الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفالنا والعيد - خاطرة

محمد أيوب

2006 / 10 / 29
الادب والفن


كان الأطفال في الأعياد السابقة يتوجهون إلى المراجيح ويشترون البالونات وغيرها من الألعاب الهادئة ، ولكن حال أطفالنا انقلب اليوم انقلابا شاملا ، لم يعد الأطفال يبحثون عن الألعاب المسلية ، صار كل همهم أن يقلدوا الكبار في كل شيء ، يشترون الأسلحة البلاستيكية المقلدة والتي تطلق صوتاً يشبه صوت الرصاص الحقيقي أحيانا ، ينقسمون إلى مجموعات ويتبادلون إطلاق النيران ، يحاولون بذلك القفز على مرحلة طفولتهم وصولا إلى رجولة مبكرة يعتقون أنهم بحاجة إليها للتناغم مع ما يجري حولهم من صراعات عائلية أو تنظيمية أو من مواجهات مع جنود الاحتلال .
فكرت في التوجه إلى وسط البلد في سيارة أجرة ، وعندما أردت العودة إلى البيت أشرت إلى سيارة مارة فتوقف السائق ، ركبت في المقعد الأمامي ، وركبت في المقعد الخلفي امرأة مع أطفالها ، سألها السائق إن كانت تريد المقعد كاملا أم أنها تريد مكان شخصين فقط ، اختارت مكان شخصين لها ولأولادها ، وعندما جاء الراكب الثالث لم يكن هناك متسع فطلب السائق من أحد الأطفال أن يركب بجانبي ، كان الطفل يحمل بندقية بلاستيكية ، حاولت مداعبة الطفل فطلبت منه أن يبعد فوهة البندقية عني لأنني أخاف أن ينطلق الرصاص منها فجأة فيصيبني ، ابتسم الطفل ووجه فوهة بندقيته من شباك السيارة نحو الخارج ، سألت الطفل : في أي صف أنت ؟
قال : في الصف السادس الابتدائي .
قلت : بكم اشتريت هذه البندقية ؟
أجاب : بثمانية وعشرين شيكلا !
قلت ألم يكن من الأفضل لك لو أنك اشتريت ملابس جديدة بهذا المبلغ ؟
صمت الطفل ولم يجب ، وكأنه استهجن كلامي ورأى أنه لا يستحق أكثر من الصمت ، علق الراكب في المقعد الخلفي : ربما كان والده موظفا في وكالة الغوث .
قلت : ولو ، لا يجوز إنفاق مثل هذا المبلغ على لعبة سرعان ما تتحطم لو وقعت على الأرض ، خصوصا وأننا نعيش ظروفا صعبة للغاية .
قلت للطفل : هل تحب أن تصبح فدائيا ؟
قال باعتداد واضح بالنفس : نعم . ولم يزد على ذلك حرفا واحدا وكأنه تعلم فضيلة الصمت !
ترى ، من المسئول عن غرس مثل هذه الروح في أطفالنا ، هل هو الاحتلال باعتداءاته المتكررة ، أم أنه حب التقليد للكبار أم أنها النزعة العائلية والقبلية وغياب الشعور بالأمن والأمان في مجتمع بات يفتقر إلى كل أسباب الحياة المستقرة والطبيعية ، إلى متى تظل ثقافة العنف هي السائدة في مجتمع استمرأ العنف الذي أصبح مظهرا طبيعيا في حاراتنا وشوارعنا ، يتم تبادل إطلاق النار لأتفه الأسباب ! يموت من يموت ويصاب من يصاب والفاعل مجهول ، علما بأن غالبية المصابين هم ممن لا ناقة لهم ولا جمل في الصراع الدائر، سواء أكان هذا الصراع عائليا أم تنظيميا ، لقد بات الأطفال يقلدون الكبار ويطلقون رصاصات بلاستيكية على بعضهم مما يؤدي في أغلب الأحوال إلى فقدان بعض الأطفال لعيونهم ويؤدي بالتالي إلى نشوب صراع عائلي جديد .
أما آن لنا أن نهتم بتربية أبنائنا تربية صحيحة والاتفاق على أسس سليمة لتربية متوازنة ؟ أما آن لنا أن نقلص من مساحة ثقافة العنف والموت في مجتمعنا بدلا من الصراع على النفوذ وكراسي الحكم في وطن لم يتحرر بعد ولا نستطيع السيطرة على مقدراته ؟ أما آن لنا أن ننبذ الصراع الداخلي مهما كانت الأسباب المشجعة له ؟ يجب علينا أن نعيد لأطفالنا طفولتهم التي سلبناها منهم وجعلناهم ينضجون قبل الأوان ، متى يعود أطفالنا إلى ممارسة لعب الأطفال بدلا من ممارسة ألعاب الكبار ولعبة الموت ، أم أن لعبة الرولو أصبحت هي اللعبة المفضلة في مجتمع أصبح يمجد الموت بدلا من تمجيد الحياة ومن احترام حق الناس في حياة آمنة مطمئنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?