيام الملك (المظفر) قُطُز، وقاتل معه التتار في فلسطين. وبعد قتل قطز، تولى)بيبرس( سلطنة مصر والشام، سنة ٦٥٨هـ، وتلقَّب بالملك (القاهر، أبي الفتوحات)، ثم ترك هذا اللقب وتلقَّب بالملك(الظاهر)، وهو رابع سلاطين مصر في عهد المماليك البحرية، خلفاً لقطز، ودامت سلطنته في الفترة(1260-1277م). وكان الظاهر بيبرس محبًّا لركوب الخيل ومغرمًا بالرياضة البدنية والتمرينات العسكرية ويقضى فيها معظم يومه، وبنى لذلك ميدانًا مخصوصًا بين المنزل القلعة وقبه النصر، وكانت نفقاته مما يغنمه فى حروبه بدون أن يثقل على الأهالي بدرهم .وكان شجاعًا جبًّارًا، يُباشر الحروبَ بنفسه. وله الوقائعُ الهائلةُ مع التتار والإفرنج )الصليبيين(، فكان واحدًا من قادة القوات المصرية التي واجهت الفرنج والمغول، وكان بيبرس في طليعة الجيش المصري أثناء معركة عين جالوت عام 1260م، والتي تعد أول هزيمة كبرى للجيش المغولي، ونقطعة تحول في التاريخ. وله الفتوحات العظيمة، منها بلاد)النوبة)، ودنقلة، ولم تُفتَح قبله مع كثرة غزو الخلفاء والسلاطين لها! وبعد أن استتب للظاهر بيبرس الأمر في البلاد، وفرض سلطته، عمل على إحياء الخلافة العباسية، التي سقطت مع سقوط بغداد في يد هولاكو في( 4 من صف656ه = 10فبراير1258م) ولم يكن سقوطها أمرًا هينًا على المسلمين، وخيل لهم أن العالم على وشك الانتهاء، وأن الساعة آتية عما قريب، وذلك لهول المصيبة التي وقعت بهم، وإحساسهم بأنهم أصبحوا بدون خليفة، وهو أمر لم يعتادوه منذ وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم( ). وفعلاً نجح الظاهر بيبرس في استقدام أحد الناجين من أسرة العباسيين هو "أبو العباس أحمد"، وعقد في القلعة مجلسًا عامًّا في (9 من المحرم661هـ= 22من نوفمبر1262م( حضره قاضي القضاة وكبار رجال الدولة، وقرئ نسب الخليفة على الحاضرين بعدما ثبت عند القاضي، ولُقِّب بالحاكم بأمر الله، وبايعه الظاهر بيبرس على العمل بكتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم. ولما تمت البيعة أقبل الخليفة على بيبرس وقلّده أمور البلاد والعباد، وبذلك أصبح هو صاحب السلطة واليد المطلقة في إدارة شئون البلاد. ولم يكن للخليفة العباسي حول ولا قوة، بل صار واجهة دينية شرعية للسلطان المملوكي، ليس له سوى الدعاء على المنابر في صلاة الجمعة.. وبإقامة الخلافة العباسية في القاهرة يكون بيبرس قد تقدم خطوات واسعة في سبيل تأسيس الدولة المملوكية.وأتبع الظاهر بيبرس هذه الخطوة بأن مد نفوذه وسلطانه إلى الحجاز حيث يوجد الحرمان الشريفان!
وآثار الظاهر بيبرس وعمائره وأخباره كثيرة جدًّا، حيث تنسب إليه مجموعة ضخمة من الآثار العمرانية في مصر والشام والحجاز، تضم القلاع العسكرية، والجسور، والمساجد والمدارس، والمرافق العامة مثل الحمامات والمستشفيات والخانات وصهاريج المياه وخلجان الري والسدود، وكان يضع على المنشآت الوقفية لوحة رخامية فيها نص الوقف، ومن آثاره مدرسته الظاهرية وسبيل الماء ومدرسة للأيتام بين القصرين في القاهرة، وعمل على النيل جسرًا سمي بقناطر السباع لوجود تماثيل للأسود عليه، وعمل مسجدًا في أعلى منارة الإسكندرية، وعمل وقفًا للقطط في القاهرة اسمه غيط القطط، وفي سنة 666ه أرسل إلى الحرم المدني منبرًا بديع الصنع بدل المنبر الذي تلف في حريق المسجد، وأنشأ سنة 670ه المدرسة الظاهرية الجوانية بدمشق، وهي اليوم مقر دار الكتب الظاهرية الواقعة قبالة المجمع العلمي العربي بدمشق، ولما توفي دفن فيها ثم دفن فيها ولده الملك السعيد، كما بنى خانًا كبيرًا في القدس، وأوقف له أوقافًا كثيرة للإنفاق عليه، وأقام الكثير من الحصون والقلاع والجسور في بلاد الشام. وقد توفي في دمشق ومرقده فيها معروف، أقيمت حوله المكتبة الظاهرية( ).
إننا عندما نقرأ مسيرة حياة الظاهر بيبرس التي بلغت ثلاثًا وخمسين سنة، نجد أنفسنا أمام إمام إنسان قائد قوي، مجاهد، مُصلح، يكفي أن نقف مع أبرز أعماله خلال فترة حكمه، من كونه كان أحد حماة حِمَى البلاد من المغول والإفرنج، وكان فاتح بلاد جديدة، وهو من أحيا الخلافة العباسية، وهو المعمِّر والباني للمدارس والخانقاة، وهو المعدِّد للمذاهب الفقهية، والمحيي للتعليم في الأزهر الشريف... ولم تسلم شخصيته من انتقاد محدود من قبل بعض المؤرخين لسلوكه وتعصبه؛ انطلاقًا من أنه بشر، له سلبيات بجوار إيجابياته!
فماذا كان موقف الشعر والشعراء من هذه الشخصية؟ ذلك ما نحاول الإجابة عنه في المحاور القادمة، التي تمثل أبرز المدارات الفكرية التي عرضها الشعر المصري عن شخصية الظاهر بيبرس؛ فقد عاش شعراء مصر والشام في هذه الفترة مع الظاهر بيبرس بأشعارهم تسجيلاً وتصويرًا، مدحًا وثناءً، ثم بكاءً ورثاءً، ومن أبرزهم الإمام البوصيري(608- 696هـ)، وأبوالحسين الجزار(601-672ه)، والسراج الوراق(615-695هـ)، الذي وصفه ابن تغري بردي في (النجوم الزاهرة) بقوله: "شاعر مصر في عصره بلا مدافعة"، ومحيي الدين بن عبدالظاهر السعدي المصري(620-692هـ)، وابنه فتح الدين، و محمد بن دانيال بن يوسف الموصلي (631-710هـ)، وشهاب الدين العزازي" (633-710هـ)، وشهاب الدين محمود الحلبي(644-725هـ)، وجمال الدين التبريزي(648-740هـ)، وكمال الدين ابن العطار(654-724هـ)، وابن النقيب" (ت687هـ)، وابن العطار(626-702هـ)، وأبو الفضل ابن عبد الظاهر(620-692هـ)، الذي ألف في سيرة الظاهر بيبرس كتابًا شعريًّا منظومًا، أسماه (الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر)، والمؤرخ ابن شداد(613 -684هـ)، الذي كتابًا عن سيرة الملك الظاهر بيبرس...وغيرهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش