الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حاكم مصرف لبنان وغرائبية محاكمته واسبابها

حسن احمد عبدالله

2023 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ليس لبنان كغيره من الدول، اذ تتداخل في ازماته عوامل كثيرة، وتصبح مصالح الاشخاص اكثر طغيانا من مصالح الشعب والبلد، ولهذا لم يكن مستغربا ان تصدر مذكرة حمراء من الانتربول الدولي ضد "حاكم مصرف لبنان" ولا تنفذ، بل لم يكن مستغربا الا يتحرك القضاء، ولو بخجل، كي يصدر امرا بمنع سفر "الحاكم" ويصادر جوازيه اللبناني والفرنسي.
في العالم كله لا يمكن لاي مواطن يحمل جنسية ثانية ان يكون موظفا في وظيفة رسيمة الا في لبنان، حيث ثمانية من الوزراء في الحكومة الحالية يحملون جنسيات اميركية وفرنسية وبريطانية، وكذلك نحو 35 نائيا او اكثر يحملون جنسيات دول اخرى، كذلك هناك موظفون فئة اولى لديهم جنسيات متعددة، من ضمنهم قضاة.
هذه الغرابة ليست موجودة الا في لبنان، الذي يستطيع ايا كان من هؤلاء يرتكب جرما ما، وتتدخل سفارة الدولة التي يحمل جنسياتها للافراج عنه، بل منع المحاكمة عنه، لهذا استطاع اكثر من 100 من اعضاء مجالس ادارات بنوك، وموظفين فيها، الخروج من البلاد من دون اي محاسبة، وفرار كل واحد منهم بمئات ملايين الدولارات الى الخارج، مستغلين جنسيتهم الثانية.
هذا الوضع ليس جديدا، لكنه تفاقم في السنوات الثلاثين الماضية، حين عين بعض المسؤولين ممن يطلق عليهم "نصف لبنانيين" في مناصب حساسة، واستطاعوا توظيف امكانات البلاد من اجل مصالح الدول الاخرى، خصوصا التي يحملون جنسياتها.
لهذا حين تصدر النيابة العامة الفرنسية مذكرة دولية لالقاء القبض على مسؤول لبناني، فهي في الحقيقة تصدر حكما على مواطنها، وليس على لبناني ارتكب مخالفات مالية بحجم افلاس الدولة اللبنانية، وهنا فقط يبدأ القضاء اللبناني على استحياء التدخل بالقضية، ليس لان المتهم مرتكب مخالفات كبيرة، بل لان هناك طاقما سياسيا ومصرفيا يحميه، ولان مجرد التحقيق معه امام القضاء الفرنسي سيكشف تورط هؤلاء، وبالتالي فضحهم امام العالم، وليس امام الشعب اللبناني الذي استطاعوا تطويعه، وتدجينه عبر انتخابات رمزية، تأخذ الشكل الديمقراطي، لكنها في المضمون تعيد انتاج الطاقم ذاته.
منذ العام 1926 يعمل بمبدأ ازدواجية الجنسية، واتى قانون ليكرس ذلك المبدأ، ليس في النص، انما بعدم ذكر اي شيء عن الجنسية المزدوجة، وفيما يمنع على الام المتزوجة من غير لبناني منح الجنسية لاولادها،(فيما هناك استثناءات تقوم على الطائفة والمذهب)، فان هذه المبدأ يخالف الدستور اللبناني الذي ينص في مقدمته على ان "لبنان سيد حر ومستقل وطن نهائي لجميع ابنائه"، الا ان هذه النهائية لم تطبق منذ اقرار التعديلات الدستورية في العام 1991، بل منذ ذلك الوقت يجري خرق هذا المبدأ في كل المؤسسات.
لهذا كانت الانتخابات تاريخيا في لبنان تجرى بنسبة اقل من 50 في المئة، وفي مرات عدة اجريت بنسبة 25 في المئة، بينما في الانتخابات الاخيرة لم تتعد 34 في المئة، وبالتالي فان التمثيل الشعبي لا يعبر عن الحقيقة، رغم ان منذ زمن كانت هناك مطالبة بالزامية الانتخاب، كما يجري في غالبية دول العالم، لكن هذه المطالبة تصطدم بقرار المرجعيات الطائفية والمذهبية، والاحزاب المهيمنة على القرار والمؤسسات، لان في ذلك كشف حقيقة قوتها الشعبية، وهي لا تسعى الى ذلك مطلقا.
وكذلك فان هذه القوى والمرجيعات تفرض اجراء احصاء رسمي لانه يخالف نظرتها الى الامور، ولهذا فان اخر احصاء رسمي كان عام 1932، وللغرابة ان كثيرين ممن حازوا الجنسية اللبنانية في السنوات الماضية، تكتب ملاحظة على بطاقاتهم، و"اخراجات القيد"(وثيقة بديلة لبطاقة الهوية) هي "لبناني منذ اكثر من عشر سنوات"، ويستطيع الترشح للانتخابات والاقتراع فور حصوله على الجنسية، اي مخالفة هذا المبدأ ايضا.
هذه الغرابة تتحكم بسلوك المسؤولين، فهم يفرضون المعايير التي تنسابهم، لذلك فإن الوضع في لبنان يزداد سوءا، لان البلاد تحكم بالصفقات والمزاجية والاعراف، وليس بالدستور والقانون، ومن هنا فان محاسبة مسؤول بحجم "حاكم مصرف لبنان"،( بالمناسبة لبنان الوحيد الذي يسمى المسؤول الاول في المصرف المركزي حاكما) ليست سهلة كما يتصور البعض.
كاتب وصحافي لبناني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف