الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدرس المستفاد من الهزيمة المدوية للحزب الاشتراكي العمالي الاسباني .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


تلقى الحزب الاشتراكي الاسباني هزيمة مدوية ، في الانتخابات الإقليمية والجهوية التي جرت يومه الاحد ، امام الفوز الساحق والمدوي للحزب اليميني المحافظ PP ، الذي اصبح مع نتائج الانتخابات ، يمثل القوة السياسية الأولى ، بعد ان كان الحزب الاشتراكي هو من يحتل الصف الأول ، واصبح اليمين الوطني ، الممثل في حزب VOX ، يحتل المرتبة الثالثة بعد الحزب الاشتراكي السائر نحو التحلل ، كالحزب الاشتراكي الفرنسي ، والأحزاب الاشتراكية في القارة الاوربية ، التي تعنينا اكثر ، لتواجدها في دول الاتحاد الأوربي ، ذات الموقف السلبي ، والمعارض لمغربية الصحراء ، والداعي الى الاستفتاء وتقرير المصير المؤدي الى الانفصال . فاهتمامنا بالأحزاب الاشتراكية الاوربية ، منبعه صراع الصحراء التي لم تُرِدْ الأمم المتحدة حله بعد سبعة وأربعين سنة عن بدايته . وهذا بخلاف الأحزاب الاشتراكية العربية ، والأحزاب الاشتراكية في آسيا ، وفي افريقيا ذات التأثير الضعيف ، الذي لا يمكنه تغيير قواعد الصراع منذ سنة 1975 .

لذا فالهزيمة المدوية للحزب الاشتراكي الاسباني ، الذي ايّد رئيسه ، رئيس الحكومة السيد Pedro Sanchez في وقت سابق ، حل الحكم الذاتي الذي اقترحه النظام المغربي في ابريل 2007 ، منبعه هذا الحل ، رغم تراجع Sanchez من خلال تصريحات ، ومن خلال مبادرات على الأرض ، تتنافى مع الموقف الذي تبناه الحزب الاشتراكي الاسباني بزعامة Sanchez ، وخلق وضعا اخلط الأوراق ، وغير المواقف ، سواء من خلال العلاقات مع النظام المغربي ، اومن خلال المعارضة الجذرية للنظام الجزائري لخرجة Sanchez ، ووصول العلاقة بين Sanchez وبين قصر المرادية ، لتصبح ازمة استعملت فيها جميع الأسلحة ، لطيها على الوجه الأنسب لاحد اطراف النزاع .. ، او بالنسبة للاتحاد الأوربي الذي تعتبر اسبانية عضو فيه ، وتلتزم بقراراته ذات الاسبقية والاولوية ، على قرارات الحكومة الاسبانية ..
باعتراف Sanchez بهزيمته في الانتخابات الجهوية والمحلية والبلدية ، واعترافه بالفوز الساحق للحزب الحزب الشعبي المحافظ PP ، والفوز المهم للحزب الوطني اليميني الشوفيني Vox ، الذي احرز على 1663 مستشارا ، مقابل 530 مستشارا سنة 2019 ، أي ثلاثة اضعاف عدد المستشارين الحاليين ، تكون دعوة Sanchez ،وبعد اخباره الملك بحل الحكومة ، وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في 23 يوليوز القادم ، قد حسمت قبل الانتخابات ، القوى السياسية التي ستتولى الحكم ، وهي طبعا الحزب الشعبي اليميني المحافظ ، الذي لن يتمكن من الحكم بمفرده ، واستفراده بالساحة ، بل سيكون مفروضا عليه التحالف والتنسيق مع الحزب الوطني اليميني ، أي على يمين الحزب الشعبي ، الذي هو حزب Vox المعادي للهجرة ، والمعادي لمواقف الحكومة في علاقاتها مع النظام المغربي .. وهذا هو ما فعله الحزب الاشتراكي العمالي عند فوزه في الانتخابات ، وبعد انْ عجز عن تشكيل حكومة بمفرده ، لأنه لا يتوفر على الأغلبية المطلوبة ، اضطر للتنسيق والتحالف مع حزب Podemos اليساري ، على يسار الحزب الاشتراكي .. فرغم الاختلاف البيّن بين Podemos ، وبين الحزب الاشتراكي العمالي ، سيجد Sanchez نفسه مضطرا للتحالف مع اليسار ( الماركسي ) ، لان عدد الأصوات التي حصل عليها ، لا تسمح له بالاستفراد بتشكيل الحكومة من قبل الحزب الاشتراكي ، فكان المخرج هو تقديم التنازلات من كلا الطرفين ، لا نجاح حكومة ( وحدة اليسار ) ، التي من وهلتها الأولى ، عرفت نوعا ، او شبه تصدع ، عندما كانت القرارات الحكومية لا تحظى بالتأييد الشامل . وقد ظهر هذا التباين عندما تجاوز Sanchez الحكومة ، واكتفى بإخبار الملك ، بتأييده لحل الحكم الذاتي الذي خرج به النظام المغربي في ابريل 2007 ، رغم ان Sanchez في رسالته الى الديوان الملكي المغربي ، استعمل عبارة نؤيد هذا الخيار ، ولم يستعمل مصطلح التبني ، أي نتبنوا خيار الحكم الذاتي ، لان التبني كمصطلح في القانون الدولي ، يعني الجزم والقطع ، ولا يعني التأكيد ، الذي سيكون مرفقا برطوبة ورخوة الموقف الذي قد يتبدل ، كلما كانت المعطيات الجديدة تحث على ذلك .
فمواقف Podemos ، ومواقف أحزاب الائتلاف الحكومي ، لم تكن منسجمة على طول ، بل كانت هناك تحفظات مسجلة من اطراف الحكومة ، ظهرت واضحة في رفض أحزاب الائتلاف الحكومي ، وعلى رأسهم Podemos بالضبط ، تأييد Sanchez لحل الحكم الذاتي ، الذي علمت به الحكومة الاسبانية عن طريق رسالة القصر الملكي الذي كان ينتظر موقف ( الحكومة ) الاسبانية .
ان كل المعطيات الحالية ، تشير الى حتمية الفوز الكاسح للحزب الشعبي اليميني المحافظ ، وللحزب الوطني اليميني على يمين الحزب الشعبي ، والأحزاب المنتمية لنفس المرجعية اليمينية ، في الانتخابات التشريعية القادمة .
ان الأحزاب المرشحة للحكم ، بعد الفوز الكاسح في الانتخابات ، سيكون رأسها مكونا من الحزبين السالفين ، ومن حلفاء آخرين ، فرغم ضعفهم ، فقد يكونون عنصر قدوة ، والهام ، ومساندة للقرارات التي سيتخذها الحزب الشعبي المحافظ ، والحزب الوطني اليميني Vox ، في موضوع الهجرة ، وهنا فالضغط سيكون على النظام المغربي بطريقة غير مألوفة ، إذ يمكن انتظار خطوات اسبانية قادمة ، ستكون اكثر من مستفزة ، وقد تلوح الحكومة الاسبانية اليمينية بالقوة ، في معالجة إشكالية الهجرة ، او عند ردها ما تعتبره استفزازا ، للدعوة الى استرجاع سبتة ومليلية التي يتشدد اليمين المحافظ ، واليمين الوطني على اسبانيتها ، وترديدهم انّ المعركة من اجل الثغرتين ، محسومة بإجماع الدولة الاسبانية على ذلك .
كذلك سيكون قرار الحكومية اليمينية المحافظة ، قرارا واحدا ، بالنسبة للعلاقات مع النظام المغربي ، خاصة التصدير المغربي الى أسواق الاتحاد الأوربي ، الذي سيعرف مشاكل خطيرة ، بحجة منافسة التصدير الاسباني للمنتجات لنفس السوق .
كذلك ستتغير بشكل جذري مواقف الدولة الاسبانية ، من نزاع الصحراء الغربية . وهنا فانتظار مواقف مضرة بمغربية الصحراء ، يجب الاّ تفاجئ أحدا . بل ان الصراع هنا ، سيتخذ بالأساس التناقض بين النظام المغربي كنظام يحن الى عهد ( الامبراطوريات ) كما يعتقدون ، أي توسعي ، وبين الحكومة الاسبانية اليمينية المحافظة ، التي ستطرح النزاع عند تناول قضية الصحراء ، من جانبه الحضاري ، خصوصا وان أحزاب اليمين المحافظ ، ويمين يمين المحافظ ، لهم تراث فاشي وعنصري إزاء الدولة المغربية ، باعتبارها دولة ثيوقراطية أصولية ، ذات ثقافة طقوسية إسلامية سنية ، في مواجهة الكنسية في صورتها الأكثر رجعية ، أي الكاثوليكية ، وليس البروتستانية ..
وهنا ، من المنتظر تغيير سياسة حكومة اليمين المحافظ ، ويمين اليمين ، عند معالجتها الحقل الديني ، مع انتظار اشتداد الرقابة البوليسية الصارمة ضد الجالية المغربية . فالمساجد وكل دور العبادة ستعرف مراقبة بوليسية دقيقة ، وعلى ضوئها ستشهد اسبانية موجات طرد مكثفة ، للمغاربة الذين هم في وضعية غير قانونية ، وستشمل حتى المغاربة ذوي الوضعية القانونية عند حصول نزاع ، او أي شيء مُجرّم بالقانون الجنائي الإسباني ..
ناهيك عن تغيير شروط الحصول على الفيزا ، التأشيرة للدخول الى التراب الاسباني ، فيجب انتظار فرض شروط أخرى ، اكثر تعجيزية من الشروط الحالية .
ان سقوط الحكومة ( الاشتراكية ) برئاسة الحزب الاشتراكي العمالي ، هو سقوط حتمي ، وليس فقط سقوطا منتظرا . كما ان مجيئ حكومة يرأسها اليمين المحافظ ، واليمين الوطني على يمين الحزب المحافظ ، هو حتمي كذلك ، وليس فقط منتظرا . واذا كان ذهاب الحكومة ( الاشتراكية ) مضرا بالنسبة للنظام المغربي ، فان مجيء حكومة يمينية ، ويمين يمينية ، سيكون كارثة على النظام المغربي ، لان من خلال تتبع مواقف الأحزاب التي ستكوّن الحكومة ، وتصريحاتها السلبية والعنيفة إزاء النظام المغربي بالذات ، وإزاء ملف الهجرة ، والموقف من نزاع الصحراء الغربية ، وقضية التصدير للمنتجات المغربية اتجاه أسواق الاتحاد الأوربي ، يعني ان العلاقات بين البلدين ستعرف تطورا تراجعيا ، على حساب المصالح المغربية ، وان جوا من التوتر يجب انتظاره في العلاقات المنسوجة ، وقد يصل الامر بالحكومة اليمينية المحافظة ، ويمين اليمين ، ان تتصرف بعدوانية وبشراسة ، ليس لها من تفسير، غير الثأر من النظام السلطاني المغربي ، وهو ثأر من المواقف المتخاذلة لحكومة ( اليسار الاشتراكي ) بزعامة الحزب الاشتراكي العمالي ، المهادنة للنظام المغربي .. وفي هذا الصدد ، يجب توقع صدور تهديدات باستعمال القوة في اشكالها المختلفة ، كالرقابة الصارمة على الحدود ، والاقتصاد ، والاجتماع ، وحتى التهديد باستعمال الجيش ، كما حصل في جزيرة ليلى ، عندما هاجم الجيش الاسباني الجزيرة ، والقى القبض على رجالات الدرك الملكي الذين دخلوا الجزيرة ، وبعد ان وضع الاكياس على رؤوسهم بشكل مهين ومقصود ، رماهم في الحدود ، مع ركلة في المؤخرة ..
ان الحكومة اليمينية ، واليمينية اليمينية المرتقبة ، ستغير بالمطلق العلاقة مع النظام المغربي ، والخطورة هنا ، ليس الاكتفاء بالجفاء بين النظام المغربي وبين الحكومة القادمة ، بل ستكون الحكومة المقبلة حكومة هجوم مطلق وعام ، وكحكومة ثأرية ، وتصفية للحسابات ، ستكون حكومة شريرة ، الحقد والسمو الأعلى ( أوروبيون ) ، يغلب على طابع تحركها ، وفي رسم علاقتها كما تراها هي ، لا كما يجب ان تكون العلاقات بين الدول ، مبنية على الاحترام ، والتعاون ، والمصالح المشتركة ..وهنا فان رئيس الحكومة المقبل ، سيكون نسخة للوزير الأول المحافظ ،والعدو اللدود للنظام المغربي Jose Maria Aznar ، الذي رغم انتماءه الى الحزب الشعبي ، فهو كان يمثل يمين الحزب المعادي للنظام المغربي ، أي كان قريبا من مواقف اليمين اليميني المتطرف ، وفي نفس الوقت كان معاديا للمغرب ليس فقط النظام ، بل معاديا لوحدة المغرب ، وللمغاربة الذين يلصقون بهم تهم الارهاب.
وهنا ، يجب انتظار تكرار ما كان يقوم به رئيس الحكومة Jose Maria Aznar ، عندما كان ينظم مهرجانات للبوليساريو بكل المقاطعات الاسبانية ، وعندما اشرف شخصيا ، وفي كل أسبوع ،على تنظيم نموذج لاستفتاءات في الصحراء الغربية ، بكل الاتحاد الاسباني ، كان يشارك فيها مناضلو جبهة البوليساريو ، وكانوا يحظون بدعم الحكومة الاسبانية القوي ، حيث كان ينتظر تنظيم الأمم المتحدة ، وتحت اشرافها ، الاستفتاء في الصحراء . هذا دون نسيان العراقيل المختلفة التي نصبها Aznar شخصيا ضد الصادرات المغربية من المنتوجات الفلاحية .. لكن هنا . بما ان اتفاق الصيد البحري لن يتجدد في شهر يوليوز القادم ، تاريخ نهايته ، وطبعا اسبانية كعضو بالاتحاد الأوربي ، ستلتزم بالقرار الأوربي ، لأنه فوق قرار الدولة الاسبانية ... ، ماذا اذا جاء رئيس الحكومة اليميني المقبل ، ورغم التزامه بقرار الاتحاد الأوربي من حيث الشكل ، سيخرق هذا القرار ، وراح يصطاد في المياه الصحراوية المغربية ، ومن دون الحصول على رخصة صيد من المغرب ، بدعوى ان تلك المياه المتنازع عليها ، هي مياه للأمم المتحدة ، وليس مياه للنظام المغربي ، ومن ثم فان السلطة المؤهلة للإشراف على كل التصرفات القانونية ، تبقى الأمم المتحدة ، وليس النظام المغربي الذي لا تعترف له الأمم المتحدة ، ولا الاتحاد الأوربي بالسيادة على تلك الأقاليم والمياه ، محط نزاع من قبل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ؟ . فاذا دخلت السفن الاسبانية تصطاد في مياه الصحراء المتنازع عليها ، ومن دون استشارة النظام المغربي .. هنا السؤال : ماذا يستطيع النظام المغربي القيام به ، إزاء هذا الجديد الذي فرض نفسه في اخر ساعة بالمنطقة ؟ .
هل يستطيع النظام المغربي الدخول في مواجهة عسكرية مع الدولة الاسبانية ، التي تدعي اصطيادها في المياه تحت سيادة الأمم المتحدة ، وليست مغربية تخضع للسيادة المغربية ..
فهل يستطيع النظام المغربي التصرف عسكريا ، وهو هنا سيكون قد انتحر ..
او هل سيلج المغرب للتشكي عند مجلس الامن ، وهذا ونظرا لمعرفته بقانون المناطق المتنازع عليها ، سيخرج بقرار ستؤيده جميع دول مجلس الامن الدائمين وغر الدائمين ، يسمح لإسبانية بالصيد في تلك المياه ، بحجة انها ليست مغربية ، وبحجة انها متداولة من قبل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ، وبحكم ان النظام المغربي اعترف بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، ونشر اعترافه بالجمهورية الصحراوية ف، ي جريدته الرسمية عدد : 6539 / يناير 2017 ..
اذن يجب انتظار مشاكل خطيرة للمغرب ، عند فوز الحزب الشعبي اليميني المحافظ ، وحزب Vox يمين اليمين ، خاصة وانهم يتحدثون عن ثأر ، وتصفية حسابات . والخطورة هنا فان اصل التشنج ، هو الاختلاف الحضاري بين المغرب الإسلامي ، وبين اسبانية المسيحية في صورتها الأكثر رجعية التي هي الكاثوليكية ، وليس البروتستانتية ..
وحين تلتقي خيارات الحكومة اليمينية المحافظة ، واليمين اليمينية ، لتصغير المغرب ولترويضه ، وكما يرددون مصطلح ، وضعه في حجمه الصغير الذي يناسبه ، خاصة معارضتهم التي ستكون قوية لمغربية الصحراء ... --- ، بإرادة الاتحاد الأوربي الذي لا يعترف بمغربية الصحراء ، ويدعو الى المشروعية الدولية ، والى تجديد الدعم والثقة في المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة Stefan de Mistura ، وهو نفسه موقف الولايات المتحدة الامريكية .. -- ، فان تصرفات الحكومة المحافظة يمين ، ويمين اليمين ، ستكون عنيفة ، فاقدة للياقة ، وكأنها مصابة بذاء السعار ، لا تميز بين القضايا الخاصة ، وبين القضايا العامة الاستراتيجية . فحين ينزلق تصرف الدولة الى الحضيض ، فتبدأ بممارسة العنف والبلطجية ، لا لشيء فقط لانتماء شمال البحر الأبيض المتوسط الى حضارات الغرب ، وليس الى حضارة وحيدة ، وانتماء جنوب البحر الأبيض المتوسط ، الى حضارة أخرى مغلفة بالدين الإسلامي ، هنا يكون التاريخ بصدد العودة الى المقابلات التراجيديا ، التي اثرت على الأمم والشعوب ، وعمقت الكراهية والعنف باسم الانتماء الى الدين ، واي دين حيث أدت الإنسانية ضرائب كثيرة ، لا تزال تئن منها الى اليوم ، ويلزمها مائة سنة لمحو اثارها الخطيرة .. فمشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا ، هو مشروع مسيحي ، كاثولكي، بروتستاني ، صهيوني ، ماسوني ، امبريالي ، لتدمير وتخريب البلاد العربية ، وإغراقها فقط في المشاكل العميقة ، دون ان تتصرف مرة واحدة ، للبحث عن مشارع التنمية التي تتعرض للعرقلة والإحباط ، طالما انها تعالج خارج وبعكس منطق التغول والجبر والتهديد ، حتى تبقى المنطقة تابعة اقتصاديا ، وليس انسانيا ، الى هذا الغرب صاحب الحضارة المتناقضة مع حضارة الشعوب الأخرى ..
موضوع الحملة الانتخابية التي ستعرفها الدولة الاسبانية حتى غضون 23 يوليوز القادم ، ستكون عبارة عن محاكمات سياسية للحكومة ( الاشتراكية ) ، وستنصب الحملة على الدعوة الحزبية من اتخاذ مواقف ، بخصوص قضايا لا تعالج بالبوليسية ، بل تعالج بالحوار ، وبالمفاوضات بين الأطراف المعنية ، المنتمية للحضارتين المتناقضتين ، لكن ، وهذا هو المفروض ، والذي يجب ان يكون ، المتعاونتين ، والغير متصارعتين ، لان الاختلاف والتعارض في نطاق التعايش ، هو رحمة وليس بنقمة لشعوب المنطقة ، خاصة جنوب البحر الأبيض المتوسط ، الغارقة في البؤس ، والفقر ، وفي الدكتاتورية والبوليسية ، بسبب النهب لثروات شعوبها من قبل الحكام ، ومن قبل دول الغرب التي تدعي الديمقراطية ، والرفع من حقوق الانسان في بناء علاقاتها الدولية ، وهي العلاقات القائمة بين مجموعتين ، واحدة غنية ( شمال البحر الأبيض المتوسط ) ، وواحدة فقيرة ، هي دول جنوب ( البحر الأبيض المتوسط ) ..
ان المواضيع التي ستكون مادة دسمة ، للبرامج الحزبية بين الأحزاب السياسية الاسبانية ، خاصة أحزاب اليمين المحافظ ، وأحزاب اليمين الوطني الشوفيني ، ستكون ، تحديد الموقف من الهجرة ، وتحديد الموقف من صادرات الجنوب الى شمال دول البحر الأبيض ، والى السوق الاوربية ، حيث تعرف الصادرات الاسبانية مزاحمة من قبل الصادرات الجنوبية ، خاصة المغربية .. كما سيكون موضوع الحملة الانتخابية ، الموقف من نزاع الصحراء الغربية ، حيث ان جميع الأحزاب ، ومن جميع الاطياف ، ستدعو الى حق الصحراويين في تقرير المصير ، عن طريق المشروعية الدولية التي تلخصها قرارات مجلس الامن منذ سنة 1975 ، وتلخصها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سنة 1960 ، التي صدر فيها القرار الشهير 1514 الداعي الى الاستفتاء وتقرير المصير ، خاصة وانّ الدول المؤثرة عند صنع القرار الاممي بخصوص النزاع ، لا تعترف بمغربية الصحراء ، وتعتبرها من المناطق المستعمرة ، لعلاجها من قبل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ..
فالمزايدة خلال الحملة الانتخابية ، سيكون اصلها المغرب الجار الجنوبي ( المزعج ) للجيران ، والمزعج لدول شمال حوض البحر الأبيض المتوسط ، وبالأخص لإسبانية الجارة التي تعاني الامرين من قبل النظام الثيوقراطي المغربي ، المشجع للهجرة من الجنوب الى الشمال ، لرأب استقرار دول الشمال من جهة ، ومن جهة استمرار الضغوطات المختلفة التي تقلل من الهجوم الشمالي ، على ملف نزاع الصحراء الذي يهدد النظام المغربي بالسقوط ، عند ضياعه الصحراء ، وعند إقامة دولة بجنوبه ، تفرق حدوده الافريقية ، لتصبح حدودا مغربية صحراوية ( الجمهورية الصحراوية ) ، بدل ان تبقى حدودا مغربية موريتانية . أي فصل المغرب كامتداد عن محيطه الافريقي ..
فعندما تصبح دولة جار جنوبية " المغرب " ، أساس ، وموضع الحملة الانتخابية للأحزاب الاسبانية جميعها ، فالمواجهة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات ، وتولي اليمين المحافظ ، ويمين اليميني الوطني الشوفيني ، في اطار حكومة ستصبح عدوة .. ، يعني ان المواجهة ستصبح محتدة ، بتناقض الحضارات ، وتناقض التاريخ ، بالمنطقة المعرضة لجميع الهزات ، ولجميع الاحتمالات . كما تبقى جميع السيناريوهات ، ذات نسبة مهمة للتطبيق وللتنزيل . مما سيفرخ للإرهاب الذي سيجد حاضنته الترابية ، في عمق المشاكل المستفحلة والخطيرة .
بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات ، وهي محسومة لليمين المحافظ ، ولليمين الوطني الشوفيني Vox ، ومَنْ على يمينية اليمين الوطني العنصري الشوفيني ، ستتأزم العلاقات مع المغرب ، وقد تتخذ اشواطا استقوائية ، تهدد المصالح المشتركة ، خاصة عند استعمال لغة التهديد ، والوعيد ، والفرز الأيديولوجي المتميز للحضارتين . لكن هذا النوع من العلاقات التي يجب انتظارها ، ستقابلها علاقات أخرى ذات مصالح مشتركة ، وسيجمعها التنسيق والمصالح المشتركة " الانتهازية والخساسة ) ، بتقديم الغاز الجزائري الى الجار الاسباني بسعر مفضل ، وبشروط انسب ، وبفتح السوق التجارية الجزائرية ، امام سلع وبضائع وصناعات الحكومة الاسبانية المحافظة ، وستصبح العلاقات بين النظام الجزائري العسكري ، والحكومة اليمينية الاسبانية سمنا على عسل ، وسيعوض النظام الجزائري مكانة المغرب ، باتفاقيات ثنائية ، ستتخذ لها طابع العداوة بين النظام المغربي والنظام الجزائري ، وستدور كلها حول الموقف من الوضع القانوني لنزاع الصحراء الغربية . وهنا . بما ان اليمين المحافظ خاصة اثناء Jose Marian Aznar المقرب من يمين اليمين داخل الحزب الشعبي Pp ، أبان عن عداوة للمغرب لم يسبق ان عرفها تاريخ العلاقات الاسبانية المغربية ، ووصلت درجة غير مقبولة ، انهتها بالطبع تفجيرات مدريد Les attentas de Madrid في 11 مارس 20014 ، باستثناء مرحلة Mariano Rajoy الذي سار على نقيض Aznar ، بسبب الخوف من التفجيرات ، وفترة الإنتعاش التي عرفتها العلاقات بين الدولتين المغرب – اسبانية في فترة ( الاشتراكيين ) من Filip Gonzalez ، الى Jose Luis Zapatero الذين كان ولا يزال دمية مروضة عند البوليس المغربي ، فان تدهور العلاقات بين النظامين المغربي والجزائري ، سيرمي بظلاله على العلاقات بين النظام المغربي ، وبين الحكومة الاسبانية اليمينية ، التي ستخدم مصالحها على حساب تدني الموقف الجزائري ، ولو وصل الى رتبة الحضيض . فالمهم بالنسبة له ، الموقف الاسباني الجديد المعادي لمغربية الصحراء ، والداعي الى حل الاستفتاء وتقرير المصير، وبإشراف الأمم المتحدة ، لان ما ستخسره الجزائر في اقتصادها مع الدولة الاسبانية ، ستعوضه الف مرة ، عند الاعتراف الدولي بالجمهورية الصحراوية ، وعند دخول الجزائر في وحدة ( كونفدرالية ، او فدرالية ، او اندماج ) مع الجمهورية الصحراوية ، حيث ستصبح جزمات عسكر الجزائر ، تلامس مياه المحيط الأطلسي ، ومن ثم ستنجح في خنق المغرب ، بتشكيل طوق عليه ، يمنع رئتيه من التنفس ، ويسبب لهما الاختناق .. بل ستسبب في تشتيته عند ضياعه الصحراء ، وهو حلم كل القيادات الجزائرية التي جاءت الى الحكم ، وهو حلم إسرائيل وفرنسا اللتان تحضان وتشجعان على نشوب حرب بين النظامين المغربي والجزائري لتدمير الدولتين معا ، والذي سيكون لا حقا ، مشروعا لتدمير مصر الأقوى دولة عربية بالمنطقة . فعند تدمير الجيش المصري ، والجيش الجزائري ، والجيش المغربي ، ستصبح الأبواب مفتوحة للنفوذ الى قاع الوطن العربي ، وتبقى جميع المناورات وجميع السيناريوهات قابلة للتطبيق ) Sykes – Picot ) أي انتظار عام " نكبة " جديد ، وعام " انتكاسة " أشد ...
Pedro Sanchez انتهى ، انتهى كشخص لم يحسن تركيب المفردات ، وانتهى كحزب ، الحزب الاشتراكي العمالي الذي فقد الساحة ، وفقد الناخب ، وأضاع الحكومة ، رغم انها لم تكن منسجمة من خلال مواقف غير محددة من الصحراء .. ويكون الذي ذهب بلا رجعة ، بطاقة ذهاب من دون بطاقة رجعة ، الحزب الاشتراكي الذي اضرت مواقفه المتناقضة ، مع أعز حليف له في الحكومة ، هو حزب Podemos ، والأحزاب الانفصالية الكتلانية ، وفقد ثقة الاسبان الذين منحوه صوتهم ، معتقدين عن بلاهة ، ان الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني ، لا يزال على عهدته ، خادم للشعب الاسباني ، ومدافع شرس عن قضايا الامة الاسبانية ، التي يهددها اليمين الوطني الشوفيني ، هذا اليمين الذي أصبح لا يهدد المصالح المشتركة للإسبان فقط ، بل تحول الى المدافع عن القضية الاسبانية ، التي هي بالأصل التاريخ ، والأيديولوجية ، والعقيدة الكتوليكية ، و الفرانكية في ابشع صورها وتطبيقاتها Francisco Franco ... فأحزاب اليمين المحافظ ، وأحزاب اليمين الشوفيني الوطني ، كانوا ولا يزالون من اجل الملكية الاسبانية المهابة والمحترمة ، في حين ان اليسار الماركسي Podemos ، ويسار اليسار المتنوع ، يدعون وامام الملء بإسقاط الملكية ، وتعويضها بالجمهورية .. لكن اية جمهورية ينشد ويطالب بها اليسار ؟ .. ليست ولن تكون جمهورية ديمقراطية على الشاكلة الإيطالية ، بل ستكون جمهورية طبقية ، اي دكتاتورية طبقة على جميع الطبقات التي يتكون منها المجتمع ، وهذا طبعا سر فشل هذا اليسار وسط الشعوب التي يجمعها الاتحاد الاسباني . والسؤال هنا . هل الشعوب الاسبانية التي خرجت من نفوذ الحكم اليميني الشوفيني ل Francisco Franco ، لتعيش في نظام ملكية ديمقراطية ، ستقبل بالانتحار بالارتماء في حضن الدكتاتورية الطبقية باسم اليسار المفترى عليه ؟ ..
سيصبح لعسكر الجزائر وضع جديد على حساب ثروة الشعب المنهوبة ، عندما سيفوز اليمين المحافظ ، ويمين اليمين الوطني الشوفيني ، بحكم الدولة الاسبانية ، مقابل استعداد النظام الجزائري بتلبية كل مطالب الحكومة الاسبانية القادمة ، فقط الشرط الوحيد الذي يشترطه عسكر الجزائر ، هو ان تتخذ الحكومة الاسبانية موقفا يتماشى مع اية بادرة لانفصال الصحراء عن المغرب .. القضايا التجارية والاقتصادية ، والقضايا الاثنية ، أصبحت تحدد الأدوار ، وأصبحت عبارة عن علاقة زبون بالبقال .. " خذْ واعْطي " ..
والى حين حلول 23 يوليوز القادم ، تبقى الأنظار ، وتبقى التكهنات ، واضحة ولا لبس فيها ، وهي الانتصار الساحق الذي سيحققه اليمين المحافظ ، واليمين الشوفيني Vox في الانتخابات القادمة . وتبقى اكبر فرحة ،هي فرحة النظام الجزائري الذي سيجد له مخاطبا مسموعا في قضايا استراتيجية ، كقضية الصحراء الغربية ، خاصة وانه تعادى مع عدو اليمين المحافظ ، واليمين الوطني الشوفيني ، الحزب الاشتراكي الاسباني العمالي ، العدو في نفس الوقت لحكومة ( اليسار الاشتراكي ) التي ستخرج من الأبواب التي دخلت منها اول مرة ، بعد الفوز في الانتخابات السابقة ..
ان دعوة Pedro Sanchez لتنظيم انتخابات سابقة لأوانها ، واخبار الملك بذلك ، كان خطأ استراتيجيا ، لأنه عكس وبالملموس ، الازمة التي يعاني منها الحزب الاشتراكي ، وتعاني منها الحكومة ( الاشتراكية ) ، وطبعا المعاناة كانت اضعف عند حزب Podemos الذي تلطخت سمعته ، عندما انهزم ( اليسار الاشتراكي ) في الانتخابات الجهوية والمحلية والبلدية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل