الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مداخلتي في ندوة الحوار الديني والإنساني

جعفر عبد المهدي صاحب
متخصص أكاديمي في شؤون منطقة البلقان

(Jaffar Sahib)

2023 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



حضرنا الندو ة التي أقامها االمجلس الدولي للحوارالديني والأنساني، يوم الثلاثاء 30/5/2023 في قاعة المكتبة المركزية في العاصمة النرويجية أوسلو. الندوة مخصصة للوضع الخطير في السودان الشقيق.
بدأنا القول بأننا سوف نتحدث بكلام مؤطر أكاديمياً وبلغة سلسة. فنقول: جميع مشاكلنا في العالم العربي هي نتائج حالة عدم حل مسئلة شرعية السلطة. أي بمعنى عدم بناء دولة المواطن، الدولة المدنية المؤسساتية التي فيها لكل مواطن واحد صوت واحد.
الذي حصل في العالم العربي خلال مرحلة التحرر الوطني والقومي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي هو هيمنة العسكر على مقاليد الأمور والتوجه نحو قيام دولة القائد الملهم، القائد الضرورة، ويصبح المواطن غريباً في وطنه.
لدينا دولة عبد الناصر ودولة عبد الكريم قاسم ودولة بورقيبة زدولة السلال ودولة النميري ودولة الأسد ودولة بومدين...الخ.
وعندما تنتهي صلاحية الرئيس لأي سبب كان ( على العموم تتم تنحيته بانقلاب عسكري) فأن القائد الجديد يبدأ ببناء " دولته " من جديد مع محو أثر سلفه.
ولدافع الحياء لم نذكر القول الذي يقارن بين عملية استبدال الحاكم في الغرب ومقارنته مع تبديل الحاكم في عندنا، وهي بالضبط كالمقارنة بين تبديل مقعد التواليت عندهم وعندنا. يتطلب تبديل التواليت الغربي فك وشد أربعة براغي فقط. أما استبدال مقعد التواليت الشرقي يتطلب التهشيم الكامل بمطرقة من الوزن الثقيل.
وتعودنا أن نعلق كل رذائلنا على مشجب الأستعمار والصهيونية، ولم نستفد حتى من عدونا التقليدي (إسوائيل) التي لا أساس لها بالعراقة وشهادة ميلادها عام 1948. تفاصيل القضية الفلسطينية وانعكاساتها على الوضع العربي معروفة ولا يسع المقام التطرق الى حيثياتها ولكن ممكن أن نوجز النتيجة فنقول: (العرب أسوء محامين لأعدل قضية).
لم نستفد من عدونا ، فإسرائيل نجحت في حل معضلة شرعية السلطة، أي بعبارة أخرى من المستحيل أن يقدم جنرال إسرائيلي للقيام بانقلاب عسكري، في حين ممكن لأي ضابط عربي القيام بقلب نظام الحكم في دولته.
إسرائيل كسبت تعاطف دول العالم المتحضر، فرغم قساوتها ووحشيتها وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني، ورغم اغتصابها فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني، يقال عن إسرائل أنها دولة متحضرة تقع وسط أنظمة شرق أوسط متوحش.
قلت: مبادرة المشير عبد الرحمن سوار الذهب، سابقة لم يشهد مثلها الوطن العربي بمختلف أقطاره....عندما مسك الرجل السلطة قطع على نفسه عهداً، أمام الشعب السوداني، بأنه سوف يسلم السلطة للمدنيين بعد مرور سنة. وبالفعل كان سوار الذهب عند وعده.... هذه المبادرة الفريدة من نوعها لو استغلتْ اسغلالاً وطنياً صادقاً في بناء دولة المؤسسات لكانت السودان رائدة للديمقراطية في الوطن العربي بل وفي العالم الثالث.
نحن على قناعة تامة، سوف نتلقى النكسات والكوارث والتشرذم والتفكك والتبقلن في إطار القطر الواحد في حالة عدم بناء دولً مؤسساتية مدنية معاصرة تلائم وطبيعة القرن 21.
بدون ذلك فاننا لا نملك دولاً، ولا وزن لنا في العلاقات الدولية المعاصرة ولا قيمة لنا إطلاقاً.
فيما عدا مبادرة سوار الذهب هناك بوادر أخرى حصلت في العالم العربي ولكن لم يكتب لها الاستمرار كي تتحقق، مثل ما حصل في لبنان إنطلاقاً من ميثاق عام 1943، ولكن الأنظمة العربية كي تستر عوراتها، تدخلت بقواتها وخربت كل لبنان.
كما أن السلوكية االرزينة للرئيس ياسر عرفات تعد نموذجاً فذاً بهذا الاتجاه فرغم التناحر والقتال أحياناً بين الفصائل الفلسطينية مع بعضها، ورغم وجود قيادات متعددة...(حبش وحواتمه وأبو العباس وأبو نضال ووو...)، لكن ياسر عرفات كان يتصرف كزعيم لمنظمة التحرير الفلسطينية وليس زعيماً لمنظمة فتح فقط...ولأبى عمار مقولة طيبة تجسد مفهوم الديمقراطية الحقيقية: ( دع كل الزهور تتفتح في واحة الثورة). .
وهناك مبادرة شخصية قتلت قبل أن تولد وهي مبادرة اللواء عبد الله حجازي عضو مجلس قيادة الثورة الليبي. تعرفنا بالصدفة على هذه الشخصية الفذة وذلك في مقر دار النخلة للطباعة والنشر إذ عرفنّا علية صاحب الدار المذكورة قدمه لنا بقوله" الأستاذ عبد الله حجازي. أهدى لي نسخة من كتابه الموسوم ( التفكير ما فوق الحجاب الحاجز ) وبادرت بإهدائة نسخة من كتابنا (في الفلسفة السياسية من العصور القديمة حتى الثورة الفرنسية). وعند رجوعي لبيتي أخذت أقلب الكراس الذي يحمل عنواناً ملفتاً ( التفكير ما فوق الحجاب الحاجز) فتبين لنا أن الأستاذ عبد الله هو أحد أعضاء تنظيم الضباط الوحدويين الأحرار، ولكن أي ضابط حر هو ؟ أنه عبد الله حجازي حامل كلمة السر الذي بسببها ركب سيارته ليوزعها على جميع الضباط الأحرار، حيث بدأ رحلته المضنية الشاقة من بنغازي الى رأس جدير على الحدود التونسية، إذ قضى طيلة مساء 31 أغسطس على الأول من سبتمبر.
يقول اللواءعبد الله حجازي: بعد نجاح الثورة بفترة قصيرة أخذ المزايدون يتكلمون باسم الثورة وهم في حقيقتهم لا صلة لهم بها...(الكلام مستمر لحجازي) أخذت أرى الناس تسير على رؤوسها وأرجلهم الى الأعلى نحو السماء، وأخذت أشعر أنني العاقل موجود وسط المجانين في مستشفى الامراض العقلية. فقلت في أقرب اجتماع لمجلس قيادة الثورة: نحن قمنا بالثورة فلابد أن نعد العدة لوضع الثورة على سكة الدولة. وفكرة اللواء عبد الله حجازي هي نفسهاالتي انتهى إليها المشير عبد الرحمن سوار الذهب .
لم تجد كلمة حجازي أُذناً صاغية فقرر هو نفسه إيقاف عملة السياسي.
د. جعفر عبد المهدي صاحب - أوسلو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح