الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب بين روسيا والغرب في أوكرانيا تنذر بالخطر الشديد على العالم!

منذر علي

2023 / 6 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


خلال مدّة الحرب بين روسيا والغرب في أوكرانيا الممتدة منذ شهر فبراير 2022 حتى شهر نهاية شهر مايو 2023، أسفرتِ الحرب عن مغانمٍ روسيِّة في شرق أوكرانيا وجنوبها، ومغارم أوكرانيا كبيرة في ذات المناطق وفي غيرها، وخسائر اقتصادية ومالية وعسكرية هائلة للدول الغربية، واختلالات كبيرة في تصدير الغذاء والطاقة، وتفاقم الأزمات المختلفة الناتجة عن الحرب وانعكاساتها السلبية، وإنْ بدرجات متفاوتة، على كل بلدان العالم.
المواجهة بين روسيا الاتحادية والغرب في أوكرانيا، كانت حتمية من وجهة نظر الطرفين المتصارعين. فمن جهة، فإنَّ الانقلاب الأمريكي الغربي في كييف سنة 2014، مكَّنَ التنظيمات الفاشية من السيطرة على السلطة هناك، وتَبَنِّت تلك التنظيمات لسياسةٍ فاشية ضد الأقليات الأخرى، ولا سيَّما ضد الأقلية الروسية، وحصولها على دعم سياسي واقتصادي وعسكري متزايد من قبل الدول الغربية، وتهيئتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، الناتو، وإقامة قواعد عسكرية غربية فوق أراضيها، القريبة من الحدود الروسية، ومنذئذ شعرت روسيا الاتحادية أنَّها غدت مُهددة، فاندفعت لخوض معركتها قبل فوات الأوان ضد النظام الأوكراني وحليفه الغربي. ولئن كانت روسيا ترى أنَّ معركتها في أوكرانيا وجودية، فهي إذاً مُصَمِمَةٌ على الانتصار فيها مهما كان الثمن.

ومن جهة أخرى، يرى الغرب، الذي يسعى منذ زمن طويل لتفكيك الإمبراطورية الروسية و الاتحاد السوفيتي، أنَّ الوقت مناسب لأسقاط الاتحاد الروسي وتوسيع نفوذه الجغرافي والسياسي والاستراتيجي و بسط هيمنته على روسيا، ولذلك فالغرب ليس عليه فقط أنْ يتجنب الهزيمة في أوكرانيا التي قد تطوح بمكانته العالمية القائمة، وبهيمنته العالمية المأمولة، وتفسح الطريق لتعدد الأقطاب في العالم، ولكنْ عليه أنْ يُكمل المهمة التي أخفق في أدائها الرئيس الروسي السكران، الموالي للغرب، بوريس يلتسن بين 1991 - 1999، و يجب عليه، كما عبَّرتِ صراحة نائبة وزير الخارجية الأمريكي، فيكتوريا نولاند، أنْ يلحق هزيمة استراتيجية ماحقة بروسيا حتى لا تنهض مرة ثانية، وتتجاسر وتتعاظم، وتتطاول وتتحدى الهيمنة الغربية في العالم، كما عملتْ عقب ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى سنة 1917، وبعد الانتصار السوفيتي الساحق على الفاشية في الحرب العالمية الثانية سنة 1945.

اليوم وبعد انصرام الذكرى السنوية الأولى قبل حوالي ثلاثة أشهر والدخول في السنة الثانية للحرب، والسيطرة الروسية على باخموت، والقصف الأوكراني المتزايد على المناطق الروسية مثل بيلغورود، وكراسنودار، فضلًا عن قصف موسكو والكرملين بالطائرات المُسيرة، دخلتِ الحرب بين أوكرانيا وحلفائها الغربيين وروسيا الإتحادية، مرحلة شديدة التعقيد، والأسابيع والأشهر المقبلة تنذر بالخطر.


لقد شدد الغرب عقوباته ضد روسيا، ودمرَّ خطوط الغاز، السيل الشمالي، الذي يربط بين روسيا وألمانيا، وتجاوز الغرب للخطوط الحمراء التي حددها الرئيس بوتين في خطابه في 24 فبراير2022 صبيحة اليوم الذي بدأت فيه روسيا" عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.
لقد شرع الغرب، منذ اليوم الأول للحرب، بتزويد أوكرانيا بالسلاح الخفيف، ثم ارتقى إلى دعمها بالسلاح المتوسط، فالسلاح الثقيل. ومن المتوقع أن يدعم الغرب أوكرانيا بالأسلحة الإستراتيجية، كالطائرات F-16 والصواريخ بعيدة المدى.
كما عمل حلف شمال الأطلسي، الناتو، على تعزيز قواته في ألمانيا، وشرق أوربا ولا سيّما في بولندا ورومانيا، فضلًا عن دول البلطيق الثلاث: إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا. وعلى الرغم من رفض المجتمعات الغربية للحرب، بسبب أزمة الطاقة، وارتفاع التضخم، وتفاقم الأوضاع المعيشية، إلاَّ أنَّ هناك تكهنات كثيرة وشواهد عدّة، تشير إلى أنَّ الغرب سادرٌ في غيِّه، وعلى وشك أنْ يدفع بولندا ورومانيا ودول البلطيق للانخراط في الحرب، بشكل مباشر، في صف الجيش الأوكراني ضد الجيش الروسي. وفي 20 فبراير من العام الجاري، وصل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في زيارة مفاجئة، إلى العاصمة الأوكرانية، كييف، وأكد عزمه على إقامة تحالف واسع وقوي للدفاع عن أوكرانيا.

وبالمقابل، عمدتْ روسيا إلى توسيع وتعزيز علاقاتها الدولية، السياسية والاقتصادية، مع الصين والهند وإيران وكوريا الشِّمالية ودول أمريكا اللاتينية، ودول القارة الأفريقية، وعززت قواتها العسكرية، ولاسيَّما الصاروخية، الفرط صوتية، وأجرتْ تعديلات أساسية في قيادة الجيش الروسي، والتعبئة الجزئية، وحشدت أكثر من نصف مليون جندي في كل من بيلاروسيا وشمال وشرق وجنوب أوكرانيا. وهناك دلائل جدية أنَّ روسيا تعتزم، في السنة الثانية من الحرب، تشديد الخناق على أوكرانيا وإحباط المشروع الغربي.
وفي هذا الصدد، يبدو أنَّ روسيا تسعى لاختراق أوكرانيا من جهة بيلاروسيا، وفصل الجزء الغربي من أوكرانيا، الذي تتسرب عبره الأسلحة والوسائل الحربية واللوجستية الغربية إلى كييف وخار كييف وإلى غيرهما من المناطق. ومن المتوقع، أنْ تعزز روسيا وجودها في مناطق سيطرتها في الجبهة الشِّمالية والشرقية والجنوبية من أوكرانيا، وتسعى للسيطرة على أوديسا، ثم التوسع باتجاه خار كييف والسيطرة عليها، ثم التوجه صوب كييف، وحصارها، والضغط على القيادة الأوكرانية في كييف للاستسلام طوعًا، أو اقتحام العاصمة عَنْوَة، بشكل خاطف، والقبض على النخبة الفاشية هناك، والإعلان عن ردع أي تدخل عسكري خارجي، والتلويح باستخدام السلاح النووي.
وعلى الرغم من أنَّ الصين بدأت تتحرك بقوة، وأرسلت قبل حوالي ثلاثة أشهر، وانغ يي، أبرز الدبلوماسيين الصينيين، إلى كل من فرنسا وإيطاليا وهنغاريا وألمانيا وروسيا، في محاولة لحل الأزمة الأوكرانية المتفاقمة، إلاَّ أنه من غير المُرجح أنْ تسفر المحاولات الصينية عن نتائج إيجابية سريعة دون تحقيق نتائج استراتيجية حاسمة على الصعيد العسكري.
خلاصة القول: الأوضاع السياسية العالمية متفجرة وحساسة للغاية. عودوا إلى خطاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين في 21 فبراير 2023، الذي القاه في الذكرى الأولى للعملية العسكرية، وعقب لقائه بمجلسي الأمن والدوما الروسيين. ترقبوا الأحداث في الأيام المقبلة التي قد لا تكون مثل سابقاتها. ترقبوا ما سيأتي، فالأوضاع في أوكرانيا وروسيا وأوروبا والعالم تنذر بالخطر الشديد، ولا سيَّما بعد تزايد الدعم الغربي لكييف و قصف العاصمة الروسية موسكو!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - (مجلس الناتو – أوكرانيا) إعلان عن حرب عالمية ثالثة
محمد بن زكري ( 2023 / 6 / 2 - 21:55 )
بالتزامن مع اجتماع قادة 47 – 51 دولة ، من ضمنها الدول أعضاء حلف الناتو ودول الإتحاد الأوربي ، في مولدوفا (1 يونيو 2023) ، للتضامن الاستباقي ضد احتمالات امتداد الحرب الأوكرانية إلى (ترانسنيستريا) الانفصالية الموالية لروسيا ، أعلن أمين عام حلف الناتو في اجتماع وزراء خارجية دول الحلف بأوسلو اتفاقهم على تشكيل مجلس (الناتو – أوكرانيا) .
وفيما لو تم اعتماد تشكيل مجلس (الناتو – أوكرانيا) في قمة الحلف القادمة بليتوانيا ، فذلك سيعني (إجرائيا) اكتساب أوكرانيا ما يمكن اعتباره صفة (عضو شرف) أو (عضو مراقب) في منظمة حلف الناتو ، وضمنا التزام دول الحلف - مجتمعة - بضمان أمن أوكرانيا .
و بذلك سيدفع الغرب بالحرب الهجينة التي يديرها في أوكرانيا ضد روسيا ، إلى مشارف اندلاع حرب عالمية ثالثة .
مع تحياتي للأستاذ الكاتب منذر علي

اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا