الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-رحيق النساء- نص روائي رائع للروائي د. صلاح شعير صالح لصناعة مسلسل درامي متميز

صلاح شعير

2023 / 6 / 2
الادب والفن


دراسة ن روايتي رحيق النساء بقلم الكاتب / نشأت المصري:

في "رحيق النساء":
-روح البطل ذابت في رحيق الأمومة الأعظم، واكتسى وجدانه بحنان الأخت والابنة الرقيقتين.
-المؤلف طرز مأساة الرجل بعطاء المرأة؛ لتخفيف حدة استقبال القارئ للألم النفسي الذي تشعر به الشخصية الرئيسية.
-لقد رسم السرد صورة رومانسية لكل حالة حب؛ مر بها رؤوف الدالي، على اعتبار أن كل سيدة وردة لها عبق خاص؛ فظهر العاشق كأنه فراشة تطفو فوق رحيق الأنوثة الطاغية.

صدرت عن دار إضاءات للطبع والنشر والتوزيع رواية رحيق النساء للدكتور صلاح شعير، والرواية تقع في 180 صفحة من القطع المتوسط، وتتناول الرواية العديد من القضايا الاجتماعية المهمة، حيث تتناول عدة أفكار جوهرية ، منها تعدد العلاقات النسائية للرجل، الفساد الرياضي، أمراض الشهرة التي تصيب البعض، تجارة الأعضاء البشرية، السلبية في مواجهة الجريمة، حيث تمت صياغة المضمون لمناقشة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من قضايا فرعية، بأسلوب يخدم فكرة التنمية عبر المنتجات الثقافية، إضافة إلى فكرة استحداث وزارة لشؤون المرأة، لمواجه كافة أشكال التمييز ضد المرأة، كما أن السرد يتميز بجمال اللغة؛ حيث تم توظيف البعد النفسي باقتدار، ومن الجدير بالذكر أن الرواية صالحة لصناعة مسلسل درامي قوي، وتعد تلك الميزة قاسمًا مشتركًا في جميع روايات المؤلف السابقة.

ويبدأ الزمن الروائي بعام 2015 متجها إلى الأمام، مع الارتداد لشرح علاقة الماضي بالحاضر، كما يتجلى المكان في الدراما، حيث تدور الحبكة في مصر وخاصة في بعض أحياء القاهرة والجيزة ومدينة 6 أكتوبر، أما الأحداث الخارجية فتدور في كل من مدريد وقرطبة وإشبيلية بإسبانيا، علاوة على مدينة لندن في بريطانيا.

الشخصيات الروائية: تميزت الشخصيات الروائية بالحيوية، ووضوح المعالم الجسدية والمهنية والاجتماعية، وغيرها، وقد أسفر هذا الوضوح عن نجاح النص في إيصال الرسائل الفكرية إلى المتلقي بسهولة، وتبدو شخصية رؤوف الدالي ذلك الشاب القروي، الذي جاء إلى القاهرة ليدرس الحقوق محددة المعالم منذ الوهلة الأولى، فقد بدأ حياته يعاني من ضيق ذات اليد، وعدم قدرة أبيه على توفير مصروفات الجامعة، مما جعله يعمل كي ينفق على نفسه، بالتوازي مع الدراسة، حيث كان الفرار من الفقر، والرغبة في الارتباط بحبيبته الرقيقة؛ من بين الدوافع التي جعلته يتحدى المستحيل، ومع الأيام تحول إلى رجل أعمال، ثم صار وزيرًا، كما تجسد الوفاء في شخصيته، حيث تقدم باستقالة من الوزارة؛ ليتفرغ لرعاية زوجته عندما أصابها المرض، وبموتها تضطرب حياته، ويتفجر بداخله صراع نفسي رهيب.

كل أنواع الرحيق في المرأة: لقد نجح الكاتب في تصدير هذا المعنى للقارئ، بصور متعددة، ورغم تداخل هذه المذاقات الشهية عند البطل، إلا أن روحه لم تنس الرحيق الأعظم، ألا وهو الحنان الذي رضعه منذ الصغر من روح أمه "بهية"، تلك القروية الفقيرة، التي تمتلك قلبًا ثريُا ممتلئا بكل معاني الأمان، حيث كانت تذيب رحيقها في كل كسرة خبز تقدمه له لسد الجوع الكافر. كذلك أوضح المؤلف رحيق العرق؛ الذي ينضح من جسد أخته نعمات، والذي كان يتحول إلى جنيهات؛ تحصل عليها كأجر من العمل في حقول الفلاحين، فبدلا من أن تدخر هذا المال الزهيد لشراء مستلزمات عرسها، كانت تدفعها لأخيها لينفق منه على استكمال تعليمه، ولا ضير أن يتأخر زوجها سنة بعد أخرى، طالما أن ذلك سيدفع أخاها بضع خطوات نحو الأمام. كذلك رحيق ابنتيه مها ووداد، اللتين تمنحانه كل معاني الحب والحنان.

رحيق الحبيبة الطازج: بلغت عبقرية الطرح، بتطريز ذروة المأساة لدى البطل؛ بعطاء المرأة الذي لا يتوقف؛ لتخفيف حدة استقبال القارئ للألم النفسي الذي يضرب كيان شخصية رؤوف الدالي، لقد كان السرد يرتد بالأحداث ليفسر لنا سبب تعلقه بزوجته التي رحلت عن الدنيا، ويخبرنا من خلال الذكريات أن الحبيبة قد منحته القلب والعمر والمال الذي ورثته عن أبيها الثري، لقد دعمته لشراء الأراضي لبناء المصانع، ومازال يشم رحيقها يتصاعد من مشروب الليمون الذي كانت تعده له، في محراب الحب الطاهر، من خلال الذكريات، كما أن هذا الرحيق ينسكب فوق رحيق ثلاث نساء أخريات أثرن فيه.
شذى الأنثى الأولى: تعد الأرملة عفت الخولي؛ أول أنثي منحته نفسها في عالم الرغبة الملتهبة، أثناء فترة الشباب المبكر؛ يتذكرها عندما كانت تذيب له كل أصناف الحب في عصير البرتقال الطازج؛ الذي كانت تقدمه له على الدوم، لتنعش روحه في باحة الغرام، فعلى الرغم من أنها تحبه بجنون، إلا أنها رفضت الزواج منه لأسباب إنسانية، حيث أنها من الناحية الطبية؛ فقدت القدرة على الإنجاب، بعد أن وضعت طفلها الأول، لذا فضلت الرحيل دون أن تخبره بالسبب؛ حتى لا يتمسك بها؛ على حساب فكرة الأبوة.
عبق المرأة الثانية: هو ذلك العبق قادم من الحاضر الذي يعيش فيه، حيث تحاصره فتاة صغيرة في عمر أولاده؛ بجاذبية الأنوثة الطاغية، لقد سكنت في كل جوارحه، لدرجة أنه يتخيل أن رحيق زوجته الراحلة فوق شفتيها، فقبلها وهو خارج الوعي؛ على أنها زوجته، امتزج أريج الربيع المتدفق من ثغرها بنسيم خريفه فوق الشفاه، عندما عاد إليه الوعي، انسحب من بين يديها، أدركت الفتاة الصغيرة حجم معاناته، فأذابت مشاعرها في عصير الفراولة الأحمر، ثم قدمته إليه بقلبها ليرتوي، فعاد وهج الحياة إلى روحه من جديد.

عطر المرأة الثالثة: هو ذلك الشذى الذي يفوح من الأرملة سعاد هانم شقيقة زوجته الراحلة، والتي طالما تعودت أن تقدم إليه عصير المانجو، كلما زارها، حيث تعودت أن تنفث في روحه مشاعر الحب الناضج؛ على اعتبار أنها أحق به من أي امرأة أخرى. لقد رسم السرد صورة رومانسية لكل حالة حب؛ مر بها رؤوف الدالي، على اعتبار أن كل سيدة وردة لها عبق خاص؛ فظهر العاشق كأنه فراشة تطفو فوق رحيق الأنوثة الطاغية.

نموذج رجل الأعمال الوطني: لقد قدمت الرواية نموذجًا لرجل الأعمال الوطني صاحب المبدأ، فعلى الرغم من أن رؤوف الدالي عاش حياة كلها شقاء، حيث أبيه الفقير "مجاهد الدالي"، وزوج أخته المعدم "شلبي أبو طقيه؛ إلا أنه عندما امتلك المال، مد يد العون لكل من حوله، كدعمه لأهله وخاصة ابن اخته سيد، لم يعرف الكبر طريقًا إلى نفسه، حيث كان يجلس مع حارس الفيلا عم "وهدان " وبستاني الفيلا عم “فهمي" ويتناول معهما الطعام والشراب، هذا النموذج المتزن من رجال الأعمال هم أمل الوطن في دعم فكرة التكافل الاجتماعي. كما أننا أمام حالة روائية متسقة مع التطلعات الوطنية في التنمية، حيث يبدو البطل كشخصية تقود فكرة دعم الاقتصاد الوطني؛ من خلال الصناعة، على اعتبار أن ذلك التوجه هو أمل مصر في النهضة، حيث أن النجاح من خلال الصادرات، يعزز تلبية حاجة الدولة من العملات الأجنبية.

الرياضة والدبلوماسية الناعمة والحب الكبير: تشير شخصية "حامد العربي" البطل المنافس في فلك الصراع الروائي، إلى أن المستقبل الرياضي للكرة المصرية، يجب أن يقوم على تفعيل مبدأ تكافؤ الفرص؛ عند قبول الموهوبين بالفرق الرياضية، حيث يعاني هذا الشاب العاشق للرياضة من آثار الفساد الرياضي، فعلى الرغم من موهبته كلاعب كرة قدم موهوب، إلا أنه لا يتم قبوله بالأندية الكبرى، بسبب انتشار المحسوبية والمحاباة، ولا يجتاز هذه العقبة إلا ببيع كل ممتلكات الأسرة، ودفع قيمة المبيعات كرشوة إلى أحد سماسرة بيع اللاعبين، كي يلحقه بنادٍ كبير، وبعد أن خطف الأضواء عندما أحرز ثلاثة أهداف لناديه في بطولة الكأس، ليحول هزيمة النادي في المباراة النهائية إلى فوز، تبني فكرة التصدي لكل أشكال المحاباة، مما أثار ضده أصحاب النفوذ، فتكالبوا عليه لإفشاله، ولكنه فر من هذا الاضطهاد إلى إسبانيا، كلاعب رئيس في فريق برشلونة العريق، ومن هنا يتضح أن الرواية تطالب المسؤولين بمصر، بضرورة إعادة النظر في ضوابط اختيار الرياضين، لأن الفساد الرياضي أحد أدوات وأد الدبلوماسية الناعمة لمصر في هذا المجال .

تبدو مشكلة حامد العربي على الصعيد الأخر؛ أنه قد وقع في رحيق الحب الممنوع، عندما أقام علاقة جسدية مع ناهد البرنس، أرملة أحد الأثرياء، المفتونة ببريق النجوم، ولكنه عندما تلمس رحيق "هند أنور" التي وقع في حبها، وجدها تميل إلى رؤوف الدالي، ومن ثّم بلغت حدة الصراع العاطفي بينهما درجة كبيرة من الحدة، أطاحت بكل التوازنات، وعندما فشل في الاستحواذ على قلب الفتاة الصغيرة، دفعه الهاجس النفسي، إلى الفرار من هذا الحب العنيف، بالغوص في عالم النساء، لم يفلح رحيق الإسبانيات في محو مشاعره تجاه الفتاة الشرقية التي أحبها، أخفقت كل من: جوليا، وليتا خوسيه، وتيري رامون، وسيلفانا لوكا، وغيرهن في علاج أزمته، لم تؤد حياة المجنون والضياع إلى النسيان، لقد هرب العاشق المكسور من العجز العاطفي؛ إلى عالم المخدرات دون جدوى، ومع هذا ظل يدافع عن حبه حتى أخر لحظة.

المستقبل ورحيق المرأة الذي لا ينفذ: تمثل شخصية الفتاة محور الصراع بين الذكرين، نموذجًا رومانسيًا فريدا، وقد وصفها المؤلف في ص 28" "هند أنور شرف الدين" ابنة الأربعة والعشرين ربيعًا فتاة فريدة، يكمن جمالها في قوة شخصيتها ورقتها، تتمتع بأنوثة طاغية، تصطحب البهجة معها أينما حلت، متوسطة الطول، في عيونها الواسعة حور، وجهها مستدير بلون حبات القمح، فوق خديها غمازتان، عندما تبتسم تنفرج شفتاها السميكتان الحمراوان عن أسنان ناصعة البياض، يوجد في عنقها فوق تفاحة آدم حسنة سمراء بحجم حبة العدس، تمشط شعرها على هيئة ذيل الحصان، ومن فرط طوله ترقص أطرافه السمراء فوق مؤخرتها، وأحيانًا تتركه مفرودًا فوق ظهرها، وتفضل عادة ارتداء "البنطال الجينز" و "البلوزات " القطنية".

. لقد طرحت الرواية تصورًا لامرأة المستقبل؛ التي لا تتميز بجمال الشكل والروح فحسب، بل بتمكنها من العلم، واللغة الإنجليزية، والتعامل مع الحاسب الألي، لقد كانت سلامة النهج التربوي للأسرة عاملا لغرس صلابة التمسك بالقيم بداخلها، وقد بدا ذلك واضحًا في موقفها من الجريمة، فقد تصدت بشجاعة لعصابة مقدمتها رجل وامرأة، يخطفان طفلًا من أجل تجارة الأعضاء البشرية، ونجحت في منع هذه الجريمة، هذا الموقف وضعها في موقف حرج، لأن العصابة خططت للانتقام منها، ولكنها لم تبال بالنتائج السلبية المتوقعة، في سبيل الهدف النبيل. الغريب أن قلبها قد خفق للرجل الكبير، ولم يجذبها اللاعب الشهير، هذا الحب غير المتكافئ كان سبب الصراع بينها وبين أمها، وبينها وبين العاشقين، الذي ظل محتدمًا إلى نهاية أخر صفحة بالرواية، كعامل مفجر لتدفق الأحداث المثيرة بداخل الرواية.

شخصيات نسائية متعددة: لقد طرحت الرواية شخصيات نسائية متعددة، منها شخصية "فريال العمدة" أم هند، ذات الأصول الأرستقراطية، والتي تحسن اتخاذ القرار، كذلك شخصية " نبوية المرشدي" أم حامد تلك المرأة التي تضحي بذهبها وكل ما تملك لتدبر قيمة المال الذي طلبه سمسار اللاعبين لإلحاق أبنها بنادي كبير، وفي المقابل طرحت الرواية شخصيات تحولت إلى السقوط ثم العودة إلى الفضيلة، مثل شخصية نورا الطويل، وشخصيات متحولة إلى الشر مثل شخصية ناهد البرنس، ونساء شريرات مثل حسناء الأعثر. كما أنه تم توظيف العديد من الشخصيات لدفع الصراع الدارمي، مثل شخصية عمر الفيل ذلك السياسي المحنك، وشخصية "جميل النمر" الثري المدمن، الذي يحاول الحصول على هند ولو بالقوة، وشخصية فهيم الدكش الشاب المجرم المدمن، وشخصية "سمير أبو حديد" مدرس اللغة الإنجليزية اللعوب، الذي ضبطه الجزار مع زوجته، فضربه ضربًا مبرحًا حتى تحول إلى إلى شخص عاجز وغيرها من شخصيات ثرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى