الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية ابنة السفير

سليم النجار

2023 / 6 / 4
الادب والفن


(ابنة السفير) لنبيهة عبدالرزاق.. محاكاة الجمال الإنساني

الكتابة في رواية «في ابنة السفير» لنبيهة عبدالرزاق، مغامرة وتجربة، بل هي فعل وتأسيس بالكلام. وهي فعل هاجسها أن تدرك في كلَ مرة العميق بل الأعمق فالأعمق؛ لذلك هي -ما ترى–أبعد من ان يكون نزوة عابرة تختزل في مجرد حلبة بلاغية وتلاعب بسيط بالكلام؛ إنها طريق اختارت فيها بشجاعة؛ إنها ضرب من التأسيس في ابعاده الجمالية والأجتماعية؛ بل في ابعاده الذهنية المعرفية تعبير عن رغبة في خلق كتابة روائية لا من اجل الرواية؛ بل من أجل طرح فكرة واضحة المعالم، ألا وهي حوار الإنسان مع الإنسان بعيدا عن الأيديولوجيا أو المواقف المسبقة. تحاكي رغبة محاكاة الجمال الإنساني، وفي الآن ذاته ثورة عن التنميط والتكرار. أنها تكتسب قيمتها بل شرعيتها وجودها ممَا يمكن اعتباره هدفاً مطلوباً من قِبل الروائية، عبر التقويض للسائد من القيم الجمالية:
«يا امرأة يتوهج فيها القلب منصهرا
يا ورد الرّيح وعشق المطر
العاشق ينبض لكنّي
حين أراك؛ أختفيـنا لتبقي أنت
في البدء كنت مفردتي
وفي النهاية احتمال» (ص١٦).
في هذه الرواية الصادرة عن دار فضاءت للنشر والتوزيع، سؤال عادة يستفزّ القارئ ويهزّ سكنيته إلى الراسخ والمكرّر؛ وهو سؤال منفتح على أسئلة لا تقلّ عادة عن سؤال المعنى؛ وسؤال الجميل والوجود والعدم، يأخذك من حيرة الكاتبة إلى صرامة الناقد إلى حيرة الإنسان في بعده الإجتماعي: «كنت بين الصحوة والغفلة عندما ناديت اسم الحياة؛ كأنّك كنت تحلم بها» (ص٥١).
وهناك سؤال الكينونة والمصير، وعلى درب البحث عن طريق بكر في التعبير؛ بحسّ الروائية المسكونة بهواجس الثبات على طريق الكتابة الوعر؛ بل المأخوذ بالتجريب والحداثة، حين تأخذك نبيهة عبد الرزاق إلى مجاهل الكتابة: «سيدة تتلفع من رأسها حتّى قدميها أتت مسرعة من بعيد، لا يفهم من كلامها إلا تأتآت تنادي بها ثائر: (ص٧١).
تتخّذ الكتابة إذ تغدو موضوعا، شكل النزال ومغالبة الصّمت واللامعنى؛ إنهّا فعل مواجهة للعدم بالمعنى الوجودي: «ألم يخبرها أنّها الشمس التي أنارت بحضورها عتمة سنوات مضت لتحيلها إلى ذكريات لم يعد يأبه بها» (ص٨٥).
كتبت الروائية على ضرب من السير على الخيط الرفيع بين الواقع والمحلوم به، أو بين الوجود والعدم، وضرب من التحدّي والتأسيس بالكلام وفي الكلام: «ضحكات هستيرية تطلقها دنيا في أرجاء المكان لتتساءل بدموع تملأ عبنيها:
لماذا لا أرحل؛ من أنا؛ أين منك وانت مني؟» (ص٩٥). إن بلاغة السؤال في معابر الجمال؛ وشمعة القتام واستحالة الكلام: «أين أنا من كل هذه الوعود؟ وكيف لي أن أعرف أنّ كلّ ما جرى هو آتٍ إلى حياتي» (ص١٠٢).
صور تنزع إلى التمثيل والمشهدية من جهة وعمق التجريد والإيحاء من جهة أخرى؛ فتتضح بما يشبه الصّراع المحموم ضدّ سراب المعنى واعتباطية العلاقة بين الدّوال ومدلولاتها: «نعم.. هو ذات المكان؛ أعود إليه كل مرة أزور فيها عمان، هو مكان مليء بالدفء، يعيد الهدوء إلى نفسي» (ص١٨).
شكلت نبيهة عبدالرزاق في روايتها «ابنة السفير» كائنا متخيّلاً، رحلة من عوالم سحرية قوامها الإيحاء، مثقلة بالدلالة على معاني متداخلة بل متقابلة معبّرة عن ما ترنو له الروائية: «صوت نابض ملهوف، يخترق كل المسافات قاطعًا كل الحدود الزمانية والمكانية إلى ماوراء المتوسط ليحطّ في بيت قديم في أطراف عمّان، يهنئ والدته بقدوم حفيدتها الأولى طالبا إليها تختار اسما» (ص٨).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????


.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ




.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش