الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في الذكرى السنوية ال 50 لمجزرة كفرقاسم: باقون كالصبار نتحدى مخططات القتل والترانسفير والقهر السلطوي
احمد سعد
2006 / 10 / 30القضية الفلسطينية
بعد يومين في التاسع والعشرين من شهر تشرين الاول/اكتوبر الجاري تحيي جماهير شعبنا ومعها القوى الدمقراطية والتقدمية من انصار حقوق المواطن والانسان في بلادنا والعالم الذكرى السنوية الخمسين للمذبحة الهمجية الرهيبة التي ارتكبتها قوات القمع والقتل السلطوية من حرس الحدود ضد الناس الابرياء من كفرقاسم، فقتلت بدم بارد تسعة واربعين من عمال وعاملات، رجال ونساء وشباب كفرقاسم. فحكومة الجزارين الاسرائيلية استغلت انشغال الرأي العام العالمي، الذي تتركز انظاره على العدوان الثلاثي، الحرب الاستعمارية الفرنسية- البريطانية- الاسرائيلية على مصر الثورة بهدف الاطاحة بنظام الرئيس جمال عبد الناصر التقدمي الذي امم قناة السويس وانتزع ملكيتها من اللصوص المستعمرين، استغلت حكومة العدوان الاسرائيلي هذا الانشغال العالمي لتوسيع وتعميق جرح النكبة الفلسطينية الذي لم يندمل منذ الثمانية والاربعين. اراد المجرمون الجزارون ان تكون المجزرة في كفرقاسم صورة طبق الاصل من حيث مدلولها السياسي للمجزرة التي ارتكبها وحوش الهاجانا في دير ياسين. ان تؤدي المجزرة الى انتشار الرعب في كفرقاسم وقرى المثلث الجنوبي، في جلجولية والطيبة والطيرة وقلنسوة وغيرها. والى الهرب الجماعي، الى الهجيج القسري واللجوء القسري خارج وبعيدا عن مسقط رأسهم. كانت كلمة "السر" بين قوات الجزارين "الله يرحمه"، أي عدم الرحمة والقتل المتعمد بهدف تنظيف المثلث الجنوبي وتطهيره عرقيا من اهله العرب بهدف تهويده. وكان ترتيب المذبحة الجماعية مخططا، اذ فرض الجيش حالة الطوارئ على كفرقاسم في وقت كان يعلم فيه ان قسما من الاهالي لا يزال يعمل خارج القرية في المدن اليهودية، في تل ابيب وغيرها، وفي قطف الزيتون، وانتظر القتلة عودة العاملين فحصدوا ارواحهم حصدا، قتلوا تسعة واربعين من الابرياء ووقع عدد كبير من الجرحى الذين نجوا باعجوبة من براثن الموت الزؤام. ورغم هول وفظاظة المجزرة الدموية فان اهلنا في كفرقاسم وقرى المثلث قد تعلموا العبرة من نكبة الثمانية والاربعين وان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ولا رواح من هالمراح، لن نترك وطننا مهما كلف الامر، وباظافرنا نتشبث بتراب الوطن ونتحدى الظلام.
وعمل الجزارون على اخفاء جريمتهم النكراء في كفرقاسم وحاولوا لف كفرقاسم بستار كثيف من التعتيم الاعلامي واستغلوا تقييدات الحكم العسكري وانظمة الطوارئ الموروثة من ايام الانتداب الاستعماري البريطاني على فلسطين لمنع وصول الحقائق عن مجزرتهم، جريمة الحرب التي ارتكبوها في كفرقاسم الى الرأي العام العالمي. ولم يتم الكشف عن احداث المجزرة وبفضح ممارسة حكومة الجزارين الا بعد تخطي القائدان الشيوعيان خالد الذكر ماير فلنر واطالة الله في عمره توفيق طوبي ورجل السلام لطيف دوري، الصعوبات والحواجز العسكرية وبطرق التفافية عبر الصخور والاشواك وصلوا الى كفرقاسم، ونشر توفيق طوبي رسالته الشهيرة الى الرأي العام الاسرائيلي والعالمي مطالبا باقامة لجنة تحقيق رسمية لمحاكمة الجزارين القتلة. وحتى يومنا هذا لم ينزل عن اجندة كفاح اهلنا في كفرقاسم وجماهير شعبنا المطلب العادل باقامة لجنة تحقيق رسمية للكشف عن جميع ملابسات المجزرة ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها. فوصمة عار في جبين سياسة القهر القومي السلطوية المحاكمة الصورية للقتلة والحكم على الضابط المجرم الجزار شدمي بقرش واحد.
ولم يكن من وليد الصدفة ان حكومات اسرائيل المتعاقبة، ان كانت برئاسة حزب "العمل" او "الليكود" ترفض اقامة لجنة تحقيق رسمية حول ملف مجزرة كفرقاسم، لانه في الواقع لم يكن مطروحا في الافق الاستراتيجي لنهج التعامل الرسمي مع الاقلية القومية العربية الفلسطينية أي تغيير جذري في السياسة العدوانية السلطوية نحو العرب، والتي ترى في العربي خطرا امنيا وطابورا خامسا معاديا للدولة يتوجب قمعه بالقوة وتضييق الخناق عليه وعلى معيشته ومحاولة مصادرة شرعية حقه في المواطنة. ولا نبالغ اذا اكدنا ان نضالنا دفاعا عن حقنا في البقاء والتطور، عن حقنا في المساواة القومية والمدنية، الجماعية والفردية، نضالنا هذا اتسم بمواجهة سلسلة من المجازر المتلاحقة التي ارتكبتها السلطة واذرعها القمعية ضد جماهيرنا العربية. فتاريخ الاوساط الحاكمة في بلادنا في تعاملها مع المواطنين العرب اسود من السخام ومخضب بدماء مجازرها وجرائمها ضد الاقلية القومية العربية الفلسطينية. فبعد مجزرة كفرقاسم الدموية ارتكبت السلطة واذرعها القمعية في الثلاثين من آذار الستة والسبعين مجزرة يوم الارض الخالد. فحكومة العمل برئاسة رابين وبيرس في حينه خططت لمصادرة اراضي الملء التي اعطتها رقما عسكريا- المنطقة الامنية 9- وحرمان اصحاب الارض من فلاحي واهالي سخنين وعرابة ودير حنا من ملكية واستثمار اراضيهم. ومصادرة الارض العربية من وجهة نظرنا تعني مصادرة ركن اساسي من اركان مركبات هويتنا القومية وحق وجودنا وتطورنا في وطننا. فالمحافظة على الارض جزء لا يتجزأ من نضالنا الوطني دفاعا عن حقوقنا القومية عن حقنا في البقاء فوق تراب وطننا. ولهذا، ولمواجهة اوامر المصادرة السلطوية وبمبادرة من الحزب الشيوعي ولجنة الدفاع عن الاراضي العربية التي كانت تضم الشيوعيين وابناء البلد وشخصيات وطنية اعلن الاضراب العام والشامل. ولا احد ينكر الدور الشجاع والبطولي لخالد الذكر توفيق زياد في لجنة الرؤساء واعلانه ان الشعب قد قرر الاضراب، وكان الاضراب شاملا وناجحا، وقابلت السلطة الحق الدمقراطي للجماهير العربية بالدفاع عن اراضيها والتعبير عن موقفها بالاضراب، قابلت ذلك بعدوان عسكري يعيد الى الاذهان احتلال قرى البطوف في الثمانية والاربعين، حيث اعتدت بالدبابات والمجنزرات والحشود من الجنود على سخنين وعرابة ودير حنا وكفركنا والناصرة، وكانت نتيجة العدوان استشهاد ستة من الابناء البررة لشعبنا من سخنين وعرابة ونور شمس ومئات الجرحى.
وكان من نتائج يوم الارض الخالد ان الكفاح بأوسع وحدة صف قد اثمر بالغاء اوامر مصادرة اراضي المل وعودة الاراضي الى ايدي اصحابها الشرعيين، كما ادى ذلك الى ارتفاع موجة الكفاح الوطني للجماهير العربية والى بلورة الآليات الكفاحية القطرية لوحدة الصف الوطنية الكفاحية. فسنة بعد يوم الارض، وبمبادرة الحزب الشيوعي الاسرائيلي اقيمت الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة التي تكونت من الحزب الشيوعي والفهود السود ولجنة المبادرة العربية الدرزية وجبهة الناصرة الدمقراطية وطريق الشرارة وساشي. وفي الانتخابات البرلمانية والبلدية التي جرت في الثمانية والسبعين حصلت الجبهة على اكثر من خمسين في المئة من اصوات الناخبين العرب، لاول مرة تهبط نسبة ما تحصل عليه الاحزاب الصهيونية مجتمعة من الاصوات العربية اقل من خمسين في المئة. كما حصلت الجبهة على حوالي عشرين رئيس وادارة مجلس محلي عربي، وسقطت عكاكيز السلطة ممن وقفوا ضد اضراب يوم الارض الخالد. وفي هذه الفترة تعززت الآليات القطرية لوحدة الصف الكفاحية، تعززت مكانة اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية والعربية ونشأت لجنة المتابعة القطرية للقضايا الصحية ولجنة المتابعة القطرية للقضايا الاجتماعية، واللجنة القطرية للطلاب الجامعيين العرب وغيرهم.
ان المعركة ضد برامج السلطة لمصادرة الاراضي العربية وهدم البيوت العربية بحجة البناء غير المرخص لم يتوقفا طيلة السنوات الماضية، الشيء الجديد الذي برز في اواسط التسعينات من القرن الماضي هو تصعيد السياسة العنصرية المعادية للشعب العربي الفلسطيني وللمواطنين العرب الفلسطينيين في اسرائيل، والذي اتخذ ايضا شكل طرح البرامج المختلفة للترانسفير، ترحيل العرب، من قبل مختلف الاحزاب الصهيونية ورجال الاكاديميا، العمل لشرعنة الترانسفير من منطلق ان العرب يؤلفون خطرا ديموغرافيا يهدد مصير الدولة كدولة يهودية، وانه لا مفر من التطهير العرقي العنصري. فمنذ مؤتمر هرتسليا حول الترانسفير في اواسط التسعينات ظهرت العديد من الدراسات الصهيونية العنصرية والفاشية التي تشرعن التطهير العرقي، مثل دراسات صوفير ودعوة ايفي ايتام "التي طورها" من "ترانسفير نظري" أي ان يبقى المواطنون العرب في اماكنهم ولكن يعتبرون كمواطنين اردنيين، الى ترانسفير عملي، أي ترحيل قسري لاهالي الضفة الغربية ومصادرة الشرعية السياسية للعرب وللتمثيل العربي في الكنيست، و"نظرية" المأفون الفاشي العنصري افيغدور ليبرمان المبنية على مبادلة ام الفحم واهالي وادي عارة بقطعان المستوطنات الكولونيالية القائمة في الضفة الغربية المحتلة.
لقد شاءت صدف هذا الزمن ان تأتي مناسبة ذكرى نصف قرن على مجزرة كفرقاسم في الوقت الذي يعلن فيه رئيس الحكومة، ايهود اولمرت، عن ضم المأفون الفاشي الترانسفيري، افيغدور ليبرمان الى الائتلاف الحكومي مع قائمته اليمينية المتطرفة "يسرائيل بيتينو". وقد فصلوا على مقاس ليبرمان وزارة جديدة حيث سيصبح من هدد بضرب اسوان وزيرا استراتيجيا، يهتم بالقضايا الاستراتيجية مثل الموقف من ايران وسوريا وحزب الله، الموقف من السلطة الوطنية الفلسطينية ومن المواطنين العرب وخطرهم الاستراتيجي الديموغرافي!!! دخول ليبرمان الحكومة يؤلف خطرا على الامن المنطقي وعلى الدمقراطية وعلى العرب. ونحن نؤكد هذه المخاطر المرتقبة التي تهدد السلام والامن في المنطقة والدمقراطية والعرب داخل اسرائيل من منطلق اهمية رص صفوف قوى السلام والدمقراطية اليهودية والعربية، لمواجهة مخاطر ما هو آت. كما اننا نؤكد ذلك ليس من منطلق الخوف او التخويف، فخلال طيلة السنوات الماضية، ومنذ قيام اسرائيل وحتى يومنا هذا، واجهنا الكثير من جرائم ومجازر ومظالم سياسة القهر القومي والتميز العنصري السلطوية ولم نحن هاماتنا الكفاحية، واجهنا الكثير من اقزام الفاشية العنصرية والترانسفير امثال ليبرمان وقبله كهانا وزئيفي وايتام ولم تنكسر شوكتنا النضالية. فنحن ابناء هذا الوطن واهله الاصليين وسنبقى فيه منزرعين مثل الصبار والزيتون نتحدّى كل العواصف، والمجد والخلود لشهداء كفرقاسم وجميع الشهداء الابرار.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت
.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا
.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و
.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن
.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا