الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربى .. والغذاء .

أحمد فاروق عباس

2023 / 6 / 2
الصناعة والزراعة


فى نهاية ٢٠١٠ وخلال الشهرين الأولين من عام ٢٠١١ ارتفعت الاسعار العالمية للغذاء لتصل إلى أعلى مستوياتها في فبراير ٢٠١١ ، وقد شدد عدد من الخبراء الذين كتبوا عن الربيع العربي فى الصحافة الغربية والمجلات الأكاديمية على دور إرتفاع أسعار الغذاء بوصفه عاملا محفزا على قيام الاضطرابات ، وطبقا لهؤلاء الكتاب فإنه مع الارتفاع المستمر لأسعار الغذاء بدءا من ٢٠٠٧ وما تلاه تقويض العقد الاجتماعى القديم لم يكن المواطنون مستعدين للتسامح مع الأنظمة القائمة ..
وتوجد مجموعة كبيرة من المؤلفات الامبريقية والنظرية حول الصلة التى تربط بين أسعار الغذاء والاضطرابات السياسية والاجتماعية ..
وهناك تفاصيل كثيرة وحديث طويل ومتشعب فى كتاب المؤلفة البريطانية عن دور إرتفاع أسعار الغذاء فى ثورات ٢٠١١ ..
تقدم المؤلفة البريطانية الملاحظة التالية " وقد تحَّمل المواطنون أنظمة بن على ومبارك والقذافى منذ عقود ، فلماذا عارض الناس فجأة وبعنف عام ٢٠١١ ؟ يبدو أنه من المرجح أن الموجة الثانية من إرتفاع أسعار الغذاء التى اجتاحت المنطقة فى أواخر ٢٠١٠ وأوائل ٢٠١١ أدت دورا في ذلك " ..
وأيضا " وقد أعرب المدير الإدارى السابق لصندوق النقد الدولي شتراوس خان فى الاجتماع المشترك لصندوق النقد الدولي والبنك الدولى فى ربيع ٢٠٠٨ عن قلقه من أن إرتفاع أسعار الغذاء سيكون له تبعاته على السكان في عدد كبير من البلدان ، حيث أن الحكومات التى أبلت بلاء حسنا خلال السنوات الخمس أو العشر الأخيرة ستشهد تدمير ما نفذته تماما ، كما ستدمر شرعيتها أمام السكان ..
.. وهو ما حدث بالفعل !!
ولسوء الحظ تحالف تغير المناخ والظروف غير الطبيعية مع فعل الإنسان ، حيث أدت الفيضانات المدمرة في باكستان وتايلاند وكندا واستراليا ، والجفاف في روسيا وأوكرانيا والأرجنتين ، وحرائق الغابات في روسيا إلى تأثيرات كبيرة على أوضاع الغذاء العالمية ..
فتايلاند وفيتنام تسيطران على أكثر من نصف تجارة الأرز العالمية ، وقد كان للفيضانات في تايلاند عام ٢٠١١ إثرها في الارتفاع الحاد في أسعار الأرز العالمية ، وقد انتشر الجفاف في روسيا عام ٢٠١٠ مما أدى إلى حرائق مدمرة أثرت على محصول الحبوب السنوى ، وقد دمر أكثر من ١٠ مليون هكتار من الأراضى الزراعية ، إلى جانب ٢٠ % من المحاصيل ، مما تسبب في فقدان ٢٠ % من القمح المخصص للتصدير ، ما اضطر روسيا لمنع تصدير القمح فى أغسطس ٢٠١٠ ..
وقد أدى كل ذلك إلى أزمة غذاء عالمية طاحنة خلال الفترة ٢٠٠٧ - ٢٠١٠ أدت إلى إرتفاع شديد في أسعار الغذاء وتضخم كبير وعجز تجارى كبير في الدول المستوردة مثل مصر والسودان والجزائر وأغلب البلاد العربية ..
وكان للتغطية الإعلامية المفرطة - والمقصودة - ان تم حظر تصدير القمح من جانب روسيا فى أغسطس ٢٠١٠ مما أدى إلى تكالب حكومات العالم على شراء القمح ( كانت هناك معلومات مضللة مقصودة حول الإنتاج العالمى والمخزونات ، وقد كانت بسهولة تغطى العجز المؤقت الناتج عن الحظر الروسى ) وقد أدى ذلك إلى زيادة المضاربة التجارية على أسعار القمح والحبوب وبالتالى إرتفاع أسعارها ..
وفى سنة ٢٠١٠ بلغ صافى واردات العالم العربى من الحبوب ٦٦ مليون طن ، مقارنة ب ٦٣ مليون طن في آسيا ( بما في ذلك الصين ) و ٥٣ مليونا ( من دون الصين ) و ٢٦ مليونا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ..
وفى عام ٢٠١٠ أصبحت كل من السعودية والكويت وقطر وليبيا واسرائيل والإمارات وعمان والبحرين ضمن أكبر ٢٠ مستوردا للحبوب بالنسبة للفرد في العالم ، فى حين أن سوريا كانت البلد الوحيد في العالم العربى الذى أنتج فائضا منتظما من الحبوب على مدى الأعوام الأربعين الماضية ..
ومع مجئ عقد الاضطرابات السياسية الجامحة - ما سمى بثورات الربيع العربي - كانت الأرض جاهزة بأسباب الغضب ، بعضها حقيقي وبعضها مفتعل ، وبعضها حق يراد به باطل ، وبعضها الاخر باطل يراد به حق ..
وكان العيش - أى الغذاء - هو المطلب الأول الذى رفعته جماهير تلك الانتفاضات ضمن الثلاثية الشهيرة : عيش حرية عدالة اجتماعية ..
وكان الغذاء - مرة أخرى - يفعل فعله كمحفز للتغييرات الكبرى ، سواء كوسيلة للعقاب أو كدافع للغضب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله