الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستنجح عودة أوروبا للمنطقة ..؟؟

بريهان قمق

2006 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


اعتادت منطقة الشرق الأوسط على الجولات المكوكية للعديد من المسئولين الدوليين ،إلاّ أننا اليوم وأمام الجولة الشرق أوسطية الجديدة للممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن المشترك للاتحاد الأوروبي خافير سولانا،نقلب جولته على جمر أسئلة الراهن العربي الصعب، فهل جولته هذه - التي تأتي بعدما تحدثت صحيفة نمساوية عن مرضه ورغبته الانسحاب من عمله رسميا - هل ستحمل أهمية خاصة وبعدا ذاتيا بغية تسجيل انجاز ما لتاريخه السياسي الحافل خاصة بعد انحسار الدور الأوروبي الواضح في المنطقة..!!؟ أم ان جولته شكلانية و تندرج ضمن محاولاته المتكررة للإيحاء بان أوروبا تقوم بدور ما في المنطقة ليس إلاّ وخاصة أن النفي الذي جاء من مكتبه يؤكد استمراره على رأس عمله لسنوات أخرى والتي تعني مزيدا من الجولات المكوكية للمنطقة ..!
ليس تهكما ولكن الحال متهالك، والدور الأوربي متهتك الفاعلية من جهة ،ومن جهة أخرى فإن ما يؤكده المحللون السياسيون والعارفون ببواطن الرغبات الأوروبية أن ثمة هاجس ملح اليوم باستعادة الدور الأوروبي في المنطقة سواء أحبت ذلك أم لا، إنما من منطلق الضرورات الإستراتيجية وإن أخفقت في ذلك فإن الثمن سيكون غاليا جدا ..
صحيح أن الجو العام في الدوائر الاتحادية الأوروبية في بروكسل والتي تدير بشكل مباشر السياسة الأوروبية في الشرق الأوسط يسودها جو من التشاؤم والإحباط الفعلي للقيام بدور حيوي اليوم ، وبخاصة أمام ما يصفونه بسياسة الأمر الواقع الإسرائيلية التي تقزم الدور الأوربي، إلاّ أن التحرك الأوروبي وعبر جولة سولانا الأخيرة بدأت من إسرائيل على اعتبارها الطرف الأساسي القادر على تمكين الأوروبيين من استعادة دورهم في الشرق الأوسط . كما شملت الجولة أيضا كلا من الأردن ومصر والأراضي الفلسطينية. إلا أنه لوحظ اهتمام سولانا وتكريسه لجزء كبير من زيارته إلى لبنان وذلك عبر تفقده القوات الأوروبية في الجنوب ، ربما ذلك كان إشارة واضحة منه إلى أهمية الدور الأوروبي في الظروف الراهنة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وذلك بعد أن تراجع دورها الملحوظ على المسار الفلسطيني بسبب مقاطعتهم للعملية الديمقراطية التي أتت بحكومة حماس داخل الأراضي الفلسطينية.
رغم كل الحديث الذي تم مع الجانب الفلسطيني على أهميته لكنه بدا واهنا أمام تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني التي أوضحت الرؤية الإسرائيلية
انه يتعين على أبو مازن أن يكون رئيسا قويا بحيث يستطيع تغيير الوقائع على الأرض..
وهذا يأتي تحجيما لطموحات جولة سولانا في المنطقة في إطار المساعي لاستخدام النفوذ كي يتعدى الدور الأوروبي مجرد تقديم المساعدات الإنسانية.
أما الجولة التفقدية لقوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني والتي يبلغ عدد جنودها 5700 جندي وفق أرقام المجلس الوزاري في بروكسل ، حملت في طياتها تساؤلات عديدة وبخاصة إزاء الخروقات الإسرائيلية اليومية وعدم احترام القرار رقم 1701 الخاص بوقف إطلاق النار والصادر يوم 11 أغسطس/ آب من العام الجاري دون أي رادع ، بل وصلت إلى حد إطلاق النار على سفينة حربية المانية في المياه الإقليمية اللبنانية.
وأعلنت إسرائيل للتحركات الأوروبية الدبلوماسية وبصلافة انها ستتابع نفس النهج المتبع أي عدم الالتزام بمهام قوات اليونيفيل ، مبررة الأمر بأنها تعتبر نفسها في حالة مواجهة مستمرة مع تنظيم حزب الله الذي يتم تصنيفه دوليا كمنظمة إرهابية .
مما أسقط الأمر بين أيدي الدبلوماسيين الأوروبيين وبدت المواقف الرسمية هشة هزيلة ضعيفة مقابل غضب العسكريين الأوروبيين في الجنوب ،حتى أن الجنرال الفرنسي ألان بيليغريني قائد القوات الأوروبية في المنطقة لمّح قبل حين:
انه بالإمكان تغيير قواعد اللعبة لو أعطي الأوامر بذلك من الساسة ..
ورغم المواقف الرسمية الأوروبية التي تبدو شديدة الهشاشة في منطقة الشرق الأوسط ولكن الواضح أن الرأي العام الأوروبي غير متعاطف مع إسرائيل اليوم بعكس ما هو حاصل من ازدياد تعاطف الرأي العام الأميركي مع إسرائيل ..
يقول البعض إنه في أوروبا لا يوجد هناك لوبي يهودي له نفس القوة التي يتمتع بها ايباك في أميركا، إضافة إلى تنامي أعداد السكان المسلمين في أوروبا وازدياد نشاطهم وتفاعلهم مع المجتمع المدني .. ورغم ذلك فان المسلمين في أوروبا يشعرون حاليا بأنهم محاصرون وليس بإمكانهم سوى أن يحلموا فقط بتشكيل شيء شبيه بإيباك.
لذلك يتعين علينا عربا ومسلمين توخي الحذر والانتباه لعدم الوقوع ببراثن ما تفتعله الآلة الإعلامية المنحازة لإسرائيل وذلك بتصعيد التوتر فيما بيننا وبين الرأي العام الأوربي ..
صحيح أن المراهنة على الموقف الأوروبي الرسمي اليوم تجاه إسرائيل شبه مستحيلة، وان خافير سولانا الذي يفتقد أصلا إلى السلطة السياسية الضرورية لن يكون قادرا ومخولا بتوجيه أي إنذار أو حتى عتاب إسرائيل التي حاصرت زيارته الأخيرة بحزم ، و رغم كل خروقاتها على الجبهة اللبنانية .
وبالتالي لم يعد لسؤال مثل ما أهمية جولة سولانا في المنطقة لا قيمة له ، مقابل ما أهمية تحقيق البعد الاستراتيجي الأوروبي في المنطقة عبر بوابة لبنان ذلك هو المحك والسؤال الأهم للحيلولة دون المزيد من التدهور في الوضع في ظل الأحداث الصعبة التي تشهدها المنطقة ..
واعتقد أن الاتحاد الأوروبي بما لديه من تاريخ طويل من الكوارث الحربية، فإنه ربما يكون أفضل الوسطاء في حال لم يواصل كونه قزما سياسيا. وهذا مناط بنا وبرؤيتنا البراغماتية وقدرة الاختلاف على التفاهم والحوار سواء فلسطينيا أو لبنانيا ..
....
** بريهان قمق / كاتبة وإعلامية أردنية
http://www.postpoems.com/members/parehan/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت