الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطوية الجديدة

مازن كم الماز

2023 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يعاني المثقف العربي ، السياسي ، المؤيد للأنظمة القائمة بلا شك لكن أيضًا من يعارضها من أمراض عدة لا تهدده وحده بل تشكل بالدرجة الأولى خطرًا على المجتمع الذي "يدافع" عنه … المثقف و السياسي العربي نادرًا ما يتحدث باسمه ، هو دائمًا مفكر جمعي يتماهى مع "الشعب" "الأمة" الخ ، و هو مفكر "عضوي" غالبًا ما يتقمص هذه الجماهير ، يفكر عنها و يتحدث باسمها ، و لهذا ثمن يقبضه سلفًا ، فهو لم يعد مجرد سياسي أو مثقف يحاول فهم العالم و تغييره إلى الافضل ، إنه المخلص ، و المخلص بحاجة لعالم لا يوجد فيه بشر بل فقط ملائكة و شياطين ، و لذلك فإن المثقف و السياسي العربي يحرص على "عرض الواقع" بشكل درامي للغاية ، إنه يعيد كتابة التاريخ بشكل مغرق في الذاتية ، الذات "الجمعية" التي تشكل ذاته هو تجسدها الأمثل و النهائي ، و لذلك فإن نسخته عن التاريخ لا تعيد عرضه بصورة دراماتيكية فقط بل إنها شديدة التبسيط و الوضوح حيث لا يوجد بشر أو طبقات متنازعة تتصارع و تختلف على أشياء ملموسة و مصالح متناقضة تعبر عنها بفهم متباين بل و مختلف جذريًا لقيم الحرية و العدالة بل هناك دائمًا نزاع أزلي بين الخير و الشر ، بين ملائكة و شياطين ، و في هذا النزاع الأزلي لا بد من أنبياء مخلصين ، هؤلاء الأنبياء هم "نقيض" الاستبداد و الاستغلال لا البشر المضطهدون أنفسهم … و هكذا عندما عارض هذا المثقف أو السياسي و يعارض الأنظمة القائمة فإنه لا ينتقد علاقات السلطة بقدر ما ينتقد من هم في السلطة ، لا ينتقد الأوضاع القائمة بقدر ما ينتقد الحكام الحاليين … و هو كمخلص لا يرتكب أية أخطاء ، هو ليس إنسانًا يخطئ و يتعلم من أخطائه ، إنه أشبه بالديكتاتوريين الذين ينتقدهم لا البشر الذين يدافع عنهم ، الفرق الوحيد هنا هو أن الشعوب أصبحت تعرف بالتجربة عجز و تفاهة و فساد حكامها الحاليين و شطط مزاعم إعلامهم الذي يفرط في مديح صفاتهم و تفانيهم المزعومين … و رغم أنه قد غير أفكاره و يغيرها باستمرار متخليا عن الأفكار التي تتراجع شعبيتها لصالح تلك الدارجة أو السائدة لكنه في نفس الوقت يتحدث عن الأفكار التي يعتنقها اليوم و كأنها نهائية ، صالحة لكل زمان و مكان ، خارج التاريخ و فوق البشر … والخلاص بالنسبة له كما كان الحال دومًا : هو على يد سلطة تتمتع "بحرية كبيرة" في "قيادة" المجتمع على "الطريق الصحيح" ، بدلًا عن "الدولة القومية" أو "الاشتراكية" في بلد واحد التي كان يؤمن بها أمثاله في السابق ستقوم هذه السلطة الجديدة اليوم بتعليم ( تلقين ) الناس ثقافة المواطنة و الحد من مفعول و تأثير قوى التنافر و النزاع غير العقلانية تمامًا كما تزعم الأنظمة القائمة لتبرير استبدادها و فسادها ، إضافة بالطبع إلى رعاية و حماية المؤسسات الديمقراطية و منظمات المجتمع المدني الخ الخ … و المدائح التي يصر هؤلاء على أن تكال لذواتهم لا تختلف في الجوهر عن تلك التي يصر أي ديكتاتور على أن يحاط بها دائمًا لكنها هذه المرة مستحقة ، ليست الديكتاتورية هي ما يعارضه في الواقع ، بل الديكتاتور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول تعليق من نتنياهو بعد قصف أميركا 3 مواقع نووية في إيران


.. ترامب: نفذنا الضربة بنجاح وعلى إيران وقف الحرب فورا




.. شاهد.. اللقطات الأولى من محيط مفاعل فوردو الإيراني بعد القصف


.. تحليل عسكري للقصف الأمريكي على منشآت إيران النووية




.. قصف إسرائيلي استهدف مناطق عدة جنوب لبنان