الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
جمجمة وعظمتان !
علاء الزيدي
2006 / 10 / 31مواضيع وابحاث سياسية
طاحونة الموت التي تدور في العراق ، بلا توقف ، تدفع الإنسان إلى التساؤل باستغراب ، حول عدم اقتراح أي شخص أو جهة عـَلـَما ً عراقيا ً جديدا ً بجمجمة وعظمتين ، ليس من باب اتهام أية جهة من الجهات المسيطرة ( سواء ً كانت أميركا أو غيرها ) بالقرصنة وقطع الطرق ، ولكن لأن هذا الرمز هو الأقرب لما يجري على مسرح الحدث .
الموت المجاني المتواصل ، في بلاد الخير والعطاء والحضارات ، بعضهم يعطيه صفة لصيقة بشعب العراق ، لدواع ٍ عنصرية وطائفية تمتزج بعض أدلتها وتخريجاتها بالخرافة . فالعراقيون في نظر هذا البعض ، خذلوا الإمام الحسين بعد أن دعوه ، ولم يكتفوا بذلك ، بل قتلوه وأهل بيته وأصحابه وسبوا عياله ، فحق ّ عليهم القول فدمّرهم الله تدميرا ً ، حتى بأثر مستقبلي . وعلى هذا الصعيد ، تختفي أو تـُخفى كل القرائن التاريخية التي تؤكد ، أن نصف شعب الكوفة المعنيِّ كان في السجن ، والنصف الآخر لم يكن عراقيا ً ولا مواليا ً للحسين ، بدليل قول الإمام مخاطبا ً من قاتلوه : إن كنتم عـُرُبا ً كما تزعمون .
البعض الآخر ، وهو مغرض أيضا ً ، يرى أن العراقيين لايمكن أن يسوسهم بنجاح إلا النموذج الحجّاجي الدموي . وكأن الشعوب الشقيقة الأخرى تتنعـّم في بحبوحة الديمقراطية والتعددية والحرية ، ورغم ذلك فهي تتحرك بانضباط شديد وروتين رهيب ، كعقارب الساعة تماما ً. فلا جرائم ، ولا أشلاء مقطعة ومخبأة في أكياس تلقى في حاويات القمامة ، ولا اغتصاب ولا ذبح ، ولا ثأر و لا غدر ، ولا غرام وانتقام !
ويقفز أمامي ، هنا ، مثال طريف . فالرئيس المصري حسني مبارك ادعى في مقابلة مثيرة للجدل ، أن الرئيس العراقي الأسبق صدام كان مناسبا ً لحكم العراق ( لو كان عادلا ً ) على حد تعبير الرئيس المصري . وفي ذلك الحين ، أي عند بث المقابلة ، عبـّر مراقبون عن اعتقادهم بأن عدل الرئيس مبارك مثار للإعجاب حقا ً . فقد سـُجـِن المعارض أيمن نور الرئيس السابق لحزب الغد لمدة خمس سنوات ، رغم حصوله على المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة . ولـُـفـِّـقت له تهمة التزوير ، لا لشيء ، سوى لوقوفه في وجه الرئيس حسني والترشيح مقابله لرئاسة الجمهورية . وقال الشاهد الرئيس في القضية أمام المحكمة إن أجهزة الأمن أجبرته على الشهادة ضد أيمن نور . وفي وقت آخر اعتدي بالضرب على زوجة نور جميلة إسماعيل بدعوى إهانتها رجال الشرطة .
دوران ماكنة الموت في العراق ، متعدد المناشىء ، في رأيي ، لكن أهم أسبابه ، هو رغبة الإدارة التي تمسك بزمام الأمور في هذا البلد ، وهي الأميركية طبعا ً ، في أن يستمر أتـّون النار في الاتـّقاد . والرئيس جورج بوش أكد قبل أيام بصراحة ، ولعلها المرة الألف ، أن العراق ميدان معركته الأول والأساس والأصلي مع الإرهاب ، وأنه سيبقى في العراق مادام الحفاظ على الأمن والأمان في الولايات المتحدة يتطلب ذلك . وأرجوك ؛ آتـِني بمن يحدد موعدا ً دقيقا ً لنهاية معركة الأمن والأمان هذه ، على المستوى المنظور أو البعيد ، وسأقبـّله على جبينه شاكرا ً فضله !
كل يوم تفتعل الإدارة الأميركية قصة جديدة ، لإيقاد النار المتأججة . و لاحاجة لاستعراض هذه القصص أو تعدادها ، فهي أكثر من معروفة . لكن سؤالا ً ملحاحا ً يثور في داخلي ، يقول : أيـُعقـَـل أن أكون الجهبذ الوحيد الذي يحقق هذا السبق في الاكتشاف ، من بين كل هذه الفحول المتصارعة على صفحات الإنترنت !
لماذا تبحث أصابع كتـّابنا عن أية ضحية ، لتحميلها في الحق والباطل وزر الدماء العراقية الجارية ، فيما تظل القوة الأولى التي يصب استمرار الاضطراب والفوضى في مصلحتها بمنأى عن الاتهام ، متذرعين بالدمقرطة الأميركية المزعومة ، التي لم نر َ منها إلا صورا ً شكلية وفارغة من المحتوى .
طيب ، سيقال أليست هناك بالفعل ، في العراق ، حكومة منتخبة عبر الاقتراع الشعبي المباشر ، تضم معظم قطاعات الشعب ، وسيجاب عليه ، بأن هذه الحكومة المنتخبة فعلا تبدو كمن أ ُلقي َ في البحر ِ مكتوفا ً وقيل له : إيـّاك إيـّاك أن تبتل بالماء ِ . فلا هي تمتلك جيشا ً مسلـّحا ً تسليحا ً مناسبا ً لردع المتمردين والإرهابيين . و لاهي تمتلك القرار الحاسم في كل شيء . ولا هي تمثل حزبا ً أو تيارا موحدا أو متماسكا ً ولديه برنامج واضح وإرادة متينة تنبع عن قناعات سياسية راسخة . حكومة مفتوحة النوافذ على كل الاتجاهات ، فلا أسرار ولا قدرات تخابرية وطنية حقا ً تضمن لخططها الكتمان اللازم والقدرة التنفيذية الصاعقة . حكومة ضعيفة بكل معنى لكل حرف في هذه الكلمة . فلماذا يتجه اللوم لغير من يستحق اللوم ؟
بصراحة ، ولا يزعلن َّ أصدقاء الإدارة الأميركية ، تتركز كل أوراق الحل في يد أميركا ، كما كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات يؤكد . وللتذكير فقط : أشير إلى ماحصل إثر اضطرابات لوس أنجليس الأميركية العام 1992 ، والتي اندلعت بسبب تبرئة السلطات الأميركية رجال البوليس الذين اعتدوا بالضرب المبرح على الشاب الاسود رودني كنغ العام 1991. لقد كانت حوادث الشغب تلك الأسوأ في تاريخ أميركا المعاصر ، لكن الإدارة حلت الأزمة في غضون ثلاثة أيام فقط .. بأكبر جرعة من العنف .. وأقصى حد من الحزم والحسم . فكيف " عجز " الحاكم الفعلي للعراق ، منذ العام 2003 ، عن حل أية مشكلة أمنية ، مهما كانت بسيطة وجزئية وعادية .
إنها إرادة وقرار مسبقان ، ولكم رأيكم ولي رأيي !
عيون الكلام : صلاح نيازي : إذا وقعت السكين على الرقبة ، فهل يقلق الخروف : كيف يـُطبـَخ أو من سيأكله ؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. يوم ملتهب في غزة.. قصف إسرائيلي شمالا وجنوبا والهجمات تصل إل
.. مصر تعلن تدخلها لدعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام -العد
.. الاحتلال يهدم منزل الأسير نديم صبارنة في بلدة بيت أمر شمال ا
.. حريق بمنزل لعائلة فياض في وسط مخيم جباليا بعد استهدافه من قو
.. بوتين يقيل وزير الداخلية سيرغي شويغو ويعينه سكرتيرا لمجلس ال