الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين لبنان و إسرائيل 2

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


نواصل هذا البحث إنطلاقا من ملاحظتين أو بتعبير أدق من معطيين مثبتين و بالتالي ليس من حاجة لأدلة و براهين على حقيقتهما و استطرادا على تأثيرهما و على العوامل المنتجة لهما .يمكننا إختصارهما :
1ـ التناقض بين سلطة الحكم في شبه الدولة العربية من جهة و أحزاب و منظمات الحركة الوطنية في شبه الدولة هذه من جهة ثانية . كون الطرفان يسعيان ، نظريا على الأقل ، فالسلطة في شبه الدولة تعمل عادة ، بتنسيق كامل أو جزئي ، مع دولة الإنتداب أو تحت إشراف الأمبراطورية .
2 ـ التناقض فيما بين الأحزاب و منظمات الحركة الوطنية من جهة و التناقض الأساس بينها وبين التيارات الدينية التي تهب بين الفينة و الفينة ، رياحها في ميدان السياسة ، ثم تخبو عندما تضعف تلك الأحزاب و المنظمات الوطنية و يُحكم النظام قبضته على الأوضاع في البلاد .
نكتفي بهذه التوطئة تمهيدا لمداورة سؤال أساس من وجهة نظرنا نختصره بالقول : ماذا حل بأحزاب و منظمات الحركة الوطنيىة و فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الذي تحالفوا فيما بينهم ، في لبنان في ظاهر الأمر ،دعما لنضال الشعب الفلسطيني من جهة و للتخلص من النظام الطائفي كخطوة نحو نظام وطني يضع في مقدمة مهامه التربيبية و التوعية ،يحكم باسم المواطنين دفاعا عن مصالحهم حاضرا و مستقبلا.
لا نظن أننا بحاجة لأن نطيل و نتوسع لكي نذكّر بالشواهد و الإثباتات على أن متغيرات و متبدلات طرأت على مكونات منظمة التحرير الفلسطينية و الحركة الوطنية اللبنانية التي عرفناها في سنوات 1970 . فمن نافلة القول أن فصائل خرجت و أخرى طردت و نفيت من المسرح . السؤال هنا لماذا ؟
لا شك أن الإجابات كثيرة و مختلفة . نحن هنا لسنا بصدد مقاربة هذا الموضوع بكل تفاصيله ، فهذا الأمر يتعدى حدود قدرتنا و مؤهلاتنا ، و لكن رأينا أن طرح هذا السؤال واجب لا مفرمنه .
هذا لا يعني أنه لم يستوقفنا و ما يزال يشغلنا تفكرا و تحليلا ، حيث أوصلنا ذلك إلى عناصر إجابات من المحتمل أن تساعد على الفهم . لذا سنحاول تلخيصها في ما يلي :
ـ لا شك في أن هناك فصائل وطنية اضطرت اضطرارا لتعليق " نضالها " نتيجة توقف الدعم الذي كانت تتلقاه من جهات خارجية و داخلية ، و لكن هناك فصائل توقفت نتيجة الإختلاف بين قادتها ، في تقييم تجربة الحرب الأهلية الفاشلة في لبنان . و هنا لا بد من كشف العلاقة بين الدعم ، الذي كان ثم توقف من جهة و الفشل و هو في حد ذاته هزيمة فكرية و مادية في الوقت نفسه ، من جهة ثانية.
ـ من المعروف أن بعض فصائل الحركة الوطنية اللبنانية تعرضت لإعتداءات من منظمات مسلحة طائفية تمكنت في نهاية المطاف من إسكاتها و إلغائها و الحلول مكانها و من إعادة تجميع أجزاء شبه الدولة و من الأمساك بالسلطة بعد إنعاش النظام الطائفي .
يمكننا القول في هذا الصدد أن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية اتبعت ضد الفصائل الفلسطينية التقدمية و الوطنية ، نفس النهج الذي سارت عليه الميليشيات الطائفية في لبنان ضد أحزاب الحركة الوطنيية ، حيث همشت الجبهة الشعبية على سبيل المثال . هنا أيضا يتساءل المرء عن الغاية من عمليات الفرز التي جرت في لبنان و على الصعيد الفلسطيني ، و عن القوى و الجهات التي أوحت به و شجعت عليه .
هذه مسألة ذات أهمية كبيرة ، قياسا على النتائج التي اسفرت عنها بعد التمهيد لها بواسطة لوثة الدولار النفطي ثم التطبيع مع الدولة الصهيونية و صولا إلى حروب تفكيك المجتمعات الوطنية الناشئة في البلدان العربية و نسف ركائز دعائم الدولة الوطنية المحلومة .
ولكن لا ننسى أن كثيرين من المناضلين الوطنيين ، في لبنان و فلسطين ، بذلوا تحت رايات الفصائل المحظورة أقصى التضحيات من أجل تحرير أوطانهم و تحرر شعوبهم .فمنهم من نفي و من خطف و لا يعرف عن مصيره شيئا و من قتل برصاص الأعداء و من قتل برصاص العصابات الطائفية ، فمن يتحمل مسؤولية هذا الدَّين الهائل ؟
ـ هذا كله من ناحية أما من ناحية ثانية فلابد من التفكر في مسألة هي في نظرنا أساسية ، يمكننا إيجازها على الشكل التالي : من المعروف أن الحركة التي قادها عزالدين القسام في سياق الإنتفاضة الشعبية الفلسطينية في سنة 1936 ضد إجراءات دولة الإنتداب البريطاني على فلسطين و تمادي المنظمات الصهيونية المسلحة في إقتراف الأعمال الإرهابية ، فشلت أمام أدوات القمع و البطش و الإعدامات . الغريب في الأمر أن النضال التحريري الفلسطيني يكاد يختصر اليوم ، بعد التصفيات و التحولات التي تعرض لها ، التي لمحنا اليها أعلاه ، بحركة قسامية ، بالرغم من تبدل الاوضاع عما كانت عليه في زمان القسام ،و بالرغم من تجارب حركات التحرير الوطني في البلدان المستعمرة و أصدائها في مجتمعات الدول الإستعمارية نفسها . من البديهي أن هذا المعطى فيما يخص القضية الفلسطينية ، ينطبق أيضا على الحالة اللبنانية أو قل إنه متصل بها و متفرع نحو كل الساحات العربية حيث يبحث الناس عن طريق إلى الحرية و الإستقلال و العيش الكريم .
مجمل القول و قصاراه إن إمساك زمام الامور في السلطة و المجتمع ، من قبل الهيئات الطائفية التي تدعي استلهام الدين ، في أدائها السياسي ،جعل القضية الوطنية في بلدان العرب في عزلة عالمية فكريا و سياسيا ، محصورة ضمن حدود إنسانية صرِف : تعاطف مع النازحين ، المشردين ، الطفولة الجوع ،ألخ .
لا بد من الإعتراف في الختام أن إسكات و إلغاء و تصفية الحركات الوطنية ، التي أطلت برأسها في سنوات 1970 تلازم مع هجرة و إغتراب سياسيين و فكريين ، , هذا اذكى صراعات داخلية عبثية الأمر الذي غيّب الأسباب عن النتائج أو بالأحرى عرّى المأساة من مسبباتها و خفّف عن الاعداء من أعباء أزماتهم على الصعيد المحلي و العالمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. كتيبات حول -التربية الجنسية- تثير موجة من الغضب • فرا


.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتفض اعتصام المؤيد




.. بصفقة مع حركة حماس أو بدونها.. نتنياهو مصمم على اجتياح رفح و


.. شاهد ما قاله رياض منصور عن -إخراج الفلسطينيين- من رفح والضفة




.. نتنياهو يؤكد أن عملية رفح ستتم -باتفاق أو بدونه-