الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكل منا قصة وهذه قصة حياتى (1)

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2023 / 5 / 31
سيرة ذاتية


ولدت فى الرابع عشر من ابريل 1959 ولا اتذكر تحديدا الفترة من الميلاد وحتى التاسعة من عمرى تقريبا ،

لا شيى اطلاقا ، لكن يقال ان امى كانت تطبخ كيلو من اللحم واننى انقضيت على الحلة واكلت اكثر من نصف اللحم ولا اعلم صدق هذه الحادثة من عدمه .لعلها حقيقية فاننى احب اللحم بكل انواعه .

كنا نعيش فى مدينة بنها قليوبية حيث يعمل ابى فى محلج قطن، وذاكرتى غائمة عن مكان اقامتنا ولكنها كانت شقة فى عمارة فى الدور الرابع ،

لكن وصف الشقة ايضا غائم عندى ، اثاث متواضع جدا لكن بها غرفة نوم جيدة مازالت موجودة ، وكنب بلدى للاستقبال فى الصالة ،

اتذكر انه كان هناك تمثال فى ميدان قريب ، ايضا اتذكر انه كان لى صديق بالفصل اسمه حسن وكان الرفاق يعبثون معه بقولهم انت حسن اومال فين نعيمة ؟ تقريبا كان فيلم حسن ونعيمة معروض فى السينمات .

ثم فجاة وجدت نفسى فى مدينتنا الاصلية زفتى وفى بيتنا القديم الذى لم اكن زرته من قبل ، كان مبانى قديمة عبارة عن غرفة بالمدخل مبلطة بالحمرة ( اسمنت مخلوط برمل ولون احمر )

وبجوارها غرفة وبعدها غرفة ثالثة هى غرفة الفرن وجدرانها كانت من الخشب البغدادلى ( شرائح خشب طولية ) تنفذ منها الشمس وكنت ارى الغبار الدقيق فى الجو من خلال الشمس المتسربة من الخشب البغدادلى

وبالصعود على السطح كان توجد غرفتان بالبغدادلى الممحر بالطين والقش .غرف السطح تسمى مقاعد .


وفى منتصف المسافة كان يوجد كانون تقوم امى بتسوية الطعام اليومى عليه ، (والكانون موقد بسيط لمن لا يعرفة عبار عن طوبتين واحدة يمين واخرى شمال توضع عليه الحلة المراد تسوية الطعام بداخلها ويتم ايقاد النار اسفله بالقش والخشب والحطب) ,

واحلى طعام اكلته فى حياتى كان من خلال هذا الكانون ولا اعلم ان كان هذا حقيقى ام ذكرى متخيلة .

وبيتنا المبنى على حوائط حامله كان ومازال يطل على الشارع الرئيسى ومن الخلف يطل على حوش بالغ الضخامة لمحلج قطن ، اسمه محلج كوبر

عرفت فيما بعد انه سويسرى الجنسية ، كانت بالمحلج اشجار كافور عملاقة ويتحول الى خلية نحل عند وصول القطن اليه لحلجة وكان القطن يجى فى اكياس خيش توضع على بالتات خشب .

والشارع الرئيسى الذى يطل عليه منزلنا كان يبدو قفرا من بعد غروب الشمس وان كان طوال النهار طريقا لذهاب الناس من كفر عنان الى زفتى

كنا نلعب فى الشارع الذى كان يتسع قليلا بعد اقل من عشربن مترا من منزلنا ليضم ميدان به مقام لاحد الاولياء يسمى ابن عنان ويقم له مولد ، كان المكان فسيحا يسمح باللعب .

وفكرة مقامات الاولياء منتشرة بشكل عجيب فى كل انحاء زفتى بل تقريبا فى كل الريف والمدن الصغيرة فى مصر ، وفى اى مكان يمكن ان تجد مقام لاحد الاولياء وحتى فى المساجد .

ويقال ان ظاهرة الاولياء كانت منتشرة فى زمن غاب فيه العلم وانتشرت فيه الخرافة ، وكان لرجال الدين الصالحين مقام ممتاز ، واذا مات احدهم فقد يقام له مقام فى منزله او بقربه ،

وربما وهم فى طريقهم لدفنه بالمقابر قد يتعثر النعش ويقع ، فيدفن فى مكانه فوره باعتباره ان الولى يريد الدفن فى هذا المكان .ولو كان فى وسط شارع ، ولهذا تجد مقامات لاولياء فى اماكن عجيبة بالنسبة للوقت الحاضر .

لم تكن المياه الجارية قد دخلت بعد بيتنا ولا كل البيوت حولنا وكانت تجىء لنا ملاية ( هى امرأة تملا الجرار من حنفية المياه العمومية وتقوم ببيعها للناس ) كانت الملاية هذه تملاء الزيرين الموجودين لدينا واوعية اخرى للطبخ والغسل ،

والزير ( هو اناء ضخم من الفخار يوضع على حمالة من الحديد ويغطى بغطاء من خشب )وله فى الاسفل اناء يجمع النقاط التى تتسرب من الزير .

ايضا لم يكن لدينا كهرباء وكانت موجودة فقط فى الاعمدة الحكومية القليلة المتناثرة فى الشوارع الرئيسية .

على بعد خمسمائة متر كان يوجد ميدان اخر به منازل عماتى وكنا نذهب اليه باختراق ما يشبه الغابة من اشجار الكافور والزنزلخت

وفى الميدان كانت توجد حنفية مياه عمومية تعمل ليل نهار تتحلق حولها النسوة لغسل ملابسهم واغراض المطبخ .

الحنفيات العمومية من ماثر ثورة 1952

وحكى لى ابى حكاية طريفة وهى انه وهو عائد من زيارة اخته بعد منتصف الليل رأى حورية تستحم تحت حنفية الميدان عارية تماما كما ولدتها امها وانها عندما راته اختفت وولى هو منها رعبا ،

وفى اعتقادى ان ما رأه ابى كان فلاحة حاولت ان تستغل وقت الليل ، وتستحم بحرية وقطع عليها ابى المسكين هذه الفرصة بظهوره المفاجى فاخاف كليهما الاخر دون ان يدريا .

خلف المحلج الذى كان يطل عليه منزلنا من الخلف كانت النسوة ايضا يتحلقنا حول مصدر مياه نابع من ماسورة تصب فى النيل الذى كان قريبا وكانت مياه الماسورة المتدفقة ساخنة ، ويسمونها( الميه السخنة )

علمت فيما بعد انه كانت اتية من محلج القطن خلفنا ، حيث يتم شفط المياه من النيل لتبريد الماكينات واعادة ضخها وهكذا .

وكان هناك محلج اخر يفصله عن المحلج الذى يطل عليه بيتنا من الخلف شارع صغير يسمى بنات البواجر، اسمه محلج زنهارا ت وايضا كان سويسرى الجنسية ،

كنت استغرب ايضا من اسم الشارع( بنات البواجير) واقول اين هؤلاء البنات ؟ ولكن علمت فيما بعد ان العامة يقولون بانات البواجير اى الشارع بين البواجير وكان يطلق على المحالج وقتها باجور القطن .

كان فقط الراديو موجودا فى القهاوى التى كانت منتشرة وكنت ارى الناس يتحلقون حول القهاوى لسماع ما يقال ان عبد الناصر ، وكنت استغرب كيف يخطب كثيرا هذا الرجل ، اومال امتى هيتزوج ؟

بعد فترة من الزمن تم تدشين التلفزيون وكانت هناك ساحة تسمى الحلقة بها تلفزيون كنا نذهب هناك ونتفرج على الافلام والاغانى الوطنية وغيرها .

فى هذه الفترة كنت فى المرحلة الابتدائية واعتقد اننا عدنا من بنها الى زفتى وانا فى السنة الخامسة الابتدائية ،

وكان طراز الزى المدرسى فى زفتى مختلف عن بنها حيث كان فى بنها، بنطلون وقميص لتلاميذ الصف الخامس والسادس

ومريلة للطلاب والطالبات الاصغرسنا ، ولكن فى زفتى كانت المريلة هى الزى لكل الصفوف ، فكان على امى استعارة مريلة لى من ابنة خالى .

كانت مدرستى الجديدة فى زفتى تسمى المؤسسة ثم اطلق عليها الشهيد عبد المنعم رياض بعد استشهاده فى 9 مارس 1969والذى تحول الى عيد الشهيد .

، كانت المدرسة جديدة ولم نستمر بها اكثر من ستة اشهر حيث تحولت مقرا للمهاجرين من محافظات القناة السويس وبورسعيد خلال حرب الاستنزاف ، وكنا ننتقل من مدرسة لاخرى تقريبا كل شهرين .

واتذكر واقعة طريفة حيث كان كان لى صديق بجوارى فى فصل المدرسة ، وكان بيته يرى من المدرسة ومن شباك الفصل تحديدا سمع صراخ وبكى وقال ان والده مريض ومات .

فافلته المدرس ليعود الى بيته ولكنه عاد الى الفصل وقال انه لم يكن والده ، وكان لدى صديق اخر ولكنه كان سمين للغاية وكنت اخاف ان يقع فوقى ويدهسنى ونحن ننزل من على السلالم .

لم تكن لى صداقات قوية، ولكنى كنت متفوق ، وكان هناك تقليد بين المدارس لاجراء مسابقات ينتقل لها نخبة من من طلبة كل مدرسة للمدرسة الاخرى ،يسمون اوائل الطلبة وانا كنت واحد من هؤلاء النخبة التى تتباهى بهم مدرستى .

وكانت الجوائز لطيفة وبسيطة . اقلام حبر ورصاص وغيرها ، واحيانا شهادات ادخار , كان هناك بنك يسمى بنك الادخار كان الادخار فيه يتم من خلال شراء طوابع بقيمة بسيطة للغاية , واعتقد ان الغرض كان تعويدنا على الادخار .

تحول هذا المبنى الجميل( بنك الادخار ) بعد ذلك ليكون مقرا لحاكم المدينة وانتهى الادخار فى مصر وربما للابد .

لم يكن لدى ادراك اننى اقل من زملائى فى مستوى اللبس او الوضع الاجتماعى ، وللحقيقة فتقريبا كان الناس شبه سواسية ولم تكن هناك فروقات تذكر .

كانت امى تعكف على تعليمنا ولا تالوا جهدا فى سبيل التوصية عليا من المدرسين ، وكانت تسهر بجوارى على لمبة الجاز التى كنت اذاكر على ضوئها ، وكنت احيانا انام وانا اذاكر فتلكزنى لاصحوا واذاكر مجددا ، كانت فكرة القراء والقصص مبكرة معى للغاية ،
وكان دور المكتبة فى المدرسة نشطا فى هذه الفترة وكانت الاستعارة ممكنة , فكنت اخذ الكتب المستعارة واضعها داخل الكتاب المدرسى .

او اقنع امى انه كتاب جديد مقرر علينا واقوم بقراءته ، كانت والدتى امية ولم يكن يهمها سوى ان اقراء واتعلم ، كانت تعتقد ان التعليم وسيلة لتغيير الواقع ،

ربما وصلت لها الفكرة من الجيران حولنا ، كان العصر تعليم وكان التعليم وسيلة للارتقاء نحن نتحدث عن نهاية الستينات .

انهيت دراستى الابتدائية بتفوق ملحوظ ودخلت الى الدراسة الاعدادية كانت مدرسة جميلة تسمى مدرسة الوادى الجديد ، كانت بها مكتبة جميلة كنت اتردد عليها ،

وكان لحصة التربية الزراعية حب لدى ، ربما من هنا بدأ عشقى للزراعة والزرع والخضرة ودائما اقول لنفسى ليت لى بارض مصر فدان كما قال شاعرنا الجميل الذى لا اتذكره .
والى حديث قادم نكمل به القصة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك