الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-سنكون معا حتى القبر-

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2023 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


"هل سيخوض ديكتاتور يوماً ما جولة انتخابات ثانية ؟" طرح رجب طيب أردوغان هذا السؤال الساخر على بيكي أندرسون من قناة سي إن إن ، رافضاً المخاوف من أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تكون عادلة . في القرن الحادي والعشرين ، الإجابة على سؤاله هي : نعم .

غالباً ما يحافظ المستبدون اليوم على الانتخابات للحفاظ على قشرة الحرية ، لكن بمرور الوقت يتمكنوا من التلاعب بالنظام السياسي ، لكي تمكّن النتائج القائد وحزبه على البقاء في السلطة لسنوات عديدة . "سنبقى معا حتى القبر". أعلن أردوغان بشكل ينذر بالشؤم في خطاب النصر الذي ألقاه .

هذا ما يسمى الاستبداد الانتخابي ، وهو ما أدى إلى فوز أردوغان بفارق ضئيل (52٪ مقابل 47٪) على زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو . المبدأ الكامن وراء هذا بسيط . فكلما كنت كقائد غير كفء وقادر على التدمير ، زادت الرقابة والمعلومات المضللة والقمع والحيل الانتخابية التي تحتاجها للبقاء في المنصب . ساعدت هذه الصيغة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على إعادة انتخابه في الربيع الماضي .

أردوغان كان بحاجة للتلاعب بالمنافسة . فالاقتصاد التركي يمر بأزمة بسبب سياسات أردوغان المتناقضة ، والتي أنتجت تضخماً مروعاً (44٪ الشهر الماضي ، انخفض من 80٪ في أكتوبر 2022) . إهمال الحكومة أدى إلى تعميق الآثار المدمرة لزلزال فبراير 2023 ، الذي أودى بحياة 50 ألف تركي وترك الملايين يغمرهم اليأس والغضب .

لذلك ، عمل على إبعاد الرجل الوحيد الذي كان بإمكانه هزيمته . لم يستطع أكرم إمام أوغلو ، عمدة إسطنبول الشعبي ، أن يصبح مرشح المعارضة للرئاسة لأن أردوغان وضع حكماً بالسجن لعدة سنوات على عاتقه ، زاعماً أنه أهان مسؤولين حكوميين في الماضي .

بمجرد أن تخلص أردوغان من هذه المشكلة ، حان الوقت للتركيز على جعل الحملة الانتخابية غير مريحة وخطيرة للمعارضة . خلال الفترة التي سبقت الجولة الأولى من التصويت في منتصف شهر مايو ، تعرضت حافلة حملة إمام أوغلو (التي كان يتجول فيها من أجل كيليتشدار أوغلو) لهجوم من قبل بلطجية موالين للحكومة رشقوها بالحجارة . حتى أن كيليتشدار أوغلو كان عليه أن يطلب من أنصاره البقاء في منازلهم وتجنب الاحتفالات العامة حفاظاً على سلامتهم إذا فازت المعارضة . هذه هي حقيقة تركيا أردوغان .

صعدت الحكومة من لعبتها أكثر في جولة الإعادة في 28 مايو ، وأرسلت المزيد من الشباب الموالين لحزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى مراكز الاقتراع لتهديد الناخبين و إدعاء التزوير الانتخابي . إن عملاء حزب العدالة والتنمية هؤلاء يعادلون جيوش مراقبي الاستطلاعات الحزبية التي جندها الحزب الجمهوري(1) لمضايقة و ترهيب الناخبين .

كان تصعيد العنف بالقرب من مراكز الاقتراع أو أمامها خلال الجولة الأخيرة من التصويت أحد أعراض زيادة الاستقطاب وخطاب الكراهية في تركيا . استعداداً لهذه الانتخابات ، قام الرئيس بتحديث تهديداته ويصرخ ضد العلمانيين والأتراك المثليين والمتحولين جنسياً - وهو مثال على كيفية توافق نقاط خطاب الحزب الجمهوري (2) مع تلك الخاصة بموسكو وأنقرة .

للأسف ، ساهمت المعارضة أيضاً في هذا المناخ المتصلب و المليء بالصراعات من خلال اتخاذ موقف صارم مناهض للمهاجرين . ربما اعتقد كيليتشدار أوغلو أن ناخبي اليمين المتطرف والقوميين المتطرفين سينضمون إلى جانبهم ، لذا جعل طرد اللاجئين السوريين (هناك أكثر من 3.5 مليون منهم في تركيا) أمراً محورياً في برنامجه .

تحدثت حكومة أردوغان عن العودة الطوعية للاجئين السوريين - مقابل الطرد الإجباري لكيليتشدار أوغلو) - ووعدت ببناء منازل في سوريا لأولئك الذين يتم إعادتهم الطوعية إلى الوطن . تحدث كيليتشدار أوغلو عن الطرد الإجباري . شعار المعارضة "يجب أن يرحل السوريون". قال البروفيسور سيبنيم جوموسكو من كلية ميدلبري : "إنه لأمر محزن أن نرى أن الحملة التي كانت قائمة على الحب والاندماج قد اتخذت مثل هذا المنعطف المخيف" .

قد لا نعرف أبداً ما إذا كان هذا التحرك إلى اليمين قد كلف المعارضة أصوات . حملات إردوغان التضليلية وصفت السياسيين المعارضين لسنوات على أنهم "إرهابيون أشرار" ، كما يشير جوموسكو .

لكن هذا واضح جدا . أن تصبح أكثر شبهاً بالخصم ليست فكرة جيدة أبداً ، عندما يكون خصمك سلطوياً وحشياً وتدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان .

كتب إمام أوغلو في عام 2019 : "المرونة الحقيقية تتطلب التغلب على الانقسامات من خلال الحوار والتشاور مع الناس - دروس طبقت جيدا خارج تركيا" . بينما يتعين على الأتراك تحمل أردوغان وقمعه لمدة خمس سنوات أخرى ، لا يمكن لمن يعيشون في الديمقراطيات أن يتركوا النضال ضد الاستبداد الانتخابي للمحامين والمحاكم . يجب أن نستخدم حقوقنا للتعبئة والاحتجاج فهي لا تزال لدينا ، والعمل على تقليل الاستقطاب من خلال تجاوز الانقسام السياسي .

روث بن غياث - كاتبة أمريكية
لوسيد - 30 مايو/مايس

(2-1) الكاتبة تماثل بين فعل وخطاب أردوغان وحزب العدالة والتنمية ، وفعل وخطاب ترامب وحزبه الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية . (المترجم)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -