الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الديمقراطية الشعبية هي الحل ( 1 ) ...؟

آدم الحسن

2023 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


قبل الدخول في تفاصيل تجارب الأنظمة الديمقراطية المختلفة لشعوب عاشت ظروف مختلفة و لمراحل تاريخية مختلفة من الضروري عدم الابتعاد عن المعنى الأساسي لمفهوم الديمفراطية .
الديمقراطية = " حكم الشعب لنفسه بنفسه "
من هذا التعريف نستنتج أن الغاية الأساسية للديمقراطية هي الوصول الى طريقة للحكم يتحقق فيها هذا المبدأ و هو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه .
من ضرورات تحقيق الديمقراطية في مرحلتها الحالية هي اختيار ممثلين للشعب يعبرون بأفضل طريقة ممكنة عن إرادة و رغبات و اهداف و تطلعات من يمثلونهم .
الحاجة لممثلين عن الشعب ظهرت بشكل تدريجي حيث انتقل التشاور بين افراد العائلة , حين كان كل افراد العائلة يحضرون جلسة التشاور و لم تكن هنالك حاجة لمن يمثلهم ضمن العائلة الواحدة . ثم انتقلت ضرورة التشاور الى القبيلة و هنا ظهرت أول حاجة لوجود ممثلين عن العوائل ضمن القبيلة و هكذا صعودا , فكلما زاد عدد افراد القبيلة صار التمثيل أوسع , و حين وصل الأمر الى المدن و البلدان اصبح موضوع التمثيل الحقيقي للشعب من الأمور المعقدة لذلك تم اختراع ما يسمى " الأحزاب " .
رافق التشكل الأول للأحزاب حصول انقسام مجتمعي على اسس طبقية و انعكس ذلك في الهيكل البنيوي للأحزاب . لقد ظهرت الاحزاب بشكلها التي نعرفها اليوم مع انهيار الأنظمة الإقطاعية و صعود البرجوازية الصناعية , فصار هذا الحزب يمثل مصالح طبقة و ذاك الحزب يمثل مصالح طبقة اخرى و هكذا .
بديهية بسيطة أوجدت الأحزاب , هذه البديهية تقول انه ليس من المعقول أن تأتي بطبقة من الشعب و تجلسها كلها في قاعة واحدة يتم فيها التشاور و تداول الآراء للوصول الى قرارات تمثل أراء و مواقف غالبية هذه الطبقة إذ لابد من اختصار العدد لحد معقول بحيث يمكن لقادة هذه الطبقة التواجد في قاعة واحدة .
سؤال افتراضي للتوضيح : لو تطورت التكنولوجيا و اصبح الجلوس ليس في قاعة واحدة مشتركة بل امام شاشات الحاسبات الإلكترونية و كل فرد من افراد الشعب له الحق في التصويت المباشر لاختيار الحكومة و المصادقة على كل تفاصيل برنامجها و تحديد مصادر إيرادات خزينة الدولة و سبل إنفاقها و غيرها من الأمور دون وسيط يمثله , مهما كان هذا الوسيط حزبا أو فردا , حيث يكون الفضاء المعلوماتي عبر شبكة الأنترنيت بديلا عن قاعة الاجتماعات , بمعنى أخر , الفضاء المعلوماتي سيكون هو القاعة الكبرى المشتركة للجميع , فهل سيتخلى الشعب عندها عن البحث عن من يمتلهم ...؟ و هل ستختفي مفردات عديدة من القاموس السياسي و تصبح جزءا من التاريخ منها نواب الشعب و مجلس نواب الشعب ...؟ و ستختفي الأحزاب ايضا ...؟
الجواب سيكون " نعم " فكل هؤلاء هم ادوات لضرورة مؤقتة تختفي عندما تنتهي الحاجة اليها .
في البلدان التي تعتمد أنظمة الديمقراطية الغربية لا وجود حقيقي لمنافذ يتمكن المواطنون من خلالها المشاركة الفاعلة في رسم السياسات للنشاطات الاقتصادية و المجتمعية لبلدانهم حيث يقتصر دورهم على التصويت كل اربعة أو خمسة سنوات لاختيار مَنْ يمثلهم لاختيار النخبة الحاكمة و بعدها يتم عزل الشعب عن قيادة بلدانهم و يترك الأمر للنخبة من قيادة الحزب أو الإتلاف الحاكم للتصرف بشؤون البلد كافة , لا شك أن هذه ليست مشاركة فاعلة و حقيقية لبناء النظام الديمقراطي الذي هو حكم الشعب لنفسه بنفسه .
ففي الديمقراطية الغربية قد يكون عدد المشاركين في الانتخابات اقل من نصف عدد المواطنين الذي يحق لهم التصويت و قد يكون ايضا نصف أصوات المشاركين في الانتخابات كافية لاختيار حزب أو كتلة من الأحزاب كي تحكم البلد ، أي أن حزب أو ائتلاف من مجموعة احزاب قد حصل على اقل من ربع أصوات الشعب يحق لها أن تصبح النخبة الحاكمة , التي تسمى حكومة الأغلبية ... ! ربع عدد افراد الشعب أو اقل هم اغلبية الشعب ... كيف ذلك ...؟ّ!
الذي يزيد الأمر سوءا هو أن قيادة الحزب الحاكم هم قلة من هذه النخبة تتمكن من قيادة الدولة و الشعب , انها ليست الديمقراطية بمفهومها الأصيل الَمتمثل بحكم الشعب لنفسه بنفسه و إنما صارت نخبة هم اقلية من اقلية من اقلية تحكم الشعب بأسره ...! انها الديكتاتورية الحديثة المغلفة بلباس ديمقراطي .
التظاهرات و الاحتجاجات و الإضرابات في البلدان التي تعتمد نظام الديمقراطية الغربية هي تعبير عن فشل هذه الديمقراطيات لأنها تحولت إلى ديكتاتورية الحزب الحاكم الذي يمثله شخص واحد , يجلس في رأس هرم الدولة , انه ديكتاتور منتخب لا يمثل الشعب بل يمثل جزء بسيط منه , و هذا يطرح سؤال اساسي :
هل النظام الذي أساسه حكومة كتلة الموالاة تعارضها كتلة المعارضة في البرلمان هو الأسلوب الأمثل لتحقيق الديمقراطية ...؟
اذا اعتمدنا التعريف الأولي للديمقراطية سيكون الجواب " لا " .
ما الحل اذا ...؟
الحل هو الديمقراطية الشعبية , من التجارب التي تسير بإجاه تحقيق الديمقراطية الشعبية هي التجربة الصينية للوصول الى حكم الشعب لنفسه بنفسه , و عملية الانتقال نحو الديمقراطية الشعبية معقدة جدا و تحتاج الى التحديث المستمر , إنها حقا مسيرة طويلة لكنها تبدأ بخطوة واحدة .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله