الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألمستنقع العراقي والتخبط الامريكي

ماجد لفته العبيدي

2006 / 10 / 30
الارهاب, الحرب والسلام


أكدت تطورات الإحداث خلال الأسابيع الماضية في العراق , الفشل الذر يع لسياسية الولايات المتحدة ومخططاتها الإمبريالية الجديدة , وأصبحت كل المزاعم السابقة التي روجت لها ماكينة الداعية الأمريكية , حول الحرب الاستباقية والضربات الانتقائية لمعاقل الإرهاب , مجرد أكاذيب و محض افتراء , وضحك على الذقون , وأعطت هذه التداعيات للعالم صورة واضحة عن مجريات الإحداث في بلاد الرافدين , وكشفت للعراقيين والعالم أجمع عدم قدرة الولايات المتحدة وجيوشها المحتلة على تحقيق الاستقرار , وضربها المثل للمنطقة حسب ما تدعيه بجعل العراق واحة الديمقراطية الشرق أوسطية .
فالتقرير الذي تم تسريبه وعنوانه (اتجاهات الإرهاب العالمي: التداعيات بالنسبة الى الولايات المتحدة) , جاء في ذروة الحملة الانتخابية , وسبب إحراج واستياء كبير لدى الرئيس جورج بوش واجبره على نشر خمس صفحات منه, وهذا التقرير يفند سياسة بوش الرامية للاستمرار في احتلال العراق , وإبقاء جيوشه ألمحتله تحت ذريعة الحرب على الإرهاب , ووضع الليبراليون الجدد ونظريتهم حول الإرهاب أمام تساؤلات جدية, و تم فيه أيضا تفنيد مزاعم الإدارة الأمريكية بتوجيه ضربات ماحقه وشل عمل الجماعات الإرهابية , ويبين التقرير من دون لبس مدى تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية والتكفيرية وتعاضم نفوذها , إضافة إلى ما وصل إليه الوضع في العراق من فوضى وتدهور في جميع المجالات في ظل الحرب الطائفية الغير معلنة والقتل على الهوية , الذي يبدد أحلام الليبراليون الجدد في مواصلة خداع شعوب المنطقة عبر اللعب على حبل الديمقراطية وحقوق الإنسان , وتقسيم الشعوب إلى جبهة للشر والخير على ضوء الأفكار الدينية اليمينية المتطرفة , والتي تتضح معالمها للعالم يوما بعد يوم , من خلال سياسية الكيل بمكيالين التي تنتهجها الإدارة الأمريكية وحلفائها والمنسجمة مع سياسية العولمة الإمبريالية الوحشية .
لقد أدى تسريب الاستنتاجات الواردة في التقرير , الى ردود أفعال غاضبة من قبل الإدارة الأمريكية والجمهوريين , وتم معاقبة موظف في لجنة المخابرات في مجلس النواب، بتهمة تسريب تقرير سري حول العراق الى صحيفة [نيويورك تيمز], وتم أيضا أتخذ إجراءات لمنع موظف ديمقراطي اخر من الوصول إلى وثائق سرية , وقد علقت المسئولة الثانية في لجنة المخابرات الديموقراطية جاين هارمن , على هذا الاجراءت بقولها (انه من دون شك رد فعل انتقائي على تسرب معلومات), وهذه المعلومات التي تتحدث عنها المسئولة الاستخباراتية , تتعلق في قضية الكشف عن استنتاجات توصلت إليها الشهر الفائت, اجهزة الاستخبارات الأمريكية من خلال تقارير عملائها العاملين في العراق , والدراسات الميدانية المتعلقة في الخسائر المادية والبشرية للجيش الأمريكي وحلفائه , و التقارير الواردة عن نشاطات الجماعات الإرهابية والتكفيرية , وتصاعد وتيرة العنف في العراق , والذي تجاوز ضحاياه 650 ألف حسب ما جاء في الصحافة ووسائل الأعلام الأمريكية والعالمية , إضافة إلى ارتفاع خسائر القوات المحتلة خلال شهر أيلول مقارنة في الأشهر السابقة , ويحتوي التقرير أيضا على معلومات مفادها ان [النزاع العراقي بات يشكل أولوية بالنسبة الى الجهاد يين] , وان [الجهاد في العراق يبني جيلا جديدا من القادة والعناصر الإرهابيين] .
وقد سبب تسريب التقرير للصحافة والأعلام , جملة من الاتهامات والتشكيك بوطنية الديمقراطيين وحرصهم على الأمن القومي الأمريكي, فقد كتب السيد هوكسترا الرئيس الجمهوري للجنة المخابرات , بمجلس النواب الى جاين هارمن الديمقراطية و المسئولة الثانية للجنة المخابرات , في رسالة نشرت الجمعة الماضية (لا أستطيع الافتراض ان الأمر مجرد صدفة) , محاول التلميح إلى قضية خطرة ممكن استخدمها ضد الديمقراطيين في الحملة الانتخابية بقوله (الديموقراطيين ليسوا مستعدين لحماية معلومات اللجنة), وأضاف (أنكم تسيسون المخابرات لأسباب لا تعكس قيم الامن القومي) .
وصرح رئيس اللجنة الجمهوري بيت هوكسترا ( لوكالة روتيرز ) انه قرر اتخاذ عقوبة بحق الموظف بعد ان تبين انه طالب بالتقرير قبل ان تنشره (نيويورك تيمز) بيومين, وأدى هذا الأجراء الذي اتخذ قبل ثلاثة أسابيع من معركة انتخابات تشرين الثاني من اجل السيطرة على الكونجرس ,الى احتجاج من جانب الديمقراطيين , حيث احتج احد ابرز الأعضاء الديمقراطيين في اللجنة, النائب بيتر هويكسترا عن ولاية ميشيجان ,متهم الجمهوريين بممارسة الانتقام السياسي , وقال ان رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب ,أمر بوقف التصريح الامني بعد ان اثار نائب اخر شكوكا بشأن تعامل الموظف مع تقديرات المخابرات في نيسان عن الإرهاب العالمي .
فيما أشار النائب راي لحود عن ولاية ايلينوي , وهو عضو جمهوري اخر في لجنة المخابرات , الى ان الموظف الديمقراطي طلب وتلقى نسخة من الوثيقة من مكتب رئيس المخابرات الاميركية (جون نجروبونتي ) قبل ايام من بدء ظهور التسريبات, وقال لحود في رسالة الى هويكسترا [ قد يكون هذا مجرد صدفة...., لكن الصدفة في هذه البلد امر سيء] .
إن الكشف عن هذه التقرير , ونشر العديد من الاستطلاعات التي ترجح تصويت 62% من الجمهوريين لصالح مرشحيهم , مقابل 82 % من الديمقراطيين لصالح مرشحيهم , وحصول الديمقراطيين على 11 نقطة أكثر من الجمهوريين , في استطلاعات الرأي , إضافة إلى التدني المتواصل لشعبية الجمهوريين والرئيس بوش, والخسائر الفادحة التي تكبدها الجيش الأمريكي في العراق خلال أيلول الماضي والتي بلغت 95 جندي أمريكي , تجعل من خسارة الجمهوريين قاب قوسين اودنى , وهي بداية النهاية للعد التنازلي للإدارة الأمريكية الحالية .
في ظل تتصاعد الأصوات الداعية إلى تغير سياسية الإدارة في العراق , ليس من جانب الديمقراطيين وحسب بل في أوساط الحزب الجمهوري , فالحزب الديموقراطي يدعوا بوش الى مراجعة سياسته في العراق والى عقد مؤتمر دولي لحل المشكلة العراقية سلميا , وكتب هاري ريد زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ في رسالة مفتوحة الى بوش، (ندعوكم الى تغيير الاتجاه والى التعاطي بصراحة مع الاميركيين والانضمام إلينا لوضع سياسة ناجحة قبل ان يصل الوضع في العراق الى نقطة اللاعودة).
ومن الجانب الأخر يتصاعد الاحتجاج على سياسية بوش في أوساط الجمهوريين , فقد دعا نواب جمهوريون كذلك الى تغيير السياسة الاميركية في العراق مع اقتراب انتخابات نصف الولاية .
كل تلك التداعيات أجبرت السيد بوش لعقد اجتماعه مع كبار مستشاريه السياسيين و العسكريين والامنين الستراتيجين في يوم السبت 21 تشرين الأول , للخروج بوجه جديدة للخطط الإستراتجية الأمريكية [ التخبط الامريكي ] , حيث أجرى بوش مشاورات مع قادته العسكريين حول استراتيجيته في العراق الذي يشهد تصعيدا للأعمال العنف والحرب الطائفية والاستخدام المفرط للقوة من قبل المحتلين , والتقى بوش الجمعة الماضية قبل الاجتماع في البيت الابيض ,الجنرال جون أبي زيد قائد القيادة الوسطى التي تشرف على العمليات في العراق وأفغانستان, والذي شارك أيضا في مشاورات السبت الى جانب نائب الرئيس ديك تشيني ورامسفلد، ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي وقائد القوة المتعددة الجنسيات في العراق الجنرال جورج كيسي , والسفير الأمريكي في العراق زلماي خليل زاده , وعلى الرغم من محاولة وزيرة الخارجية التقليل من أهمية الاجتماع بوصفه , بالاجتماع الاعتيادي الأسبوعي , وكذلك ما صرح به المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو , بهذ الصدد حيث وصف مشاورات بوش مع قادة القوة المتعددة الجنسيات في العراق وقادة القوات الاميركية في الشرق الأوسط (مقررة منذ أسابيع)، ولم تأتي بسبب تدهور الوضع الامني في العراق وارتفاع خسائر القوات الاميركية, وأعلن وزير الدفاع دونالد رامسفلد من جانبه ان المشاورات التي ستجري عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، (ليست غير عادية) , ولكن النتائج التي تمخض عنها الاجتماع , على ضوء مقترحات زلماي خليل زادة و الجنرال جورج كيسي قائد الجيوش الأمريكية المحتلة في العراق,أكدت عكس ذلك وبينة أهمية هذا الاجتماع الذي وافق على خطة من ثلاثة نقاط وضعها كيسي وزادة , للخروج بماء الوجه من المستنقع العراقي , قبل إن يعصف هذا المستنقع بالرئيس بوش وأدارته ويدفعهم بفضيحة لاتقل أهميتها عن فضيحة[ ويتر كيت] خارج البيت الابيض, تلك الفضيحة التي إطاحة بالرئيس نيكسون في بداية السبعينات على خلفية الحرب الإمبريالية في فيتنام , لهذا سعى السيد بوش ورفاقه في الإدارة والحزب الجمهوري إلي الموافقة على خطة [ زلماي _كيسي ] , وهذه الخطة التي تتكون من ثلاثة نقاط تتضمن الأتي :
أولا: العمل مع القادة السياسيين والدينيين في العراق على حث أتباعهم لوقف أعمال العنف الطائفية، وثانيا: مساعدة قادة العراق على إكمال العمل لحل القضايا الصعبة العالقة التي تقسم بلادهم، وثالثا: الاستعانة بالدول العربية مثل السعودية والإمارات والأردن لدعم جهود الحكومة العراقية ومحاولة إقناع المتمردين من السنة العرب بإلقاء السلاح والقبول بالحلول السياسية .
وهذه الخطة لقيت معارضة شديدة من الديمقراطيين الذين يحاولون استثمار هذه الأخطاء القاتله لرفع شعبيتهم ورصيدهم الانتخابي , فقد انتقدت هذه السياسية من قبل وجه بارزة من قادة المعارضة الديموقراطية في الكونغرس الاميركي , وتم توجيه نداء للرئيس الاميركي جورج بوش دعوا فيه الى اعادة النظر في السياسة الاميركية في العراق [ قبل ان يصل الوضع هناك الى نقطة اللاعودة] , وأشارت وكالة فرانس بريس للأنباء , انه جاء في الرسالة المفتوحة التي أعدها زعيمي المعارضة الديموقراطية في مجلسي الشيوخ والنواب هاري ريد ونانسي بيلوسي والموجهة الى الرئيس الاميركي بان [التأجيج السريع لأعمال العنف المذهبية وتفاقم حركة التمرد وتزايد الخسائر في العراق هي أمور لم تعد مقبولة ولا يمكن ان تتواصل] ,ودعت المعارضة الديموقراطية , إلى اتخاذ الخطوات الناجعة لخروج الولايات المتحدة الأمريكية من العراق , وفي نفس الوقت أقترح الديمقراطيين خطتهم البديلة والتي تشمل على خمس نقاط ,وتمثل وجهة نظرهم من الأحداث الجارية في العراق ، وأوضح الديمقراطيون على لسان السيناتور الديمقراطي ( جون بايدن ) خطتهم لحل المشكلة العراقية, و السيناتور بايدن، وهو من أقوى الأصوات الناقدة لسياسية الإدارة الأمريكية العراق،وقد زار العراق سبع مرات واطلع على الوضع عن كثب , وسبق إن كتب مع رئيسه السابق تصوراته عن الحل السياسي للمشكلة العراقية, ويطالب السيد بادين بأتخاذ الخطوات التالية :

أولا: الحفاظ على وحدة العراق مع إعطاء الأقاليم مساحة من الاستقلالية، بحيث تتولى الحكومة المركزية المصالح المشتركة مثل حماية الحدود وتوزيع الثروة النفطية, ثانيا: تأمين دعم السنة العرب لأمن بلادهم عن طريق ضمان حصة محددة لهم من الثروة النفطية، بحكم عدم وجود النفط في الأراضي التابعة لهم, ثالثا: تشجيع دول النفط العربية المجاورة على المساهمة في إعادة إعمار العراق، وتوفير فرص العمل في العراق ضمن برنامج يحفظ حقوق الأقليات, رابعا: عقد مؤتمر دولي لدعم العراق وتشكيل مجموعة اتصال لفرض تنفيذ دول الجوار لالتزاماتها في العراق, خامسا: بدء مرحلة إعادة انتشار القوات الأميركية في العراق، وسحب معظم الجنود الأميركيين بنهاية عام 2007، مع الاحتفاظ بقوة متابعة صغيرة لضرب الإرهابيين، وضمان إيفاء الجيران بالتزاماتهم .
وهذه الخطة التي تم وضعها من قبل السيناتور بايدن وبمشاركة السيناتور (ليزلي جيلب ) الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية، وفي تصريح لمحطة «إن بي سي» حاول بايدن التحذير من احتمال اندلاع حرب أهلية في العراق ,وقد تتحول إلى حرب إقليمية , إذا لم يتم التحرك بسرعة لمواجهة هذا التحدي, عبر بدء (اعادة انتشار تدريجية للمهمة الاميركية في العراق قبل نهاية السنة) ، وممارسة ضغوط على القادة العراقيين لضمان نزع سلاح الميليشيات، وأجراء (تقاسم متوازن للسلطة والموارد)، وعقد مؤتمر دولي (لدعم تسوية سياسة في العراق والحفاظ على سيادة البلاد) .
وجاء أيضا في الكتاب المفتوح الذي وقعه أيضا نواب رؤساء اللجان المعنية بالحرب (الدفاع والخارجية والاستخبارات...الخ) [ندعوكم الى تغيير الاتجاه والى التعاطي بصراحة مع الاميركيين والانضمام إلينا لوضع سياسة ناجحة قبل ان يصل الوضع في الى نقطة اللاعودة], و لكن الرئيس بوش الرد على هذه الانتقادات والتصريحات والدعوات عبر مؤتمراته الصحفية والقاءات والخطب الاسبوعية , حيث تناول فيها الوضع في العراق وحاول التصدي للاطروحات الديمقراطيين واحتمالات فوزهم في الانتخابات , فقد قال بوش [ نحث القادة العراقيين على اتخاذ إجراءات جريئة لإنقاذ البلاد، محذرا من ان صبر الولايات المتحدة ليس بلا حدود , واستدرك قائلا :غير إننا نتفهم أيضا التحديات الصعبة التي يواجهها القادة العراقيون ولن نمارس ضغوطا على الحكومة العراقية تفوق طاقتها ] , وصرح أيضا جورج بوش في يوم الأربعاء الماضي , مؤكد انه غير راض عن الطريقة التي تجري بها حرب العراق وانه يتحمل اللوم في ذلك, وتأتي التصريحات على ضوء الحملة المعارضة للحرب في العراق وطريقة ادراتها , وفي مؤتمر صحفي اخر استمر ساعة في الغرفة الشرقية للبيت الابيض أصر بوش على الفوز في الحرب, في الوقت الذي تؤكد مختلف الأوساط على الخسائر و التكاليف الباهضة لهذه الحرب , فقد ذكر تقرير صدر في واشنطن , نقله موقع صوت العراق , [ بأن الحرب الأمريكية في العراق تكلف الآن شهريا , أكثر من المتوسط الشهري لتكلفة العمليات العسكرية في فيتنام في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وحدد التقرير الذي يحمل عنوان [المستنقع العراقي] والصادر من معهد دراسات السياسة ومركز السياسة الخارجية وهما منظمتان ليبراليتان مناوئتان للحرب، تكلفة العمليات الجارية في العراق بنحو 5.6 مليارات دولار شهريا وتصل التكلفة اليومية على هذا النحو إلى 186 مليون دولار] .
وقال التقرير [بالمقارنة فإن متوسط تكلفة العمليات الأمريكية في فيتنام على مدار الحرب التي استمرت ثماني سنوات كان 5.1 مليارات دولار شهريا بعد أخذ التضخم في الحسبان, وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي كانت تكلفة حرب فيتنام أكبر حيث كانت تتكلف 12% من هذا الناتج مقارنة بـ 2% لحرب العراق. غير أن الاقتصاديين يقولون إن حرب العراق يتم تمويلها عن طريق الاستدانة ، وربما تضاعف تقريبا عجز الموازنة الاتحادية المتوقع خلال السنوات العشر المقبلة] .
بينما تذهب التوقعات للأبعد من هذه الأرقام الواردة , حيث تقول أستاذة الموازنة في جامعة هارفارد ليندا بيلمز إنه ( إذا استمرت الحرب خمس سنوات أخرى فإنها ستتكلف 1.4 تريليون دولار، أي ما يوازي 4.745 دولارات من نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي) , وهذه التوقعات تحمل جانب كبير من الصحة اذا ما قورنت بمشاريع القوانين المتعلقة في الإنفاق بالعراق , والتي اقرها الكونجرس الأمريكي واعتماداتها التي تصل الى 204.4 مليارات دولار, وهناك تقارير أخرى غير مؤكده تتوقع أن يقر الكونجرس في وقت قريب مبلغ 45.3 مليار دولار أخرى لدعم عملية الإنفاق المتعلقة بهذه الحرب الخاسرة ، فيما يقول المؤلفان فيليس بينيس وأيريك ليفر في معرض دراستهم لتأثيرات الحرب على مستوى دخل الفرد في المستقبل , [إذا ما تم تقسيم هذا المبلغ على سكان الولايات المتحدة تبلغ التكلفة حتى الآن 727 دولارا للفرد مما يجعل حرب العراق أكثر الجهود العسكرية تكلفة خلال الـ60 عاما الماضية].
ولازالت الحرب الإعلامية حامية الوطيس بين الجمهوريين والديمقراطيين , فقد رفض بوش مطالب بعض الديمقراطيين بوضع جدول زمني للانسحاب من العراق قائلا [ان تنبؤ الجيش الأمريكي ,ان العراقيين قد يتولون مهام الامن من الأمريكيين في موعد لا يتجاوز أواخر عام ,2007 هو مجرد تقدير حسب الظروف] , وهذه التقديرات التي أشار إليها السيد بوش تعتمد على تقديرات الجنرال جورج كيسي , حيث افترض سابقا بان القوات العراقية يمكن أن تحل محل القوات الأمير كية في فبراير (شباط) 2005 , وقال في حينه , السنة المقبلة ستبدأ الولايات المتحدة نقل مهمة مكافحة التمرد الى قوات الأمن العراقية التي تتزايد قدراتها في مختلف أنحاء العراق, وفي يونيو (حزيران) 2006 قدم الجنرال كيسي[ خطة سرية ] الى البيت الأبيض تتضمن انسحابات أميركية يمكن أن تبدأ في سبتمبر (أيلول) 2006 , وموجز هذه الخطة هو السعي الى تقليص تواجد القوات الأمريكية بنسبة تفوق أل 50 في المائة في الألوية القتالية الأميركية , وتكون هذه الخطة قد اكتملت بحلول ديسمبر (كانون الاول) 2007, ويعتمد تطبيق الخطة على الإمكانية والظروف الممكنة , وقدرات القوات المسلحة العراقية من ناحية القتالية والجاهزية والتسليح وإمكانية تسلم الملف الأمني , وبالتوافق مع تلك الاستراتيجية قلصت القوات الأميركية نقاط حراساتها خلال النصف الأول من عام 2006
ولايزال السيد بوش يواصل الربط بين فكرة الجدول الزمني الثابت للانسحاب , والذي يعتبر في تقديره الهزيمة!!؟ مرددا ماذكره على الدوام [ لا نستطيع أن نرحل حتى تنجز المهمة] .
ويأمل الديمقراطيون باستخدام الاستياء المتعاضم لدى أهالي الجنود والمحاربين القدماء والعديد من القطاعات الأخرى المتضررة من الحرب, وجماعات الحقوق المدنية ومنظمات المجتمع المدني , التي تعارض هذه الكارثة وماخلفته من ويلات للشعبين الأمريكي و العراقي على حد سواء , مستغلين الديمقراطيون هذه الأجواء لتحقيق انتصارات في الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي , وقال السناتور الديمقراطي عن ماساتشوستس ادوارد كنيدي انه مازال يعتقد ان بوش يستخدم استراتيجية (الثبات على النهج) وان ما جعله يتحدث عن التغيير هو الخوف من الهزيمة في الانتخابات, ثم أضاف بلغة السخرية والتهكم الغير مباشر على بوش بقوله [نتائج الاستطلاعات الضعيفة الخاصة بالرئيس يبدو انها خرقت جدار الإنكار في أنحاء المنزل رقم 1600 في شارع بنسلفانيا (البيت الابيض)] .
ولم يتأخر بوش بالرد على تساؤلات وتهكم الديمقراطيين بقوله [انها جدالات سياسية حزبية في عام يشهد انتخابات , وقال انه ربما يكون الديمقراطيون يحتفلون مبكرين بالفوز بالانتخابات ,التي تفيد كثير من الاستطلاعات أنهم سيحققون مكاسب فيها].
إن ما يجري اليوم في العراق من كوارث إنسانية مفجعة , هي حصاد سياسية التخبط الأمريكي في العراق , واستراتجيه الإمبريالية العدوانية التي رسمتها على حساب حرية ومصالح الشعوب في منطقة الخليج العربي والعالم اجمع , وعلى الرغم من فشلها الذر يع فلازالت الولايات المتحدة تصر على تطبيقها مع بعض الترقيعات التي لا تغير من الجوهر بشي ء يذكر , بل تزيد من الطين بله, وتفتح باب المجهول على مصراعيه مع ارتفاع عدد الضحايا والمخاطر المحتملة للحرب الأهلية الطائفية والاثنية , و إشعال نار تقسيم العراق التي لم ينجو من نيرانها المستعرة , إي كان من بلدان الجوار والمنطقة العربية والشرق أوسطية !!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف جوي إسرائيلي يستهدف مجموعة من المواطنين بمخيم يبنا وسط ر


.. خارج الصندوق | هل العقوبات الأميركية وراء تدهور أسطول إيران




.. صاحب -قانون ليهي- الأميركي يطالب بتطبيقه على إسرائيل..فما قص


.. من هو كريم أحمد خان المدعي العام للجنائية الدولية؟




.. المغرب: ما الغاية من زيارة مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تزامن