الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الروح ضد ثروة القتل (7)

عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)

2023 / 6 / 2
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تماما كما أراد الفرد نوبل من اختراع الديناميت الخير للبشرية إلا انه وجد نفسه أمام جشع لصوص الثروة الذين تمكنوا من تحويل الاختراع العظيم الى أداة للموت والدمار كذلك أراد أصحاب المدرسة الصيفية العلماء " جون مكارثي، مارفن مينسكي، ناثانييل روتشستر وكلود شانون " عام 1956 في كلية دارتموث في هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية والتي طهرت بها فكرة الذكاء الاصطناعي في محاولة علمية لإثبات إمكانية القدرة على قياس قدرات البشر والحيوانات وحتى النبات وتحويلها الى آلات ذكية قادرة على القيام بها بل والتفكير والتطوير فان هؤلاء ايضا لم يكن يخطر ببالهم قبل اكثر من ستين عام ان اهدافهم ستصبح اداة بأيدي نفس اللصوص الذين سرقوا أول اداة صيد من مخترعها وحولوها الى اداة موت للبشر وسرقوا كل اختراع آخر قام به أي مخترع وصولا الى الذكاء الاصطناعي اليوم حيث تمكن صانعي الأسلحة من هذا الاختراع العظيم بتطوير اسلحة فتاكة مستقلة عن تاثير ومراقبة ومشاركة البشر ومع ان الأمم المتحدة تنبهت رسميا لمثل هذه الخطورة وحاولت تقييد استخدام الذكاء الاصطناعي في الأسلحة إلا ان اعتراض امريكا وروسيا والهند والصين منع التوصل الى قرارات بهذا الشأن.
في الحرب الروسية الاوكرانية استخدمت وسائل عديدة من هذه الأسلحة كالطائرة التركية بيرقدار تي بي 2 من قبل اوكرانيا وكذا فقد أرسلت القوات الروسية " إلى أوكرانيا مركبات برّية قتالية من طراز URAN-9 (UGV))، والتي تمتلك القدرة على اكتشاف الهدف والتعرف عليه وتتبعه تلقائيًا علما بان الكثير الكثير من الحرص ما زال يواكب مثل هذه الاختراعات ويدرك الجميع ان ما الم يستخدم بعد هو اخطر واكبر مما استخدم ويكفي ان نرى شكل والية وصول المسيرات الى اجواء موسكو والكرملين حتى وانواع الطائرات والدبابات والصواريخ التي لم تدخل الى الخدمة بعد حرصا على سريتها او بانتظار اللحظة المناسبة لذلك.
حسب التقرير الدولي للنفقات العسكرية الصادر عن معهد معهد ستوكهولم لبحوث السلام (السويد) في 26 أبريل/ نيسان 2021؛ " فقد ارتفعت عام 2020، النفقات العسكرية حول العالم، إلى قرابة تريليوني دولار " وقد تقدمت روسيا الصفوف حيث بلغ الإنفاق العسكري الروسي 61,7 مليار دولار ويعتبر الاستثمار العسكري في الذكاؤ الاصطناعي احد اسباب هذا الارتفاع وحسب تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2017 الذي قال فيه " إن الذكاء الاصطناعي لا يشكل مستقبل روسيا فحسب، بل مستقبل البشرية جمعاء، كما أن هذا المجال يحتوي على فرص عظيمة، وكذلك تهديدات يصعب توقعها اليوم (...) الطرف الذي سوف يصبح الرائد في هذا المجال سيحكم العالم " وهو على ما يبدو ما فتح شهية الرئيس الروسي علما بان هناك من كان يرغب بذلك اكثر منه على ما يبدو او من استثمر اكثر منه دون ان يعلن او من كان قد سبقه.وحسب الباحثة التركية أمينة جليك فقد " تم الكشف عن اختبار أكثر من 600 سلاح جديد ومعدات عسكرية أخرى في ظروف قتالية في سوريا، منها 200 جهاز من الجيل الجديد المدمج في الذكاء الاصطناعي "والى جانب الحرب العسكرية فان الذكاء الاصطناعي تم استخدامه ايضا في الحرب الاعلامية بما يضمن التعمية والاساءة وحتى الحاق الهزيمة بالعدو المقصود وكانت روسيا المستخدمة الاقوى لذلك ضد اوكرانيا بل ان اصابع الاتهام تشير الى تدخل روسيا بالانتخابات الامريكية ونتائجها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
صحيح ان الذكاء الاصطناعي قد يجري عمليات جراحية بدقة تفوق بمرات ومرات مهارة افضل الاطباء وباخطاء تقترب من الصفر الا انه ايضا سيقتل ويدمر اضعاف اضعاف من سينقذ او يخدم من البشر وفقط خلال تسعة شهور من الحرب قتل من الطرفين مناصفة 200 الف جندي و40 الف مدني اوكراني حسب بعض الاحصائيات.
بعد عام واحد على الحرب وحسب تقارير الامم المتحدة فقد تم تشريد 14 مليون انسان اوكراني في اكبر عملية نزوح للسكان منذ عقود طويلة واعترفت روسيا بفقدان ستة الاف جندي " انسان " بينما اعترفت اوكرانيا بفقدان ثلاثة عشر الاف جندي " انسان " رغم ان التقديرات تصل الى 200 الف كما اسلفت مناصفة بين الطرفين مع وجود اعداد كبيرة من المرتزقة لدى الطرفين لا احد سيسجلهم ضمن الخسائر وحسب " سي ان ان " نقلا عن موقع اوريكس فان روسيا خسرت حوالي نصف اسطولها من الدبابات الصالحة للاستعمال وحسب الموقع فان مجموع خسائر روسيا في المعدات 9100 مركية ومعدة وخسائر اوكرانيا 2934 مركبة ومعدة علما بان مواقع وجهات اخرى تقدم احصائيات اكبر بكثير من هذه فحسب احصائيات روسيا عن خسائر اوكرانيا ونقلا عن وزارة الدفاع الروسية فان اوكرانيا خسرت " 386 طائرة مقاتلة، و210 هليكوبتر، و3213 طائرة مسيرة و 405 منظومات مضادة للطائرات، و7979 دبابة وعربة قتالية مدرعة أخرى، و1037 راجمة صواريخ، و4179 مدفع هاون، بالإضافة إلى 8494 وحدة من المركبات العسكرية الخاصة " بينما قالت وزارة الدفاع الاوكرانية ان خسائر روسيا كانت " مقتل أكثر من 145 ألف جندي روسي، وتدمير 2350 نظام مدفعية، و244 نظام حرب مضادة للطائرات، و299 طائرة، و287 طائرة هيلوكوبتر، وو873 صاروخ كروز، و2029 طائرة مسيرة، و18 سفينة عسكرية." وحسب كلية كييف للاقتصاد فان خسائر اوكرانيا من الحرب اقتصاديا خلال عام بلغت 138 مليار دولار وقدرت مجلة فوربس الامريكية خسائر روسيا ب 82 مليار دولار وحسب تقديرات سابقة وغير محدثة للحكومة الاوكرانية والمفوضية الاوروبية فان تكلفة إعادة اعمار اوكرانيا تصل الى 350 مليار دولار.
كل ما تقدم يشير الى ان العالم يواصل جريمته بحق نفسه وان مليارات البشر يقتلون بعضهم ويدمرون ثرواتهم خضوعا لإرادة حفنة صغيرة من اللصوص تدري جريمة متواصلة منذ الأزل لصالح جشعها واليوم تدور حرب عبثية بين روسيا واوكرانيا وكلاهما يصفان بعضهما بالنازية بعد ان خوت رؤوس وافكار الجميع بحثا عن هرطقات اخرى غير الديمقراطية وقد بات رجل الدين في موسكو يتحدث عن قداسة حرب روسيا على اوكرانيا ويتحدث من في الجهة المقابلة لنفس الاديان " كل دين " عن نفس القداسة وكل ما يحدث ان المدافعين عن الحرب المقدسة هذه على الارض يموتون والمتشدقين بها يرتشون وصانعيها يكدسون الثروة ولا شيء اكثر.
كشف تقرير في العام 2016 لمنظمة العمل الدولية ان العالم يحتاج الى 600 مليار دولار للتخلص من الفقر المدقع والفقر المعتدل بحلول العام 2030 علما ان التقارير تقول ان الحرب الروسية الاوكرانية أهدرت نصف هذا المبلغ وان أضفنا لها الحروب الحالية والقريبة فان قرابة ضعف هذا المبلغ تم إهداره لصالح لصوص الكون من تجار الدم وبالتالي فان الملهاة الغبية التي يعيشها المليارات من البشر لصالح حفنة اللصوص لا يمكن وصفها الا بالملهاة التي لا تفسير لها فككيف يمكن لحفنة صغيرة من اللصوص وأحفاد اللصوص ان يتمكنوا من اخضاع مليارات البشر لإرادتهم وبرغبة معلنة بل وبمتعة تصل حد وصف المقتول بالشهيد والقاتل بالبطل رغم ان المستفيد من الجهتين واحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة