الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتاهة التي دخل فيها العراق .... !

آدم الحسن

2023 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بعد الاحتلال الأمريكي للعراق و ما تبعه من اجراءات قسرية قامت بها قوات الاحتلال الأمريكي و حاكمها للعراق بريمر في تفكيك و حل اركان الدولة العراقية وفق المبدأ و الأسلوب الذي تعتمده امريكا المسمى ب " الفوضى الخلاقة " تم حل الجيش العراقي و إسقاط الدستور العراقي و اعتماد قانون كتبه المحتل الأمريكي و اسماه " قانون ادارة الدولة العراقية " كدستور مؤقت للعراق , بعدها بدأت المرحلة الثانية حيث تم كتابة دستور دائم جديد للعراق .
رغم أن الصورة الخارجية لإجراءات كتابة الدستور الجديد و اسلوب المصادقة عليه في استفتاء شعبي عام تبدو و كأن هذا الدستور هو نتاج ارادة عراقية لكن حقيقة الأمر أن هذا الدستور الجديد استند على قانون ادارة الدولة العراقية , لذلك كانت الغاية الأمريكية المستهدفة من قانون ادارة الدولة العراقية موجودة في الدستور الجديد ايضا , لذا فقد مهد إقرار الدستور الجديد لدخول العراق في داخل متاهة رسم حدودها المحتل الأمريكي بعناية .
اصطدمت العملية السياسية الجارية في العراق منذ أن اصبح الدستور العراقي الجديد نافذا و لحد الان بعقبات رئيسة عديدة و فشلت كل المحاولات للخروج من هذه العقبات بحل دستوري يحل اصل المشكلة , بل بالعكس صار الدستور هو المشكلة و ليس الحل ...!
اكثر من عشرين سنة مضت و العراقيون يبحثون عن طريقة دستورية لتعديل الدستور لكي يكون مرجعا لهم في إزالة العقبات امام العملية السياسية الجارية في العراق فلم يجدوها .
يتطلب إقرار التعديلات الدستورية موافقة العراقيين في استفتاء عام بنسبة تزيد عن 50% على أن لا تعترض ثلاثة محافظات على التعديلات , لثلاثة محافظات حق النقض " الفيتو " لتعطيل أي تعديلات على الدستور لا يريدونها حتى لو وافقت عليها جميع المحافظات العراقية الأخرى .
إقليم كوردستان يتكون من ثلاثة محافظات و هكذا حصل الإقليم على حق النقض " الفيتو المعطل " على أي تعديلات دستورية لا تناسبه , و لأن إقليم كوردستان لا يمكن أن يوافق على تعديلات تجعل من العراق دولة موحدة فدراليا كباقي الأنظمة الفدرالية في العالم لذا بقت العملية السياسية في العراق تراوح مكانها في داخل المتاهة و بقى النظام في العراق مشوها لا بشبه أي نظام فدرالي " اتحادي " في العالم .
بسبب حق النقض الممنوح للإقليم انعدمت , في المرحلة الحالية , الإمكانية لإحداث أي تغيير إيجابي للوضع السياسي في العراق بالاعتماد على السياقات الدستورية .
لقد اصبح إلغاء الدستور الحالي و تشريع دستور جديد هو السبيل الوحيد للخروج من المتاهة إلا أن أمريكا لن تقبل و لن تسمح بإلغاء الدستور الحالي لأنه الضمانة الأساسية لبقاء العملية السياسية في العراق في مكانها داخل المتاهة .
في العموم يتم الغاء دساتير الدول و إقرار دساتير جديدة من خلال الطرق التالية :
** الاحتلال و هذا ما تم في العراق و دول أخرى .
** عن طريق انقلاب عسكري , هذا ما تم في العديد من بلدان العالم , فهل هنالك في الظرف الحالي للعراق امكانية لسيطرة المؤسسة العسكرية على مقاليد السلطة كما حدث في الانقلاب الذي قاده الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر مثلا , هذا الاحتمال غير متاح في العراق ايضا فسمائه لازالت محتلة من قبل امريكا .
** من خلال انتفاضة شعبية مسلحة , هذا الخيار غير معقول تماما في حالة كحالة العراق .
** بالاتفاق بين مكونات الشعب العراقي , لو كان هذا الخيار ممكنا لكان من الأسهل تعديل الدستور دون أن يستخدم إقليم كوردستان حق النقض .
و عليه يمكن القول أن كل الطرق مغلقة امام العملية السياسية في العراق , و يبقى امام العراقيين خياران لا ثالث لهما :
فإما البقاء في حالة الركود السلبي ضمن حدود المتاهة التي رسمت أمريكا حدودها أو الذهاب نحو الحرب الأهلية الشاملة و تفكك العراق و اختفائه من الخارطة السياسية .
في المرحلة الحالية و في الظرف الإقليمي و الدولي المحيط بالعراق ليس للشعب العراقي أي أمل في الخروج من المتاهة .
أمريكا و الغرب عموما يهيمنون على مصير شعوب الدول الأخرى من خلال إدخالهم في متاهات يصعب الخروج منها .
الرئيس عبد الفتاح السيسي نجح في إخراج مصر من المتاهة رغما اعتراض الغرب و خصوصا أمريكا على الانقلاب الذي نفذه .
قيس سعيد لازال يناضل من أجل إخراج تونس من المتاهة و اعتراضات الغرب على الحركة التصحيحية التي يقودها لازالت شغالة .
في العراق و في هذه المرحلة ليس هنالك إمكانية لظهور سيسي عراقي أو قيس سعيد عراقي و سيبقى العراق داخل المتاهة ... و إن خرج منها الآن فسيتفكك و سيتحول الى دويلات متناحرة في حروب دموية .
لقد لاقى النموذج الأمريكي الجاهز للديمقراطية الذي تم فرضه على العراق ترحيبا من اوساط سياسية عراقية عديدة باعتباره حالة افضل من الديكتاتورية و الاستبداد الذي كان سائدا زمن نظام البعث الصدامي , لكنهم بدأوا يدركون أن هذا القالب الجاهز للديمقراطية مجرد متاهة سياسية دخلوا فيها و لا يعرفوا كيفية الخروج منها ...!
قد يتحقق الخروج من المتاهة بانفصال إقليم كوردستان عن العراق أو بقرار من الحكومة الاتحادية يتضمن فك ارتباط الدولة العراقية بإقليم كوردستان و قيام هذه الدولة بحدودها الجديدة الذي لا تشمل إقليم كوردستان بسن دستور جديد بإرادة عراقية حقيقية و بعدها تعطى الفرصة للإقليم للاختيار بين العودة الطوعية للعراق وفق هذا الدستور , أو البقاء ككيان منفصل عن العراق . من المؤكد أن الإقليم سيختار العودة الطوعية للعراق لأسباب عديدة منها شبح الخوف من إيران و تركيا , لكن السؤال : هل ستوافق أمريكا على مثل هذه الخطوة ...؟
امريكا لن توافق على فك ارتباط الدولة العراقية بالإقليم , اذا ما العمل ....؟
الجواب : لا شيء يمكن فعله فلقد حكمت الظروف على الشعب العراقي إما أن يعيش في نظام البعث الصدامي الديكتاتوري الذي وصل الى الحكم , كما قال قادته , بقطار أمريكي أو الدخول في المتاهة الأمريكية .
و مع كل هذا , قد يقول بعض العراقيين أن المتاهة الأمريكية ارحم على العراقيين من استبداد البعث الصدامي خصوصا بعد أن منحتهم امريكا الحرية الكاملة في شتم بعضهم البعض في ديمقراطية منفلته دون قيود .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع